حفل منحي جائزة الأطباء العرب 19 تموز 1997

بسم الله الرحمن الرحيم    

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

السادة الوزراء المحترمون الأفاضل

(السيد وزير التعليم العالي والبحث العلمي المحترم، السيد وزير الثقافة والإعلام المحترم)

السيد وكيل وزارة التعليم العالي والبحث العلمي المحترم

 الحضور الكرام رعاكم الله جميعا

يسعدني ان أقف موقفي هذا.. وإني على يقين بأن العديد ممن في هذه القاعة وخارجها من الزملاء الاطباء الذين هم في الطليعة في كفاءتهم المهنية وجهودهم البحثية وقدراتهم التعليمية من يستحقَّ أن يحظى بهذه الجائزة، جائزة اتحاد الأطباء العرب.

بالرغم من الظروف القاسية الصعبة التي يمر بها قطرنا العزيز نرى أن مؤسساتنا الطبية تقدم أفضل ما يمكن خدميا وأكاديميا. وان طبيبنا مستمر في عطائه المهني المتميز في خضم هذه الصعوبات ولم يتخلف عن البحث في المجالات التي تتوفر فيها إمكانية البحوث الطبية، سريرية كانت كبحوث طلبة الهيئة العراقية أو أكاديمية كما في كلياتنا الطبية. البحث الطبي مستمر كذلك في المستشفيات وكل الأقسام والتخصصات العلمية التي لها علاقة بالطب. بالرغم من كل هذه المعوقات الآنية فلطبيبنا القدرة على أن ينافس الآخرين وبكفاءة.

 وعلى الضفة الآمنة، بعد العبور القريب بعون الله، ستـتفـجر طاقات كامنة وتثبت بأن الإنسان العراقي والطبيب العراقي لايزال منبعا للإبداع والتطور، وسيلحق بالركب العلمي العالمي بقفزات سريعة، إن شاء الله.

أعجز عن التعبير عن شكري البالغ للسيد الوزير الأستاذ الدكتور همام عبد الخالق لمبادرته الكريمة بهذا الاحتفال. وأشكر السيد الوزير الأستاذ الدكتور عبد الجبار توفيق على لطفه وحضوره.

شكري الجزيل للأستاذ الدكتور حسيب يحيى والأستاذ الدكتور عبد الإله الخشاب والأستاذ الدكتور محمد الراوي الذين أغدقوني بأكثر مما أستحق، عسى أن أقوى على رد جميلهم.   

شكري الجزيل للحضور الكرام ولكل من ساهم في إقامة هذا الاحتفال.

مجلس الخاقاني لمنحي جائزة اتحاد الأطباء العرب 1997

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

لقد أغرقتموني في بحر لطفكم ومحبتكم وجودكم. وأنا بحاجة إلى من ينقذني. وليس لي سبيلٌ إلا لطفكم ومحبتكم وجودكم. فأقول لكم كما قيل لمعنٍ بن زائدة:

أيا جودَ معن ناج معنا بحاجتي    فليس إلى معن سواكَ سبيلُ

وأنا حائرٌ تائهٌ لا أقوى على الرد الذي يليق بما أسبغتموه عليَّ من المشاعر والأحاسيس. أرجو الله أن يحفظكم ويرعاكم ويطيل في عمركم بصحةٍ وعافيةٍ.

عندما اتصل بي الأخ نقيبُ أطباء العراق الدكتور صالح التميمي وقبله الأخ الدكتور طه الراويُّ عضو مجلس النقابة ليخبروني بالجائزة فرحتُ ليس لنفسي فقط وإنما كان فرَحي، والله يشهدُ، لمستشفى الشهيد عدنان خير الله ولكلية طب بغداد ولكلِّ طبيبٍ وكلِّ جامعي وللطب في العراق. امتناني لهما وللأخ الدكتور محمد الراوي ولأعضاء مجلس النقابة.

أشكركم من كل قلبي وأخصُ بالشكر الوافر السادة الوزراء الأفاضل والحضور الكرامَ، والمتحدثين الأعلام. أرجو الله أن يمكنني أن أردًّ جميل ما عبَّروا عنهُ.

جزيل شكري وامتناني للفاضل الأستاذ محمد الخاقانيّ، رعى الله شخصهُ ومتعلقيه وأدام مجلسه.

وأشكر من ساهم في تنظيم هذه الجلسة: الدكتور صادق نصر الله والسيد حيدر الصدر والأستاذ محمد رضا القاموسي والآخرين بما تجشموا من عناء.

أما أستاذنا العلامة الدكتور حسين علي محفوظ فيُعجزُ لساني ويتعثرُ قلمي في أن أُفي أو أردّ جزءاً من فضلهِ وكرم خُلقهِ. فهو معلمٌ حاضراً كان أم غائباً. حاضرٌ عندما يتحدثُ وغائب حينما ينقلُ عنهُ. وإنني لأغبط كثيراً من إخواني لفسحةِ الوقتِ لديهم بالتمتع بزيارته. وأنا إذا ما زُرته في بيته أكسبُ الكثير وأخرج من عنده محملاً بزخم وطاقةٍ تمدُّني لأيام وأيام بالرغبة في الاستزادة من المعرفة والتعمق في آفاق العلم. أخرج من عندهِ مردداً:

كلما أدبني الدهر أراني نقص عقلي              وإذا ما ازددت علماً زادني علماً بجهلي

سلّمَ الله الجميع. وحفظ العراق. …….

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تكريم مجلس الدكتور محسن الشيخ راضي لمنحي جائزة اتحاد الأطباء العرب 1997

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

بسم الله الرحمن الرحيم

سيدي أبا هاني* رعاك الله وحفظك لمحبيك ذخراً ولأصدقائك فخراً..

فضلك سابق دوماً، ولطفك شامل كل من عرفك. وحق أن يقال فيك كما قيل لهرم بن سنان:

تراه إذا ما جئته متهللاً                  كأنك تعطيه الذي أنت سائله

فوجهك متهلل دوماً وأنت ترعى إخوانك وأهلك وتعمل على إسعادهم بكل ما تستطيع، وأنت لهم الظهير الأوفى. وقد وفيت وبالغت في كل مناسبة إخوانية، عودة صديق من سفر طويل أو ذكرى عزيزة تمر على محب أو تكريم لأخ أو غيرها. كنت ولم تزل مثلاً في الإخوة والوفاء. لعلي أتمكن أن أوفي أو أردّ جزءاً من كرمك وفضلك. سلمك الله وأطال في عمرك بصحة وعافية.

شكري البالغ للمتحدثين الأكارم الذين أغدقوني بأكثر مما أستحق حفظهم الله وسلمهم جميعاً، وأسعدنا ببقاء وعطاء أستاذنا الجليل العلامة الدكتور حسين علي محفوظ فهو سراج كل محفل ومعلم في كل ما يقول، ومثل أعلى في الخصال الحميدة للعالم الجليل المتواضع الذي جعل العلم غايته وهو في الغاية دوماً فمبارك له.

شكري وتقديري للحضور الأعزة الكرام والسلام عليكم.

  • أبا هاني هو الأستاذ الدكتور محسن الشيخ راضي.

ندوة الطب والحاسوب 1997

ألقيت في ندوة الطب والحاسوب في كلية الطب

في هذا العصر تغير تعريف الأمي، ففي مراسم دفن آخر أمي في اليابان قال المتحدث الرسمي في حينه بأن كل من لا يتمكن من استخدام الحاسوب يعد أميا. ويجب ألّا يبقى في اليابان أمي واحد بعد عام 2000. فالحاسوب هو لغة العصر التي تتفاهم بوساطتها كل الشعوب وكل الثقافات وكل الاختصاصات. دخل الحاسوب في حياة الإنسان المعاصر بوصفه جزءاً أساس وليس كماليّ.

في ميدان الطب استخدم في الإدارة الطبية لتنظيم دخول المرضى ومواعيد زياراتهم والمخازن والأدوية والملاكات. ودخل في ميدان التشخيص بقوة حيث إن غالبية الأجهزة الطبية والمختبرية والإشعاعية وغيرها وأجهزة مراقبة المريض وأجهزة جراحية اعتمدت على الحاسوب المايكروي microcomputer في دقة وتطور عملها. وفي التشخيص دخل الحاسوب كمساعد لذاكرة الطبيب وكمعين لاتخاذ القرار في مجال الذكاء الصناعي. وفي التعليم الطبي اصبح أساسيا للطالب والأستاذ والباحث فبواسطته يمكن لهم أن يدخلوا إلى الخزين الهائل من المعلومات المتوفرة في مكتبات العالم المهمة أو الاتصال بأي مركز علمي أو باحثين آخرين لتقصي ما هو موجود لديهم وكذلك عن طريق الشبكة الداخلية internet. وهنالك مجالات أخرى سيفصلها الأخ الفاضل د. سعد عبد الستار مهدي في محاضرته.

في أحد الأيام في أوائل الثمانينيات شاهد الكاتب الكندي وليام كبسون أطفالا يلهون بألعاب الحاسوب مثل لعبة التجوال بين الكواكب, أو لعبة كرة القدم وغيرها، ويتفاعلون معها بكل حواسهم وبكل خلاياهم العصبية. وقال بان هذه الألعاب قد خلقت لديهم اعتقادا بأن هنالك فضاء حقيقي خلف شاشة الحاسوب. وهذا الفضاء ليس له وجود ولكن كل منهم متيقن بأنه هناك. وقد ألف كتابه الشهير في الخيال العلمي Neuromancer   عام 1984 وفيه دعا هذا الفضاء الخيالي بفضاء السيطرة  Cyber Space  . وإذا بهذا الخيال العلمي يصبح حقيقة واقعة وإذا بفضاء السيطرة يُخلقُ حول الكرة الأرضية ويحيط بها كليا حيث تشترك فيه مئات الألوف من الحاسبات في العالم. ففيه الأخبار العالمية Comp Bulletin Boardالخدمات الهاتفيةTelephone Network  الخدمات التجارية العالمية  Commercial On-line Service   الشبكة الداخلية  Internet والبث الراديوي والتلفزيوني Satellite Broadcasting    وكذلك الخلايا الخاصة حيث يتصل رجال الأعمال وغيرهم بشفرات خاصةCellular Network  .

في هذا الفضاء الهائل فضاء السيطرة تسبح بلايين المعلومات من حولنا ومن ضمنها المعلومات الطبية. والحقيقة الواضحة إن هذا الفضاء ليس مقتصرا أو ملكا لمن هو خبير في الحاسبات، وإنما هو ملك لكل إنسان يمكنه استخدام الحاسوب. وان كل مثقف ومتعلم يمكنه ذلك بعد ساعات قلائل من التدريب والتركيز على الحاسوب. وهذا ينطبق علينا جميعا في هذه القاعة لأن البرامج الجديدة صنعت بطريقة سهلة التعامل والاستخدام بصورة مذهلة حقا.

لا أطيل عليكم أكثر من هذا وأقدم باسم عمادة كلية الطب وأساتذتها الشكر الجزيل والامتنان للأخ الدكتور سعد عبد الستار مهدي مدير عام مركز برمجيات بابل المتخصصة لتكرمه بتقديم حديثه والأخ المهندس سامي وكل الذين ساهموا بنصب الحاسبات وتهيئتها. ونتمنى أن تكون هذه الندوة وعرض البرمجيات الطبية باكورة للقاءات أخرى وبرامج منظمة بين اختصاصي الحاسبات والأطباء في قطرنا. والسلام عليكم. 

الإدراك والحاسبة  1997

محاضرة ألقيت في نادي العلوية بدعوة من الأستاذ أكرم عثمان رئيس جمعية الحاسبات العراقية.                   

إن التزاوج العلمي بين الاختصاصات المتعددة علمية كانت أم انسانية ضرورة حتمية لتقدم المجتمع بكل آفاقه. فالمجتمع يحتاج إلى كل العلوم الصرفة والتطبيقية واللغوية والفلسفية والأفكار والفنون وغيرها لديمومته. وأنه لا يمكن لأي اختصاص أن يدعي بإمكانية تطوره أو حتى استمراريته بدون اختصاصات أخرى.

يجب أن نتذكر دوما بأننا وإن كنا فنيين ذوي اختصاصات علمية أو مهنية فإنما نحن أعضاء متفاعلون مع بعضنا نتعاون جميعا في سبيل تقدم المجتمع وخدمة الإنسان؛ كل إنسان. لأن للإنسان وحده خلق الكون وصيّر لبقائه. وإن الإنسان هو أغلى ما في الوجود. وما من شيء أعز على الإنسان من جسمه. ومع ذلك بقي آلاف السنين لا يعلم شيئا عما يدور في داخله. إن أكبر هبة وهبها الخالق جل وعلا هي الحياة. ومن أعاجيب الحياة أشكالها المتنوعة. فهناك الأعشاب والأشجار والطيور ومخلوقات الماء والبر. ولكن الإنسان لا يضاهيه أي مخلوق آخر في الدقة والتنظيم. والحياة سر من أسرار الكون. ورغم أن كل إنسان يشعر أنه حي فليس هناك أحد يمكنه أن يفسر لنا ما هي الحياة، فقد يمكن لكبار العلماء أن يصفوا لنا بعض مظاهرها ولكن ليس بإمكانهم أن يفسروا ويحددوا معناها. إن ظاهرتي التغذية والتوالد من ميزات الأحياء قاطبة. بهما تتميز الأحياء من الجماد. ويتألف جسم الاحياء البسيطة من خلية واحدة. أما جسم الانسان فيتألف من مليارات المليارات من الخلايا ذات الأشكال والوظائف. فمنها مثلا تتألف طبقات الجلد والأمعاء والعضلات ومنها كذلك يتألف الدماغ. ولكن جسم الإنسان يختلف عن أي خلية من الخلايا التي يتألف منها، فليس هناك خلية واحدة يمكنها أن تضحك أو تتعلم أو تحزن أو تفرح أو تدرك، تلك هي العطية الكبرى التي يتمتع بها الإنسان.

يحيط جسم الانسان الجلد الذي يشبه السور الخارجي لحصن كبير. تتصل كل أجزاء هذا السور بالمركز الرئيسي الداخلي عن طريق الأسلاك الهاتفية فيتعرف المركز على كل ما يحدث عند السور ويصدر أوامره. وهذه الأسلاك الهاتفية هي الأعصاب. والمركز الداخلي المسيطر هو الدماغ.

في العمر الجنيني 10-12 إسبوع تبدأ الخلايا العصبية بالاتصال الهاتفي الذاتي فيما بينها كما هو في إشارات مورس. وهذه النبضات نشاطات يعتقد أنها هي التي تحدد وظيفة الدماغ والإدراك. فهي تتناغم فيما بينها وتبدأ الاتصال ببعضها البعض مسترشدة باتجاه هذه النبضات.إان الدماغ يبدأ بالعمل المنظم قبل الولادة بمدة طويلة وهو بهذا يختلف عن الحاسب الذي لا يمكنه العمل إلا بعد نصب كل أجزائه. وبعد الولادة يستمر الدماغ في النمو والنضوج.  في عملية النمو والتكامل تصنع دوائر كهربائية. وتخزن بعد أن تعمل عملا أوليا مثل دوائر اللغة والحركة والإبصار. وهو يصنع دوائر بعدد هائل يلغى منها تلك التي لا تستعمل أو توجه إلى وظيفة معينة. تنمو هذه الدوائر وتنشط وظائفها عند استخدامها وتضمحل عند عدم استخدامها. ولقد ثبت بأن الفئران التي تحرم من اللعب وكذلك الأطفال الذين لا يمارسون اللعب أو الذين يحرمون من العطف والاحتضان يقل حجم دماغهم بنسبة تصل إلى 20٪  عن أقرانهم. وإن دور الوالدين وبيوت الحضانة مهم في هذا، وإن أهم سنة في تكوين دماغ الانسان هي السنة الأولى. عندما يولد الطفل يمكنه أن يدرك فهو يرى ويسمع ويشم ويلمس ولكن بدرجة بسيطة، مقارنة بتكامل نمو الدوائر الكهربائية في جذع الدماغ الذي يسيطر على حركة القلب والتنفس. وتنمو الخلايا الدماغية بسرعة هائلة وتتكاثر محاورها كتبرعم النباتات في الربيع. وتتشابك فيما بينها مثل السباكتي. ولكن نشاطها يكون منتظما وغير مشوش بفضل فعاليتها الكهربائية. إن ما يحدث عند تطور الطفل معقد للغاية وهو في تزايد دائم. فمثلا عندما يرغب الطفل بإمساك لعبة أو يسمع صوت تدليل الأم له تنفجر شحنات كهربائية ضمن الدماغ وتولد مجوعة من الخلايا العصبية على شكل دائرة كهربائية مثلما يحدث في قطعة السليكون. وعند عمر الشهرين تتطور القابلية الحركية بحيث يمكنه مسك حاجة أمامه. وعند عمر الأربعة اشهر تتحسن قابليته بحيث يمكنه إدراك العمق والنظر الثنائي. وهكذا.      

وعند النمو عبر السنين يتطور الإدراك.

الإدراك: هو الأسلوب الذي نتحسس به وننظم ونفسر المحفزات المتنوعة في محيطنا. فهو تمييز وتفسير المحفزات الحسية اعتمادا على الذاكرة، أو هو الخطوات العصبية التي بوساطتها يمكن لهذا التمييز والتفسير أن يتأثر.

الإدراك التشريحي: هو الذي يصل الدماغ بطريق المسارات العصبية الثابتة تشريحيا كالسمع والبصر واللمس.

أما الإدراك اللاتشريحي فهو اجترار ما هو مخزون في خلايا الدماغ حين تدرك الأمور في وقت بعد لحظة التحفيز بمدة قد تقصر أو تطول أو إنه كتحسس الجمال والقبح الذي يدرك بالمقارنة مع ثوابت مخزونة.

نحن نعيش في عالم من الأشياء والأشخاص، عالم يمطر حواسنا بالمحفزات المتعددة. في حالة خاصة جدا ونادرة نشعر بمحفز منفرد مثل نقطة مضيئة في غرفة مظلمة أو نغمة صافية في غرفة معزولة صوتيا. ولكننا نرى صورا وليس نقاطا مضيئة ونسمع أصواتا متداخلة ونحس بأشكال مركبة لا نبذل في الغالب جهدا يذكر لمعرفة مكوناتها. إن الإدراك يتم بمساعدة المكان والزمان. يعد الإبصار والسمع من أعقد وسائل الإدراك. يعطينا الإبصار شكلا عاما للأشياء بألوانها وبأبعادها الثلاث والإحساس بالزمن بالتعاقب والحركة والتغيير. أما السمع فمع أنه إحساس يعطي شكلا عاما ولكنه أضعف من الإبصار وهو إحساس زمني بالأساس يعطينا التعاقب والتغير والنغمة.

نحن ندرك الأشياء كما نراها أو كما نود أن نراها من ناحية الإضاءة واللون والشكل والبعد والموقع، وفي هذه كلها نرى ثباتا واضحا. فعندما نأخذ كتابا مغلفا بغلاف أسود مثلا نراه أسود في الشمس وفي الظل بالرغم من تغير درجة إضاءته. وهذه هي ثبات الإضاءة. وصاحب السيارة الزرقاء مثلا يراها زرقاء في الشمس وفي الظل وتحت ضياء المرور الأصفر. والطماطم الناضجة الحمراء إذا ما نظرنا إلى جزء منها بمساعدة اسطوانة ونحن لا نعرف ماهي نرى لونها أسودا أو بنيا اعتمادا على الموجات الضوئية التي تتأثر بنوع الإضاءة وشدتها. وهذا هو ثبات اللون. أما ثبات الشكل فحينما نشاهد بابا يفتح يكون شكله متغيرا عند الفتح والغلق. فهو يتحول من مستطيل الى خط بسمك الباب فقط. ولكن شكل الباب الذي ندركه هو مستطيل.  والحجم له ثبات كذلك. فكلما ابتعد عنا جسم ما أكثر فأكثر لا نرى فيه تغيرا يذكر في ذهننا عن حجمه. فهناك إدراك الشبكية وهو إدراك واقعي وتغيره بتغير المسافة كما أن حجم ذلك الشيء لم يتغير بالرغم من تغير المسافة. وفي الحقيقة يحدث تغيير الحجم ولكن بدرجة بسيطة. وإن حجم الاشياء التي نراها تثبت من خبرة سابقة. فليس للطفل المقدرة على تقدير حجم الاشياء البعيدة كالبالغ. فحينما يرى سيارات عن بعد يعتقد بأنها لعب أطفال ويطلب أن يلعب بها. والموقع له ثبات كذلك. بالرغم من تغير موقع الأشياء فأن ذلك لا يؤثر كثيرا على الإدراك بالموقع. ويعتمد هذا الثبات على الخبرة السابقة. ففي عام 1897 أي قبل مائة عام بالضبط قام العالم ستراتون بوضع مجموعة من العدسات أمام عينيه بحيث ظهرت له الأشياء من حوله مقلوبة من أعلى إلى أسفل وكذلك من اليمين إلى الشمال. وبعد مدة من التطبع أمكنه أن يأكل ويسير ويغتسل. وبعد خلع العدسات أمكنه العودة إلى الحياة الطبيعية ولكن بعد صعوبة في التأقلم.     

مستلمات الدماغ: الإبصار، السمع، إحساس الجلد، التذوق، الشم

المحوِّل: إن الدماغ يتعامل بالكهربة وكل ما يصله من المحفزات أو تلك الأوامر التي تصدر منه ما هي إلا نبضات كهربائية. وعليه فإن كل المحفزات التي ترسلها الأجهزة الحسية المتعددة يجب أن تتحول إلى نبضات كهربائية. فالإبصار والسمع والتذوق والشم واللمس يجب أن تحول طبيعة التحفيز إلى نبضات كهربائية. وعملية التحويل هذه ليست بالعملية السهلة التحقيق. ففي التقانة الحديثة نرى أن ذلك ممكن حيث يستطيع جهاز الترانزستر (محول الطاقة) أن يحول المحفز من حالة معينة إلى نبضات كهربائية. فهناك المحول الذي يحول قوة الشد إلى نبضات كهربائية ويدعى محول طاقة الشد، ومحول التفاعل الكيمياوي لتركيز الحامضية إلى نبضات ويدعى محول طاقة تركيز الهيدروجين ومحول موجات الصوت إلى نبضات وغيرها من محولات الطاقة.

تقييم الإدراك من الناحية العصبية: تفاصيل مقياس كلاسكو، الحالة النباتية، موت الدماغ

الاستخدامات التطبيقية للحاسبة لتعويض عطل وظيفي دماغي: ينقل الجهاز العصبي المعلومات بإشارات على طريقة الكل او العدم وذلك بتغيرات أيونية. وفي الأجهزة الإلكترونية والحاسبات كما ذكر آنفا تنتقل بطريقة 0/1 (الصفر واحد)، وهي طريقة البت bit . وفي كليهما تنقل المعلومات في زمن محدد ضمن الدوائر الخاصة. يقوم الحاسب بعمليات بسيطة مثل الجمع والطرح التي عند تراكمها تستخلص نتائج غاية في التعقيد. وتقوم الخلية العصبية بعمليات وبقدرات متماثلة. نحن نعلم إن انتقال المحفزات في الحاسب والتعامل مع المعلومة أسرع بكثير من انتقالها في الجهاز العصبي وعليه فما الذي يجعل  السلحفاة تسبق الأرنب. والحاسب يفتقر إلى الحدس والبصيرة والفراسة التي يستخدمها الإنسان في اتخاذ قراراته. ونظريا يمكن أن يتعامل الجهاز العصبي مع الحاسبة إذا تم إرسال واستقبال هذه المحفزات من وإلى كل منهما، وأن تكون هذه ضمن كفاءة زمنية وكمية عالية جدا، وأن ذلك في طور البحث والتطوير وبزخم بحثي هائل. يبقى الدماغ هو أكثر ما في الكون تعقيدا وأكثر ما فيه إثارة ومتعة وإبهاماً. لو تطرقنا إلى نشاط معين من نشاطاته وليكن وقت رد الفعل. مثلما يحدث لنا عند الاستجابة السريعة عندما يفاجَأ سائق السيارة مثلا بعبور طفل أمامه. يدرك أن عليه أن يتفادى إصابة الطفل وعدم إيذاء الآخرين أو ممتلكاتهم وعدم إصابة مركبته ونفسه بأذى. تبدأ سلسلة من العمليات المتلاحقة بورود المحفزات من عين السائق إلى القشرة الدماغية الإبصارية ومن ثم إلى المراكز الدماغية العليا. وبعد التعامل معها تذهب الأوامر إلى المراكز الحركية العضلية والحسية لتؤدي ما ذكر آنفا. يقارن ذلك باستخدام  لوحة المفاتيح أو الأمر الصوتي في الحاسبات الحديثة كمحفز ومن ثم التعامل مع هذه المعلومة في وحدة المعالجة المركزية  CPU . وبعد تلك الاستجابة المتمثلة بإظهار النتائج على الشاشة أو طباعتها أو بصوت يخرج من الحاسبة أو غيرها، تكون كل أوامر الفعل ورد الفعل في الحاسبة مبنية على لغة النظام الثنائي: صفر واحد أو ما شابهها، وهي تستغرق مدة زمنية ثابتة وبالنظام التعاقبي. ولا يمكن أن تتغير عما هو محدد لتلك الحاسبة.  أما في الدماغ فإن نظام الإيصال كهربائي كيماوي معقد، يأخذ النظام المتوازي وكذلك النظام التعاقبي ولا يأخذ مسارا واحدا داخل الدماغ. وبالرغم من أن المدة اللازمة للفعل ورد الفعل ثابتة نظريا إلا انها يمكن أن تتزايد أو تقل حسب كفاءة المسالك المستخدمة كالعين والأذن والعضلات والأعصاب والوعي وغيرها. زد على ذلك فلقد شاهدنا تناقصا مذهلا في المدة الزمنية للفعل ورد الفعل عند الأطفال الذين يلعبون ببرامج لعب الحاسبة، حيث تصل أحيانا إلى نصف الفترة الاعتيادية. يصعب تفسير هذه الظاهرة على أساس المعلومات الفسلجية الحالية. يدل هذا على وجود آفاق لعمل الدماغ كامنة يمكن تحسينها وتطويرها. وهو مثل إمكانية تحسين الذاكرة عند الإنسان إذا شارك في برنامج تخصصي تدريبي معين. يقول أحد علماء الحاسبات بأن التطور الذي سيحدث في علم الحاسبات يمكن إدراكه حتى عام 2010، حيث تصغر الدوائر الكهربائية فيه إلى ما يقرب من النهاية الرقمية المنطقية. ويعتقد أن يبدأ بعد ذلك عصر الرقائق الحيوية المتمثلة بالحوامض الأمينية. وأن الحاسوب لن يحتاج إلى طاقة كهربائية خارجية أسوة بالطاقة الذاتية المحركة للدماغ والعضلات وكل فعاليات الإنسان. ومن المعلوم إن الحوامض الأمينية المتمثلة بالجينات قد خزنت وتعاملت مع معلومات الأجداد لآلاف السنين وليس لأجيال قليلة فقط حيث أقول دوما ” المكتوب على الجين لازم تشوفه العين”. فاذا اعتقد هذا العالم بأن قمة التطور في الحاسبات هو استخدام الحامض الأميني، فكيف بالدماغ الذي له من الحوامض الأمينية والجينات وتعقد العلاقة فيما بينها ما لا يمكن للعقل إدراكه.

