تمهيد:

كانت الدولة العراقية في الأيام الخوالي مسؤولة عن اختيار الجامعة لطلبة البعثات وهم في العراق بحيث يتوجه الطالب إلى الدولة المبتعث اليها وإلى الجامعة المعينة مباشرة وبمساعدة السفارة والملحقية الثقافية.

كما هو معلوم فقد كانت العلاقات الدبلوماسية قبيل العام 2003 مقطوعة بين العراق والولايات المتحدة لمدة عقود، ويشمل ذلك المقاطعة الثقافية والأكاديمية. بدأت العلاقات الأكاديمية بين العراق والعالم الخارجي تتبلور وتتطور وتم بدء مشروع البعثات حيث أعلنت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي عام 2006 مشروع البعثات إلى الخارج لدراسة الماجستير والدكتوراه وكان نصيب الولايات المتحدة المقرر لا يقل عن 30% من المجموع الكلي.

عندما افتتحنا الملحقية الثقافية لم تكن هناك أية معلومة تفيدنا في إسلوب قبول الطلبة والاتصال بالجامعات وما إلى ذلك من العلاقات الثقافية لذا بدأنا من المربع الأول.

البداية:

أرسلت لنا ملفات بحدود 250 طالب خصصت دراستهم في الولايات المتحدة. بدأنا العمل في الدائرة الثقافية لتحقيق هذا المشروع بأفضل ما يمكن. ولعدم وجود ملحقية ثقافية تمثل العراق خلال العقود الماضية لنحصل منهم على خبرة في عملية التقديم والقبول في الجامعات الأمريكية وأسلوب التعامل معها فقد تم الاتصال مع المؤسسات التي تعمل في مجال استقدام الطلبة الأجانب الأمريكية مثل مشروع (الفولوبرايت)،  لمساعدتنا في مشروع التقديم للجامعات الأمريكية.

 تم الاجتماع مع أربع مؤسسات تعمل في هذا المجال  وعرضت إحداها أن تقوم بكل ما هو مطلوب في قبول الطلبة ولكن مقابل مبالغ عالية تصل إلى خمسة ملايين دولار للقيام بالمشروع الذي يضمن رعاية الطالب من سفره من بيته وحتّى وصوله إلى الجامعة التي سيدرس فيها ولحين تخرجه. كان ذلك العرض هو المثالي لتحقيق المشروع ولكن المبلغ كان خيالياً في تلك الأيام.

تعهدت الدائرة الثقافية بالقيام بالعمل كاملاً بعد استشارة بعض الخبراء من الأكاديميين والعراقيين من أفراد الجالية ووضعت خطة للمشروع. كان المقترح أن نعلن في لوحة إعلانات الطلبة في الجامعات القريبة وتلك التي يعمل فيه أكاديميون عراقيون من خارج الولاية طالبين شباباً متطوعين للمساعدة في المشروع. تطوع بحدود العشرة طلاب للمساعدة في فترات متعاقبة.

الأسلوب التطوعي “الإلزامي” للطلبة الأمريكان:

وهذا الأسلوب التطوعي للطلبة الجامعيين هو النظام الذي تعمل به كل المؤسسات الأكاديمية الأمريكية حيث يتطوعون في المؤسسات الحكومية والأهلية شاملةً البيت الأبيض والكونغرس الأمريكي.  

والمجتمع هنا يُلزم الطالب بأن يتطوع لعدة أسابيع خلال العطلة الصيفية غالباً، في أي مجال عمل ممكن ليحسب له كجهد يقدمه في المستقبل في سيرته الذاتية. ولا يمكن ان يتخلف أي طالب عن هذا التطوع حيث تعد سيرته العلمية غير مؤهلة. وهذا مما يساعد في سرعة نضوج الطالب الفكري بامتزاجه بالحياة العملية في مرحلة مبكرة من مسيرة حياته.

أنجز الشباب المتطوعون دراسة ملفات شخصية شاملة لكل الطلبة المئتين والخمسين التي تضم كل المعلومات المتوفرة في ملفاتهم والمطلوبة من الجامعات الأمريكية.

تمكّنا من تنظيم اتصالات مكثفة مع الجامعات الأمريكية وحاولنا بكل جهدنا تسهيل قبول طلبتنا وانخراطهم بسنة تدريب في اللغة الإنكليزية بصورة مركزة وتهيئتهم للقبول بالدراسة العلمية.

شابتان متطوعتان، الى اليمين زهراء زلزلة ثم تمارا الصراف، مع ملفات الطلبة المتقدمين إلى البعثات الى الولايات المتحدة

التواصل مع الجامعات:

إستجاب لمساعدة طلبتنا العديد من جامعات الولايات (State Universities) المدعومة من الحكومة، والتي تعد أقرب للدولة من الجامعات الأهلية، وذلك بفعل الزيارات المتكررة التي قمنا بها ومقابلة المسؤولين من كل المستويات. أرسلنا الوثائق المطلوبة للجامعات التي يسهل فيها القبول وتكون أجورها الدراسية أقل من الجامعات الخاصة. وبسبب رعاية الدولة وإشرافها المباشر تتميز هذه الجامعات بمستوى علمي رصين. من الإجراءات والشروط الرسمية للقبول أن يكون الطالب قد اجتاز امتحان  التوفل للغة الإنكليزية أو ما شابهه. ولكن بعد مناقشات مستفيضة وإقناع العشرات من رؤساء الجامعات أو من يمثلهم تم الحصول على ما يسمى بـ: (القبول المشروط) حيث يتم قبول الطالب مبدئياً للدراسة العليا مشروطاً باجتيازه امتحان  اللغة وامتحان  القبول الأكاديمي GRE ضمن فترة دراسته وهذا يؤمن لهم التغطية الرسمية للفيزا (تأشيرة السفر).  تحقق ما كنا نصبو إليه  ببدء وصول طلبتنا الأعزاء وانخراطهم في الجامعات بأفضل ما يمكن في تلك الظروف.