دورة بحوث الاطباء

بادرت بهذا المشروع لإيماني بأن شبابنا من الاطباء بحاجة ملحة للتعرف على فلسفة البحث العلمي وأهمية الخلق البحثي الذي يجب أن يلتزموا به. أقمت  الدورة بدعم من ممثل منظمة الصحة العالمية والأساتذة المشاركين بها وهم من خيرة العلماء في اختصاصات متباينة.

الوحدة البحثية في الكلية الطبية

لكوني عضوا في هيئة البحث العلمي ورغبتي في تطوير البحث العلمي في هذا الجانب عملت على تحقيق إنشاء الوحدة البحثية للعلوم العصبية في كلية الطب في بغداد.

مشروع بحوث الطلبة

أملنا كبير وثقتنا عالية بطلبتنا في حمل راية المهنة عالياً في المستقبل. ارتأيت أن أجمع بعض الطلبة المتميزين وتوجيههم إلى البحث العلمي مبكراً كي يكونوا قدوة لزملائهم.  جمعت عددا يتجاوز الأربعين طالبا من مختلف المراحل واجتمعت بهم عدة مرات لتحقيق المشروع.

توجيه واستثمار البحوث الطبية

تمهيد:

يعد علم الطب والخدمات الطبية من أهم المقومات الاساسية في حياة الانسان وبناء المجتمع. ومن المعلوم ان التقدم في أي مجال يعتمد اعتمادا كبيرا على البحث والتقصـي؛ البحث عن الواقع الموجود والتقصي عن سبل تحسينه وإدخال الجديد النافع عليه. وفي العالم المتقدم تعتبر المراكز البحثية الطبية ضرورة قومية بحيث لا تخلو أية كلية أو معهد طبي ولا أي مستشفى تعليمي منها.

إن البحوث الطبية رغم كثرتها يعوزها الاستراتيجيات البحثية الهادفة. ويجب أن لا نغفل عن حقيقة مؤلمة وهي إن أغلب البحوث لدينا لا تصب في مسار حل المشاكل الصحية في الوطن في الوقت الحاضرة منها وفي المستقبل.

لا شك إن أغلب البحوث والأطاريح الجيدة والمتميزة التي بذل لها الباحثون والمشرفون الكثير من الجهد والوقت قد وضعت على الرفوف ولم تستثمر. وكذلك فأن جهودا بحثية كبيرة تهدر سنويا بسبب قيام باحثين بتكرار بحوث  لآخرين من دون العلم بذلك. وقد تفوت فرص على باحثين بسبب عدم معرفتهم بما يتوفر من خبرات ومعدات في المؤسسات الأكاديمية  الأخرى يمكن أن تفيد بحوثهم.

بسبب الهدرالكبير في الطاقات والجهود والمال في إنجاز بحوث طبية لا يتم استثمارها بالشكل المناسب، فقد أعددت دراسة ومنهج لإسلوب استثمارالبحث العلمي الطبي لخدمة المجتمع.  قدمتُ الدراسة لمناقشتها في اللجنة الإستشارية للبحوث الصحية في منظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط (وكنت عضوا فيها)  وكان الترحيب بها مشجعا جدا، وعلمت بأنه تم قبول الفكرة من المعنيين في  القطر السوداني الشقيق زكانوا بصدد تطبيقها.  

ولكي يستثمرها العراق أولا فقد أرسلتها في حينها إلى الجهات المسؤولة في العراق وهي وزارتي الصحة والتعليم العالي والبحث العلمي ممثلة بشخص الوزيرين وكذلك عميد كلية الطب ورئيس جامعة بغداد وهيئة الرأي فيها وكذلك بعض المعنيين الآخرين. كان ذلك قبل وما بعد الاحتلال في عام 2003.

الهدف:

تحقيق أفضل السبل لاستثمار البحوث الجارية في كليات المجموعة الطبية أو غيرها لرفع مستوى الطب وصحة الفرد في المجتمع. وفي عين الوقت يتحقق طموح التدريسـي في النضوج البحثي والترقية العلمية التي تعتمد على إنجاز تلك البحوث.

“التشكيل”:

يتطلب المشروع استحداث  “تشكيل” يعنى بتوجيه البحوث الطبية توجيها تطبيقيا استثماريا والذي  يمكن أن يكون على شكل هيئة أو مجلس أو لجنة عليا أو ماشابه ذلك.   

الهيكل التنظيمي لهذا ” التشكيل “

أولا: الملاك المشرف

  1. ونقابة الأطباء والمجلس العراقي للاختصاصات الطبية.