الإبصار: هناك محاولات منذمنذ الستينيات لتعويض الأعمى ما فقده من نعمة البصر. كانت الفكرة الأولى هي تحفيز القشرة الإبصارية بأسلاك توضع عليها وتتصل بكاميرا تلفزيونية. تعمل هذه بمبدأ إن كل نقطة تحفز تنتج نقطة مضيئة براقة تدعى الفوسفين. تشكل هذه الفوسفينات شكلا منتظما ينقل إلى المراكز الإبصارية العليا. وإذا استعملت بصورة دقيقة يمكن استخدامها كبكسل pixel حيث تحور وتستخدم لإنتاج صورة متكاملة. توضع الأقطاب الكهربائية على القشرة الدماغية الإبصارية ملاصقة للأم الحنون أي على سطح الدماغ مباشرة، حيث تحفز الخلايا المتخصصة والتي تقع على بعد 2 مليمتر من السطح. تعطي هذه شحنة من 2 ملي أمبير 100 مايكرو ثانية. وفي الوقت الحاضر استخدمت أقطاب كهربائية أدق بكثير وأدخلت مباشرة إلى الخلايا ولكن المشكلة هي الكم الهائل من الأسلاك واحتمال تأثيرها على القشرة أو أن تتشابك فيما بينها. لذا أدخل عليها تحوير بطريقة الليثوغرافي الطباعة بالأوفست، على مادة السيليكون وأمكن الحصول على المئات من الأقطاب مع قدرة هائلة للتعامل معها. ويمكن الآن للأعمى أن يرى ما حوله ولكن ليس بالوضوح الذي يمكنه من الاعتماد على نفسه كليا.

السمع: تعد القوقعة المغروسة المتعددة القنوات multichannel cochlear implant ثورة في عالم تقانة الأعصاب الصناعية وهي الأفق الذي يرجى له تطورا كبيرا. وتطبق الآن بصورة واسعة على الأشخاص الذين فقدوا السمع بأي سبب بعد أن تحققت لهم القدرة على الكلام، حيث أن نمو القشرة الدماغية السمعية الذي يتم بعد تعلم الكلام أساسي لاستخدام هذه التقنية. تدخل أسلاك دقيقة جدا داخل القوقعة حيث تحفز ما بقي من الخلايا السمعية التي تكون العصب السمعي. تتصل هذه الأسلاك بمنظم يركب خارجيا على الرأس يستلم الأصوات بوساطة ميكروفون ويوزعها حسب موجاتها. ترسل هذه من القوقعة إلى الدماغ. وتصل كفاءتها هذا اليوم إلى درجة يتمكن الشخص الأصم من الاستمتاع بمحادثة هاتفية اعتيادية.

التحفيز العصبي الوظيفي    Functional neuromuscular stimulation

استقطب هذا الأفق الكثير من الباحثين لإعادة وظيفة العضلات في حالات الشلل السفلي. يتم التحفيز بطريقة:

  • أقطاب توضع على الجلد قرب العضلة المراد تحفيزها.
  • أقطاب توصل بالأعصاب المجهزة للعضلات (تتطلب عملية جراحية).
  • أقطاب توضع على العضلات مباشرة قرب محل دخول العصب إليها (تتطلب عملية جراحية)، هدف هذه تحفيز أكبر كم ممكن من الخلايا العضلية.

كانت إحدى المشاكل الرئيسة هي أن الأقطاب الملاصقة للعضلة تتحطم عند تحفيز العضلة التي تتقلص بقوة وبذا يتلف القطب الكهربائي. وقد ابتكرت الآن أنواع من المتحسسات التي تزرع في العضلة وحول العصب وتحفز عن بعد وبدون أسلاك وتكون بحجم 2 في 10 ملم. وهي غاية في التعقيد والقدرة الهائلة على الاستلام والفرز والتوزيع للمحفزات. وقد استخدمت هذه الطريقة مختبريا على بعض الحالات ولكنها لم تصل إلى مستوى التطبيق الشامل بعد. وتطبيقاتها تشمل المرضى الذين يعانون من الشلل النصفي كذلك حيث تصعب عليهم حركات الكف العديدة. وتساعد الساق المشلولة أن تفيد من محفزات الساق السليمة.

سلس البول: أي عدم القدرة على السيطرة على التبول. تربط أسلاك جهاز محفز دقيق بعضلات المثانة وله متحسسات لحالة امتلاء المثانة فتتقلص عضلاتها وتفرغ ما فيها. وكذا يكون علاج سلس الشرج على نفس المبدأ.

العنة: تحفز الأعصاب الخاصة بالانتصاب وتلك المسؤولة عن القذف. وقد طبقت هذه الطريقة في التلقيح الصناعي حيث يمكن الحصول على المني بيسر. وكذلك يمكن للمصاب بالشلل السفلي أن يمارس النشاط الجنسي بصورة متكاملة.

الألم: في هذا المجال هناك تقدم كبير ساعد الكثير من المصابين بالألم المبرح أن يتخلصوا منه ولو جزئيا. ومن أنواع الأجهزة المتعددة تلك التي توضع على الجلد مباشرة أو التي تزرع على الأعصاب المحيطية او تلك التي تلصق بالنخاع المستطيل مباشرة.

وفي الختام فأننا مهما وصلنا من الإدراك في البصر والبصيرة فسنبقى قاصرين. ولله وحده الإدراك الكامل المتكامل:

” لا تدركه الأبصارُ وهو يدرك الأبصارَ وهو اللطيفُ الخبيرُ “

صدق الله العظيم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

حفل افتتاح مكتبة الجراحات 1997

بحضور وزير الصحة الدكتور أوميد مدحت مبارك ووزير التعليم العالي الدكتور همام عبد الخالق

بسم الله الرحمن الرحيم

السادة الوزراء الأفاضل*، الضيوف الكرام، الحضور المحترمون

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تعرّف المكتبة بأنها محٌلٌ تُجمع فيه الكتبَ والدوريات والنشرات والمصادر للاطلاع عليها أو استعارتها. ومن المعلوم أن أول مكتبة في تاريخ البشرية كانت في ربوع الرافدين. وأن أول مكتبة حديثة نظامية كانت في بغداد في زمن العباسيين. ولكن المكتبات في عصرنا الحاضر تطور مفهومها فهي لم تقتصر على المعلومات المطبوعة فحسب وإنما شملت أشرطة الفيديو وأقراص الحاسبات المرنة والليزرية. وهناك بعض المكتبات الطبية في العالم المتقدم ألغت الكتب وقاعات المطالعة لتقتصر على مراكز المعلومات من الأقراص الليزرية والإنترنت.

ونحن اليوم ندشن مكتبة فتية، وهي مكتبة الجراحات، في مستشفى الشهيد عدنان خير الله، دائرة مدينة صدام الطبية. تضم هذه المكتبة قاعة للمطالعة فيها كتب ودوريات تقارب الألف، جلها جادت بها نفوس متبرعيها خدمة للصالح العام. وهي مبوبة حسب التصنيف العالمي للكتب الطبية. تضم المكتبة كذلك قاعة مستقلة فيها مكتبة الفيديو الطبية لعرض الأفلام التعليمية، ومركز المعلومات الذي يعمل الآن بحاسبتين من نوع بنتيوم مع ملتي ميديا، تم ربطهما  بحيث يمكن لمستخدم إحداهما أن  يستفيد من الثانية في نفس الوقت الذي يكون مستخدم آخر يستعمل الثانية. كذلك يمكن ربطهما في المستقبل القريب بحاسبات كلية طب بغداد وحاسبات مكتبة وزارة الصحة والمكتبة المركزية لجامعة بغداد وغيرها.

يضاف إلى افتتاح المكتبة افتتاح معرض الكتاب الطبي الدائم لدار الكتب في جامعة بغداد ومعرض دار الأبجدية للكتاب الطبي في الطابق الأول من المستشفى.

نأمل أن تبدأ الخدمات هذه بداية موفقة وأن يتزايد دورها في خدمة الاختصاصي والطالب والتقني في كل آفاق الطب والصيدلة والتمريض والهندسة الطبية والإدارة الطبية.

نتقدم بوافر الشكر والامتنان للدكتور أوميد مدحت مبارك المحترم وزير الصحة لدعمه المستمر لكل نشاط علمي وخاصة دعمه للمكتبة ومعرض الكتاب الطبي. وكذلك دعمه المباشر لإصدار نشرة الجراحات في مستشفانا، والتي تمثل أول تجربة لمستشفى على مستوى القطر. نأمل أن ترتقي في المستقبل لتكون في نهاية المطاف بعون الله، مجلة علمية مرموقة وتصبح منبرا آخر للطب في القطر.

الشكر الجزيل للدكتور همام عبد الخالق المحترم وزير التعليم العالي والبحث العلمي لدعمه المتواصل لكل ما يدفع بعجلة التطور والبحث العلمي في القطر في إطار الجامعات والمراكز البحثية والمستشفيات التعليمية إلى أمام.

الشكر الوافر للسيد رئيس جامعة بغداد الأستاذ الدكتور عبد الإله الخشاب المحترم لرعايته المستمرة والتوجيه بإقامة معرض الكتاب الطبي الدائم في المستشفى مما أضفى على الخدمات الطبية في المستشفى روحا أكاديمية. نأمل أن يكون معرض الكتاب هذا بداية لخدمات شاملة لاستيراد الكتب والمجلات والنشرات لمن يطلبها ومن أي مصدر في العالم. وكذلك خدمات الاستنساخ وطباعة الأطاريح العلمية والبحوث بكفاءة عالية وبأسعار تنافسية مقارنة بالسائد منها في السوق.

إن هذه الإنجازات لم يكن لها أن تتحقق لولا جهود متظافرة للعديد من الذوات والجهات الخيرة. أخـص منهم بالذكر الدكتور حبيب رجب ممثل منظمة الصحة العالمية في العراق والسيد أحمد العروسي خبير الحاسبات في المنظمة للمساعدة في تهيئة الحاسبات في مركز المعلومات وتشغيلها. والدكتور خالد العبيدي مدير عام دائرة مدينة صدام الطبية والدكتور مثنى القصاب مدير مستشفى الشهيد عدنان خير الله لدعمهما اللامحدود وتهيئة المتطلبات اللازمة ولتذليل الصعوبات.

أسجل عرفانا بجميل دعم وتشجيع الأستاذ الدكتورعزيزمجمود شكري رئيس الهيئة العراقية للاختصاصات الطبية والأستاذ الدكتور محمد الراوي عميد كلية الطب لكل نشاط علمي في المستشفى الجامعي.

الشكر الجزيل للدكتور أحمد مكي مدير عام المركز القومي للحاسبات الإلكترونية وكالة للمساعدة في إرسال الملاك ومستلزمات عرض المعلوماتية. وللدكتور جعفر الدجيلي وملاكه في دار الكتب جامعة بغداد في إنشاء معرض الكتاب الطبي الدائم مع خدماته الأخرى. شكرا لدار الأبجدية لعرضها أحدث الكتب الطبية المتوفرة.

الشكر للمهندس حيدر الذي جهز ونصب الحاسبات والمهندس قحطان وزملائه لتشغيل منظومة الفيديو.

شكرا لأمينة مكتبة الجراحات الست نهى عبد الحميد لنشاطها المتميز لاسيما في إعداد المكتبة وفهرستها.

شكرا للملاك الإداري في المستشفى السيد إبراهيم الركابي المعاون الإداري والسيد عبد علي جبارة مسؤول الخدمات وزملائهما. يمتد الشكر إلى ملاك مكتبة كلية الطب ومكتبة مركز التطوير والتدريب وزارة الصحة لتقديم خبرتهم وبكتب ودوريات.

تقديرا مقرونا بالاحترام للأستاذ أمير الحلو والسيد أكثم محمد في مجلة ألف باء ولمكتب هبة للتنسيق الطباعي للمساهمة في إخراج نشرة الجراحات في صورتها النهائية. وتقدير وعرفان بالجميل لدار الكتب جامعة بغداد مرة اخرى لطباعتها النشرة بالأوفست.

نتقدم بالشكر الجزيل لكل من ساهم من قريب أو بعيد لجعل مشروع المكتبة ومركز المعلومات ومكتبة الفيديو الطبية ومعرض الكتاب ونشرة الجراحات حقيقة واقعة ومثمرة بعون الله.

أملنا أن يستمر هذا المشروع منهلا علميا ونواة خيرة طيبة لخدمة الطب المهني والأكاديمي بمساعدة ودعم المسؤولين بضمنه تعيين ملاك دائم لأقسامه.  وكذلك رفده بالنتاج العلمي للأساتذة والأطباء وكل الملاك في المستشفى والمجمع. والمكتبة تفتح أبوابها لخدمة الجميع من داخل وخارج مجمع مدينة صدام الطبية، وكذلك ترحب بكل تبرع عيني من الكتب والمجلات والأجهزة والبرمجيات وغيرها.

وفق الله الجميع وحفظ العراق العظيم ……..

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

“المرور والجهاز العصبي” 1998

محاضرة ألقيت في مؤتمر المرور 1998

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ….

كان أول استخدام للعجلة في وادي الرافدين ويمكن القول بأن الثورة في عالم النقل قد بدأت حينئذ. وهنا أيضا بدأ الطريق يظهر للوجود حيث بدأ تعبيده بالصخور والأحجار.

طور الرومان الطرق حيث كانت المسافات طويلة جدا من أهمها الطريق من مراكش إلى الفرات. واستحدثوا كذلك ما يعرف بالبريد حيث أنشئت محطات لتبديل الخيول ورعايتها في مراكز على الطريق.

جاءت العربة ذات الأربع عجلات في العصور الوسطى التي تدعى بالحافلة (coach). وكانت تغطّى للوقاية من المطر والشمس. تطورت إلى العربة ذات العجلة المؤطرة واصبحت وسيلة لنقل الأشخاص والأمتعة إلى مسافات طويلة، وأقيمت محطات استراحة للخيول والأشخاص.

بدأ هنري الرابع في فرنسا في نهاية القرن السادس عشر باستحداث وظيفة رئيس مهندسي الطرق وتم إنشاء طرق كاملة معبدة بالصخور وقد وصل طول الطرق المعبدة في فرنسا في القرن السادس عشر 2500 ميل وبدأ ظهور الجسور والجسور المعلقة. بدأ البريطانيون في عام 1885 بتعبيد الطرق بإسلوب حديث وفي ذات العام ظهرت السيارة. ظهرت الحافلات كوسيلة نقل مهمة في العشرينيات ثم المركبات بالظهور بكل أنواعها كما نشاهده في عصرنا الحاضر.

منذ قديم الزمان اهتم الانسان بتنظيم المرور وقد أصدرت تشريعات متعددة بذلك فمثلا أصدر يوليوس قيصر في القرن الأول بعد الميلاد تشريعا يمنع بموجبه المركبات ذات العجلات من الدخول إلى روما في النهار. وفي نفس القرن أصدر الامبراطور هارديان أمرا لتحديد عدد العربات التي تدخل روما.

وهكذا استمرت هذه التشريعات بالصدور والتطبيق عبر السنين. وفي عام 1500 تفتقت أفكار الفنان ليوناردو دافنشي في إيطاليا عن فكرة لحل مشكلة المرور في المدن وذلك بجعل الشارع على مستويين الأول للمشاة والمستوى الثاني للمركبات.

وفي القرن السابع عشر أصدرت تشريعات بمنع وقوف المركبات في بعض الشوارع وابتدأ العمل بنظام المرور باتجاه واحد في بعض الشوارع. وعند ظهور السيارة وتزايد أعدادها المستمر بدأت مشكلة المرور تأخذ أبعادا متعددة وخلقت آفاقا من الأخطار توازي المكاسب الهائلة للسيارات والمرور. والأخطار هي الحوادث وتلوث البيئة وغيرها.

إن الحوادث والإصابات باتت مرضا وبائيا خطرا يتزايد بتزايد المدنية والصناعة وأهم سبب للحوادث هو المرور. ويفارق الحياة ما لا يقل عن نصف مليون إنسان سنويا بسبب الحوادث في أنحاء العالم وكذلك يصاب بالحوادث الشديدة ما لا يقل عن 15,000,000 خمسة عشر مليون شخص في السنة. لذا تعد حوادث المرور من أهم ما تعاني البشرية الآن منه حيث الخسارة المادية والبشرية من وفاة وعوق دائمي ووقتي. وهذه تكلف ميزانية الولايات المتحدة مثلا ما يزيد على 50 بليون دولار سنويا.

في الدول الصناعية والدول السريعة النمو تأتي الحوادث بصورة عامة وحوادث المرور بصورة خاصة في أعلى أربعة أسباب للوفاة وهي: أمراض القلب ، الأورام السرطانية ، أمراض شرايين الدماغ والحوادث والتي تشكل 50% منها الحوادث المرورية.

يموت في المملكة المتحدة بسبب الحوادث 9 أشخاص من كل 100000 نسمة نصفهم يموت قبل وصوله إلى المستشفى. أما في الولايات المتحدة فإن الوفاة تصل إلى 22 شخص لكل 100000 نسمة.

في المملكة المتحدة أجريت دراسة عن أسباب الوفاة من الحوادث بصورة عامة فوجد أن:

حوادث المرور              53%

السقوط من مرتفع           35%

الاعتداء                      5%

الأسباب الاخرى            7%

نشرت منظمة الصحة العالمية تقريرا مفاده أن نسبة الوفاة بسبب حوادث المرور مقارنة بالحوادث الأخرى تتراوح بين 28% في اليونان إلى 50 % في ألمانيا الغربية. وفي دراسة لـ 1000 حالة إصابة أدخلت إلى مركز الجراحة العصبية في إحدى المراكز العالمية وجد أن  75% منها هي لحوادث مرورية.

إن نسبة الإصابات والوفيات تزداد  بعمر المراهقة والعشرينيات وكذلك نشاهد نسبة عالية بسبب ضعف النظر والسمع والحركة عند الكبار وضعف البصيرة عند الأطفال.

إن إصابات المرور تشمل كل أعضاء الجسم ولكن هنالك بعض التباين فيها، فترى أن الجهاز العصبي يصاب بدرجات متفاوتة من الفزع والصداع الى إصابات الدماغ المميتة.

حاولت في العام 1977 أن أبدأ ببحث عن حوادث الدراجات النارية في العراق لتشجيع راكبيها على الخوذة الواقية. حصلت من مكتب الإحصاء في مديرية المرور العامة وكان مكتبا لم يكتمل بعد على بعض البيانات. أعرض لكم النسخ التي استنسختها من سجلات المكتب.

صور من النسخ الاصلية لأوراق الاحصاء في مديرية المرور

ما هو الجهــاز العصبــي:

هو الأساس في أجهزة الجسم ويتكون من المخ والمخيخ وجذع الدماغ والحبل الشوكي والأعصاب النابعة منه من أعصاب قحفية ومحيطية. إن النسيج المكون للجهاز العصبي هو نسيج رقيق يسهل تخريشه وإصابته بصورة مباشرة أو غير مباشرة. وإذا تعرض الجهاز العصبي لإصابة فمن المحتمل أن يكون عطله وقتيا أو على مدى طويل أو دائمي. فمثلا حينما يصاب الإنسان بصدمة على رأسه فأنه يفقد وعيه لمدة تتراوح بين الدقائق والساعات. في هذه المدة تتعطل وظائف مهمة في الجهاز العصبي ولكنها سرعان ما تستعاد إلى ما كانت عليه ويرجع وعي الإنسان …والخ وفي احتمال آخر يصاب الدماغ بتلف شديد ما يسبب موت الدماغ وبعدها موت الإنسان أو موت الإنسان ودماغه في وقت واحد.

أحكمت خلقة الإنسان بحيث أن هذا الجهاز الرقيق الجوهري لحياة الإنسان قد حفظه الله تعالى في صندوق محكم من العظام، وفي نفق عظمي محكم وهما الجمجمة والعمود الفقري فإن أية صدمة تصيب الجسم والرأس تمتصها هذه الواقية الصلدة. ولكن الصدمات كثيرا ما تكون أكثر بقليل أو بكثير مما يمكن للجهاز العصبي تحمله فعندها يحدث العطل العصبي الوقتي او الدائمي. يتعرض جلد الرأس وهو ما يدعى بفروة الرأس للإصابة بحوادث المرور ما يسبب جروحا فيها ومن المعلوم أن فروة الرأس غزيرة التغذية بالدم فاذا جرحت من الممكن أن يفقد المصاب كثيرا من دمه ويجعل حياته في خطر أحيانا. وإذا كانت الإصابة أشد فان الجمجمة يمكن أن تتعرض للكسر.

إن الكسر بحد ذاته لا يشكل خطرا على الإنسان ولكن ما يصاحبه من مضاعفات هو ما يقلق الطبيب، والمضاعفات أهمها حدوث نزف دموي من منطقة الكسر إلى داخل الجمجمة حيث أن الدم المتجمع يضغط على الدماغ ويتلفه إذا لم تستخرج الخثرة الدموية عاجلا، وهنالك اختلاطات أخرى تشاهد مع كسور الجمجمة، أما الدماغ نفسه فإنه يمكن أن يصاب بعطل فسلجي مؤقت أو في الإصابات الأشد تأثيرا يحدث ما يدعى برض الدماغ وتلف جزء منه أو نزف داخله مما تكون نتائجه وخيمة.

أما إصابات العمود الفقري فإنها تسبب كسرا في الفقرات. وبحافات العظام المكسورة يتضرر ويجرح او يقطع النخاع الشوكي مما يسبب شللا للأطراف الأربعة إن كان ذلك في أعلى العمود الفقري في العنق أو شللا للطرفين السفليين حينما يكون في العمود الفقري الصدري أو القطني.

والجهاز العصبي ضحية لحوادث المرور فإنه يمكن أن يكون هو السبب لها. وهو ما يحدث في حالات الإعياء وتناول المخدرات والكحول والأدوية المثبطة للنشاط ما قد يسبب الشلل وضعف النظر وغيرها من اختلالات يمكن أن تكون المسبب للحادث المروري.

تشمل الاخطار المسببة لحوادث المرور ثلاثة محاور: الشارع، السائق، والمركبة. ومن المعلوم أن حل مشكلة أخطار المرور وحوادثه لا يمكن أن يتم حتى بوجود ظروف مثالية لأي من هذه المحاور إذا لم يشمل ذلك المحورين الآخرين.. وعليه فإن هدف تقليل حوادث المرور في عددها وفي شدتها يعتمد على موازنة علمية دقيقة منطقية من هذه المحاور الثلاث. وفي هذه يشترك المجتمع كله من دولة تسن القوانين الخاصة بالسائق والمركبة والشارع إلى السلطة المرورية لتنفيذها إلى علم الهندسة في تصميم السيارة والشارع إلى الإعلام ودوره الأساسي إلى التربية. والمدارس ودورها في زرع النظام المروري في أذهان الطلبة إلى الطبابة بكل اختصاصاتها وقائية وعلاجية وغيرها من شرائح المجتمع. يشترك الجميع في الوقاية والردع والعقاب والعلاج.

إن السيارة أصبحت مركبة العائلة ووسيلة سعادتها ولكنها في الوقت نفسه وعند عدم توفر ظروف الأمان يمكن أن تكون نكبة العائلة أو قبرها المتنقل.

