تمهيد:
من بين أعظم الإنجازات الحضارية التي حققها الإنسان كانت الكتابة، الطباعة والكهرباء ومن ثم اختراع الحاسوب. وهنا يصح ترديد ما تفوه به عميد الأدب العربي في الأردن روكس العزيزي حينما قال لي في جلسة في بيته “إن قفزات الماضي خطوات وخطوات الحاضر قفزات”.
إن من المسلم به في عصرنا الحاضر التطوّر الذي يحصل في العالم ككلّ وفي حياة الإنسان اليومية وبتفاصيلها الدقيقة الذي اعتمد بدرجة كبيرة على التطوّر الذي يجري في علم الحاسبات والمعلوماتية وتطبيقاتهما. وقد عد من لا يتمكن من استخدام الحاسوب بأنه “أميّ” لصعوبة مواكبته لما يجري ولما سيحدث من قفزات. واستخدام الحاسوب لا يقتصر على فئة دون أخرى من فئات المجتمع. فالكلّ بحاجة له في المجالات الإنسانية، العلمية، الإدارية أو التجارية وغيرها. دخل استخدام الحاسوب في الطبّ. شعرت بأهمية تطبيقات الحاسوب في المجال الطبّي مبكراً في القياسات المحلية في العراق.
في إنكلّترا:
الدكتور ديدومبل: كما أشرت في فصل رحلة التخصّص، بدأت بالتقرب لتطبيقات الحاسبة في الطبّ منذ عام 1974 حينما كنت مقيماً في قسم الجراحة العصبية في المستشفى الجامعي بمدينة ليدز. كان هناك جراح شاب اسمه الدكتور ديدومبل (De Dumbel) والذي كان مولعاً بالحاسبات وتطبيقاتها في الطبّ ولاسيما الجراحة. كان يصمّم مع المتخصصين بالمعلوماتية في الجامعة برامج لاستمارات المرضى قبل وبعد العملية. وللأسف فإنه كان مثار انتقاد بعض الجراحين التقليديين الذين يصعب عليهم أن يقبلوا بالتغيير. ولكنه لم يبال بذلك وبهدوء وثبات أرسى قاعدة للمعلوماتية في الجراحة على مستوى الجامعة وعلى الصعيد الوطني. لم تكن لي علاقة مباشرة معه ولكني التقيته لمرات واطّلعت على ما يقوم به وأثر ذلك في نفسي.
مستشفى ويذنشو (Wythenshawe) في مانشستر تستخدم الحاسوب: لم يكن المستشفى في ليدز أو أي مستشفى أخرى في بريطانيا في السبعينيات يطبق الحاسبات ولكنا عرفنا فيما بعد أن مستشفى جارنك كروس (Charing Cross) في لندن بدأ بذلك. شاركت في العام 1975 في حفل افتتاح المستشفى ممثلاً للمستشفى نيابة عن أستاذي كيبسون بحلّتها “الرقمية” وكان ثاني مستشفى في بريطانيا تستخدم نظام الحاسبات في كلّ مفاصلها الطبّية، التمريضية والادارية.
في العراق:
عند عودتي إلى العراق في نهاية مايس 1976 وتعييني في المحيط الأكاديمي في كلّية الطبّ بدأت التفكير بإدخال تطبيقات الحاسبة في مجال الطب عند توفر الفرصة ومن أهدافي كان تطبيقات الحاسبة في مجال الطب. كنت أبحث عن تلك الفرصة عملاً بقول العالم لويس باستور “الحظ يفضل العقل المتهيء”.
مع الجامعة التكنولوجية: جاءت تلك الفرصة حينما تداولت مع أخي الأستاذ الدكتور ضامن الخليلي وابن عمي الأستاذ الدكتور عاصم الخليلي وأساتذة آخرين زملاء لهم في تلك الجامعة.
اتفقنا جميعا على بدء العمل معا في هذا المجال واستحدثت في العام 1977 لجنة تابعة إلى الجامعة التكنولوجية متخصصة في الهندسة الطبّية التي تضم أخي الدكتور ضامن مع شلة من زملائه في الجامعة ومعي من مدينة الطبّ كان المهندس حكمت العبوسي.