ثانيا: اختصاصيون في المعلوماتية لبناء قاعدة معلومات للتدريسيين والأقسام المتعددة في الجامعات والمعاهد العراقية.

ثالثا: ممثلو “التشكيل” في المؤسسات التعليمية حيث يتم اختيار تدريسي ليكون عضو الإرتباط في  المعهد أو الكلية أو الجامعة. ومن خلاله يتم الاتصال بالباحثين في تلكم المؤسسات  لتأمين:

1.وصول توصيات  “التشكيل ” للباحثين.

2.تنفيذ وتأمين احتياجات الباحثين من  “التشكيل”

3.إعطاء تقارير دورية بسير البحث.  

رابعا: سكرتارية

التخطيط

  1. تخطط استراتيجية للبحث الطبي للمدى القريب والبعيد واضحة الأهداف والمعالم والإسلوب.
  2. يكون التخطيط مبنيا على واقع وحاجة البلد بما يتفق مع طموحات وزارة الصحة، وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ووزارات ومؤسسات الدولة المعنية الأخرى ومنظمة الصحة العالمية.
  3. أن تكون كل البحوث الطبية وفي أي مكان في البلد تحت رعاية الـ ” تشكيل ” أو بعلمه.

التنفيذ:

في بداية كل عام دراسي تجتمع اللجان المتخصصة في “التشكيل” وتقدم تقاريرها واحتياجات البلد الصحية ويتم التخطيط على أساس المحاور التالية:

أولا: البحوث التي تعنى بالواقع الصحي الآني وهي:

  1. البحوث التي تعنى بأهم الامراض المنتشرة في البلد ( أكثر عشرة أمراض من حيث الإنتشار).
  2. البحوث التي تعنى بأهم أسباب الوفيات في البلد.
  3. البحوث التي تعنى بأهم المشاكل الآنية في البلد، مثل؛  تلوث البيئة، التغذية، اللقاحات والتلقيح، التثقيف الصحي وغيرها.
  4. البحوث التي تعنى بأهم المشاكل الطبية الدائمة في البلد، مثل؛ إصابات الطرق، مرض الأكياس المائية، التدرن، السرطان وغيرها.

ثانيا: بحوث علمية متخصصة في الهندسة الطبية

  1. الإلكترونيك ( الأجهزة الإلكترونية الطبية وغيرها )
  2. الكهرباء ( الفسلجة العصبية وغيرها )
  3. الميكانيك ( الهيكل العظمي والمفاصل وغيرها )
  4. الفيزياء ( الليزر والنواظير الطبية وغيرها )
  5. الكيمياء (الأدوية وتطبيقاتها وصناعتها)
  6. غيرها

ثالثا: بحوث تتماشى مع الخط البحثي العالمي:

بحوث علمية ودقيقة تتماشى مع الخط العلمي البحثي العالمي لهذه الحقبة من الزمن. مثال على ذلك؛ بحوث الهندسة الوراثية والجينات، بحوث الجزيئات الحيوية وغيرها.

رابعا: بحوث حرة:

بحوث تجرى بعيداً عن تلك الاستراتيجية وتكون بكامل حرية القسم أو الباحث، أي انها لاتخضع للتخطيط المركزي. تعطي هذه المرونة الفكرية مايحقق أهدافا وطموحات علمية شخصية للباحث وللقسم العلمي، على آن يكون ذلك بعلم ” التشكيل” ودعمه.

الشجرة البحثية:

الهدف من تلك التسمية هو جمع كل البحوث المعنية بمشكلة صحية واحدة في ما يشبه الشجرة بأغصانها حيث يمثل ساق الشجرة المشكلة نفسها والأغصان تمثل كافة المجالات البحثية المرتبطة بدراسة تلك المشكلة وحلولها. وهنا مثالين على المقصود بالشجرة البحثية وهما حوادث الطرق ومرض الأكياس المائية.

الشجرة البحثية لحوادث االطرق:

يكون ساق الشجرة هو موضوع حوادث الطرق والأغصان تمثل ما يرتبط بالمشكلة من الاختصاصات المتعددة في كل مجال يقوم به الباحثون على مستوى الدكتوراه، الماجستير أو البحوث الحرة والدراسات. تشمل الشجرة البحثية هذه كل ما يتعلق بالجانب الطبي التشخيصـي والعلاجي والجراحي في المستشفيات، كل مايتعلق بالطب العدلي، مايتعلق بالهندسة المدنية من ناحية تبليط الطرق والهندسة الكهربائية بخصوص إضاءتها، التثقيف المروري للمجتمع، الإعلام وغيرها.