جغرافية الاصابات:

كما قلنا يموت سنوياً 500,000 شخص في العالم بسبب حوادث المرور. إن الرقم المجرد للوفيات المرورية يقل نسبيا في الدول الصغيرة المساحة والسكان وكذا في الدول الواسعة المساحة القليلة في عدد المركبات.  في جزر البهاماز نرى 30 وفاة في السنة فقط وفي افغانستان 450 وفاة بينما هنالك أربعة أقطار تتراوح فيها الوفيات بين 45,000 – 50,000 سنويا هي الولايات المتحدة، الهند، الصين وروسيا.

إصابات الرأس:

في حوادث المرور تنشأ قوى شديدة ولمراحل زمنية قصيرة جدا ذات مقدار هائل تؤثر مباشرة على جسم الإنسان وعلى المركبة. إن الإصابات ترتبط بتغير السرعة المفاجئ وعلى الارتطام بالمحيط الصلد. إن تغير السرعة المفاجئ يمكن أن يسبب تأثيرا مباشرا أو شديدا على أنسجة الجسم المتعددة وبدرجات متفاوتة. ولكن هذا النوع من الحوادث نادر حيث أن الإصابة تصاحب دوما الحالتين معا أي التغير في السرعة والارتطام. وأن هنالك تبايناً كبيراً في نوعية الإصابة بين حادث وآخر أو بين شخص وآخر في نفس الحادث. لأن ذلك يعتمد ليس فقط على اتجاه ومقدار القوة المؤثرة ولكن على مقدار تعرض الشخص للإصابة في تلك اللحظة. وعليه فإن راكب المركبة يتعرض لقوة مهلكة في الاصطدام تختلف عما يتعرض له الشخص الماشي حينما يدهس. حينما ترتطم مركبة متحركة بجسم ثابت صلد  ستعاني المركبة من قوة التوقف Deceleration السريع والشديد وكذلك من تشوهات Deformities لأجزائها.

فإذا أخذنا مثلا سيارة صغيرة تزن 700 كغم ارتطمت وتوقفت وهي تسير بسرعة 50 كم/ ساعة (13,9 م /ثانية) وبخط حركة 50 سم يمكن أن نحسب مقدار قوة التوقف وهذا يساوي قوة مقدارها 13,790 كغم. فتكون قوة الارتطام بحدود 200 مرة أكثر من جذب الأرض.

يتحمل جسم الإنسان  قوة 50 – 100 ج (جاذبية) بحدود 0,25 ثانية وإذا زادت على هذا الحد فأن أنسجة الجسم ستنفجر بفعل القوة الهائلة المتكونة داخلها. إن جمجمة شخص يزن 70 كغم يمكن أن تمتص قوة مقدارها 11,200 كغم. وإذا أخذت هذه القوة على مساحة مقدارها 2*10 سم على جبهة الرأس فهي تعادل 56 كغم على 1 سم مربع وهذه تسبب جرحا في الجلد.

إن تضرر الدماغ يمكن أن يكون على درجة بسيطة مثل فقدان الوعي للحظات فقط أو فقدان الذاكرة لمدة قصيرة أو نزف داخل الجمجمة أو داخل الدماغ أو كدمات فيه أو تلف وتمزق وتهتك في أنسجته ما يجعل الحياة مستحيلة. وإن تضرر الدماغ يمكن أن يكون ثانويا مثلما ذكر سابقا وذلك بتضرر الجسم خارج الدماغ حيث يؤثر على الغازات في الدم عندما يصاب الصدر والرئة. ويتعذر تبادل الغازات الطبيعي السليم أو عندما يحدث هبوط شديد في الضغط الدموي حيث لا يصل الدم الكافي للدماغ فيتلف بسبب ذلك.

يمكن أن يتضرر النخاع الشوكي والعمود الفقري وهذه يمكن أن تصاحب حالات الإصابات الدماغية الشديدة بحدود 10% منها أو تكون منفردة. وتكون الإصابة عادة بسبب انطلاق الجسم داخل السيارة وارتطام بسقفها أو جانبها أو أن الشخص يرمى خارج المركبة حين انقلابها وسبب التضرر هو كسر في الفقرات أو خلع فيها ما يسبب قطعا وظيفيا أو تشريحيا في النخاع الشوكي ينتج عنه شلل في الأطراف الأربعة أو الأطراف السفلى.

من الواضح بعد دراسة ميكانيكية الصدمة والحادث فإن نوع الإصابة لراكبي السيارة تتأثر بدرجة كبيرة بالتصميم الداخلي للسيارة فموضع ومتانة الكراسي وعجلة القيادة وطريقة جلوس الراكبين وغيرها تؤثر كثيرا على حدوث الإصابة عندهم وشدتها وإن التقدم الهائل في تقنين صناعة السيارة قد قلل كثيرا من الإصابات المميتة.

أهم مجالات هذا التقدم في : حماية راكبي المركبة في تحسين امكانية الاتصال بين السائق وبقية السائقين وبين المشاة في الشارع،  تحسين دقة السيطرة على السيارات وسرعة استجابتها للسائق عند المفاجآت. ومن أمثلة تحوطات الأمان والتقدم فيها:

تحسين قفل باب السيارة حيث ثبت سابقا أن ما لا يقل عن ثلث المتوفين في حالات الانقلاب قد توفوا بسبب قذفهم  خارج السيارة ومنها تبديل نوعية مقبض الباب الداخلي حيث كان بارزا وبدّل حيث أصبح في مستوى سطح الباب وكذلك تثبيت الكراسي بمتانة ببدن السيارة حيث كان يتعرض السائق للقذف مع كرسيه خارج السيارة. يجب أن أشير هنا إلى نقطة مهمة جدا حيث جرت العادة عندنا أن نغلف مقاعد السيارة بقماش يحفظ قماشها الأساسي من التلف وهذا يتطلب فتح الكراسي وتغليفها خارجا ثم إعادتها وتثبيتها في السيارة. من الممكن أن التثبيت يكون غير محكم وهذا يسبب خطرا كبيرا لا يشعر به راكب السيارة وقد شاهدت بعض هذه الحالات.

وكذا بطانة السيارة الداخلية قد صنعت من مادة لها القابلية على الانضغاط بما لا يقل عن 25% من سمكها الاصلي عند الارتطام بها، والزجاج الأمامي مصنوع من نوع خاص وكذلك إطاره الذي يثبت به حيث علاوة على عدم كسر الزجاج وتناثره فأنه ينخلع إلى الخارج عند الارتطام به ولا يسبب اصطداما خطرا على جسم الإنسان، والأزرار البارزة في لوحة القيادة وقفل السيارة ومشغلها صممت لموضع أعلى بقليل من مستوى الركبة.

وكذلك مرآة السيارة وواقية الشمس فقد تحسن تصميمها ولا ننسى أهمية حزام الأمان ومسند الرقبة وسنتطرق لهما بشيء من التفصيل.

حزام الأمان :

سجل كلاكهورن عام 1885 براءة اختراع حزام أمان. ولكن أول حزام أمان تم صنعه من الجلد في عام 1910 ، وكان حزاما للحوض فقط واقتصر استعماله في حينه على الطائرات. وفي عام 1940 تبين أن الحزام ذو فائدة وتم استخدامه في الخمسينيات وازداد تطبيعه في السبعينيات وتبين أن حزام الحوض هذا لا يقي من الحوادث كثيرا لأن الجسم يكون حرا في الاتجاه إلى الأمام وإلى الجانب. أما الحزام الحالي فهو حزام الثلاث نقاط يمين ويسار الحوض والكتف، وثبت أنه يقي من إصابات متعددة.

مراحل تطور حزام الامان

يتم تصنيع حزام الأمان من مواد يمكنها تحمل ضغط بحدود 3000 كغم، واستخدم الحزام لأول مرة في جنوب استراليا عام 1971 وتبين أن ذلك قلل الوفيات بنسبة 25 %. وبعدها شاع استعمال الحزام وإلزامية استعماله في بقاع كثيرة من العالم وقد امتدت الإلزامية إلى راكبي المقعد الأمامي والخلفي في بعض البلدان.

ثبت أنه من النادر أن يقتل راكب سيارة وهو مستخدم حزام الأمان إلا في حالات السرعة الهائلة وقد اتفق أن استخدام الحزام هو الإجراء الوحيد المؤثر ضد الإصابات المميتة وغير المميتة في حوادث السيارات. 

ماذا يحصل عندما لا يستخدم حزام الأمان

عند استعمال الحزام بصورة صحيحة يكون مؤثرا ضد الارتطام بأي اتجاه فضلا عن ذلك يستمر التحصين عند حدوث انقلاب وتدحرج السيارة. (وفي هذه الأيام أدخل كيس الهواء كعنصر أمان إضافي).  وأهم ما يقيه الحزام هو إصابات الرأس مثل كسور في القحف وقاعدة الجمجمة وتعذر الدفاع والنزف داخله وبروز المادة الدماغية ما يسبب الوفاة الآنية وأحيانا عندما يتمزق أحد أو كل الشرايين الضخمة في قاعدة الجمجمة. وكذلك يقينا من تمزق فروة الرأس عند ارتطامه بالمرآة أو الواجهة الأمامية للسيارة وكسور الوجه والفكين وإصابات الصدر وكسور الحوض والبطن. وكما ذكرنا سابقا إن الراكب معرض لخطورة بمقدار 30 % لن يقذف من كرسيه ويقتل وهذا بالطبع يمنع حدوثه باستعمال الحزام. وفي دراسة أجريت على 28000 حادث سيارة لم توجد اية حادثة وفاة مطلقا من السيارات التي كانت تسير بسرعة تصل إلى 100 كم في الساعة وكان راكبها مستعملا حزام الأمان بينما وجدت حوادث وفاة في سرعة أقل من 20 كم في الساعة عندما لم يستعمل السائق الحزام.

هناك من يعتقد بأن حزام الأمان يمكن أن يكون خطرا بحد ذاته مثال على ذلك: حينما يلحق بالسيارة حريق مميت. إن هذا غير صحيح لأن نسبة الوفيات في حوادث السيارات بسبب الحريق تشكل 0,5 % فقط وأن راكب السيارة الذي لا يفقد وعيه بسبب وضع حزام الأمان بإمكانه خلع الحزام والنجاة بنفسه. كذلك يعتقد بعض الناس أن بإمكانه تحويل مكانه إلى المقعد الآخر الأكثر أمانا عند الحادث ولكن غالبا ما يفقد الشخص وعيه من هكذا حادث ولا يمكن له تحقيق ذلك وأن تأثير الارتطام يتحدث في عدة أجزاء من المئة من الثانية ما لا يمكن لأي شخص عمل أي إجراء وقائي منه مطلقا.

وعليه فأن حزام الأمان يوفر لنا الأمان حقا ويجب استعماله من كل السائقين ومن المفضل استعماله من راكبي المقعد الأمامي وكذلك راكب المقعد الخلفي ويجب عليه التأكد من سلامة أدائه الوظيفي فهنالك بعض الأحزمة التي لا تقي من الصدمات لطولها الكثير أو لعطل في ميكانيكيتها.

مسند الــرأس:

هو المسند الذي يثبت في أعلى ظهر كرسي السائق والراكبين هدفه حماية العمود الفقري العنقي والنخاع الشوكي من الإصابة والتضرر من حوادث السيارات الشديدة. وإذا حصل ارتطام في مؤخرة السيارة الساكنة أو السائرة بحيث حدث ما يدعى بالتعجيل أي أن السيارة ازدادت سرعتها من الصفر عند الوقوف أو بسرعة أعلى مما كانت تسير عليه. ففي لحظة التصادم يحدث تعجيل مفاجئ مما يسبب حركة شديدة للرأس وحيث أن العمود الفقري هو حر الحركة فيلتوي الرأس إلى الخلف في حركة بسط قصوى تستمر حتى تتوقف عند ارتطام الرأس بظهر المصاب نفسه. وبفعل الشد العضلي في عضلات الرقبة فأن الرأس سوف يقذف إلى الأمام حيث يرتطم بأي شيْ أمامه أو بصدر الشخص نفسه.

عند عدم وجود مسند الرأس يتأرجح الرأس في حالتي الصدمة من الأمام أو الخلف

وقت رد الفعـــل:

هنالك حوادث كثيرة تحدث بسبب عدم قدرة السائق على التفاعل مع ما يجري أمامه من ظواهر غير متوقعة فبالرغم من أن السائق يكون واعيا منتبها حاد البصر وحاد السمع ولكن يتعرض لظروف يحتاج فيها العمل بسرعة فائقة لتفادي الحوادث.

إن وقت رد الفعل هو المدة الزمنية بين حدوث التحفيز (مثل عبور طفل سريع الشارع أو عبور حيوان أو توقف مفاجئ …الخ) وبداية الاستجابة أو هو الفترة الزمنية اللازمة للاستجابة لحافز معين. فإذا كان سائق السيارة يسير بسرعة 100 كم بالساعة فأن ذلك يعني أنه يسير بسرعة 28 متر في الثانية أي أنه في مرحلة رد الفعل 200 – 300 ملي ثانية تكون المسافة في هذه المدة تتراوح بين 5,5 متر – 8,5 متر ومعنى ذلك أن السائق الذي يسير بسرعة 100 كم في الساعة وكان في قمة وعيه وانتباهه واستجابته وأن جهازه العضلي سليم جدا فإنه يحتاج إلى 5 – 8,5 متر قبل أن يبدأ بأي فعل لإيقاف السيارة. فإذا كانت المسافة بين سيارته والشخص الذي يعبر أو السيارة المتوقفة أمامه فجأة أقل من ذلك فأنه سيرتطم به حتما ويسبب حوادث له ولغيره. أما إذا لم يكن السائق في درجة من الوعي التام أو كان قد تعاطى الكحول أو الأدوية أو كان يتكلم مع ركاب سيارته أو يشعل سيجارته فإن الوقت سيطول ويمكن تصور ما سيحدث .

هذا بخصوص رد فعل السائق… أما عن وقت رد فعل المركبة نفسها فلو فرضنا أن السائق كان في أفضل حالات رد الفعل وكذا ظروف الطقس فللسيارة وقت رد فعل كذلك وهي مسافة التوقف من لحظة الضغط على الكابح وحتى توقف السيارة الفعلي. إن المركبة عادة لا تقف فجأة بل إنها تقف عند مسافة أبعد لأن القوة المخزونة في الحركة تعمل على دفع المركبة إلى أمام رغم قوة الكابح وتعتمد هذه كذلك على طبيعة سطح أرض الشارع وجودة الإطارات فضلا عن ميكانيكية وكفاءة جهاز الكابح. وقد تصل المسافة إلى 77 م في سرعة 100 كم في الساعة.

المشــــاة:

من المؤكد أن حوادث المشاة هي من أشد الحالات خطورة حيث أن المصاب في الغالب يتعرض لثلاث إصابات،  فعندما ترتطم السيارة بالماشي فإنه يرتطم برأسه وكتفيه  بجسم السيارة وإذا لم تتوقف السيارة فإن جسمه يصعد فوق السيارة وعند توقفها بعد ذلك فإن الجسم يرتطم بأرض الشارع وهذا يفسر شدة إصابة المشاة وزيادة خطرها، وتعددها في جسم الإنسان.

في دراسة لـ 1149 حالة إصابة للمشاة في المملكة المتحدة وجد أن 40% منهم أصيبوا بأضرار متعددة في جسمهم مثل كسور الأطراف المتعددة، كسر مزدوج في طرف واحد، إصابات الصدر والبطن. ولكن الرأس كان متأثرا في 78% من هذه الإصابات المتعددة.

إن إصابة المشاة بالحافلة هي أشد 12 مرة من السيارة الخاصة وتزداد الإصابة في حوادث سيارات الأجرة، وتكون عند مقدمة السيارة في الغالب، وتحدث الإصابة عند نزول الشخص إلى الشارع وليس خلال الرحلة.

إن نوع السيارة يؤثر في شدة الإصابة ففي دراسة مقارنة بين الفولكسواكن (الخنفساء) والكاديلاك الأميركية وجد أن إصابة المشاة أقل شدة بـ 30% في السيارة الخنفساء.

تزداد حوادث المشاة عند سوء إضاءة الشارع وتكون أكثر احتمالا عند الكبار في السن والأطفال حيث تعوزهما القدرة على التخلص من أخطار الطريق بسبب ضعف النظر والسمع والحركة عند الكبار وضعف البصيرة عند الأطفال.

السائـــق:

يمثل السائق أحد الأركان الثلاثة الأساسية في الأحداث وفي الوقاية من إصابات المرور فالخبرة الجيدة في السياقة وهدوء الأعصاب والكياسة وتطبيق تعليمات المرور هي صفات أساسية في السياقة الآمنة. السائق ليس كماكنة بل هو شخص بجسد وعاطفه ويتأثر بكثير من العوامل التي قد تسبب الحوادث إذا ما سيطرت على قراره. من هذه العوامل:

1- وضوح الرؤيا، وتشمل إضاءة الطريق وتصميمه الهندسي وكذلك حدة الرؤيا للسائقين والمشاة.

2 – النعاس والتعب

3- الكحول وتأثيراته السلبية على السائق

4- الأدوية؛ قد يسبب تعاطي بعض الأدوية للسائق حالات من عدم التركيز والنعاس. من هذه الأدوية مضادات الحساسية والمهدئات وغيرها.

5-  الصرع وأمراض أخرى مثل القلب والسكر وأمراض الرئة وغيرها

6-  التدخين وما يسببه من إشغال للسائق

كبار السن وحوادث المرور:

وجد الحوادث المرورية التي سببها السائق كبير السن تزداد بتقدم العمر. تصل في عمر الخمسة والخمسين إلى الستين عاماً إلى ما يزيد على ثلاثة أضعاف مجموع الإصابات للبالغين بصورة عامة أما في عمر السبعين وما بعده فتصل الزيادة إلى حدود الثمان مرات.

الأطفال وحوادث المرور:

في العالم الغربي نرى أن وفيات الأطفال  بسبب حوادث المرور تفوق أي سبب آخر للوفاة. يصاب الأطفال بحوادث المرور كركاب سيارة وكمشاة. أصيب في بريطانيا عام 1974  بإصابة بالغة 9300 طفل من المشاة.

تبين أن الإصابات تقل كثيرا باستعمال احتياطات الأمان عند الأطفال فمثلا يجب أن يجلس الطفل الصغير الذي يقل عمره عن ست سنوات (إلى ثمان سنوات)  في المقعد الخلفي وفي مقعد خاص له ولا يجلس في المقعد الامامي. لأنه في حالة التصادم فانة سيندفع باتجاه مقدمة السيارة ويرتطم بها مما يؤدي إلى إصابات شديدة أو إنه سيندفع عبر الزجاج الأمامي للسيارة إلى غير ذلك. أما إذا كان في المقعد الخلفي عندئذ سيرتطم بخلفية المقعد الأمامي والتي تكون مغلفة بمادة لينة تمنع حدوث إصابات شديدة.

في دراسة أخرى لحوادث مرورية لأطفال  تقل أعمارهم عن 3 سنوات، وجد بعد تعرض 52 طفلا كانوا مثبتين بصورة صحيحة  بكرسي الطفل الخاص  أن 35 منهم لم يصابوا بأذى أبدا وكانت إصابات 16 منهم بسيطة جدا، وكان طفل واحد فقط أصيب بإصابة متوسطة (جرح فروة الرأس عند انقلاب السيارة)، وكانت الحوادث شديدة بحيث قتل ثلاثة بالغين فيها وأصيب 12 بإصابات شديدة وعليه ننصح بوجوب استعمال كرسي الطفل المثبت على كرسي السيارة للأطفال الصغار وعدم السماح للأطفال بصورة عامة بالجلوس في المقعد الأمامي.

الخلاصة:

نستخلص من كل هذا إن الإصابات المرورية هي مرض بحد ذاته معلومة أسبابه، تأثيراته، وبائيته وأنواعه وتختلف هذه الإصابات باختلاف مستخدمي الطريق والتزامهم بتحوطات الأمان أو عدمه. إن إصابات المرور لا تحترم العمر ولا الصحة ولا المركز وليس هنالك شخص فاعل في المجتمع محصن من هذا المرض الخطير الذي يمكن أن يصيبنا في أي زمان ومكان.  بعض مستخدمي الطريق مهددون أكثر من غيرهم وهناك مواقع أكثر خطورة من غيرها وكذا فأن بعض المركبات تعد مقبرة متحركة حينما تفتقر لمقومات المركبة الآمنة.

إن اصابات الجسم بصورة عامة مهمة بطبيعة الحال ولكن إصابات الجهاز العصبي أشد وقعا وإيلاما لما تسببه من نسبة عالية في الوفاة أو العطل الدائم. ومن المعلوم أن وجود أمراض أخرى عند المصاب مثل أمراض القلب، الرئة، السكر وتناول عقاقير مختلفة والتدخين عند قيادة السيارة يمكن أن تؤثر تأثيرا كبيرا على شدة الإصابة. إن الاستراتيجيات الوقائية تتلخص بخمسة محاور:

1- تحديد التعرض للإصابة: وذلك بتقليل عدد السفرات، استخدام وسائل نقل أكثر أمانا مثل الحافلة والقطار، الاهتمام بالظروف الأكثر عرضه للإصابة.

2- الوقاية من الإصابة: اتباع أساليب آمنة في قواعد المرور وهندسة الطرق ووضوح الرؤيا وتحسين كفاءة هندسة إيقاف السيارة.

3- تحسين الوعي المروري: برامج لتحسين تصرف مستخدمي الطريق، تثقيف المجتمع بالقيم المرورية، تحسين درجة كفاءة منح إجازة السوق.

4- السيطرة على الإصابة: توجه نحو تصميم المركبة وظروف الطريق وأن تكون السيارة أكثر أمنا في داخلها وخارجها.

5- تحسين العناية بعد الإصابة: تعليم وتدريب الملاك الطبي للإسعاف والاتصال ونقل المصابين، التوثيق الكامل للإصابات وسهولة وسرعة الوصول إلى المراكز الطبية.

وإذا طمح الأطباء بالدخول في مجال الوقاية من هذا المرض فيجب عليهم الاتصال المباشر والامتزاج مع المعنيين الآخرين من غير الأطباء من المسؤولين في إدارة المرور، المشرعين القانونيين، المعلمين، الإعلام الوطني والمجتمع وكل على مستوى الهيئات والأشخاص.

ولنعمل على مبدأ ثلاثية:

•  إمنع حوادث المرور

•  إمنع حدوث الإصابة عند الحادث المروري

•  إمنع تفاقم الاصابة بعد الحادث المروري

وفي مثل هذا الاخير فقط يكون الدور الأساسي للطب والطبيب. ويجب علينا السير بحذر إن كنا في السيارة أو الشارع سلم الله الجميع من حوادث المرور والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

المؤتمر القطري العراقي للتمريض عام 1998

السادة الوزراء الأفاضل، الحضور الكرام

قال أحد أطباء العصور الوسطى: يا رب امنحني قوة القلب والفكر كي يكونا مستعدين على الدوام لخدمة الغني والفقير، الشريف والشرير، الصديق والعدو. وأصلي لكي لا أرى المريض إلا أنه مثيلي المتألم. بهذه الروحية وبهذه القدسية يتعامل الأطباء والممرضات مع المريض: الصديق والعدو واحد بالنسبة لهم، الشريف والشرير في نفس المستوى وكذا الغني والفقير. طوبى لهذه الشريحة التي لا تدانيها شريحة أخرى في الوجود غير أهل التقوى، أهل الدين. فالعلم علمان: علم الأديان وعلم الأبدان.

أن أهداف الطب الأساسية ثلاثة: الحفاظ على الحياة، التخلص من الألم، وإدامه الصحة. وهذه نفسها تشكل البند الأول المسطر في الدستور العالمي للخُلُق التمريضي المعتمد منذ عام 1965. يبدأ هذا الدستور العالمي بالتأكيد على أن الممرضات يمددن يد العون للمرضى وتحمل خلق ظروف جسمانية، اجتماعية، وروحية  تساعد على الشفاء وتؤكد على الوقاية من المرض وتحسين الصحة بطريقة تطبيقية وأن تكون مثلا لذل، وأن تقدم الخدمة الصحية للأفراد والعائلة والمجتمع وتعمل على تكامل الأداء مع الآخرين المعنيين بهذه الخدمات. إن خدمة الجنس البشري هي الوظيفة الأساسية للممرضات، وهو السبب لبقائهن في هذه المهنة. من المعلوم أن الحاجة للخدمات التمريضية عالمية وتعتمد على الحاجة الإنسانية، وعليه فأنها لا تتحدد أو تتقيد بعوامل الوطن، العرق، العقيدة، اللون، السياسة أو المركز الاجتماعي. ويستمر هذا الدستور بتفاصيل أخرى لا مجال لذكرها.

كان التمريض مقتصرا على دور العبادة والأديرة حتى جاء الملك هنري الثامن في القرن السادس عشر حين فصل الكنيسة الإنكليزية عن روما وبهذا وجدت البلديات نفسها مسؤولة عن آلاف المعاقين والمعتوهين الذين كانوا يعالجون فيها. وبعد ذلك بدأت المستشفيات تظهر للوجود بصورتها الجديدة وبدأ التمريض الحديث، وبدأت أول محاولة لأول ممرضة في لوزان، سويسرا، تدعى كاسبارين عام 1859.  في أحد أيام عام 1844 أعلنت فلورنس نايتـنكل قائلة: يا أمي أود أن أصبح ممرضة. فسقط شغل الإبرة الذي كان بيد والدتها، وتـناولت النشادر لتـفيق من الصدمة وكان وقع كلمات ابنتها أشد صدمة عليها من تصميمها على الانتحار وصرخت في فزع: ممرضة!  لم يسبق أن اشتغلت سيدة محترمة بالتمريض في يوم من الأيام.  ولكن فلورنس سارت في الطريق الذي اختارته وسلكت وتخطت كل الصعوبات في طريقها متحـدية الأبوين والمجتمع، وتمكنت من أن تجعل التمريض مهنة محترمة كريمة يؤمن الناس بقدسيتها. في عام 1860‏ أسـست فلورنس نايتـنكل مدرستها لمهنة التمريض.