المسيرة الشخصية مع الحاسبة: بدأت مسيرتي مع الحاسبة بشرائي حاسبة “صخر” التي تصنع في الكويت وقد استوردتها وزارة التجارة في العام 1982 وهي الحاسبة الوحيدة المتوفرة في السوق المحلية آنذاك. كنت في حينها في مستشفى العمارة في مدينة العمارة أؤدي واجبي في تقديم الخدمات الجراحية لجرحى المعارك في الحرب العراقية الإيرانية. بحكم علاقتي مع أحد العاملين في الوزارة طلبت منه ان يحجز لي واحدة والتي استلمتها عند عودتي إلى بغداد. تطوّر مجتمع الحاسبات في العراق حيث توفرت حاسبة 286 بعد ذلك حاسبات 295 وبعدها توفرت حاسبات بنتيوم.
دورات تعليمية في الحاسبات:
من الواضح بأن العصر الحاضر هو عصر الحاسبات في كلّ مرافق الحياة لذا قررت أن أدخل هذا الميدان كمبتدئ لأتعلم بعض الشيء في هذا المجال.
1.أقام المركز القومي للحاسبات في بغداد في العام 1983 دورة للمبتدئين لتعلم الحاسبة ولمدة أسبوع. قدّمت للعمادة طلباً وافقت عليه الإدارة وتفرغت للدورة لتعلم مبادئ الحاسبات.
تعلمنا في تلك الدورة مبادئ الحاسبات بمحتوياتها ونظام تشغيلها وكذلك أوليات نظام الرياضيات الثنائي صفر واحد (01 Binary) الذي هو أساس عمل الحاسبات وكذلك نظام الستة عشر (Hexadecimal).
2.أقام مركز البحوث الإلكترونية والحاسبات في مجلس البحث العلمي في العام 1985 دورة لمدة ستة أسابيع اشتركت بتلك الدورة وكنت أؤخر موعد افتتاح عيادتي الخاصة إلى وقت متأخر كي لا تتضارب مع وقت الدورة. كانت الدورة متعة تعليمية علمية فريدة.
مديرية الأمن العامة والطابعة: بسبب التشدد الأمني في المجتمع ومراقبة كلّ ما يجري وعلى كلّ المستويات كان من الضروري الحصول على موافقة مديرية الأمن العامة الرسمية لشراء طابعة للاستخدام الشخصي من المؤسسات الحكومية وذلك حذراً من استعمال الطابعة لأغراض ممنوعة!
فكان أن أتقدم إلى الجهات المتخصصة وعبر الوسائل الرسمية للحصول على تلك الموافقة. وبعد أسابيع من تقديم الطلب جاءت الموافقة وحينها تمكنت من شراء الطابعة من مؤسسة رسمية في الدولة وهي تجارة الأجهزة الدقيقة.
مع طالب الماجستير حاسبات: تعرفت في العام 1983 وبطريق الصدفة على شاب خريج كلية التجارة والاقتصاد مليء بالحيوية والطموح هو عبد الرحمن الحسيني (الدكتور فيما بعد). تعرف علي عبد الرحمن حينما أجريت لصهره العسكري عملية استئصال ورم في دماغه بعد أن أحيل لي من قيادة الجيش. كان ذلك الشاب تدريسياً في مادة الحاسبات كلّية الادارة والاقتصاد وقد قرر فيما بعد أن ينخرط في دراسة الماجستير في الحاسبات. كانت رغبة عبد الرحمن أن يقدم على دراسة الماجستير ببحث في تطبيقات الحاسبة في المجال الطبّي. طلب مني أن اكون مشرفاً خارجياً والمشرف الداخلي من معهد الحاسبات كان الدكتور سلام ناصيف أستاذ الحاسبات في المعهد. أخترت له موضوع تشخيص ألم الظهر كمشروع بحث لرسالته وقد وافق عليه الدكتور سلام. تمت الدراسة ونجح بامتياز عام 1985. وقد تطوّر ذلك الشاب ليصبح أستاذا متميزا بعد حصوله على الدكتوراه في نفس المجال.