تساهم تلك النتاجات البحثية والدراسات بعد إكمالها في التخطيط الاستراتيجي ومن ثم التطبيق لتحقيق الوقاية والعلاج الأفضل وتقليل الخسائر البشـرية والمادية.

وهذ الأسلوب ينطبق على كل محور من المحاور البحثية الأربعة المذكورة آنفا. 

الشجرة البحثية لحوادث الطرق

الشجرة البحثية لمرض الأكياس المائية:

ينطبق ما ذكر من مبدأ في بحوث حوادث الطرق على بحوث مرض الاكياس المائية وهو من الامراض المتوطنة فس العراق والتي ليس لها علاج يقضي عليها في كل الحالات. يشترك بالبحوث في الشجرة البحثية اختصاصات عديدة منها الطب البشري باختصاصات مختلفة، الطب البيطري، علوم الطفيليات، الكيمياء، التربية، الإعلام وغيرها. وبعد سنتين أو ثلاث تصب مخرجات البحوث في تلك المجالات باستراتيجية تطبيقية يمكن من خلالها مكافحة المرض بأفضل ما يمكن.  

الشجرة البحثية لمرض الاكياس المائية

التطبيق:

  1. توضع قائمة موسعة بتفاصيل محاور البحوث نزولا إلى تسمية كل بحث منفرد.
  2. يترك الخيار للجامعات والكليات والمعاهد المعنية باختيار المحاور أو البحوث المنفردة.      وأما أن:
  3. يتم ذلك التوزيع على أساس مركزي حيث يتعين على كل قسم أو كلية مسؤولية القيام ببحوث محاور بحثية معينة. يحدد المجلس ذلك حسب الإمكانات المتاحة للقيام بتلك البحوث.
  4. تحدد مسؤولية البحث المنفرد بباحث واحد أو أكثر ويجرى معهم التزام رسمي.
  5. يشمل ما ذكر أعلاه بحوث الدراسات العليا من الدبلوم والماجستير والدكتوراه.
  6. تخصص هدايا تقديرية للباحثين المتميزين.

آلية التعاون:

تكون آلية التعاون على الشكل التالي:

  1. تهيأ للباحث من منتسبي وزارة التعليم العالي والبحث العلمي المعلومات الضرورية بما هو متوفر داخل مؤسسات الوزارة أو مؤسسات الدولة الاخرى من امكانات تساعد الباحث على إتمام بحثه بأفضل صورة.
  2. تهيأ للباحث من خارج وزارة التعليم العالي والبحث العلمي الذي يبحث في مواضيع لها مساس بالطب، كافة الإمكانات المتوفرة  داخل الأقسام والمعاهد والمراكز التي يمكن أن تفيد الباحث. ويتم الالتزام الرسمي لذلك من الطرفين.
  3. إمكانية التعاون مع مراكز البحوث في داخل الوطن والمؤسسات البحثية العالمية.

المطلوب من الـ ” التشكيل”لتسهيل المسيرة البحثية:

أولا: تسهيل حصول الباحث على المنشور عالميا ومحليا في مجال بحثه.

ثانيا: تقديم المشورة للباحث بخصوص ما يجابهه من مشاكل بحثية.

ثالثا: مساعدة الباحث في طباعة بحثه بالإسلوب المقبول.

رابعا: العمل على مساعدته في نشر بحثه في الدوريات المحلية والعربية والعالمية.

الأهداف المستقبلية:

اولا: السعي إلى التعاون مع المجالس والمراكز البحثية الطبية الرصينة في الوطن العربي والعالم.

ثانيا: إصدار مجلة بحثية طبية ذات مستوى رصين.

ثالثا: إنشاء مراكز بحثية وطنية متخصصة في مجالات طبية معينة مثل؛ السرطان، الأكياس المائية، الحروق والجينات وغيرها

رابعا: إنشاء مراكز بحثية في كل كلية ومعهد في المجموعة الطبية أسوة بما موجود في العالم المتقدم.

 الخاتمة:

بعد كل ذلك كله وللأسف لم يطبق أي من ذلك المشروع وبقي حبراً على ورق ووعوداً بلا تنفيذ. وهنا لا أود أن ألقي اللوم على مسؤول أو مؤسسة  ولكن يبدو ان الحالة العامة لا تساعد على تنفيذ هكذا مشاريع تسعى إلى تغيير في مسار البحوث وغيرها.

الأمل أن يجد هذا المشروع في المستقبل أذناً صاغية وقراراً بالعمل به على مستوى المؤسسات المعنية والباحثين أنفسهم والله المستعان.