 أن النساء والرجال المنخرطون في مهنة التمريض في العالم يمثلون أكبر فئة بين العاملين في الحقل الصحي. وأن توفر التمريض الفعال في أي بلد هو المقياس الأساس لقابليته وقدرته على التقدم في المجال الصحي . والتمريض في عصرنا ليس فقط لمعالجة المرضى ولكن لتثقيف الناس وزيادة معرفتهم بما يحسن صحتهم ومن ثم إنتاجهم. وبما أن الصحة تحمل معايير إنسانية وقيماً اقتصادية فالتمريض هو وسيلة للتقدم الاجتماعي.

في قطرنا كنا ولم نزل نعاني من مشكلة التمريض؛ مشكلة القدرة على التشجيع في الانخراط في هذه المهنة أو القدرة على إدامة بقاء الملاكات المتواجدة فعلا في الخدمة. إن آفاق هذه كثيرة تشترك فيها شرائح عديدة في المجتمع. وقد لخصتها الست بخشان في تقرير وزارة الصحة والأستاذة بديعة الداغستاني في نظرة كلية التمريض للمشكلة وحلولها.  وبناء” على رغبة الأخوات في اللجنة التحضيرية أعرض لكم نبذة عن طبيعة العمل في شعبتـنـا والتي تجاوزنا فيها بعض هذه المشاكل. أنا أؤمن بأن الخدمة الصحية يقوم بها فريق كامل يضم الأطباء الاختصاصيين، الأطباء المقيمين، الممرضات، الممرضين، المضمدين، والمعينين تدعمهم الإدارة في تلك المؤسسة.  ولكل شريحة من هذا الفريق أهميتها. وأن العمل المتكامل يعتمد على كفاءة وأداء كل شريحة. فالوحدة التخصصية في المستشفى لا يمكن أن تؤدي دورها بما يجب إن لم تكن نظيفة أولا”، ولا إذا كانت تعوزها الأدوات والخدمات العامة. ولا يمكن أن تقدم خدماتها بدون وجود ممرضة أو طبيب أو اختصاصي فلكل أهميته ودوره. وعليه حاولت زرع ذلك في شعبتي؛ شعبة الجراحة العصبية في مستشفى الشهيد عدنان خير الله، مدينة صدام الطبية وهي الشعبة التعليمية التابعة لكلية طب جامعة بغداد. حاولت جعل الملاك يشعر بأهميته في العمل التكاملي، باعتماد السياقات الآتية:

  1. عقد إجتماعات يحضر فيها كل الملاك من الطبي، الممرضات، المضمدين الخافرين، الإداريين، والإحصاء. وفي هذا الاجتماع نتـدارس ونتكاشف. وكل يطرح ما يعتقده جديرا” بتحسين وضع الشعبة. وفيه كذلك يبلغ الجميع بما توصي به الإدارة من تبليغات داخلية أو مركزية. ويوثق ذلك الاجتماع.
  2. الالتزام بالدوام والعمل الجدي. حيث تبدأ الدورة الصباحية في الشعبة لتفقد المرضى قبيل الساعة الثامنة والنصف من كل يوم، وتجرى مناقشة كل مريض مع الملاك الطبي والتمريضي والعلاج الطبيعي. وقبيل نهاية الدوام هناك في أيام عديدة تجرى دورة أخرى لتفقد الحالات المهمة والتي تحتاج إلى متابعة أو أحيانا كل المرضى. وهذا يدفع الملاك للالتزام بالدوام والأداء الجيد بأفضل قدر تسمح به ظروفهم هذه الأيام.
  3. إقامة دورات تعليمية للتمريض العصبي للملاك وتـقنية العمليات لملاك العمليات في الشعبة.
  4. الاهتمام المباشر ببعض الامور الشخصية للملاك ؛ مثل الزواج ، المناسبات والوفيات، وتوزيع جزء من عائدات جراحي الشعبة الشهرية من العمليات الخاصة على كل الملاك.
  5. التقارير اليومية: اعتمدنا سياق كتابة التقارير اليومية. يقوم بذلك ثمانية أشخاص؛ مسؤولة الشعبة، مسؤول العناية المركزة، مسؤول العمليات، الصيدلانية، وحدة الفسلجة العصبية، الطبيب الخافر، الممرض الخافر، ومسؤولة المكتب، كل على حدة وحسب طبيعة عمله. ويشمل ذلك المرضى الداخلين، المرضى الخارجين، الوفيات، وعن الأجهزة وعطلها وتصليحها، النقص في التجهيز، أو كماله، العمليات التي أجريت، وكذلك ذكر إكمال حاجة الطوارئ من اللوازم في العمليات، الردهات، العناية المركزة ، والأدوية . ويذكر الطبيب الخافر الاستشارات الطبية والعمليات التي قام بها بعد الدوام. كما يذكر في تقرير المكتب بخصوص الدوام وانتظامه، والإجازات والزيارات المهمة والنشاطات العامة للشعبة.

كان هناك عدم رضا عند البدء بهذا السياق واعتقـد الغالبـية بأن هذه التقارير إنما هي رقابة إضافية عليهم وعلى تحركاتهم ليس إلا. ولكن بمرور الزمن تيقنـوا أن ذلك ليس الهدف بل هو خلق شعور بأن لكل منهم دور مهم في تمشية شؤون الشعبة، والخدمة اللازم تأديتها للمريض بأحسن وجه. والقيام بالواجبات الإدارية والانضباطية بصورة صحيحة. ولم يتلـكأ أحد منهم في إدامة كتابة التقارير حتى هذا اليوم . إطلع المدير العام لدائرة مدينة صدام الطبية وكذلك مدير مستـشفى الشهـيد عدنان خيـر الله وكرموا مسؤولي الوحدات لهذه المبادرة. أما تجهيز القرطاسية اللازمة فأنه لم يشكل صعوبة تذكر. أما الاطلاع على التقارير يوميا ومتابعتها فلا يستغرق أكثر من دقائق قليلة من وقت مدير الشعبة أو من يقوم مقامه.

وقد أدى هذا الالتزام بالعمل المتكامل للفريق بأن غالبية ملاك الشعبة يتوجه بنفس راضية أو على الأقل غير منزعجة حينما يخرج من مسكنه ويتوجه للدوام في الشعبة وكذلك بما أن طبيعة العمل في اختصاص الجراحة العصبية مثـقل بالجهد البدني والنفسي الكبير على الملاك كله في الردهات والعمليات حيث تستمر العمليات لعدة ساعات بعد الدوام الرسمي في أكثر الأيام، نرى أن الملاك يبقى حتى نهاية العمل بدون تململ أو تقاعس يذكر. وترى أن علاقاتهم فيما بينهم وتعاونهم لأداء العمل قد حقق خدمة للجميع وأولهم المريض.

نقل الأعضاء 1999

تعقيب ألقي في بيت الحكمة في بغداد على محاضرات ألقيت في بيت الحكمة    

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

يسعدني ان أحضر بيت الحكمة لأول مرة وأن يختارني البيت كي أكون معقبا لمحاضرين أكارم في موضوع حيوي يعد أحد مواضيع الساعة المهمة. سيكون التعقيب بخصوص موضوعين: أولا؛ نقل الأعضاء، وثانيا موت الدماغ.

قال تعالى:” ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين، ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر،  فتبارك الله أحسن الخالقين، ثم أنكم بعد ذلك لميتون ثم أنكم يوم القيامة تبعثون “.

فتكون الإنسان بأعضائه الكاملة المتكاملة ولكل عضو أهميته، ومع أهمية كل عضو فأن بعض الأعضاء يمكن الاستغناء عنها كليا أو جزئيا. فمثلا يمكن للحياة أن تدوم مع فقدان العينين أو السمع أو طرف واحد أو أكثر من الأطراف الأربعة أو غيرها. ولقد فكر العلماء وبعمق بعد أن تيقنوا من القيام بغرس وتطعيم النباتات حتى في الأجناس المختلفة وبنجاح في زراعة الفواكه والخضراوات. وعندما خطرت فكرة جراحة غرس الأعضاء في الإنسان المريض لم يكن هناك ما يدعو إلى نفي هذه الفكرة من الناحية المنطقية بعد نجاحها في النبات. ولكن الحقيقة الواضحة أنه لم يكن ذلك بنفس درجة النجاح عند النبات.

حاول العلماء والأطباء تعويض ما يفقد الإنسان من أعضائه واقعا أو وظيفيا، كليا أو جزئيا بفعل التطور العلمي الهائل المستمر. فقد تم عزل وصنع الهرمونات تعويضا لفقدان الغدد الصماء والطرف الصناعي والقلب الصناعي والمفصل الصناعي وتوصل العلماء إلى تقنيات معقدة لزرع كاميرا للأعمى وجهاز سمع دقيق لمن فقد السمع وغير ذلك. وبفعل التقدم العلمي تمكن الطبيب أن يغرس أعضاء كاملة أو بعضا منها في جسم إنسان آخر يحتاجها لإدامة حياته أو تحسينها. فقد غرس الكلية والقرنية والقلب والبنكرياس والرئة والكبد والأمعاء حتى أن ذلك بلغ شأوا كبيرا ودخل تعبـير “دكان الأعضاء” على جسم الإنسان المتبرع. ولكن لم يستطع العلم لحد الآن أن يحقق غرس الدماغ أو تعويضه كليا ولا جزئيا إلا بالأحلام.  فغرس رأس الإنسان في الثور الآشوري وفي أبي الهول رأس إنسان على جسم أسد، أو رأس دارون على جسم قرد للتـنكيل به في صورة هزلية.

حلم الإنسان في الماضي أن يحصل على عضو غير ما عنده لحرمانه منه أو لشائبة فيه فهو ينادي القطا:

أسرب القطا هل من يعير جناحه            لعـلي إلى مـن قد هويت أطير

أو يسترحم بقوله:

مـن ذا يعــيرك عيـنه تبـكـي بها     أرأيــت عيــنا للبكـاء تعـار

أو يتألم ويقول:

ولي كبــدٌ مقـروحـةٌ من يعـيرني           بها كبدا ليسـت بذات قـروح

نحن مجتمعون هنا حضور أفاضل ومحاضرون أجلاء لمناقشة موضوع حيوي، وهو ضرورة لإدامة الحياة أو لتحسينها للكثيرين ممن يسعفهم الحظ للاستفادة منه. كما ذكر فإن بدايات الغرس في الإنسان تعود إلى قرنين أو أكثر حيث نجح بارنينو عام 1800 في غرس قطعة جلد حيوان أخذت من منطقة وغرست في منطقة أخرى من جسمه. وفي بداية هذا القرن أقر نقل دم المتبرع إلى المريض، ماعدا جماعة شهود يهوذا حيث تحرم عليهم ذلك تعاليمهم. ولكن ما نعرفه ومما سمعناه من المحاضرين الكرام فإن مبدأ الغرس مقر به ومقبول عرفا وقانونا وطبا.

هل الغرس يفضل من الحي أم من الميت؟

إنه لمما لا جدال فيه أن الغرس من الحي أفضل من المتوفى. لأن العضو المغروس يكون في حالة طبيعية من النشاط والكفاءة ويؤدي وظيفته بعد الغرس بأحسن حال. أما النقل من الميت فهناك حالتان: الأولى، النقل من ميت الدماغ حيث يكون القلب نابضا، والثانية من الميت المتوقف القلب تماما. في الحالة الأولى تكون كفاءة العضو بعد غرسه مثل كفاءة العضو المنقول من الحي، حيث أن الدورة لدموية والنشاط الوظيفي لذلك العضو طبيعية حتى لحظة اقتطاعه من جسم المتبرع. أما التبرع من جسم الميت الذي توقف قلبه فإن نسبة النجاح لا تكون عالية بسبب توقف النشاط الوظيفي في ذلك العضو لفترة.

هل التبرع بالعضو جائز؟ ولقد أجاب عن هذا السادة المحاضرون وكذلك الدكتور منذر الفضل، أستاذ القانون.

إن أعمال التصرف التي تصدر من شخص متعلقة بجسمه محظورة إذا أفضت إلى انتقاص دائم في التكامل الجسدي أو كانت بوجه آخر مخالفة للقانون أو النظام العام أو الآداب الحسنة.

إن التصرف القانوني بالأعضاء المنفردة أو المكررة التي بقي منها عضو واحد باطل شرعا وقانونا حتى برضا المتبرع. وهذا ما تطرق إليه الدكتور مصطفى الزلمي الأستاذ في كلية صدام للحقوق حيث يقول:

1) . إذا لم يكن لهذا العضو نظير يقوم بوظائفه بعد الاستقطاع فإن هذا لا يجوز. وعدم الجواز هذا لسببين:

  • إن حياة الإنسان ليست ملكا خاصا له بل هي ملك مشترك بينه وبين المجتمع.
    • لا مفاضلة بين إنسان وآخر لينقل عضو من شخص لآخر.

2) . إذا كان للعضو نظير في الجسم كالكلية فالحكم بالجواز بالشروط الآتية:

  • أن يتم التنازل عن العضو من قبل صاحبه وهو بالغ عاقل مختار وأهل للتبرع.
  • أن هناك ضرورة بالخوف على حياة المتلقي.
  • أن لا يكون هناك خطر على المتبرع
  • أن يكون تبرعا وليس معاوضة

هل يحق للشخص بيع عضو منه؟

يقول أستاذ الفقه المدني الفرنسي سافاتيه: إن جسد الإنسان ليس محلا للتجارة ولا محلا للبيع بالتجزئة فالقيم الإنسانية تسمو على المال. ولما كان الحب أسمى هذه القيم، فإن الإنسان يمكن أن يتنازل عن جزء من جسمه لشخص آخر بدافع الحب وليس المال.

وجاء في تقرير منظمة الصحة العالمية عام 1986 إن الاتجاه العام للمنظمة هو “حظر بيع العضو البشري؛ لأنه من الأعمال غير الأخلاقية أن يقدم الشخص أحد أعضائه مقابل ثمن نقدي”.

فالمبدأ المقبول من كل الفئات المعنية هو وجوب حظر نقل الأعضاء لقاء المال وتشجع الهبة.

أما تبرع الأهل والأقارب أو غيرهم بأعضاء فقيدهم فيجب أن لا تشجع بحرية مطلقة لأن فيها احتمال سوء النية في تسبيب الوفاة وفي نية هدف التبرع. ولكن يمكن أن تتم تحت ضوابط شديدة وعند الضرورة القصوى.

إن الهدف الأساسي من غرس الأعضاء كما هو واضح خشية الموت لأن الإنسان الذي يحتاج إلى نقل عضو تكون حياته في الغالب مهددة بحرمانه منه. ومن الحقائق البديهية أنه ليس للطب طريق لضمان حياة أزلية. ولكن تركيز التقدم الطبي الهائل في مجال نقل الأعضاء وكل آفاق الطب العلاجية الأخرى هي

لإنقاذ الحياة الذي يتركز بخصوص تأخير موعد الموت أي إطالة العمر بأحسن ما يمكن لليوم الموعود فقط.

الخُلُق العلمي 1999

محاضرة ألقيت على طلبة الدراسات العليا.  

تتضمن المحاضرة محورين: الأول الخلق الطبي في إجراء البحوث الطبية والثاني الخلق الطبي في ميدان الجراحة.

الخلق الطبي في إجراء البحوث الطبية:

البحوث السريرية هي تلك البحوث التي تطبق مباشرة على أشخاص متطوعين لقاء مكاسب مادية أو علاجية أو تطوع لأجل العلم والخدمة الإنسانية.

تشمل البحوث السريرية ثلاثة مجالات:
• بحوث إعطاء الأدوية
• بحوث استخدام مستلزمات وأجهزة
• بحوث وسائل علاجية جديدة
هنالك ثلاثة مبادئ أخلاقية أساسية لدى إجراء البحوث السريرية:
• مبدأ احترام الأشخاص
• مبدأ الفائدة وعدم الاضرار
• مبدأ العدالة
مبدأ احترام الأشخاص:
في البحث عن الأشخاص هناك قيم ومتطلبات يجب ملاحظتها:
o الأفراد أحرار في قبولهم أن يسهموا في البحث
o يجب أن تكون هناك موافقة موثقة بعد توضيح لمشروع البحث
o يجب أن نؤمن بأن الأشخاص ليسوا مصدرا للبيانات البحثية، وإنما هم أفراد لهم حقوقهم واحترامهم
o يجب أن يعاملوا كشركاء في البحث وليس “كأدوات” للبحث
مبدأ الفائدة وعدم الإضرار:
يتضمن هذا المبدأ تحقيق المتطلبات التالية:
o ضمان فوائد تتناسب مع المخاطر
o حماية كرامة الإنسان
o لا يتوقع حدوث ضرر جسدي أو نفسي
o أن يكون الهدف هو تقليل المخاطر، وكسب الفوائد
مبدأ العدالة:
o التوزيع العادل لطبيعة الأشخاص المتطوعين
o لا يكون الاختيار مقتصراً على مجموعة معينة من عرق أو جنس
الموافقة الموثقة:
يجب أن يبدأ بأي مشروع بحثي يساهم فيه متطوعون بالحصول على موافقة موثقة موقعة بصورة أصولية قانونية حسب القانون والعرف من الشخص المتطوع.
يجب أن تشمل توضيحاً وافياً للمتطوع قبل توقيعه على استمارة الموافقة. تشمل تلك الاستمارة البنود الآتية:
• شرح وافٍ لطبيعة المشروع البحثي.
• طبيعة المتطوعين المطلوبين لذلك البحث.
• أسماء الفريق البحثي
• أسلوب إجراء البحث
• ما هي الاختبارات المطلوبة؟
• كم من الوقت يتطلب البحث؟
• ما هو الفرق بين الوسائل التقليدية التي تطبق حالياً وهذا البحث الجديد؟
• ما هي المخاطر والفوائد المحتملة: يجب توضيح تأثيراتها الصحية والنفسية والاقتصادية.
• التأكيد بأن المشاركة طوعية.
• يمكن أن يترك المتطوع انخراطه بالبحث في أي وقت يشاء وبدون أية تبعات عليه.
• التأكيد على حماية سرية البحث.
• ينبغي أن يكون واضحاً بأن إجراءات الموافقة وتوضيحها للمتطوع أكثر أهمية من الحصول على توقيعه.
تجربة منضبطة معشاة (عمياء) (Randomized blinded trial):
• هل يجوز بما يمليه الخلق العلمي استخدام طريقة بديلة للعلاج
• هل يجوز أخلاقياً استخدام الدواء الوهمي
• من غير المقبول أخلاقيا الاستمرار بطريقة العلاج إذا أثبتت أنها أكثر فاعلية أو كانت لها آثار سلبية.
دور الباحث:
• يجب أن يكون الباحث كفوءا وأن يكون تصميم البحث سليماً.
• يجب على الباحث تعزيز تطبيق الخلق العلمي البحثي في الاجتماعات المهنية والمنشورات.
• يجب ألا يكون هناك تعارض بين تطبيق البحث والعلاج الحالي للمريض.
• لا ينبغي أبداً أن تطغى الرغبة في الكسب المادي من إجراء البحث على الأمانة العلمية في البحث.

الخلق الطبي في ميدان الجراحة:

 هناك فرق بين الجراح البشري والجراح البيطري، فبالرغم من أنهما تدربا على علم التشريح، وعلم وظائف الأعضاء، والكيمياء الحيوية، وغيرها من المهارات السريرية والجراحية فإن هناك اختلافاً في ممارستهما الجراحية. فما هو للبشر لا نجده لدى الحيوان. فالإنسان له القدرة أن يخطط لحياته وقراراته على أساس العقل والاختيار بوسائل لا تستطيع الحيوانات القيام بها.

 إن احترام الإنسان لجسم الإنسان المقابل يختلف في موقعه في الحياة. فإذا قام شخص ما بطعن شخص آخر بسكين عن عمد وأراق دمه وسبب له الألم وما يتبع ذلك من تعطيل نشاطه اليومي أو حتى التأثير على حياته فإن ذلك سيعد تهمة جنائية والذي قام بها يكون مجرماً.  بينما قيام الطبيب الجراح بذات الأفعال من استخدام السكين وإراقة الدم وما يتعلق بذلك يقبله المجتمع والقانون حيث إن نية الجراح هي علاج المريض. 

للمريض الحق في أن:

  • يحترمه الجراح  ويوضح له ما يعتزم القيام به.
  • أن يطلع على تفاصيل وثيقة الموافقة على إجراء العملية. 
  • يلتزم الجراح بالحفاظ على سرية حالة المريض.

للمريض الحق الكامل في أن يطلع على الخيارات المتاحة لعلاجه وتقييم نتائج طريقة العلاج التي يقترحها الجراح. وللمريض الحق كذلك في اختيار الجراح وطريقة العلاج. كذلك من حق المريض أن يرفض العلاج حتى إذا كان يعلم بأن حياته ستصبح في خطر.

لا بد من توقيع المريض على وثيقة الموافقة على إجراء العملية الجراحية. من الضروري أن تكون تلك الوثيقة واضحة الجوانب وأن يتم التوقيع عليها قبل إجراء العملية. يجب أن تكون صياغة تلك الموافقة مقبولة قانوناً وعرفاً، وأن يكون للمريض قدر كبير من القناعة بما تم الاتفاق عليه مع الجراح، وأن يقتنع بأن إجراء العملية ضرورة لصحته وحياته، وأن يخبره الجراح بالنتائج المتوقعة بعد إجراء العملية وماهي الاختلاطات المحتملة؟

كذلك فللمريض الحق أن تكون له الدراية الكاملة بشأن المخاطر على صحته وحياته في حال عدم إجراء العملية.

من الضروري أن يقوم الجراح نفسه بإجراءات المداولة مع المريض لغرض الموافقة على إجراء العملية حيث تذيّل الوثيقة بتوقيعي المريض والجراح. ومن المفضل أن يدون الجراح باختصار ما دار بينه وبين المريض. 

يجدر بالذكر أن من واجبات الجراح الحفاظ على أسرار المريض وخصوصيته المتعلقة بصحته. حيث لا يسمح بمناقشة حالته مع الأقارب أو أي من ملاك المستشفى إلا إذا وافق المريض بصورة صريحة. إن القيام بخلاف ذلك يعد انتهاكاً لحرمة المريض ويمكن عدّه حالة جرمية.

حديث بخصوص استخدام الملاّح الدماغي في الجراحة العصبية 1999

عرض قدم في نادي العلوية بدعوة من جمعية الحاسبات العراقية 

يسعدني أن أعبر عن عميق شكري وامتناني للأخ الأكرم الأستاذ أكرم عثمان رئيس جمعية الحاسبات والاخ الأكرم الدكتور جبير الحديثي عميد معهد الحاسبات على تحقيق هذا اللقاء. أقول لقاء وليس محاضرة أو حديث لأنه لا يزيد عن كونه تعبيرا عما جاش ويجيش في كوامني من انبهار وأمل وعرض لما شاهدته في سفرتي الأخيرة إلى ميونخ. كانت سفرة متعبة بدنيا حيث لم نتمتع بالاستجمام البدني ولكن حصلنا على ما هو أغلى من ذلك وهو الاستمتاع العقلي وزيادة الاندفاع لحث أنفسنا والآخرين على زيادة العطاء، العطاء الموجه المثمر.  وأنا على يقين أن الطاقات الخلاقة الموجودة في قطرنا إذا توجهت نحو الخَلق المتواصل والإبداع فإنها تهز الجبال وإن هذا ليس غريبا عليها فقد حققته عبر العصور.

كانت زيارتي إيفادا من وزارة الصحة إلى مقر شركة BRAIN LAB الألمانية في ميونخ.  وهي شركة SOFTWARE متخصصة في البرمجيات الجراحية وبالخصوص الجراحة العصبية. أسس الشركة الشاب ستفان فالتسماير عام 1989 حينما كان طالباً في الدراسات الأولية في جامعة فيينا في النمسا عام 1986 وتركها بعد سنتين قبل تخرجه فيها.

تحدثت مع ستيفان متسائلا عن سر نجاحه في هذا العمر المبكر. فكان جوابه هو التصميم والطموح والخروج عن المألوف. ذكر لي بأنه يتوخى ممن يعمل لديه أن يحمل أربع صفات: الذكاء والطموح والكفاءة والابتسامة المؤثرة.

قلت له إنك CONSRTUCTIVE HUMAN TORNADO الإعصار البشري المعمِّر وليس المدمر وللنكتة أخذ من يعمل معه هذه التسمية مني.

يتلخص عمل الملاح الدماغي بمزج صور الرنين المغناطيسي للمريض بالصور الثلاثية الأبعاد التي تصورها كاميرات مثبتة في قاعة العمليات وموجهة صوب رأس المريض. ولجهاز الملاح الدماغي حينئذ القدرة على توجيه الجراح إلى منطقة الورم الدماغي وكأنه ينظر إليه مباشرة بوساطة الجلد والجمجمة حيث يتوجه نحوه مستنيراً بقدرات ذلك الجهاز الملاح.