نشاطات حاسبية!: نظراً لما تعلمته من المبادئ والتطبيقات للحاسبات والمعلوماتية كنت ممن تختارهم عمادة كلّية الطبّ في اللجان ذات العلاقة في داخل وزارة التعليم العالي وخارجها.من تلك النشاطات المبكرة هو تمثيل الكلّية في الملتقى الوطني الأول للمعلومات الذي عقد بالتعاون مع مركز التوثيق والمعلومات في الجامعة العربية في العام 1987.
دورة تعريفية لأساتذة كلية الطبّ: وددت أن أسهم في إقامة دورة تعريفية في الحاسبة لزملائي أساتذة كلّية الطبّ، وبالتعاون مع أساتذة الحاسبات في كلّية الادارة والاقتصاد. أقيمت تلك الدورة وليوم واحد حضرها عدد من الأساتذة.
ندوة بخصوص استخدام الحاسوب في مجال الطبّ: طلبت من الصديق الأستاذ الدكتور سعد عبد الستار مهدي، مدير عام شركة بابل للبرمجيات المتخصّصة وهي من منشآت التصنيع العسكري، والخبير بالبرمجيات لاسيما في التعريف الصوتي أن يشارك في ندوة استخدام الحاسوب في مجال الطبّ.
اقيمت الندوة في السادس والعشرين من أيلول عام 1995 على قاعة مكتبة الكلّية الطبّية وحضرها عدد من الأساتذة. ألقيتُ كلّمة الترحيب وتحدثت عن بعض الجوانب بشأن استخدام الحاسبة في مجال الطبّ وقلت فيها:
” في هذا العصر تغير تعريف الأمي ففي مراسم دفن آخر أمي في اليابان قال المتحدث الرسمي في حينها بأنّ كلّ من لا يتمكن من استخدام الحاسوب يعد أميا. ويجب أن لا يبقى في اليابان أمي واحد بعد عام 2000. فالحاسوب هو لغة العصر التي تتفاهم بواسطتها كلّ الشعوب وكلّ الثقافات وكلّ الاختصاصات. وقد دخل الحاسوب في حياة الإنسان المعاصر كجزء أساس وليس كماليا”.
إدخال الحاسبات في مكتبة كلّية الطبّ:
أدخلت في العام 1997 بصورة رسمية في مكتبة كلّية الطبّ جامعة بغداد المكتبة الإلكترونية المعتمدة على الأقراص المكتنزة (CD) التي جهزتها منظمة الصحة العالمية بحكم علاقتي الشخصية مع ممثلي المنظمة المتعاقبين، الدكتور عبد الله سليمان ثم الدكتور الحبيب رجب. شملت تلك الأقراص كلّ ما نشر في العالم من الأدبيات العلمية منذ العام 1966.
افتتحت تلك المكتبة الإلكترونية في العام 1997 بالتزامن مع افتتاح مكتبة مستشفى الجراحات التخصصية في مدينة الطبّ كما أشرت الى ذلك في فصل مسيرتي مع الكتاب والمكتبات.
لجنة تطوير منظومة الحاسبة في الكلّية الطبّية: استحدثت لجنة لتطوير استخدام الحاسبات في كلّية الطبّ في الخامس من آب 1999. تكونت اللجنة مني والدكتور عبد الباقي الخطيب، الدكتور سامي سلمان، والدكتور زكي المدفعي والمهندس قحطان البياتي ومن القطّاع الخاص المهندس مازن السعد خبير الحاسبات.
مع وزارة الصحة:
كان هناك قسم ناشئ في وزارة الصحة متخصص بالإحصاء الحياتي كان يستخدم في مدخلاته حاسبات ضخمة ولكنها بدائية. ساعدني في بعض بحوثي مجموعة من الشباب المتوقدين كان منهم الانسة سهاد والمهندس يوسف فيليكس.
في مركز الحاسبة في مجلس الخدمة العامة: قدمت لي الفاضلتان السيدة فوز والانسة رجاء المسؤولتان عن مركز الحاسبة في مجلس الخدمة العامة خدمة كبية بقيامهما في تحليل نتائج عدد من بحوثي بأفضل أسلوب باستخدام الحاسبة ما ساعد في أن تكون النتائج دقيقة ومفصلة. وصل عدد صفحات التحليل بالحاسبة الى مئات الضفحات.