وهنا امتزج علم الحاسبات والهندسة والبصريات لتسهيل عمل الجراح في دقة العمل وتقليل خطورة ومخلفات العملية التي يمكن أن تحصل في الوسائل السائدة في الجراحة. إن التزاوج العلمي بين الاختصاصات هو شعار العمل في العصر الحاضر وهو الإسلوب الوحيد في تحقيق الأفضل لكل الاختصاصات التي تصب في خدمة الإنسان الذي هو هدف الجميع.

التعلم بالحاسوب 1999

كلمة ألقيت ي ندوة التعليم  بالحاسوب كلية الطب 

إن إدخال التقنيات الحديثة إلى غرفة الدرس خلقت علاقة جديدة بين المعلم والمتعلم فتحول المعلم إلى مرشد سياحي في بحر من المعلومات. فالمعلومات الآن أسهل وصولا حيث صار المستخدم ينتقي ما يريد إذ يستطيع كل باحث أن ينتج مادته.

تحولت وسائل الايضاح من الكتب الجامدة إلى برامج حية متفاعلة فقد حدثت الطفرة التعليمية:    

من محاضرات صفية إلى استكشاف فرد؛ من  تعلم فردي إلى تعلم جماعي؛ من المعلم الخبير إلى المعلم المرشد؛ من المحتوى الثابت إلى المحتوى المتغير؛ من التجانس إلى التنوع.

يتصف الحاسوب بأنه: معلم صبور، ينمي الطموح، يثير حب الاستطلاع، يستحث التفكير الخلاق  ويسمح لك بأن تتعلم وتخطئ بدون حرج. كان معلم واحد يقف أمام جمهور من التلاميذ والآن الحالة معكوسة الآن تلميذ واحد أمام المئات من المعلمين.

إتصفت سبل التعليم الحديثة باستحداث الكلية الافتراضية، منهج مبرمج، قاعات محاضرات افتراضية، يلتحق المتدرب بصفه في أي وقت ومكان يشاء، تكون درجة المشاركة بين الطلبة والأساتذة عالية جدا، يتعين على المتدرب اجتياز امتحان فيمنح بعدها شهادة تخصص. يكون التعليم في الوقت الحاضر في المراكز المتخصصة وفي أوقات محددة. أما في المستقبل فإن التعلم في البيت وفي الأوقات المناسبة.

يمكن تسجيل المحاضرة أو المقالة على عدة نسخ من القرص المكتنز ثم ترسل إلى المراكز في المحافظات لتعرض على حواسيبهم لغرض الاطلاع أو الامتحان.

اقترحت كذلك ومنذ سنوات الاستفادة من البث التلفزيوني في بث البرامج الطبية المتخصصة لغرض التعليم الطبي المستمر وبعدها إجراء امتحان.

ملاحظة: يمكن أن يعتبر القارئ الكريم أن ما ذكر هنا هو معروف للجميع ولكن يجب التذكير بأن هذا الحديث كان في زمن يجهل حتى الكثير من المثقفين استخدام الحاسبة أو معرفة تفاصيل عن استخدامها وفوائدها.

اتحاد مجالس البحث العلمي العربية 1999

ألقين في مركز إتحاد مجالس البحث العلمي العربية في بغداد

بسم الله الرحمن الرحيم

السيد الأستاذ الدكتور طه النعيمي رئيس اتحاد الأكاديميين العراقيين المحترم

سعادة سفير الأردن المحترم

السيد الأستاذ الدكتور مازن عبد الحميد المحترم

الحضور الكرام، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

يسعدني أن أتحدث في هذا الصرح المبجل صرح كلية الهندسة، جامعة صدام، وأقدم جزيل شكري وامتناني للأخ الأستاذ الدكتور مازن عبد الحميد عميد كلية الهندسة على دعوته الكريمة.

أهمية التزاوج العلمي بين الاختصاصات:

أنا ممن يؤمنون بأن ما أدعوه بالتزاوج العلمي بين الاختصاصات المتعددة علمية كانت أم إنسانية إنما هو ضرورة حتمية لتقدم المجتمع بكل آفاقه. فالمجتمع يحتاج إلى كل العلوم الصرفة والتطبيقية واللغوية والفلسفية والأفكار والفنون وغيرها لديمومته. ولتقدمه. وأنه لا يمكن لأي اختصاص أن يدعي إمكانية تطوره أو حتى استمراريته بدون اختصاصات اخرى.

يجب أن نتذكر دوما بأننا وإن كنا فنيين ذوي اختصاصات علمية هندسية كانت أم طبية أم إدارية أم غيرها فإنما نحن أعضاء متفاعلون مع بعضنا نتكاتف جميعا في سبيل تقدم المجتمع وخدمة الإنسان كل إنسان. لأن الإنسان هو أغلى ما في الوجود.

إن لقاء الطب والهندسة كان وسيبقى أساسيا لتقدم الطب. ولقد كان لقاء غاليليو وسانتويس له الأثر الكبير في تحقيق طفرات مهمة في الطب منها استخدام عد ضربات القلب عن طريق عد النبض، والتحقق من فقدان الإنسان لما يقارب اللتر من وزنه يوميا عن طريق تبخر الماء على شكل عرق من منافذ الجلد، وهناك كوبرنيكوس وعلاقته مع فزاليوس ففي نفس العام الذي وضع كوبرنيكوس نظريته في حالة الكون والمجموعة الشمسية أصدر فزاليوس كتابه الفابريكا عن تشريح جسم الإنسان والذي يعد أحد مفاخر البشرية ومن الكتب القلائل في تاريخ تطور الإنسان. وهناك الطفرة التي حصلت في ابتكار المحرار لقياس درجة حرارة الجسم وكذلك هلمهولتز الذي كان عالم فيزياء قبل أن يدخله والده بالقوة إلى الطب، فهو الذي وضع مع مايرز قانون المادة لا تفنى ولا تستحدث، وهو أستاذ ديتريش هرتز المشهور. وقد استثمر علمه الهندسي فأحدث طفرة أخرى في تاريخ البشرية بابتكاره جهاز ناظور العين الذي هو أساس عمل اختصاصيي الدماغ واختصاصيي العيون وغيرهم. وهو الذي وضع نظرية الإبصار ونظرية السمع، وغير ذلك من الأمثلة على التزاوج العلمي بين الهندسة والطب والاختصاصات الاخرى.

التطور الحديث في الطب لم يصنعه الأطباء بل العلماء من غير الأطباء: 

 وفي العصر الحاضر لدينا أمثلة لا يمكن الإحاطة بها. فهي تشمل كل الاختصاصات وفي كل مجالات تلك الاختصاصات في التشخيص وفي صالة العمليات الجراحية وفي ردهات المرضى وفي التأهيل وفي الأعضاء أو أجزائها البديلة والعلاج بالإشعاع والليزر وجهاز تفتيت الأورام وتفتيت الحصى وعلاج تضيق شرايين القلب والدماغ بمساعدة البالون أو البطانة الصناعية والسونار والرنين والمفراس واستخدام الحاسبة إلى غيرها من الوسائل الأساسية في تقدم الطب إنما هي دليل قاطع على أن الطب لم يتقدم بجهود صناعه فقط وإنما ارتقى وتقدم بالدرجة الأولى بسبب التقدم التقني الذي كان للهندسة الدور الأساسي فيه. وكل هذه الانجازات هي لإدامة الحياة وتحسينها.

النقل عن بعد 1999 TELEPORTATION

تداول الإعلام العلمي موضوع النقل عن بعد الذي يعني إمكانية نقل أجسام حية أو جماد من مكان إلى آخر يحمل نفس المواصفات التي كان يحملها الجسم قبل نقله. حفز المجتمع للنظر بهذه المعلومة عام 1965 لدى متابعة المسلسل التلفزيوني ستار ترك ذي الخيال العلمي بما يحدث في مركبة الفضاء الأميركية أنتربرايس التي تتجول بين الكواكب. ينتقل الأشخاص من المركبة إلى كوكب سماوي حولها  بكامل صفاتهم الجسدية والعقلية ليتجولوا في ذلك الكوكب ثم يعودون إلى المركبة.

إذا تبسطنا في الأسس العلمية لتلك الفكرة نرى أن جهاز الهاتف يرسل الصوت ليس كصوت ولكن كأمواج كهربائية يتلقاها الهاتف في النهاية الاخرى المستلمة فتتحول من موجات كهربائية إلى صوت يسمعه الشخص بكل تفاصيله. وهذا ينطبق على الفاكس حيث تنتقل الصور عبر الأثير. تتطور تلك الحالة في نقل البث التلفزيوني والإنترنت. تتحول في هذين الوسطين وأمثالهما الموجات الصادرة من موقع البث، حيث تتحول المادة المنقولة عبر منظومة “تترجم” تلك الإشارات إلى حالة أخرى ومن ثم تقوم منظومة مماثلة في الجهاز المستلم إلى إعادة ترجمتها عبر نقل “خارطة” المواد الصورية والسينمائية إلى الحال الذي يظهر في التلفزيون أو الكومبيوتر بالضبط كما كانت عليه تلك المواد في الاستوديو مثلاً.

إذا سرحنا بفكرنا إلى مسلسل “ستار ترك” فنحاول إيجاد تسويغ لذلك الخيال العلمي الخارق فنتصور أن هناك منظومة إلكترونية معقدة تحدد موقع الذرات في كل جزء من الجسم ومن ثم ترسل كل هذه المعلومات بواسطة جهاز إلكتروني بكامل تفاصيلها إلى المحل الذي يعاد فيه تشكيل تلك الذرات بما كانت عليه في موقع الإرسال بساعدة ماكنة اخرى مماثلة.

إلى اليسار يشاهد الأشخاص واقفين في غرفة خاصة وتبدأ أجسادهم بالتحول إلى دقائق كما في الصورة على اليمين فينتقلوا إلى جرم سماوي

يتقدم العلم في كل آفاقه بحيث يمكن أن يصبح خيال الأمس حقيقة واقعة. ففي العام 1949 وبينما كانت الحاسبة الأولى في العالم (الايناك) تحوي 18000 إنبوب وتزن 30 طناً، توقع العالم شرودنغر وبتفاؤل حذر في مجلة Popular Mechanics  بأن  كومبوترات المستقبل ستحوي 1000 إنبوب وتزن طن ونصف فقط. ولو بقي شرودنغر على قيد الحياة في سنين الهاتف المحمول لكان استغرابه ليس له حدود!

عمل في مجال النقل عن بعد علماء الفيزياء في  العديد من مراكز العالم البحثية منها MIT في الولايات المتحدة، مراكز في الدانمارك وبريطانيا وإيطاليا وغيرها حيث قاموا بتجارب لاستحداث مثيل لحزمة ضوئية معينة أرسلت إلى مسافة بعيدة عن موقعها. يدعي العلماء بأن هذه هي أول انطلاقة. تركزت التجارب الأولى على الفوتون. قام العلماء بنقل فوتون له صفات فيزيائية معينة من موقع إلى موقع آخر بحيث اكتسب في موقعه الجديد نفس الصفات التي كان يحملها في الموقع الأول.

ALICE على الفوتون الأول الذي يخرج من الطرف الآخر أعطوه اسم BOB.

ملخص لنقل صفات فوتون من مكان إلى آخر إذ يحمل بوب نفس صفات أليس بعد نقلها عبر وسيط ضوئي

.يقول بنت  Charles Bennett وهو باحث متميز في  IBM  إن تلك البحوث كشفت عن وجه غامض من النقل على البعد. ويقول إنه على ثقة تامة انه سيكتشف باحث ما يوماً ما الطريقة التي يحقق فيها النقل عن بعد.

يأمل العلماء أن كومبيوترات الكم  quantum  يمكنها تحقيق ذلك لكفاءتها العالية بوصفها أكفأ بكثير من الكومبيوترات المعروفة في الوقت الحاضر. يعتقد العديد منهم بأن كومبيترات الكم ستكون أساس الحياة اليومية للمجتمع في العقود المقبلة. ويمكن حينئذ استخدامها لارسال معلومات لتكوين نسخة من حاجيات واشياء في الطرف الآخر وليس فقط حزمة ضوئية.

هل يأتي اليوم الذي يمكن أن يفسر العلم قول الله سبحانه في محكم كتابه القويم:

“قال يأيها الملأ أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين* قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك وإني عليه لقوي أمين* قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنْ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي”

ما نشرته مجلة ألفباء حول المحاضرة 1999

العلم في الصغر كالنقش في الحجر 2000

كلمة التحرير إلى مجلة المعلم

أسهمت في مؤتمر اتحاد أطباء الأسنان العرب الذي عقد في بغداد قبل سنتين مع أربعة من الإخوة أطباء الأسنان في ندوة حول موضوع آلام الوجه. وأهم سبب فيها ألم العصب الخامس الدماغي، وهذه ساحة مشتركة بين أطباء الاسنان وجراحي الدماغ . أدلى في الندوة كل من المحاضرين الأربعه بدلوه وفي نهاية حديثي عرضت على شاشة كانت ذات (شفافية خاصة) أثارت اهتمام المؤتمرين. كانت تلك لوحة للفنانة البريطانية باربارا ديفس رسمتها بتنقيط رأس قلم الرصاص المدبب. يظهر في الصورة طفل رضيع قد أغلق عينيه بكل وداعة وسعادة ورضا ودفء وأمان وهو مطبق بجانب من وجهه على ثدي أمه الذي ظهر جزء منه في اللوحة، وذلك بعد رضعة من ثدي امه أشبعته لحد الاسترخاء. والمغزى هنا هو أن التصاق جلد وجه الرضيع بجلد أمه حقق له كل هذه المشاعر عبر العصب الخامس الدماغي الذي يجهز جلد الوجه.

لوحة الفنانة باربارا ديفس

فإذا ما كان الإنسان سعيدا في حقيقته وقانعا بما هو فيه ويثق بالآخرين وكان قادرا على حب الناس من حوله فأن ذلك يعتمد بالأساس على مدى تحفيز وإثارة وإدامة عمل مجسات العصب الخامس وتشعباته في الدماغ،  لأن هذه الأسس التي زرعتها لحظات الالتصاق بين الرضيع وأمه أصبحت منقوشة وثابتة في صندوق الذاكرة المحكم والذي يستمر بتأثيره على مسيرة شخصية الإنسان حتى الكبر. 

وقس على ذلك حالة اخرى مهمة جدا يعرفها كل المعنيين بالجهاز العصبي وعلم النفس وهي أن الإنسان حينما يصاب بمرض يفقد فيه ذاكرته فإن هذا الفقدان يتم على مراحل من السوء. ففي الحالات البسيطة يفقد المصاب ذاكرته الآنية وهي تذكر الأحداث أو الأشياء التي تعلمها في الدقائق المنصرمة مثل رقم هاتف أو اسم شخص سمع بهما لأول مرة وهكذا. أما الحالات المتوسطة ففيها يفقد المصاب ذاكرته للأحداث القريبة مثل ماذا كان إفطاره لذلك اليوم أو أين سهر في الليلة الماضية. وفي كلتا هاتين الحالتين نرى أنه لايزال يتمتع بذاكرته للأحداث البعيدة بكل صفاء. وهو قادر على أن يحدثك بكل موضوعية ودقة عن حياته الماضية: عن الأحداث والأشخاص والمناسبات من دون أي خطأ ظاهر. وهذه يفقدها فقط عندما تكون إصابته شديدة فيفقدها مع تغير شديد في وظائف الجهاز العصبي الأخرى. وهذا دليل آخر على أن المعلومة المخزونة في الدماغ في الصغر تبقى هي الأساس في الكبر.

وفي مجال التعلم يتفق الجميع على أن المعلومة التي يخزنها الدماغ في الصغر هي الأبقى. فالمعلومات والمعرفة التراكمية في أي اختصاص في الحياة تتزايد باستمرار ولكن الأساس يبقى هو عماد المستقبل. الأساس المتين بدون شك أيام التعلم الأولى في الابتدائية والمتوسطة والثانوية والبيت والشارع والسوق. فهنيئا للمعلم الذي تبقى أحاديثه وأفكاره الخيرة في عمق ذاكرة طلابه وعكس ذلك الذي تكون الذكريات المثبتة في ذاكرة طالبه ذكريات لا تروق. وهنيئا للأم التي زرعت الصفات الحميدة فيه حينما كان رضيعا. وأسفا على الرضيع الذي تكون أمه لا ترعى ما ذكر من تأثير على شخصيته.

في حفل توقيع كتاب “هؤلاء في مرايا هؤلاء” 16 تشرين الأول 2000

تأليف الأستاذ  مؤيد عبد القادر

الحضور الأكارم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

نحن ننظر في المرايا الحقيقية فلا نرى إلا أنفسنا، عدا مرآة قطر الندى وبلورة نوستراداموص.  فكيف لبعض الناس أن يرونا ونحن لسنا أمام مرآتهم.  ولكنهم في الواقع وكما جاء في الصحاح إنهم يرونا في مرآة أعينهم.

إنها مرآة الاخوة الصادقة والأبوة الحقيقية والبنوة الكريمة، حيث يكون الكاتب مرآة لمن يكتب عنه، فهو يراه متمثلا أمامه بصورة أصدق مما تظهره المرآة الحقيقية. فالمرآة تغير اليسار باليمين واليمين باليسار، وبعضها تصغر أو تكبر أو حتى تشوه صورة الذي أمامها.

وفي الواقع أنه في عين الوقت مرآة من كتب عمن كتب فيه، فلأنه يمثل بصدق جانبا من حقيقة الذي كتب من خلال مرآته الشخصية.  فشبيه الشيء منجذب إليه بطبيعة الحال، فهو ليس فقط يكتب عن الشخص المعني ولكنه يفصح عن شخصيته هو،  ومن  الزوايا التي  يعتقد إن من يكتب عنه يتميز فيها ويستحق أن يذكرها عنه. فالإنسان ينظر ولكنه يرى فقط ما يعرف أو ما يعلم. وقد تغلب عين الرضى فقد لا يرى الكاتب أو لا يذكر إلا الحسنات فيمن يكتب عنه.  فهو يسامحه في عقله الباطن عما يعتبر غير ذلك.

وهذه المرايا التي سجل صورها أخونا الكريم الأستاذ مؤيد عبد القادر في سفره الذي حاز على إعجاب الجميع في داخل وخارج القطر بفكرته المبتكرة واختياره الموفق لمن يكتب ولمن يكتب عنه ما هو إلا مبعث فخر لنا جميعا

أفراد هذا الجيل الذي يزخر بتميز أفراده في هذه الحقبة من الزمن.

والكل يدعو الباري عز وجل أن يؤيد الأخ الأكرم مؤيد كي يديم زخم عطائه رغم كل الصعوبات لتحقيق طموحه بشمول   الشخصيات البارزة الأخرى التي لم يترجم لها  لحد الآن والتي يستحق بعضها أن يكون في الطليعة.   

 وفق الله الجميع لخدمة المعرفة والتاريخ الصادق، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

افتتاح دورة أسس البحث العلمي للأطباء 2001

الدورة أقيمت في مستشفى الجراحات للأطباء الشباب

شارك في الدورة أساتذة أكفاء من اختصاصات متعددة وهم: الأستاذ الدكتور سامي المظفر (اختصاص الكيمياء الحيوية)، الأستاذ الدكتور عبد المجيد حمزة (اختصاص الإحصاء الحياتي)، الأستاذ الدكتور عبد الستار الدباغ (اختصاص الهندسة)، الأستاذ الدكتور أكرم عثمان (اختصاص المعلوماتية والحاسبات) والأستاذ الدكتور نجدت الصالحي (اختصاص إنسانيات وفلسفة) فضلا عن مشاركتي.

سمعنا من الأساتذة العلماء كثيرا من الإرشادات والآراء والتوجيهات السديدة. والإنسان ليس لتعلمه حدود فقد علمنا نبينا الكريم بأن نطلب العلم من المهد إلى اللحد. وأساس العلم الفقه فيه وهو من باب مناقشته والإيمان به بعد بحث وتمحيص. قصة ديدولص وإيكارص حيث سجن الإمبراطور ديدولص شخصا اسمه إيكارص مع ولده في سجن على جزيرة قرب جزيرة كريت. وكان السجن دهليزيا غير مسقف ولا يمكن لأي سجين أن ينجو منه مطلقا. ولكن بعن مدة طويلة تمكن الوالد وولده من جمع كمية كبيرة من ريش الطيور التي اعتاشوا عليها وصنعوا منها جناحين لكل منهما بعد تثبيت الريش بشمع على أذرعهم. وحينما أزف موعد الخلاص عند لحظة طيرانهما نادى الوالد إيكارص ولده قائلا إسمع مني يا بني ما أقوله لك وتذكره جيدا. سنفترق عن بعضنا عند الطيران ويكون كل منا مسؤولاً عن نفسه. يا بني لا تطر إلى الأعالي جدا لأن وهج الشمس سيذيب شمع جناحيك وتسقط في البحر، ولا تطير بمستوى واطئ فيبتل ريشك برذاذ الماء وتثقل جناحيك ولا تقوى على حملك فتسقط في الماء. وإذا صادفتك الطيور وأنت في الأعالي فحذار أن تنسى بأنك لست طيرا مثلها وتحاول أن تجاريها فإنك جديد عهد بالطيران وهي الخبيرة به طوال سنين، وإذا فعلت ذلك ستندم لعدم قدرتك على محاكاتها طويلا فتهوي في البحر. وهكذا تفارقا على هذا العهد ولكن الولد حينما ارتقى الفضاء وشاهد نفسه في الأعالي وانتشى بما هو فيه نسي ما قاله الوالد فأخذ يصعد وينزل ويحاكي الطيور فل يلبث أن فقد القدرة على مواصلة الطيران فهوى وانتهى في أعماق البحر. 

ليس للعلم حدود فالعلم كله في العالم كله. ونحن نعلم أن الإنسان أهم من في الوجود وأن هناك من يعتقد بأن الكون أنشئ لخدمة الإنسان، “وسخرنا لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا” . وأهم ما في الانسان العقل، حيث قال عز من قائل للعقل بك أثيب وبك أعاقب”، والعقل موطنه الدماغ لأن من يصاب بدماغه إصابة بالغة يفقد عقله جزئيا أو كليا. وأساس الدماغ الخلية العصبية، إذاً فالخلية العصبية هي أهم ما في الوجود. ولو حللنا الخلية العصبية لوجدنا فيها من الفيزياء والكيمياء والهندسة والجمال والشعر والفلسفة ما يعجز الإنسان عن وصفه أو حتى إدراك كثير منه. فهناك الدماغ الثاني والجزيئات السايتوبلازمية، الأسلاك الداخلية والتفاعلات الكيميائية، الحاسبات ولغتها المعقدة وغير ذلك. وعليه إن أردنا أن نفهم وظيفة أهم ما في الوجود يجب أن تتفاعل وتتكامل كل الاختصاصات العلمية والإنسانية. والخلية العصبية لا تعمل بمفردها بل تحتاج إلى الخلايا الأخرى في الجسم كي تنفذ واجباتها، فالجسم يتفاعل مع بعضه لإكمال الفعاليات اللازمة لإدامة الحياة واستثمارها فالكل مهم وكل جزء من الجسم  يحتاج  الأجزاء الأخرى، (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى).

أهمية تدريس المعلوماتية في الجامعات العراقية 2001

ألقيت في مؤتمر المعلوماتية الذي أقامته جامعة بغداد

إن أعظم ثلاثة إنجازات حضارية أثرت على الكتب والمكتبات هي:

  • اختراع الكتابة (الرمزية والتصويرية والأبجدية)
  • اختراع أدوات الكتابة (الطين والبردي والورق)
  • اختراع الطباعة

كانت بداية إنشاء المكتبات في عهد السومريين والبابليين والآشوريين ( مكتبات المعابد، السجلات الحكومية، سجلات الأنساب. ومن بعدهم وادي النيل (المعابد والقصور الخاصة) ومن ثم اليونان والرومان (حكومية ومعابد وخاصة).

الثورة الهائلة في إسلوب التعليم في مجال المعلوماتية كانت باستخدام الحاسوب بوساطة المدرس المتفاعل Intercactive والأقراص الليزرية والإنترنت.  وفي قاعة الدرس خلقت علاقة جديدة بين المدرس والمتعلم.

المعلومات في هذا العصر سهلة المنال، فالمستفيد يمكنه اختيار ما يروق له من المواد. وكذلك انتقل التعليم من المدرس الكلاسيكي النمطي إلى المدرس الخبير ومن العلم الساكن إلى المعلومة الحية المتغيرة والمتطورة. يوصف الحاسوب بأنه معلم صبور لا يضجر ويوصف بأنه عميق في علمه وخزينه.. هل اكتفيت؟  هل من مزيد؟

 في العادة هناك مدرس لمجموعة من التلاميذ في قاعة الدرس أما الآن فالحال معكوسة؛ هنالك طالب واحد أمام المئات من المدرسين. والآن بدأت الثورة الجديدة باستخدام الإنترنت.

الإنترنت:

بدأت الاختبارات العملية عام 1969 في المجالات العسكرية والإدارية والفنية الإعلامية،  وافتتح بصورة رسمية عام 1986.

ماهي المعلوماتية؟ هي البيانات المصنوعة بطريقة هادفة لتكون أساسا لاتخاذ القرار أو هي مجموعة من الحقائق والبيانات التي تخص أي موضوع، الغاية منها تنمية وزيادة معرفة الإنسان أو هي معرفة مكتسبة بمساعدة البحث أو القراءة أو الاتصال أو ما شابه من وسائل اكتساب المعلومات والحصول عليها.

 هنالك بعض التعريفات المهمة:

 البيانات، المعلومات، نظم المعلومات، المعرفة والتوثيق:

البيانات DATA: هي المادة الخام المسجلة كرموز أو أرقام  المعلومات Information: مجموعة البيانات المجهزة وتتضمن تغير الحالة المعرفية للشخص في موضوع ما.

نظم المعلومات Information Systems: هي بيئة تحتوي على عدد من العناصر التي تتفاعل فيما بينها ومع محيطها بهدف جمع البيانات ومعالجتها حاسوبيا وإنتاج وبث المعلومات لمن يحتاجها لصناعة القرارات.

المعرفة  Knowledge: هي حصيلة أو رصيد خبرة ومعلومات ودراسة طويلة يملكها شخص ما في وقت معين.

التوثيق Documentation: تسجيل المعرفة الإنسانية ومصادرامات، وتنظم بطريقة يسهل الوصول إليها وبثها أنواع المعلومات التي منها: التطويرية، الإنجازية، التعليمية، الفكرية والبحثية:

  • التطويرية – قراءة كتاب أو مقال والحصول على مفاهيم وحقائق جديدة تحسن المستوى العلمي والثقافي.
  • الإنجازية – معلومات تساعد على اتخاذ قرار أو انجاز عمل.
  • التعليمية – قراءات الطلبة للمقررات الدراسية
  • الفكرية – الأفكار والنظريات والفرضيات
  • البحثية – التجارب ونتائجها

لنستعرض تجربة بلد مثل المملكة المتحدة في مجال المعلوماتية، دخلت الحاسبات بوصفها من المناهج التعليمية في المملكة المتحدة وتكاملت بين عامي 1981-1986 حينما تبنت الحكومة مشروع التعليم بمساعدة الحاسبة. ففي عام 1988 تكاملت المؤسسة الوطنية للتعليم التقاني National Council for Educational Technology وفي هذا العام (1988) أدخلت المعلوماتية كجزء من المناهج التعليمية في المدارس وأصبح تدريس المعلوماتية إجباريا لكل طالب من عمر 5 – 16 سنة، وكان التركيز على برامج الأقراص الليزرية.  وفي عام 1995 حققت 90% من المدارس المستوى المطلوب من إدخال المعلوماتية وفي عام 1997 أنشئت الشبكة الوطنية للتعليم المدرسي في بريطانيا وبذا ارتبطت كل المدارس والجامعات ومن ثم البيوت والمكتبات.

أصبح الهدف أنه في عام 2002 يجب أن يستكمل ارتباط كافة المؤسسات التعليمية وأن جميع الاتصالات بين المؤسسات التعليمية والمؤسسات الحكومية وفيما بينها يكون عن طريق الاتصال الإلكتروني فقط. أما في الجامعات فإن الإنترنت أضيفت للبرامج التعليمية المحلية لكل جامعة وكذلك للشبكة التعليمية الوطنية للجامعات. تأسست شبكة جانت JANET  وحاليا   SUPER JANET   وفيها شبكة معلومات هائلة تضم المعلومة والفيديو الاعتادي والمتفاعل والبحوث بين كل جامعات بريطانيا. والمراحل التي اعتمدتها المملكة المتحدة في إدخال المعلوماتية في المناهج تلخص بما يأتي: توفير الحاسبة ، تهيئة الملاك، تهيئة المستلزمات التعليمية، ربط المؤسسات بشبكة  وطنية  ثم الارتباط بالإنترنت وعليه فهم  حققوا التعلم بوساطة المعلوماتية وليس فقط إدخال  المعلوماتية في المناهج. وفي الولايات المتحدة كانت التطبيقات أعلى ففي عام 1993 أصدرت الحكومة قانون عدّ المعلوماتية أساساً لتطور الأمة وكذا الحال في كل الدول المتقدمة أما في المستقبل فالحال في تغير مستمر وستكون الأسس الثلاث للاتصال: الإعلام والكتب والهاتف، كلها رقمية وفي شبكة واحدة.

ماهي المكتبة الإلكترونية؟ هي المكتبة التي تتعامل مع الكتب والوثائق المتاحة بشكلها الإلكتروني وكذلك إمكانية الوصول إلى الوثائق والكتب المخزونة بالوسائل التقليدية، وترتبط بالشبكات العلمية للمعلومات. 

 من صفاتها:

o توفر للباحث كمَّاً هائلا من المعلومات.
o يسهل السيطرة عليها من حيث التخزين والحفظ وتحديث البيانات.
o سهولة خدمة الباحث من حيث الاقتباس واللصق والإحصاء.
o يخترق الباحث الحدود الجغرافية والزمن بتوفير الوقت الذي كان ينقضي في البريد.
o القدرة على المشاركة مع باحثين آخرين في أماكن متعددة في العالم عن طريق الدردشة أو اللقاءات الفديوية
o الفرصة الواسعة لنشر البحوث بسرعة في الوقت الذي تأخذ البحوث أشهرا أو سنين لقبول النشر.

من المعلوم أن سهولة الحصول على المعلومات من مصادرها المتعددة في العالم جعلت المعلوماتية سهلة المنال من داخل البيت، في العمل، والمؤسسات التعليمية وهذا يجعل عملية التعلم تساير الإنسان في كل مراحل حياته أي من المهد إلى اللحد.

ماهي صعوبات استخدام المكتبة الإلكترونية؟

• عدم الرغبة من الباحثين التقليديين باستخدام تقنية حديثة.
• عدم قدرة الباحث على استخدام الحاسوب بكفاءة.
• تعثر المكتبات الإلكترونية المبتدئة بتقديم كل الخدمات المرجوة منها.
• كثير من الوثائق الإلكترونية متوفرة بلغات أجنبية لا سيما الإنكليزية مما يقتصر استخدامها على المتحدثين بها.
• مواجهة الباحث كما هائلا من المعلومات بشأن موضوع بحثه ما يجعله تائها بينها.
• عدم توفر النص الكامل للبحث في أغلب الاحيان حيث يطلب الاشتراك أو رقم الحساب.
• قد يتعرض الباحث للقرصنة من جهات تتصيد بحثه أو تعرقله بإرسال فيروس لجهازه.

ما هو المطلوب من المناهج المعلوماتية الدراسية ؟

• توعية الطالب والباحث على أهمية استخدام تقانة المعلوماتية.
• توفير فرصة للتدريب على استخدام الحاسوب والبرمجيات وشبكات المعلومات.
• توفير الأجهزة والبرمجيات والمعدات وبأسعار زهيدة.

إن تزويد الطلبة بالمهارات اللازمة للحصول على المعلومات أصبح من الضروريات، وأصبح تدريس علم المكتبات والمعلومات وأسس البحث العلمي من السياقات المنهجية الأساسية لهذا العصر.

افتتاح مركز جراحة محجر العين 2001

بحضور وزير الصحة وممثل رئاسة الجمهورية

بسم الله الرحمن الرحيم

“وقل اعملوا فسيرى اللهُ عملكم ورسوله والمؤمنون” 

صدق الله العظيم

السيد وزير الصحة الأستاذ الدكتور أوميد مدحت مبارك المحترم..

الحضور الأكارم..

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

تعتبر جراحة محجر العين من الجراحات التخصصية الدقيقة التي تشترك فيها كل الاختصاصات التي تحيط بمحجر العين كالجراحة العصبية وجراحة العين وجراحة الأذن والأنف والحنجرة وجراحة الوجه والفكين والجراحة التقويمية وغيرها. وتمتد الاختصاصات لتشمل طب الغدد الصم (الغدة الدرقية) طب الأورام الجلد وغيرها. فهي بحق إحدى حقول التلاقي والتعشيق بين الاختصاصات الطبية لتحسين الأداء في المستوى الطبي وخدمة المرضى.

وفي دول العالم توجد مراكز قليلة متخصصة لهذه الجراحة فقط. أما في وطننا العربي فلا توجد مراكز متخصصة في هذا المجال. ولكن هناك العديد من الاختصاصيين ممن لهم الخبرة الهائلة في هذا الاختصاص يمارسونه على مستوى فردي وليس مركزي.

بدأت خدمة مرضى محجر العين في العراق منذ الخمسينيات وعلى يد الأستاذ الفاضل الدكتور حسين طالب الذي كان مثلا أعلى في الجرأة الجراحية في حقول عديدة منها جراحة محجر العين. فقدم خدمة جليلة في هذا الحقل ونشر بحوثاً قيمة فيه. كذلك عمل الدكتور قحطان الربيعي اختصاص العيون لبعض المدة.

امتداداً لمبادرة الأستاذ حسين القيمة وبرعايته بدأت أقدم خدماتي في هذا الحقل. وقد تولدت عندي تلك الرغبة بسبب خبرتي المتواضعة في طب وجراحة العيون التي امتدت إلى سنتين ونصف في مستشفى الرمد في بغداد والحلة ومانجستر ودندي في بريطانيا. وساعد في ذلك دعم زملائي السابقين في طب العيون، وابتدأت خدمة مرضى محجر العين في مدينة صدام الطبية في السبعينيات والثمانينيات ولكن بصورة مختصرة حيث كانت على شكل لقاء علمي تخصصي كل يوم احد. وفي 13/12/1989 افتتحت عيادة محجر العين في مستشفى ابن الهيثم حيث كان المستشفى حديث العهد والنشاط متميز فيه. استمرت العيادة في نشاطها حتى العام 1994 حينما نقلت إلى مستشفى الشهيد عدنان خير الله. وفي مستشفى ابن الهيثم لم تكن للعيادة أن تستمر لولا دعم الإخوة الاختصاصيين هناك وأخص بالذكر الأخ الكريم الدكتور حسام جودت سهر اختصاصي الأشعة آنذاك، فقد كان عوناً متميزاً. وللدكتور الاستشاري قحطان الربيعي والدكتور الاستشاري نجيب هنودي والدكتور الاستشاري محمد جواد الحلي الفضل في إدامة الزخم. كانت تعقد عيادة استشارية كل يوم أحد وندوة شهرية في آخر خميس من كل شهر في قاعة المحاضرات في مستشفى ابن الهيثم. بلغ عدد الندوات الشهرية بحدود الأربعين ندوة، حضرها العديد من اختصاصيي العيون والأنف والأذن والحنجرة وجراحة الوجه والفكين والجراحة التقويمية والجراحة العامة والطب الباطني وغير ذلك من الاختصاصات.

وفي 8/3/1994 نقلت إلى مستشفى الشهيد عدنان واستمرت العيادة في كل يوم أحد تقدم الخدمة لمرضى المحجر من أغلب أنحاء العراق.

وكان للإخوة الأجلاء اللواء الطبيب نبيل المختار، الاستشاري الدكتور أياد محمد اسماعيل، والدكتور الاستشاري مازن العزاوي والأستاذ الدكتور زكريا يحيى، الاستشاري الدكتور مزهر الدوري، الدور الكبير في تمثيل روح الفريق وفي إدامة الزخم. ولقد أشاد بعيادة محجر العين التخصصية كل من زارها من الإخوة اختصاصيي العيون والجراحة العصبية في الأردن ومصر وتونس والجزائر وكذلك من أقطار أوربية وآسيوية.

ندوة علمية 2001

في كلية الهندسة جامعة صدام

شارك فيها الدكتور مهدي العبيدي وآخرون

  • الساعة البيولوجية
  • الحوامض الأمينية
  • الزمان منذ بدء الخليقة
  • الماء

بدأت دراسة علاقة السماء بالكائنات الحيوانية والنباتية منذ كان الإنسان. فنراها في وادي الرافدين قبل 10000 سنة تقريبا وبعدها في حضارة المايا والصين.  وبدأت منها العلاقة بين الإنسان والسماء وظهور المفهوم الديني. وفي العصر الحاضر تبرعمت المعرفة وأغنتنا بفهم أكبر لما يحدث في هذا المجال. فقد منحتنا الفيزياء معرفة ما يجري في النظام الكوني، وأعطتنا الكيمياء معرفة المادة وسلوك الطاقة فيها وسريانها، وأعطانا علم الحياة القدرة على معرفة طبيعة الحياة وطرقها. وعلم الحياة العصبي يختص بالتشريح العصبي والفسلجة العصبية بكل المراكز الدماغية ومسارات الأعصاب فيها.

لماذا تغرد الطيور في النهار؟ ولماذا تنقنق الضفادع في الليل؟ لماذا تحدث غالبية إصابات القلب عند الفجر؟ لماذا تحدث أكثر نوبات الربو بعد مغيب الشمس؟ ولماذا نتصور أن ليالي الشتاء المظلمة تقبض النفس بينما نشعر بأن النهار الطويل في الصيف يبعث الغبطة والسعادة في النفس؟

إن الجواب عن هذه الاسئلة يكمن في الساعة البيولوجية في الدماغ. وهي المسؤولة عن النشاطات الدماغية التي تغطي ال24 ساعة اليومية وهي النوم والاستيقاظ، حرارة الجسم، تنظيم الهورمونات والناقلات العصبية، والمشاعر النفسية وغيرها.

 تقع الساعة البيولوجية في جسم الإنسان تحت المهاد والجسم الصنوبري والنخامي. يتحكم في ذلك الحامض الأميني ( د ن أ) على مستوى الخلية. ويظهر أن هناك نظامين معنيين بذلك. الأول الذي يسيطر على دورة الخلية في التكاثر والآخر على نظام الخلية الداخلي. وقد وجدت تسعة أنواع من الجينات (المورثات) التي تنظم السياق اليومي للخلية. وتسيطر على التوقيتات في جسمنا وكذلك تعمل على تزامن وظائف الخلية مع دورة النهار والليل أو دورة الضياء والظلام في المحيط الخارجي للجسم وتنظم النشاطات الانفعالية للإنسان والانفعالات غير الإرادية، والهرمونية والمناعة.

إن دراسة نشاط الساعة البيولوجية يمكن أن يساعد الطب في فهم أفضل لفسلجة جسم الإنسان في تطبيقات واسعة تشمل التغيرات العمرية، تغيرات الاستجابة للعقار، اضطراب النوم، الكآبة، تغيرات العواطف الفصلي، الإدمان على المخدرات، السفر عبر مناطق بعيدة، وتغيير أوقات وجبات العمل اليومية. وهناك بعض الفعاليات المهمة التي تسيطر عليها الساعة البيولوجية كذلك. فتنفس الإنسان غالبا ما يعتمد على منخر واحد وهذا المنخر يتغير بعد ساعات قليلة، أو انك حينما تنام على جنبك الأيسر ولا تكتشف أن المنخر الأيمن قد استخدم في التنفس وبعكس ذلك إذا ما كانت النومة على الجانب الأيمن. وقد أرسى الباحث أكلس نظريته بوجود الساعة المتخصصة بهذا التنظيم تحت الإبطين. 

حقق العلماء بعض التقدم في هذا المجال. فمثلا عندما يسافر المرء بالطائرة لعدة ساعات باتجاه الشرق سيزداد الوقت عنده بساعات عديدة، واذا ما سافر باتجاه الغرب سيفقد ساعات عديدة في توقيته. ووجد أن الإنسان بزيادة الوقت يحتاج إلى مادة السايكليك أ م ب في إعادة برمجة ساعته البيولوجية وهذه المادة هي أساس تكوين الطاقة في جسم الإنسان. ولكن نقص الوقت الحاصل عند السفر باتجاه الغرب لا يحتاج إلى هذه المادة ولكنه يحتاج إلى سبيل آخر وهو تحرير الكالسيوم من الخلية العصبية.

أما على مستوى الكروموسومات فإن التلومير وهو تركيب معقد من ال (دي أن أ)  يقع في نهاية الكروموسوم وهو الذي يحافظ على ثبات الكروموسوم ويعمل على الحفاظ على حياة الكائنات من ضمنها الإنسان وهي الأساس في تركيبة الساعة البيولوجية.إان ميكانيكية الساعة البيولوجية ليست حالة داخلية تخص جسم الكائن ولكنها حالة ديناميكية ذات تواتر إيقاعي متباين تتبع التغيرات التي تحدث في الكون، مع المجال الإلكترومغناطيسي بين الكواكب والنبضات التوافقية في المجال المغناطيسي للأرض. لذا فإن المعتقد الآن هو أن التغيرات الكونية المتواصلة يمكن أن تؤثر تأثيرا مباشرا على نشاط الإنسان وصحته.

الماء:

وهو أساس الحياة على الأرض ” وجعلنا من الماء كل شيء حي”.

قبل 10-20 بليون سنة كانت درجة حرارة الكون تزيد على 20 بليون درجة مئوية حينما حصل الدوي الأعظم. بعد ذلك حصل تمدد هائل في الكون وقلت درجة حرارته وانتهى السحاب الكوني المتكون بخلق بلايين المجرات وبلايين النجوم والكواكب في داخلها. تكونت أساسيات الذرة وهي البروتونات، النيوترونات والإلكترونات. وتكونت حينئذ ذرة الهيدروجين وبعدها ذرة الهيليوم. تتكون ذرة الهيدروجين من بروتون واحد يدور حوله إلكترون واحد. أما الهيليوم فيتكون من 2 بروتون و2 إلكترون. وكانت كمية الهيدروجين ثلاث مرات أكثر من الهليوم. وتطور ذلك لتكوين الليثيوم (3 بروتون و3 الكترون). ولكن بدرجة قليلة جدا، حيث أن لكل 10 بليون ذرة هيدروجين تكونت ذرة واحدة من الليثيوم. وبعد تحول الهيدروجين إلى هليوم يبدأ الهليوم بتكوين العناصر الأخرى وأولها الأوكسجين،  ثم تكونت العناصر الثقيلة إلى مستوى ذرة الحديد. وعليه عندما يتواجد الهيدروجين والأوكسجين في الكون يتكون الماء ولكن الظرف الوحيد الذي يكون فيه سائلا هو الظرف الجوي للكرة الأرضية. 

صفاته:

  • تشاهد الثلاث حالات في نفس الوقت؛ في قدح واحد عندك قطعة ثلج في ماء سائل وحول القدح بخار مكثف.
  • الماء يكبر عند التجمد
  • يخف عند التجمد فيطفو
  • يكهرب كل المواد التي تذوب فيه ويحولها الى أيونات
  • يسير ضد الجاذبية من خلال خاصيته الشعرية
  • يعطي الطعم لكل شيء يذوب فيه
  • في قطرة ماء ترى عوالم من الكائنات الحية تتصارع وتتكاتف
  • الماء صانع الطقس
  • يقاوم الضغط عليه مقاومة كبيرة بنيت على ذلك القوة الهيدروليكية لتكوين الطاقة
  • أحد صفات الجمال
  • ماء المحيطات كالغلاية التي تبخره في المطبخ
  • الغيوم خزانات ماء معلقة في الجو

الماء الحار يجمد قبل الماء البارد، فمثلا إذا وضعت إناء ماء درجة حرارته 90 مئوي وإناء درجة حرارته 50 مئوي فإن انجماد الاول يكون اسرع من الثاني.  للوهلة الأولى يعتقد المرء إن هذا خطأ، لأن الماء الحار لكي يجمد بجب أن تنخفض درجة حرارته إلى مستوى الماء الآخر وهو في طريقه إلى الانجماد كما ينتج عنه أن الماء الحار يأخذ وقتا أطول وليس أقل من الماء البارد لكي يجمد.

إن ما يميز الماء هو ارتباط الهيدروجين hydrogen bond  فهذا هو الذي يجعل الماء يطفو على السطح. وفيما لو لم يحدث ذلك أي كان الانجماد من أسفل الماء لحدث تدمير في البيئة حيث أن الماء حينئذ يمتص خمس مرات أكثر مما تمتصه التربة من الحرارة من حوله. إن تبخر الماء يساعد في تنظيم الحرارة في جسم الإنسان. الذي يدفع الماء إلى السطح هو خاصية الماء الشعرية، حيث يلتصق الماء ببعضه بسبب الرابطة الهيدروجينية. للماء القابلية العجيبة لتقليد تركيبة الحبيبات crystals مثل الزجاج أو المحاليل الغروية. والماء يعمل على نقل الطاقة وعلى التفاعلات الكيميائية والشد السطحي. ونشاط الإنزيمات يعتمد اعتمادا مباشرا على الماء وبذا تتسارع التفاعلات الكيميائية الإنزيمية. إن تركيبة الحامض النووي المزدوجة والبروتينات بصورة عامة تعتمد بصورة مباشرة على الرابطة الهيدروجينية.

تعلمنا ان الماء هو  H2O ولكن في الحقيقة هنالك 33 نوعا من الماء، وإن الكيميائي يعرف بأن التركيبة الكيميائية الحقيقية ليست H2O، ولكنها H4O . إن حبيبة الماء تحوي أربعة سطوح  tetrahedron مثلثة، بحيث يكون الأوكسجين في المركز وفي كل زاوية تستقر ذرة هيدروجين.

مركب الماء

 تعود اثنتان منها فقط لتلك الجزيئة والاثنتان الأخريتان إلى ذرة أوكسجين مجاورة بحيث يتكون ما يشبه تلافيف نبات الخس. أما جزيئة الثلج فهي سداسية hexagonal . إن الشكل الرباعي للماء هو التركيب الأساسي لغالبية التراكيب العضوية للكائن الحي بضمنها الحامض الأميني والبروتين وغيرها. هذا الشكل الرباعي لحبيبة الماء يشغل حيزا متماثلا مع الحبيبة الرباعية للجزيئات العضوية في الجسم. وبذا يمكنها أن تتداخل مع المركب العضوي بطريقة تشبه انزلاق  كف اليد داخل القفاز. ولكن عند ارتفاع درجة حرارة الماء إلى أكثر من 40 مئوي يفقد الماء الشكل الرباعي هذا وبعد هذه الدرجة تتعطل الأفعال الحيوية في الجسم.

أتحـسب أنـك جـرم صـغير         وفيـك انطوى العالم الأكبر
وتبارك الله أحسن الخالقين،         صدق الله العظيـم والسلام

الطبيب الأفضل: 2001

ألقيت في يوم العلم مؤتمر وزارة التعليم العالي والبحث العلمي

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

يسعدني أن أتحدث في هذا اليوم المشهود، يوم العِلْم

سيتناول حديثي: بعد المقدمة،   الإنسان وأهميته في الكون؟، ما هي خصوصية  الطبيب ؟  ما هو الخُلُق الطبي؟،  قَسَم أبقراط، ماذا قيل في جنيف؟، ماذا تقول منظمة الصحة العالمية؟، من هو الطبيب الأفضل؟ ما هي وجهة نظري في ذلك؟  رسالة إلى الأساتذة، ومن ثم رسالة إلى الطلبة.

في المقدمة أقول:

 إن مبدأ أن أصبح طبيبا لكي أتمكن من مساعدة المرضى على الشفاء وأخدم الإنسانية، يبدو حقيقة مألوفة لنا جميعا وهذه الكلمات والمشاعر المخلصة تمثل الهدف النبيل للطب والذي جذبنا إليه ودعانا للدخول في ميدانه.

لكن على الرغم من تلك الحقيقة وفي الغالب وحينما تمر الأعوام ، تفقد هذه الكلمات بعضا من معانيها عند تزايد الضغط النفسي في سنوات الكلية والإقامة في المستشفيات، وتبدأ  في التأثير على نفس الطبيب الشاب الذي يتوخى المثالية في داخله. 

ما هو الإنسان وأهميته في الكون؟

إن الإنسان أهم ما في الوجود ويؤيد كثير من علماء الفيزياء الكونية إن الكون أنشئ بهدف بدء الحياة. وفي هذا قال  سبحانه وتعالى:

” وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون”. صدق الله العظيم

نحن نعلم أن الإنسان روح وبدن. والعلم الذي يتعامل مع الروح بآلامها وفرحها وطهارتها ويرجو سعادتها، ويضع لها المسار الصحيح الذي يحقق تلكم  السعادة ،هو علم الأديان. أما العلم الذي يبحث في جسد الإنسان ويسعى للحفاظ على سلامته، فهو علم الأبدان. فالعلم علمان علم الأديان وعلم الأبدان. وان كل العلوم تصب في علم الأبدان لأن هدف العلوم هو الإنسان.

قال الطبيب الشاعر خليل بن علي الرازي:

تحلّ بالطب ففيه للجسـد       والروح منجاة إذا ما السقْم جدْ
فنسبة الطب إلى العـلوم         كنـسبـــة البـدر إلى الـــنجـوم
فلا تقِسْ به العلوم الباقيه        وما الذي تقـيـسه بالـعـافـــيـه

ما هي خصوصية الطبيب؟

فكما أن للطب هذه الخصوصية فللطبيب كذلك خصوصية يتفرد بها. فهو الوحيد في هذا العالم الذي يحارب مصدر رزقه، وهو المرض. وهو الذي لا يفرق في تقديم خدماته الكاملة لمن يحب من الناس ولمن لا يحب حتى عدوه في ساحة المعركة مثلا،  وكذلك لمن لا تربطه به أية صلة. وتكون خدماته لهم جميعا على نفس المستوى من الكفاءة والأداء. وتكون هذه الخدمة متماشية  مع قيم متفق عليها على مدى العصور.

في المبدأ ليس هناك أي اختلاف بين العصور في تفسيرها للخير والشر وبما أن صفات الطبيب المعاصر والطبيب في الأزمان الغابرة هي صفات خير فهم يلتقون في الصفات المطلوبة من الطبيب في كل العصور.