كذلك حصلت على مساعدة كبيرة في تصميم ملف المريض على الحاسبة من خبيرة الحاسبات الآنسة أنمار خالص مسؤولة الحاسبة في المصرف التجاري العراقي.
لجان في وزارة الصحة لتطبيقات الحاسبة: بدأ التفكير الجدي باستخدام الحاسبة في توثيق المعلومات على مستوى الوزارة في العام 1988 عندما عين الأستاذ الدكتور ليث القصاب أستاذ الهندسة المدنية في كلّية الهندسة مديراً عاماً للبحث والتطوير في الوزارة. والدكتور ليث من المهندسين المرموقين المجدّدين. شاركت في إيلول 1988 مع فريق متخصص من المركز القومي للحاسبات وآخرين من وزارة الصحة دراسة عن تطبيق الحاسبات الالكترونية في وزارة الصحة. وقد جاء في التقرير المنبثق من تلك الدراسة أن هناك مبادرات سابقة في استخدام الحاسبات في المجالات الطبّية ولكنها متعثرة وشُخصت أسباب التعثر وتم التركيز على آفاق استخدام الحاسبات في المجالات الطبية.عند تقديم التقرير تمت موافقة وزارة الصحة على محتواه وتقرر تشكيل لجنة من وزارة الصحة والمركز القومي لتنفيذ ما ورد فيه.
تقرر تشكيل لجنة في الشهر التاسع من العام 1988 برئاسة الدكتور ليث القصاب، مدير عام البحث والتطوير في وزارة الصحة، لدراسة مجالات التطبيق وإستراتيجيتها. شملت اللجنة أربعة اختصاصيين في الحاسبات من المركز القومي وثلاث منتسبين من الوزارة وكنت عضوا في تلك اللجنة.
اللجنة الجديدة!: بعد مدة قصيرة ترك الدكتور ليث القصاب وزارة الصحة وعاد إلى كلّية الهندسة في جامعة بغداد حيث ينتسب منذ البداية. تغيرت اللجنة بناءً على ذلك وأصبحت في شهر كانون الأول من نفس العام (1988) برئاسة الدكتور عبد الرحمن داوود مسؤول الإحصاء في وزارة الصحة. ضمت اللجنة كذلك أعضاءً من الوزارة والمركز القومي للحاسبات.
تم إنجاز ما يأتي:
- قام المركز القومي بالاتّصال بالشركات التالية:
BULL, SIEMENS, IBM, HP, NEC, OLIVETTI, APPLE, DEC, ICL, DATA GENERAL - قامت وزارة الصحة بالاتّصال بمنظمة الصحة العالمية.
- كان ردّ الشركات تقديم معلومات موسعة عن عشرات البرامج التطبيقية في أغلب مجالات استخدام الحاسبة في المجالات الصحية والطبّية.
تقرر أن تعمد وزارة الصحة إلى مكننة شاملة في إحدى المستشفيات التعليمية وتم اختيار مستشفى الجراحات التخصصية المزمع افتتاحها عام 1990 أو مستشفى ابن الهيثم. وكذلك إدخال مادة الحاسبة كدرس أساسي في مدارس وكلّية التمريض.
وللأسف كانت هناك طموحات وخطط ولكنها قوبلت بوعود وعدم أخذ المشروع بالجدية اللازمة.
استحداث دراسة للدبلوم العالي:
كان ذلك في علم الحواسيب البايولوجي في معهد الدراسات العليا للحاسوب والمعلوماتية في المركز القومي للحاسبات الإلكترونية. كانت لجنة الدراسة تلك برئاسة الدكتور جبير الحديثي عميد المعهد وعضوية الدكتور منذر التكريتي والدكتور سامي المظفر (وهما من المجمع العلمي) والدكتور علي الزعاك (عميد معهد الهندسة الوراثية)، الدكتور هلال محمد يوسف (عميد كلّية الرافدين الجامعة)، الدكتورة لمياء حافظ (قسم الحاسبات في جامعة بغداد) وعضويتي.
عقدت اجتماعات بهذا الخصوص تمت الدراسة واستلم المعهد المسؤولية في التطبيق.