ما هو الخلق الطبي؟

في مسلة حمورابي كانت هناك إشارة للسلوك الطبي المهني، فقد  نصت  المسلة على فرض عقوبات على من  لا يلتزم بسلوك مهنة  الطب.

 ولكن التوصيف الحقيقي للخلق الطبي كان قد سطرها أبقراط في قسمه المشهور بقسم أبقراط.

قسم أبقراط (في القرن الخامس قبل الميلاد)

“أقسم بأبولو الطبيب وباسقلبيوس وأقسم بالأولياء من الرجال والنساء جميعا واعتمادا على قدرتي وتقديري سأحافظ على هذا القسم وهذا الشرط. أعز الذي علمني هذه الصنعة كمعزتي لوالدي. وأتقاسم معه ما أملك وأقضي حاجاته إن احتاج إلى ذلك، وأنظر إلى أولاده كما أنظر إلى إخوتي وأن أعلمهم هذه الصنعة إذا رغبوا في ذلك وبدون مقابل ولا شرط.  وأعلم أولادي وأولاد معلمي والتلاميذ الذين كتب عليهم الشرط وحلفوا بالناموس الطبي وليس لغيرهم.

وأقصد في جميع التدابير بقدر طاقتي منفعة المرضى.  وأما الأشياء التي تضر بهم وتدني من أجلهم بالجور عليهم فأمنعها بحسب قدرتي.  ولا أعطي إذا طلب مني دواءً قتالاً ولا أشير بهذه المشورة. وكذلك لا أعطي امرأة حامل أي عقار يسبب الإسقاط.

 وأحفظ نفسي في تدبيري وصناعتي على الذكاء والطهارة ولا أجرح  مريضا يشكو من الحصى ولكن أترك ذلك إلى من كانت هذه حرفته.

وكل المنازل التي أدخلها إنما أدخل إليها لمنفعة المرضى وأن أبتعد عن كل جور وظلم وفساد متعمد:  وكذلك أبتعد عن الاعتداء الأخلاقي على النساء والرجال من الأحرار والعبيد. وأما الأشياء التي أراها وأسمعها أثناء علاج المرضى أو في غير أوقات علاجهم والتي يجب أن لا ينطق بها خارجا فأمسك عنها وأحافظ عليها.   فمن أكمل هذا اليمين ولم يفسد منه شيئا كان له أن يكمل تدبيره وصناعته على أفضل الأحوال وأن يحمده جميع الناس فيما يأتي من الزمان دوما. وإذا عملت ضد ذلك استحق ما هو عكس ذلك”

تبقى الأخلاق والقيم السامية وناموس المهنة هي الصفات الأساسية في تكوين الطبيب. وهذه ليست غريبة على الطب العربي بل هي محور اختيار الطبيب طيلة القرون التي كان فيها الطب العربي الرائد في العالم. وقد ذكرها الأحوازي في كامل الصناعة وابن سينا في القانون وإسحق بن علي الزهاوي في كتاب آداب الطبيب وأوردها الأستاذ الدكتور حسين علي محفوظ في كتابه أوصاف الطبيب في التراث وغيرهم.

ماذا قيل في جنيف؟

صدر بيان جنيف عام 1948 وعدل عام 1983 من قبل الاتحاد الطبي العالمي World Medical Association)

  1. أتعهد بمقدساتي أن أنذر حياتي لخدمة الإنسانية
  2. أن أقدم لأساتذتي الاحترام والعرفان بالجميل ذلك الذي يستحقونه
  3. أن أمارس مهنتي بضمير نقي وبكرامة
  4. أن تكون صحة مريضي هي هدفي الأساسي
  5. أن أحترم الأسرار التي أسرني بها مريضي حتى بعد وفاته
  6. أن أحافظ وبكل الوسائل المتاحة لي على شرف المهنة وقيمها النبيلة
  7. أن أعامل زملائي وكأنهم أخوة لي
  8. لن أدع أية اعتبارات دينية، أو جغرافية، أو عرقية، أو سياسية، أو اجتماعية أن تعترض علاقتي مع مريضي
  9. سوف أحافظ على أقصى درجات الاحترام للنفس البشرية بالرغم من كل الضغوط منذ بدايتها حتى نهايتها ولن أستخدم كفاءتي الطبية خلافا للقيم الإنسانية
  10. أني وبكامل حريتي وبشرفي أقدس هذه الوعود

ماذا تقول منظمة الصحة العالمية:

أجرت المنظمة تطويرا على النظم الصحية كي تتماشى مع التطورات الاجتماعية العصرية. وعليه فأن الطبيب المعاصر يجب أن يتصف بصفات تتماشى هي الأخرى مع هذه التطورات. وإن الطبيب الذي تدعوه المنظمة بالطبيب ذي الخمس نجوم هو الذي  يرجى منه أن يتصف بما يأتي:

• أن يكون مانحا جيدا للرعاية
• صاحب قرار
• يحسن التعامل مع الآخرين
• يتصف بالقيادة في مجتمعه
• ذو قدرة إدارية

من هو الطبيب الأفضل:

     إن ممارسة مهنة الطب تعني أكثر من المعرفة الطبية السريرية لأن الممارسة تدخل فيها أشياء أخرى غير المعرفة الطبية السريرية منها الأصول الطبية والعرف والقوانين. كي تكون طبيبا يعني أن عليك واجبا أشمل بكثير من وصف الحبوب وعلاج الجروح وعلاج النفس. أن تكون طبيبا هو أن تكون وسيطا بين الخالق والإنسان.

يقول فؤاد غصن في كتابه آداب الطب وحياة الطبيب إن الصفات اللازمة لنجاح للطبيب:

• الصفات الجسمية: الهيئة الحسنة، النظافة، وحسن الهندام،
• الصفات العقلية: صحة الحكم، الفطنة، والقاعدة الثقافية
• الصفات الأدبية: حسن العلاقة، الصبر، الكتمان

يقال إنك ستكون طبيبا أفضل إذا أصبحت مريضا يوما ما، وهذا بطبيعة الحال شيء لابد منه إذا عشنا طويلا. إن معاناة المريض الطبيب تفتح عينيه وعقله على معطيات جديدة تثبت في فكره إلى الأبد.

ولكن في الحقيقة يمكنك أن تكون طبيبا جيدا حتى بدون تعرضك للمرض. حيث يمكنك أن تتخيل معاناة المريض وتتفاعل معها بصدق. وعند التفكير في معاناته يمكننا تقدير شعور المريض والاهتمام بشكواه وآلامه أو آلام أهله. وهاك جورج صيدح يعبر عن مشاعره حينما كان خارج غرفة العمليات ينتظر إكمال إجراء عملية ابنته الصغيرة.

رفقا بـها يا مـبضــع   الجـراح            شرحـت قلــب الوالد الملتاح
والله لو أطلقت روحي لارتمت           تحت النصال تصدها بجراحي
ربـاه سـدد كـفه وسـلاحه إني            طــرحت عـلى يـديه سـلاحي

يجب أن تكون شجاعا وجبانا. شجاعا في موضع القرار والإجراء الضروري  وجبانا حين ترى أنه من الأفضل عدم التدخل أو عدم الاستمرار.

فوضع الندى في موضع السيف في الوغى             مُضِرٌّ، كوضع السيف في موضع الندى

والبشاشة اليوم هي من سمات عصرنا. فقد سئل المدير العجوز لإحدى المؤسسات المالية الكبرى الذي تقاعد قبل عدة أشهر عما يروم من الصفات فيمن سيخلفه؟ فقال أريده شابا كفوءا بشوشا. ففي هذا الصرح الجدي الذي لا يرحم، وهو الصرح المالي، تكون البشاشة ضرورة حتى لمدير مؤسسة مالية كهذه . فكيف للتفاعل مع النفس البشرية. فلتكن لذة الطبيب ومتعته متمثلة بالابتسامة والسعادة المرسومة على وجه مريضه عند شفائه أو تخفيف معاناته. وليتذكر الآية الشريفة “ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا” فهنيئا له.

أما وجهة نظري؟

مما ورد أعلاه أبين وجهة نظري الشخصية في الطبيب الأفضل. التي تشمل ما ذكر في أعلاه فضلا عن صفات أخرى.

  1. التحلي بالقيم السامية والخلق القويم: فلقد ذكرت كتب الأولين من الأطباء اليونانيين والعرب والمحدثين كثيرا عن هذا الجانب. وفي هذه الحقبة من الزمان تبنت المؤسسات الطبية في العالم الغربي المتقدم وضع توصيف طبيب القرن الحادي والعشرين. ومن أولى مقومات هذا التوصيف الأساسية التي أكدها الخبراء هو التحلي بالمبادئ الخُلُقية السامية النبيلة. فبالرغم من كل التقدم التكنولوجي في الطب تبقى الأخلاق والقيم السامية وناموس المهنة هي الصفات الأساسية في تكوين الطبيب. وقدسية العلاقة بين الطبيب والمريض.
  2. أقصى التميز في عمله: يتطلب منه المنطق أن يكون جيدا ومتميزا في صلب مهنته واختصاصه. وأن يتابع كل التطورات والمستجدات فيها، وأن يبقى دوما طالبا للعلم مستزيدا منه. وأن يؤمن ويعمل عن طريق مبدأ التعليم المستمر أساسا للتطور العلمي وحتى للحياة اليومية. أن تكون للطبيب القدرة على إيصال خبرته ومعلوماته إلى طلابه وزملائه الراغبين فيها باللقاء أو بالتوثيق. والتوثيق من أهم مقومات الحضارة والتقدم وبناء الاستراتيجيات. والتوثيق هنا يشمل المعلومات الطبية في سجل المريض، إلى تفاصيل تشخيصه وعلاجه وعمليته الجراحية وإلى متابعته بعد ذلك. يشمل كذلك توثيق خبرته هو بما ينشره من علم ودراية بمساهمته بالمحاضرات والندوات وبوساطة ما ينشره في المجلات الطبية أو الكتب التي يؤلفها.
  3. الإيمان بالله: أن يؤمن بأن هناك قوة أقدر منه تساعده على شفاء مريضه وهي قدرة الخالق عز وجل.
  4. دراسة تاريخ الطب: أن يستوعب العبر من تاريخ الطب والإنسان بأن يلم بقدر ولو قليل بما يتعلق باختصاصه على الأقل. ويدرك ما أنتجه الأوائل من خبرة وعلم واستنباط في تلك الأزمان الغابرة التي كانت تفتقر إلى أبسط احتياجات البحث والتقصي المعروفة لدينا. فحينما يفحص طبيب اليوم مريضه يجب عليه أن يسترجع الأصول الطبية التي وضعها الرازي وابن سينا وقبلهما أبقراط وجالينوس وغيرهم من الأفذاذ. وعندما يمسك بالسماعة الطبية يرى الدكتور لينيك الطبيب الفرنسي ماثلا امامه بعظمته وداود الانطاكي في قمة قدرته على التشخيص بالنبض، واذا ما استخدم جهاز ناظور العين ينظر إلى عملاق الرياضيات الطبيب هلمهولتز، ولا ينسى الحسن بن الهيثم وعلمه الموسوعي في البصريات، أو حينما يجري عملية جراحية يستذكر إنجازات ابو القاسم الزهراوي ويتمتم بعظمة هالستد، أو يفتح الجمجمة لرفع ورم الغدة النخامية (النخامى) مثلا يتذكر جراح الدماغ كوشنك وأُثير السكوني طبيب الكوفة وجراح الإسلام في عصر الخلافة الراشدة. وأن يؤمن بضعفه أمام هؤلاء العظام الأمجاد ويستلهم من هممهم وتفانيهم في سبيل خدمة الإنسان وخدمته هو شخصيا في تحسين أدائه الطبي لتحقيق علاج أفضل وهو ما يتوخاه من عمله وعلمه. وأن يقدس جهود هؤلاء الأفذاذ وأمثالهم، تلك الجهود التي أرست لبنات المعرفة والطب الحديث.
  5. أن يحافظ على علاقة طيبة مع زملائه الأطباء: وألّا يشِّهر بمن يخطأ منهم في التشخيص أو العلاج. وألّا يتبجح عليهم بما لديه من قدرات وخبرة. وألّا يتردد في استشارتَهم عند نفاد ما عنده من الدراية. وأن يعالج زملاءه وأهلهم بدون مقابل. ويرعى ذوي من ينتقل منهم إلى جوار ربه.
  6. رعاية صحته وأهله: أن يحافظ على صحته ولياقته البدنية وعلاقاته العائلية والاجتماعية بكل ما يسمح به وقته بين زحمة المسؤولية والواجب.
  7. أن ينخرط في البحث العلمي: أن يؤمن بأن البحث العلمي أساس للتقدم. وأن يدخل مختبر الحيوانات ويتعامل معها للاطلاع أو إجراء التجارب المنطقية ذات الهدف الواضح المدروس. وعندئذ فقط يعرف قيمة الجهد الذي يبذله الباحثون من العلماء والأطباء لإثبات نظرية أو تجربة عملية أو تحضير دواء جديد.
  8. يمتزج بباقي العلوم: يجب عليه أن ينفتح على آفاق العلم الأخرى والعلماء من غير الأطباء حيث أن علمَهم كما ذكر آنفا يصب في، ويكمِّلُ، علم الأبدان. وأن يؤمن بأن علم الطب لوحده لا يمكن أن يقف على قدميه لخدمة الإنسان بدون الاستعانة بكثير من الاختصاصيين في المجالات الأخرى شاء أم أبى.
  9. يستخدم الحاسوب: أن يتعلم ويستخدم لغة العصر وهي لغة الحاسوب. فالتطور يتطلب منه تنمية قدراته على استخدام الحاسوب في مجالات الطب الخدمية والبحثية.
  10. أن يرعى فريقه العامل من الأطباء والملاكات التمريضي والإداري والخدمي رعاية كريمة لأنهم سنده ومحور نجاحه.

رسالة إلى الأساتذة:

في دراسة قامت بها جامعة هارفرد ومنظمة الكومنولث ونشرت في مجلة أخبار الجمعية الطبية الأميركية في 6/10/2000. استنتجت بأن نوعية ومستوى الخدمة الطبية قد تدهور في السنوات الأخيرة في الدول الخمس التي أجري فيها الاستبيان الطبي. وهي الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا ونيوزيلاندا وأستراليا. ألقت البحث سوزان لاندر أمام وزراء الصحة في تلك الدول وجمع غفير غيرهم. تبين من الدراسة أن التدهور في نوعية ومستوى الخدمة الطبية كان بمعدل 38% في استراليا، 54% في نيوزيلندا، و59 % في كندا، و45% في المملكة المتحدة و 56% في الولايات المتحدة.. والأدهى من ذلك أن غالبيتهم يعتقد أن ذلك التدهور سيستمر. وتعتقد الباحثة أنه إذا قضى الأطباء مدة أطول مع المريض يمكن تحسين ذلك إلى درجة كبيرة.

فلنا في هذه الدراسة مثلا لنركز على طلبتنا بالاهتمام بهذا الجانب الحيوي.

والمطلوب منا نحن الأساتذة والمربين أن نعلم طلبتنا بأحسن ما نتمكن منه. فطلبتنا أولادنا وأنهم خلقوا لزمان غير زماننا. ويجب أن لا نبخل عليهم بشيء من علمنا. والحديث الشريف يقول: “من علم علما وكتمه ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار”

رسالة إلى الطلبة في الدراسات العليا والدراسات الأولية:

نحن جميعا فخورون بكم جمعا وأفراد. لقد عملتم بجهد ومثابرة متميزين كي تلجوا محراب مهنة الطب التي تعد أعظم مهنة في الوجود، ولكن يجب أن تعلموا جيدا إنكم لستم الوحيدين الذين عملتم لتحقيق ما أنتم عليه. انظروا حولكم ترون من أخذ بيدكم وذلل لكم الصعاب طوال الطريق، ترون أساتذتكم الذين لولاهم لما حققتم هذا. تذكروا الوالدين اللذين من دونهما لم تتمكنوا من الوصول إلى ما أنتم فيه، وتحقيق تطوركم لتكونوا أطباء واختصاصيين، بل بعون الله وبمثابرتكم ستكونون  أفضل الأطباء وأفضل الاختصاصيين. وثقوا بأن جل أساتذتكم يتمنون أن تكونوا أفضل منهم ، والعديد منهم يعمل على تحقيق ذلك وبذا يتقدم المجتمع ويتطور.

دعوني أقول لكم أن مهنتكم التي اخترتموها تقتضي الالتزام الكثير بما يحقق النجاح والسمو فيها. وكل طبيب يشعر بالغبطة والفخر حينما تساعد كفاه أو استشارته على شفاء مريضه أو تحسن حالته.

أنتم تقفون الآن على عتبة عالم جديد من المبتكرات في العلاج والوقاية، وفي مقدمتها عالم المورثات الجديد. فكل تفاصيل وكوامن حياة الإنسان في متناول اليد الآن أو في المستقبل القريب. ولكن هناك بعض العقبات والمطبات في الطريق وهذه لابد منها.

 إن الطريق السليم الذي يجب أن نسلكه لنحقق الهدف المنشود يبدأ بالرعاية السليمة للمريض ثم يتبع ذلك المتعلقات الأخرى من العلوم والتقنيات.

تذكروا دائما إنكم معرضون إلى لجنتين تحقيقيتين؛ الأولى لجنة رسمية أو نقابية والثانية لجنة رب العالمين. فكونوا متقيدين بإصول المهنة كي تناموا رغدا.

إن مستقبل الصحة والطب في هذا الوطن هو بأيدينا جميعا فيجب أن نعمل متكاتفين على بناء مجتمع قويم ذي أساس حي لمهنة ذات مستوى عال من القيم الأخلاقية والمهنية لأجل مرضانا وأولادنا وأحفادنا وتراثنا.

أختم حديثي بدعاء الأطباء الرواد:

يقول السير روبرت هاجيسون

اللهم أعذنا من الإصرار وعدم القدرة على التخلي عن بعض قراراتنا عند وجوب ذلك، ومن الرغبة الجامحة في تطبيق الجديد وترك المعمول به، ومن تقديم المعرفة على الحكمة، ومن تقديم العلم على الفن، والذكاء قبل حسن التصرف. من  اعتبار المريض كحالة، وليس كإنسان،  ومن أن يكون هدفنا التخلص من المرض على حساب المريض. اللهم وفقنا للعمل الصالح.

ويدعو ابن سينا الله عز وجل فيقول:

نسأل الله تعالى أن يجنبنا من الزيغ والزلل، والاستبداد بالرأي الباطل، واعتقاد العُجُب فيما نرى ونفعل، والحمد لواهب العقل.

ويقول رب العزة:

“ربنا لا تـُزِغْ قـُلـُوبـَنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب”

صدق الله العظيم

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

القدرات العقلية والباراسايكولوجي 2001

محاضرة ألقيت بتاريخ4/3/2001في قاعة نصب الشهيد خلال مؤتمر الباراسايكولوجي بدعوة من رئيس الجمعية الدكتور الحارث عبد الحميد.  

بسم الله الرحمن الرحيم

السيد وزير التربية وزير التعليم العالي والبحث العلمي وكالة الأستاذ الدكتور فهد الشكرة المحترم

الحضور الأكارم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إنها لسعادة بالغة أن تختارني جمعية الباراسايكولوجي العراقية بشخص رئيسها الأخ الفاضل الأستاذ الدكتور الحارث عبد الحميد لأ تحدث أمام هذا الجمع الخير عن موضوع يهم الجميع وفي أغلب مناحي الحياة. إن من الصعوبة بمكان الإحاطة بقدرات العقل البشري، ولا يمكن تحقيق ذلك في أي حديث وأي اختصاص ومن أي انسان.

بعد الاستئذان لقد حورت عنوان المحاضرة إلى جولة في الإبداعات المستقبلية لقدرات العقل البشري وبعدها أتطرق إلى الباراسايكولوجي، إذ إن قدرات العقل ثابتة في الماضي والحاضر والمستقبل لا تتغير إنما تظهر بما لها من صفات كامنة  عند سبر أغوارها والكشف عنها واستثمارها. القدرات متنوعة وكثيرة ولكني سأتحدث عن الجانب الذي له علاقة بالطب وسأعرج على بعض الآفاق الأخرى.

العقل: الوعي الإنساني الذي ينبع من الدماغ ويتمثل بالفكر، الإدراك، العواطف، الإرادة، الذاكرة، والخيال.  أو هو مجموعة الطرق المحسوسة وغير المحسوسة عند الشخص الواعي التي توجه  وتؤثر في تصرفاته الفكرية والجسدية.

ولكن لو تساءلنا أين هو موضع العقل في الطبيعة؟ وهل نعدّ العقل حالة فيزيائية مادية معقدة الترابط كما في المنظور المادي؟ أو نعده منفصلا كليا عن الجسم؟ وبذا يكونا كيانين منفصلين تماما عن بعضهما كما في نظرية الازدواجية.  Dualism.

اختلف المعنيون بعلاقة العقل بالجسد فكان طريق أفلاطون ذا الطبيعة التكوينية أي أن الروح والجسد كيانين متباينين.   وأن الروح وجدت قبل الجسد وبقيت بعد فنائه أما أرسطو فلم يخالفه ولكنه أخذ التحليل إلى مدى آخر، فهو  يعتمد على الصفات. يقول أرسطو  ان العقل هو القدرات العليا للكائن الحي في الحيوان المنطقي،  وأن هذه القدرات  تسمو كثيرا على قدرات المادة وأعاد ديكارت تثبيت نظرية أفلاطون الازدواجية

وعليه إن ظاهرة العقل وظاهرة الجسد ككيانين منفصلين تكون منطقية. يقول الفيلسوف المشهور Kripke  إن تخيل احتمال الألم في حال عدم وجود تهيج لأعصاب الألم في الجهاز العصبي دليل بأن كل ما موجود يخضع لقوى الفيزياء وهذا يؤيد أنهما غير مترادفين والعقل لا يقتصر وجوده في الدماغ ولكنه يوجد في كل عضو من أعضاء الجسم كالكبد والقلب لا بل أنه موجود في كل خلية من خلايا الجسم فهو كالساعة البيولوجية التي توقظنا عند الفجر وموقعها الدماغ أو تلك التي تـسـد وتفـتح المنخرين بالتعاقب وموقعها تحت الإبطين حيث أننا ونحن في هذه القاعة نتنفس جميعا من منخر واحد وليس من المنخرين في وقت واحد، ويتناوب المنخران في العمل كل بضع ساعات أو تلك الساعات البيولوجية التي توجد في كل  خلية ذات واجبات عالية مثل خلايا الكبد والبنكرياس وغيرهما.

إن الإنسان تجسيم جزئي آني لخزين كوني هائل. فالهواء يحيط بنا طول الوقت ولكن عندما تحدث التيارات يتلاطم وتتكون العاصفة أو الإعصار الذي كنَّاه العلماء باسم آدمي احتراما له، أو خشية منه.  يكون الإعصار ذا كيان محدد يمكن قياس سرعته وقوته وشكله، ويمكن أن يدمر ويخرب. ولكن بعد مدة يهدأ ويذوب في الخزين الكوني وينتهي ذلك الكيان. ومثل ذلك الموجة التي تتكون في المحيط أو البحر يتكون لها شكلها الواضح ويمكن متابعتها عند تكونها وسيرها على سطح الماء،  ولها شكل وارتفاع وقوة اندفاع وقدرة على التخريب والدمار،  ولكن بعد أن تصل إلى الجرف تذوي وتعود إلى الخزين الأساسي ماء المحيط أو البحر. وكذا الإنسان فإن له كيانا يبدأ من الخزين الذي هو التراب “منها خلقناكم” وبعد أن يمر بمراحل العمر المتعددة وأداء كل المطلوب يعود بعد فنائه إلى الخزين الأكبر”وإليها ترجعون” وكأن شيئا لم يكن.

في الحقيقة إن أساس الإنسان وكل الكائنات الحية وغير الحية هو الجزيئات وأساسها الذرات. الذرة متكونة من نواة وإلكترونات، والإلكترون شحنة سالبة والنواة فيها البروتون والنيوترون وهذه  شحنة موجبة ومتعادلة وفيها الجسيمات الأساسية الثلاث: كواركز، لبتونز، وبوسونز. وقد استخدم البوزترون في أهم ما توصل إليه علم تنظير الدماغ وهو وضع خارطة لوظائف الدماغ العاطفية مثل الفرح والغضب والتركيز والتفكير وغيرها.

المستلمات الدماغية:

يتم الإدراك الحسي عن طريق المستلمات. وهذه تعمل كالمخبرين المتخصصين على الحدود أو داخل البلد! وهذه تشمل: الإبصار، السمع، إحساس الجلد، التذوق والشم. ولكل منها طريقته في التحسس، ولكن جميع هذه الإحساسات الكيميائية والفيزيائية تتحول بفعل “محول transducer” إلى شحنات كهربائية تتحول عند وصولها إلى الدماغ إلى التحسس بالصورة والصوت والطعم والرائحة واللمس “فتبارك الله أحسن الخالقين”.

في الصورة التالية نموذج لطريقة التحسس بالصوت الذي يطرق الأذن فيتحول إلى شحنات كهربائية بفعل المحول إلى الموجات الكهربائية التي يستلمها الدماغ وتتحول في مراكز خاصه في داخله إلى صوت مسموع.