طرفة مع الأستاذ كمال السامرائي في مؤتمر الأطباء العرب والحاسبات:
عُقد في بغداد في العام 1889 مؤتمر الأطباء العرب. ومن برنامج المؤتمر خصصت قاعة لجلسة استخدام الحاسبات في الطبّ. كانت القاعة صغيرة وكراسيها مكتظّة لقلة المهتمين بتلك الجلسة في تلك الأيام. وكان على المحاضرين أن يجلسوا في الصف الأمامي لضيق المجال في الصفوف الأخرى. كان من المحاضرين الآخرين الأستاذ عبد اللطيف البدري الذي كان مولعاً باستخدام الحاسبات. جلس في الصف الثاني الأستاذ كمال السامرائي وهو من التواقين لسماع الجديد. لم يكن من الأدب والأصول أن أجلس أنا في الصف الأول وهو في الصف الثاني. التفتّ إلى الأستاذ كمال وقلت له: أستاذ كمال هناك نادرة حصلت في النجف أيام زمان. إذ دخل عالم جليل إلى مجلس كان منتصباً ومكتظاً بالحضور. ولما كان هذا العالم هو أعلم من الحضور جميعا ناداه الذي كان جالسا في صدر المجلس؛ مولانا تفضلوا في الصدر، أجاب ذلك العالم: الصدر حيث يجلس الصدر. وكان يعني بأن المكان بالمكين كما هو معلوم. واسترسلت قائلا فإن الصف الثاني الذي أنت فيه يا أستاذ كمال هو الصف الأول في القاعة لآنك فيه. استحسن الأستاذ كمال والأستاذ عبد اللطيف تلك الالتفاتة.
الحمار “الربيطة” والروبوت:
من المفارقات التي تذكر هو عند حضوري ندوة عقدت في مركز البحوث الإلكترونية والحاسبات في مجلس البحث العلمي حيث كان من جملة ما تمّت مناقشته هو ابتكار كلّمة باللغة العربية مرادفة لكلّمة الإنسان الآلي (Robot). حضر الجلسة ملاكات المركز الذي كان برئاسة الأستاذ الدكتور منذر بكر التكريتي. صال وجال الحاضرون بالاقتراحات المقبولة لغوياً وفجأة قام أحد المنتسبين وهو يحمل الماجستير في الحاسبات وقد استوحى من الحياة الاجتماعية التي عاشها في البادية ما اقترحه علنا. قال أن الحمير هي من الحيوانات المهمة التي تقتنيها قريته. وذكر بأن هناك واجبات معينة لكلّ حمار ولكن من بين تلك الحُمر هناك حمار يقوم بكلّ الواجبات المطلوبة من الركوب إلى الحمل فضلا عن هدوئه وطاعته وهذا الحمار يدعى بالـ: “الربيطة” وعليه وبما أن الروبوت وهو مطيع ويعمل كلّ ما هو مطلوب منه فاقترح أن يسمى الروبوت بـ: “الربيطة”! ضحك الجميع من ذلك الربط الاجتماعي البدائي للحمار بأحدث ما توصلت إليه البشرية.
الحاسبات في عيادتي الخاصة:
بدأت باستخدام الحاسبة في عيادتي الخاصة قبل العديد من زملائي. فقد وفرت غرفة خاصة لموظف خبير في الحاسبة هو السيد خسرو الذي يعمل في كلّية صدام الطبّية (النهرين لاحقاً). كان يقوم بإدخال المعلومات الطبّية عن طريق السكانر أي التصوير بمساعدة الحاسبة. بعد توسيع العيادة وتخصيص غرفتين لفحص المرضى خصصت مساحة مناسبة لشابة هي الآنسة رغد الخالدي والشاب علي نصرت العاملين في مجال الحاسبات لكي يعملا بدوام كامل لتوثيق الوثائق والصور الشعاعية. وقد نصبتُ شبكة للحاسبات ما بين حاسبتَي الشابين والحاسبتين في غرفتَي الفحص فكانت الشبكة من أربع حاسبات.
وزير التجارة:
ذكرت في الجزء الاول من مذكراتي أن مدير عام مؤسسة مدينة الطبّ كان قد قدم طلباً قبل عدة شهور للحصول على ثلاث حاسبات للمؤسس ولم يحصل عليها بعد. كانت علاقتي متينة بوزير التجارة الاستاذ محمّد مهدي صالح عن طريق علاج أحد أقاربه. طلبت من مدير المستشفى أن يزودني بكتاب رسمي موجّه إلى الوزير وكان ذلك مخالفاً للأعراف الرسمية حيث يجب أن يوجّه مدير المستشفى الطلب إلى مدير عام مدينة الطبّ ومن ثم إلى وزارة الصحة ويرسل كتاب من مكتب الوزير إلى مكتب وزير التجارة. أقنعت مدير المستشفى بأني أتحمل مسؤولية ذلك “الخرق” الرسمي. وافق إحدى المنظمات الوزير على تخصيص 17 حاسبة لمركز جراحة محجر العين والمستشفى.
مكتبة الجراحات:
افتتحت المكتبة مع افتتاح المستشفى عام 1990. وبعد ان نهبت محتوياتها في مرحلة الانفلات الامني عند وبعد حرب الخليج العام 1991 تم اغلاقها تماما. أعيد افتتاحها في العام 1997 واخذت مسؤولية ذلك بصورة كاملة إداريا وماديا وبدعم من مدير المستشفى الدكتور مثنى القصاب. جهزت المكتبة بحاسبتين وبدأ العمل فيها بتوثيق الكتب والمجلات حسب التصنيف العالمي. وبعد الاحتلال جهزت المكتبة بعشر حاسبات أغنتها بالخدمات الحاسوبية والانترنت بدون أي تكليف للدولة.
دورة الحاسبات: أقمنا في المكتبة دورة تعريفية في الحاسبات لمنتسبي المستشفى من الاطباء والملاك التمريضي.
مركز جراحة محجر العين:
عند انشاء مركز جراحة محجر العين بُدء استخدام الحاسبة في ادخال المعلومات عن حالة المريض عند الدخول وتفاصيل العملية وحالته عند الخروج كما فصلت ذلك في فصل محجر العين في الجزء الأول.
إنشاء شبكة الإنترنت في مستشفى الجراحات: تبرع سماحة آية الله السيد علي السيستاني بالتماس منّي بمبلغ عشرة آلاف دولار وسلّمها لي ومنها أنشأنا شبكة للإنترنت في المستشفى. تبنت إنشاءها شركة “وان” لشبكات الحاسبات. تمّ نصب الشبكة مع نقاط متعددة بحيث غطت الشبكة غالبية طوابق المستشفى. وكانت الحصة الأكبر لشعبة الجراحة العصبية ومركز جراحة محجر العين حيث نصبت سبع حاسبات في المركز وفي قاعة العمليات وفي غرف الاختصاصيين والمكتبة. كانت تلك الشبكة والخدمة على الإنترنت الوحيدة في مستشفيات العراق.
جمعية الحاسبات: قررت الجمعية العراقية لعلوم الحاسبات أن تقيم في العام 1997 حفلاً خاصاً لتكريمي وتقديم شهادة تقديرية ولوحة خط عليها بيت شعر من شعر الإمام الشافعي بخط الخطاط الأستاذ عباس البغدادي.
محاضرات في مجال الحاسبة:
- محاضرة بعنوان “الإدراك والحاسبة” ألقيتها في العام 1997. نظمت الجلسة الجمعية العراقية للحاسبات وكانت في نادي العلوية في بغداد.
- محاضرة في العام 1999 للجمعية العراقية لعلوم الحاسبات وكان موضوعها الحاسبة وجراحة الدماغ كان فيها التركيز على آخر التطوّرات في موضوع الملاّح الدماغي بعد عودتي من دورة خاصة بذلك الاختصاص في مدينة ميونيخ في ألمانيا.
- محاضرة في العام 2000 بشأن رعاية صحة مستخدمي الحاسبة وفيها بينت مخاطر الحاسبة: الشاشة، لوحة المفاتيح، الكرسي، إضاءة الغرفة، ألام الذراع والظهر، مشاكل العين وغيرها.