صورة تبين الصوت الذي يتحول إلى موجات كهربائية بفعل “محول” ليستلمها الدماغ

يمكن للأعمى بسبب تلف في العين أن يرى، والأطرش بسبب تلف في الاذن أن يسمع ، والذي عنده شلل جزئي يمكن له أن يحرك ذلك الجزء، والذي يشكو من عدم القدرة على السيطرة على الإدرار والغائط يمكن السيطرة عليهما، وكذا المصاب بالعِنّة يمكن له تجاوزها كل ذلك بفعل الحاسوب والتقنيات الحديثة. ويمكن زرع جهاز في الدماغ أو الحبل الشوكي للتخلص من الألم وعلاج بعض أمراض الدماغ العقلية والإدراك مثل ضعف الرياضيات أو ضعف الذاكرة وذلك بغرس لوحة إلكترونية أي حاسب مكروية في الدماغ.

هناك في علاج السرطان الأدوية “الذكية”  وهذه يمكنها أن تقضي على كثير من الخلايا السرطانية في الورم وتجعل الورم المقاوم للأدوية السرطانية حساسا لها بحيث تقضي عليه هذه الأدوية.

الباراسايكولوجي:

يستلم دماغ الإنسان فسلجياً “رسائل” من الحواس الخمس لكن هناك قابليات للدماغ خارج هذه الحواس وذلك يدعى بالـ: “باراسايكولوجي”. والباراسيكولوجي Para-Psychology أو «ما وراء النفس» أو علم الخوارق، وهو دراسة علمية للظواهر الروحية غير الخاضعة للقوانين الطبيعية والإحساس الفسيولوجي. إنه يشمل  القدرات فوق الحسية «الخارقة» كالتخاطر والتنبؤ والجلاء البصري والاستشفاء وتحريك الأشياء والتنويم الإيحائي «المغناطيسي».

  • الجلاء البصري أو Clairvoyancy ، والتي تعني حدة الإدراك والقدرة على رؤية كل ما هو وراء نطاق البصر كرؤية قريب أو صديق يتعرض لحادث بالرغم من بعد المسافة بينهما، وما إلى ذلك. مثال على ذلك ما تنبأ به نوستراداموس من حدوث الثورة الفرنسية، حريق لندن الشهير وغيرها من التنبؤات المنسوبة له. كذلك يقال أن الرئيس الامريكي أبراهام لنكولن تنبأ بمقتله عندما حلم قبل أيام من اغتياله الحقيقي بأنه سمع صوت إطلاق فقام متوجها إلى إحدى غرف البيت الأبيض ليرى تابوتا يحرسه جنود فلما سألهم من في التابوت أخبروه أنه رئيس الجمهورية  وقد أغتيل بإطلاق نار عليه!!. وهناك قصص كثيرة لا حصر لها في هذا المجال.
  • التخاطر أو ما يعرف بالتليباثي Telepathy وهو نوع من قراءة الأفكار، حيث يتواصل أفراد بعيدون عن بعضهم بدون الحاجة إلى الكلام أو الكتابة أو الإشارة. يقال أن الاتحاد السوقييتي والولايات المتحدة استخدموا ذلك الإسلوب للتجسس على بعضهم.
  • بعد النظر Precognition أو معرفة الأحداث قبل وقوعها، كتوقع موت رئيس دولة أو حدوث كارثة وغيرها من توقعات. وبالتأكيد سمع بعضنا عن قصص أناس شاهدوا أحداثاً تقع أو ستقع قبل حدوثها. مثال على ذلك شخص توجه للصعود إلى الطائرة وإذا به يشاهد بأن تلك الطائرة قد سقطت وتحطمت فعاد أدراجه ولم يذهب في تلك الرحلة، وبالفعل فقد سقطت تلك الطائرة وتحطمت ومات جميع ركابها. 
  • القوى الخارقة Psychokinesis في تحريك الأشياء أو لويها أو بعجها بدون  لمسها. وقد شاهدت شابا في بريطانيا يدعى يوري كالر له القدرة على لوي ملعقة كوب من على البعد. وهناك قصص مشابهة علما بأن العلم حذر في قبول تلك القوة.
  • التنبؤ فوق الطبيعي Extrasensory perception (ESP) الإحساس خارج الحواس الخمسة (الحاسة السادسة).

هناك أمثلة يصعب تفسيرها مثل قدرة البنت الصغيرة التي أكتشفها اختصاصي العيون الدكتور غسان ربيعة في عيادته حينما كانت الطفلة مع والدتها. تبين أن الطفلة ترى كل شيء وكذلك الألوان في الظلام الدامس. فمن المعلوم أن طبيب العيون يحتاج لفحص داخل العين أن يطفيء الأنوار كلها وفي تلك اللحظة فوجئ بأن الطفلة تفوهت بما دل على أنها ترى الأشياء. جرب ذلك ثانية وثالثة فتأكد من قدرتها الخارقة.

والحالة الأخرى هي حالة الطفل أحمد صلاح الدين من كركوك كانت له القدرة أن يرى الأشياء من خلف الجدار وله القدرة على التنبؤ بما سيحدث في المستقبل.

اطلعت على هذين المثالين الخارقين من خلال الأستاذ جاسم الصافي مدير التلفزيون التربوي عند زيارتي له في الأعظمية لإكمال تسجيل فلم علمي. علمت بأن أحمد قد انتدبته رئاسة الجمهورية وبقي مع الرئيس حتى الاحتلال.

إسمحوا لي أن أترككم مشوشين،  عليكم  بذكر نظرية “الصخب” أو نظرية “الفراشة”  والذي فيها إذا حلقت فراشة صغيرة فوق بكين يمكن للتيار الهوائي الرقيق المنبعث من جناحيها أن يحدث عاصفة هوجاء يمكنها تدمير مدينة نيويورك بكل مرافقها تشير إليها اللوحة الكاريكاتيرية المنشورة في إحدى الصحف الغربية.

فراشة في الصين تنتفض طائرة في الجو تولد حركة اجنحتها تيارا هوائيا يتفاقم إلى إعصار في أميركا

لخص تلك الظاهرة شاعر في زمن سابق:

في السعي من أجل المسمار خسرنا النعل
في السعي من أجل النعـل خسرنا الفـرس
في السعي من أجل الفرس خسرنا الفارس
في السعي من أجل الفارس خسرنا المعركة
في السعي من أجل المعركة خسرنا المملكة

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

نحن والتواصل مع العلم والمعرفة 2002

محاضرة ألقيت في مؤتمر بيت الحكمة حول العولمة  23 مايس 2002

خلاصة المحاضرة:

في معترك اللحاق بالركب العالمي المعرفي والحضاري لعصرنا يجب أن نكون واعين لما نحن فيه وننظر بعين الواقع لما نصبو إليه كمعنيين وكمجتمع. تركز هذه المقالة على ستة محاور تهدف إلى استثمار الموجود مع بعض الجهد الإضافي لتحقيق الطفرة النوعية المؤملة:

  1. التركيز على التطور الأفقي في مواضيع محددة من كل اختصاص علمي وإنساني والصعود به إلى مصاف العالم المتقدم، وهذا بدوره يساهم في الارتقاء الأفقي لتقدم المجتمع ككل.
  2. استثمار الكنز الثمين للعراق في أبنائه من المغتربين والمقيمين المتخصصين واستحداث هيكلية إدارية علمية توجه طاقاتهم التي تستثمر في الوطن وفق برنامج محدد سابق يندمج مع البرامج التدريسية والبحثية القائمة في الوطن.
  3. توجيه البحوث في كل الاختصاصات إلى الوجهة التطبيقية الاستثمارية. وأخص بالذكر البحوث الطبية التي يجب أن تعنى بالنهوض بالخدمات الصحية للمواطن والمجتمع، من خلال توجيه الطاقات البحثية القائمة والتي تهدر بعدم تطبيقها، إلى أن تكون مبرمجة حسب خطة استراتيجية مسبقة.
  4. استحداث الشبكة الوطنية للطب عن بعد، والتي تحقق أفضل الخدمات في عموم القطر ولا تحتاج إلى أكثر من جهاز حاسوب في كل محطة طرفية في مختلف مناطق القطر وكذا في المركز العلمي.
  5. استحداث الشبكة الوطنية للمعلومات، وهذه تحقق التواصل العلمي والخبرة لكل المعنيين بالصحة في عموم القطر وتأمين تواصلهم مع مستجدات العلوم الطبية. يتحقق ذلك بربط جميع المكتبات والمؤسسات الصحية الوطنية وإيصالها إلى كل العاملين في الحقل الصحي في كل أنحاء الوطن.

الالتزام بمبدأ التعليم المستمر الذي يجزي الملتزم ويحث المتقاعس والذي يديم التطور المعرفي للجميع.

إن فكرة “من يعقب الأثر” هي دليل يهتدي به كل من يقدر ويعمل ويطمح  للتحدي والتطور في هذا العصر المبني على التحديات والمنافسة والصراع للوصول إلى الأفضل. العصر الذي لا يرحم حتى الذين ساهموا في بنائه وتطويره إن لم يديموا زخمهم وعطاءهم.

ونحن نحتاج إلى قفزة نوعية مدروسة من قبل المعنيين بعمق، ومخطط لها بدقة وتكون أهدافها مثبتة، وبسقف زمني محدد لكل مرحلة فيها.

إن العلوم في الحياة تقع في محورين أساسيين هما: العلوم النقلية والعقلية، والعلوم التجريبية والتطبيقية.

ففي مجال العلوم النقلية والعقلية يمكن أن نرى قدرات ذاتية فريدة متميزة أو صقل وتدريب قدرات اعتيادية في ظاهرها والسمو بها إلى التميز.

أما المحور الثاني أي العلوم التجريبية والتطبيقية فتبنى على التجربة والتطبيق وتراكم المعلومات. فالعالم في علوم الفضاء لا يمكنه إلا أن يكون سيدا في الفيزياء مثلا، والفيزياء علم يعتمد على الرياضيات العالية، وهذه تعتمد على الجبر والهندسة والرياضيات الأولية، واعتماد هذه، الجذور والأسس والقسمة والضرب والطرح والجمع. ويجب أن تكون بهذا السلم التسلسلي، وإلا لن يكون هنالك عالم في علوم الفضاء. وهذا التطور المعرفي التراكمي ينطبق على الطب والهندسة والكيمياء وغيرها.

وعليه يجب على الذي يريد أن يتميز ويتحدى أن يلم بكل ما يساعده على ذلك. وهذه الحقيقة، في نظري لا تقتصر على المحور الثاني من العلوم ولكنها تشمل، ولو بشكل أقل قوة، المحور الأول كذلك.

فعلينا ان نصارع الزمن ونسابقه ولكن ليس بالأحلام والآمال والوعود بل بالفكر النير الذي يعرف حدوده والتخطيط والسير بخطى ثابتة مدروسة بعناية وبتلاحق منطقي.

ولتجاوز ما نحن فيه من القصور باللحاق بالركب المتسارع في التطور أرى أن نسلك طريقا خاصا بنا. وهو أن نخطط وبإسلوب واضح المعالم. فنحن نتمنى لمجتمعنا أن يسمو في علمه على مستوى الجماهير العلمية والعامة وكذلك أن يسمو في مماثلة العالم المتقدم في الوصول إلى ولو بعض حافات العلوم في هذا العصر. ويمكن أن نسمي الأول المسار الأفقي للعلم والمعرفة والمسار الثاني هو المسار العمودي. فالعمودي هو علم المتخصصين والأفقي هو علم الجماهير العلمية.

ويجب علينا إدراك أن الذي يحقق التقدم هو الجمع بين المسارين وليس أحدهما فحسب، مع إيماننا بأن التميز العمودي لا يتحقق إلا بوجود أرضية التميز الأفقي. وقد أثبتت ذلك تجربة جواهر لال نهرو في الهند حينما استحدث معاهد لحافات العلوم بطفرة واحدة ولم تنجح تجربته في حينه ولكن الوضع الحالي اختلف الآن بعد أن ارتفع المستوى العام وأصبح النهوض الأفقي يحاذي النهوض العمودي. وإذا بقينا على المسيرة الأفقية فإننا سنبقى دوما في الخلف مهما أوتينا من قدرات ذاتية ودعم لامحدود. أما المسيرة العمودية فيجب أن تكون هي الطموح الآني وهي التي في الوقت نفسه تدفع بخبرتها التراكمية السريعة بالمسيرة الافقية إلى أعلى. وهذه تتحقق في أن نختار لكل حقل معرفي، بعض التخصصات الدقيقة فيه ونوجه الطاقات لخلق أرضية متينة في هذه التخصصات. فمثلا في مجال جراحة الدماغ يجب أن لا نقبل أن نكون أفقيين فقط كأن نكون جراحي دماغ بصورة شمولية بل علينا أن نختار فضلا عن الاختصاص الشمولي بعضا من اختصاصات الجراحة العصبية التي تعد بالعشرات، مثل جراحة إصابات الرأس أو جراحة أورام الدماغ أو جراحة أورام النخاع الشوكي أو جراحة الانزلاق الغضروفي القطني وما شاكل، فهناك مثلا في بعض دول العالم الغربي مراكز متخصصة في علاج الانزلاق الغضروفي القطني بين الفقرات القطنية السفلى فقط ومراكز أخرى متخصصة في جراحة الغدة النخامية (النخامى) فقط، وبذا يصبحون سادة هذه الاختصاصات في العالم. وفي الهندسة المدنية هناك العشرات من الاختصاصات والهندسة البحرية والجغرافيا والجيولوجيا واللغة والفقه والقانون والحاسبات وكل العلوم.

نهدف من هذا كله إلى الوصول في هذا التخصص إلى ما يتمتع به المجتمع العالمي المتقدم في العصر الحاضر للتحدث بلغة العصر والتمتع بالحياة العصرية. وهذه خطوة نحن قادرون على تطبيقها وهي التي تؤمن لنا نضوجا فكريا وأفقا علميا واسعا يساعدنا على النهوض الأفقي ولقد بدأنا بالفعل في تطبيقها فهناك معهد الليزر والبلازما ومعهد الهندسة الوراثية ومعهد الدراسات الدولية ومركز علوم البحار ومركز السدود المائية وغيرها، ولكن يجب أن تحصل هذه المعاهد وغيرها على ما يؤمن لها أن توازي مثيلاتها في العالم المتقدم من التسهيلات. 

     لتحقيق ذلك يجب تأمين ما يحتاجه هذا المشروع الطموح من مستلزمات مادية ليس لها الحدود والقيود النمطية. وكذا تهيئة المتخصصين من المتميزين الكفوئين المؤمنين بضرورة تقدم العلم والخبرة في الوطن. أما الخبرات المستوردة من خارج القطر فهي ضرورة لابد منها. ولنا في هذا كنز ثمين ومعين لا ينضب ألا وهم المغتربون والمقيمون من أبناء وطننا في الخارج. ففيهم من الكفاءات ما يغنينا عن غيرهم وعند الكثير منهم من الوطنية ما يجعلنا نفخر بهم. ما نطمح له هو استحداث مؤسسة رسمية تعنى بهم ولكن بطريقة مبرمجة هادفة ذات أبعاد وأهداف واضحة، وأن يكون لها في كل اختصاص لجنة منفردة تتصل بكل فرد في اختصاصها. وأن تضع برنامجا مدروسا لتدريس الطلبة أو عمل في المختبرات أو المؤسسات أو غيرها، على أن يعرف المغترب والمقيم ما هو المطلوب منه مسبقا وما هو إسلوب مشاركته في هذه المسيرة وأن يدخل اسمه ونشاطه في جدول مبرمج بوساطة منهج دراسي أو بحثي ذي أبعاد وأهداف محددة من المعنيين كأن تكون دراسات عليا أو أولية أو مشاريع بحثية أو غيرها. ولا تكون مشاركته بالعواطف والجهود الشخصية غير المبرمجة حيث تشبه الجزر المبعثرة في بحر متلاطم الأمواج.

   توجيه البحوث الطبية TARGETED MEDICAL RESEARCH

إن البحوث والأطاريح الطبية التي تجرى في القطر من دكتوراه وماجستير والهيئة العراقية والدبلوم وبحوث شخصية  يبذل لإنجازها الباحثون والمشرفون كثيرا من الجهد والوقت، سرعان ما تنتهي على الرفوف وتبقى هناك يتجمع عليها الغبار وتنضم الى كنز من نتاجات علمية أخرى انتهت هناك. ولم يكسب المجتمع من تلك الجهود المضنية والعظيمة شيئا يذكر. والسبب الرئيس في ذلك أن بحوثنا غير موجهة توجيها استثماريا.

الفكرة المطروحة هي أن يستحدث تشكيل أو هيئة تضم أطباء من وزارتي التعليم العالي والبحث العلمي والصحة والخدمات الطبية العسكرية وكذلك علماء وإحصائيين لهم باع في البحث العلمي يضعون الإستراتيجيات الوطنية لاستثمار البحوث الطبية في ضمان تحسين صحة المواطن. ذكرت تفاصيل المشروع في فصل مبادرات.

شبكة الطب عن بعد TELEMEDICINE

مما لا شك فيه بأن هذا الأفق الجديد قد أثبت أهميته وفائدته في العالم المتقدم وحقق أفضل الخدمات للمريض وحسَّن مستوى الأداء باستثمار الخبرات المتاحة على البعد في مراكز متقدمة في الحالات النادرة والمعقدة. فبالاتصال المباشر بين الطبيب والشخص المعني في المركز المتقدم أصبح من الممكن إيصال كل المعلومات الطبية والفحوصات المختبرية والصور الشعاعية وحتى اللقاء المباشر مع المريض عبر الشبكة للمساعدة في الوصول إلى العلاج الأنجح. ذكرت تفاصيل المشروع في فصل مبادرات.

الشبكة الوطنية للمعلومات     

NATIONAL MEDICAL INFORMATICS NETWORK

تعد المعلوماتية والتوثيق من أهم عناصر ومقومات الحضارة والتقدم وبناء الاستراتيجيات.  والمعلوماتية في الطب تشمل الأدبيات الطبية المنشورة وتوثيق الخبرات الشخصية في العلم والتجربة والتطبيق. وكذلك كل ما تم الحصول عليه من معلومات بشأن حالة المريض السريرية والمختبرية والعلاجية. ذكرت تفاصيل المشروع في فصل مبادرات.

التعليم الطبي المستمر:

من متطلبات التواصل المستمر مع التطورات الحاصلة في ميادين الاختصاص هو التعليم الطبي المستمر. ولا يكتفي المسؤولون عن القطاع الطبي بشعور الأطباء الذاتي في تطوير معلوماتهم ولكن يجب على الاختصاصيين أن يقدموا كشفا بنشاطاتهم التعليمية السنوية والمحاضرات والمؤتمرات التي حضروها أو التي ألقوا فيها بحوثا. وأن يجتازوا امتحانا سنويا في الاختصاص. وبناءً على نتائج الامتحان واستعراض النشاطات العلمية تتم ترقية الاختصاصي.

وإن هذا النظام يطبق حاليا في العراق ولكن ببعض التفاوت بين المحافظات ولا يترتب عليه أي تأثير إيجابي أو سلبي رسمي على مسيرة الطبيب. علما بأن النظام هذا معمول به في القوات المسلحة العراقية منذ عشرات السنين ويسمى هذا، امتحان الترقية. 

 ختاما أؤكد مبدأ أن نصارع الإحباط، ونضع برنامجا واضحا لتحسين ما نحن فيه بوساطة الرؤية المنطقية الاستراتيجية الهادفة الواعية للقدرات المتاحة والقدرات التي يمكن استثمارها بإخلاص وتفان، وألّا يطغى على عملنا العلمي الجاد الأحلام الوردية التي يصعب تحقيقها في الحقبة الحاضرة، حيث يجب أن نحسن استثمار الموجود وأن نبذل المزيد في كل لحظة من حياتنا وأن يكون الطموح نصب عيوننا دوما.  وبهذا هيأنا مجتمعنا لتحقيق حماية هويتنا الوطنية وتقدمنا أمام هجمة العولمة التي تروم طمس كل ما هو وطني وتراثي.

رعاية صحة مستخدمي الحاسوب 2002

كلمة في ندوة المركز القومي للحاسبات الإلكترونية 25/11/2002

إن أعظم أربع إنجازات حضارية حققها الإنسان هي: اختراع الكتابة، اختراع أدوات الكتابة، اختراع الطباعة، اختراع الحاسوب. من المسلَّم به في عصرنا الحاضر أن التطور الذي يحصل في العالم ككل وفي حياة الإنسان اليومية وبتفاصيلها الدقيقة اعتمد بدرجة كبيرة على التطور الذي يجري في علم الحاسبات وتطبيقاتها. وقد عد من لا يتمكن من استخدام الحاسوب بأنه أمي. واستخدام الحاسوب لا يقتصر على فئة دون أخرى من فئات المجتمع. فالكل بحاجة له في المجالات الإنسانية، العلمية، الإدارية أو التجارية وغيرها. والحاسوب أحدث ثورة حقيقية في إسلوب التعليم والخدمات والتوثيق ففيه أصبح التعليم بمساعدة المدرس المتفاعل والطالب الذي يرعاه المئات بل الآلاف من المدرسين وفي مختلف أنحاء العالم وهو في بيته أو في مدرسته.

من المعلوم أن هناك مشاكل صحية من استخدام الحاسوب لمدة طويلة متواصلة. وعليه يجب على الذين يقضون وقتا كبيرا أمام الحاسوب أن يوفروا المتطلبات الصحية للوقاية من الأخطار المحتملة الناتجة عن كثرة استعمال الحاسوب.  والأخطار تكون مصادرها: الشاشة، لوحة المفاتيح، مجال العمل، الجانب الكهربائي، وأهمها آلام الذراع والظهر، مشاكل العين، وأخيرا العمل على الحاسوب كمهنة أو بصورة متواصلة.

الشاشة:

من أساسيات ملحقات الحاسوب هي الشاشة ويركز المستخدم بصره على الشاشة طول الوقت ولهذا أهمية كبيرة في رعاية صحة هذا الشخص. يجب أن تكون الشاشة بحجم مناسب وذات صورة واضحة وثابتة وبنقاء مقبول. ولكي تكون الشاشة مريحة للعين يجب التحكم ببريق ولون الشاشة بما يحقق ذلك. وعندما تستخدم الشاشة لمدة طويلة يسبب ذلك ارتفاعا في درجة حرارتها مما يؤثر على بريقها. لذا يجب التحكم بالبريق عند العمل لمدة طويلة أمام الشاشة. إن تغيير اتجاه الشاشة قليلا للتخلص من انعكاس الضوء على العين يمكن أن يحقق راحة للعين كذلك. واستعمال لوحة ترشيح الشاشة يمكن أن يفيد في هذا المجال. وعليه حاول أن تجلس ومستوى عينيك يكون بمستوى أعلى الشاشة وبمسافة لا تقل عن 60 سنتيمترا عنها.

لوحة المفاتيح:

هي الطريقة الشائعة في إدخال البيانات إلى الحاسوب. يكون إدخال البيانات باستخدام لوحة المفاتيح أكثر راحة وأقل أذى عندما تنحرف اللوحة قليلا وتترك مسافة قليلة أمامها لاستناد الكف والذراع. ويجب أن تكون الحروف واضحة جدا على لوحة المفاتيح، وأن تتوافق الأصابع بلطف مع اللوحة وبراحة، بحيث تنحني الكف والرسغ قليلا إلى أسفل. وإذا ما كانت درجة انحراف الرسغ بزاوية حادة وكان الرسغ معلقا وغير مستندا على سطح المنضدة سبب ذلك أذى للمفصل عند الاستعمال الطويل. كما إن استخدام لوحة مفاتيح جيدة بصفات تحقق الذي ذكر ليس هدرا للأموال ولكنه كسب للصحة.

مجال العمل:

  • موقع العمل: يجب أن يكون موقع العمل مستقرا، وأن يكون سطح المنضدة غير عاكس للضوء. ويجب أن تؤمن مساحة معقولة لكل ملحقات الحاسوب وموضع الوثيقة التي يراد التعامل معها.
  • الكرسي:  يجب أن يكون الكرسي الذي تجلس عليه مريحا وصحيا. ويفضل أن يكون الكرسي مثبتا على خمسة ثوابت ويمكن التحكم بارتفاعه وكذلك يمكن له أن ينحني إلى أمام وإلى الخلف. وعند عدم توفره يجب أن يكون الكرسي ذا مسندين جانبيين للذراعين وظهر كامل أو نصف ظهر ولكن بتقوس نظامي يلتصق بظهر المستخدم بصورة مريحة. وإن استخدام المقعد الدوار بدون ظهر يجلب الأذى الكبير للظهر والمفاصل والعضلات.  ويجب الجلوس على الكرسي بحيث يستند ظهرك على ظهر الكرسي دوما حيث لا يكون ظهرك سائبا. ويفضل أن تستعمل مسندا على الأرض لراحة كفي القدم كذلك.
  • إضاءة الغرفة: يجب أن تؤمن إضاءة معقولة للحاسوب وللوثائق التي تتعامل معها. يجب أن تكون الإضاءة معتدلة، وغير مباشرة، وتؤمن فرقا قليلا بين ضياء الشاشة وضوء الغرفة. ويجب الاهتمام بعدم وجود منطقة عاكسة براقة أمام العين.
  • التهوية: إن الحاسوب جهاز كهربائي وكالكثير من الأجهزة الكهربائية تبث كثيرا من الحرارة إلى ما يحيط بها. وإذا تعددت الأجهزة في الغرفة يجب تأمين تهوية مناسبة حول الحاسوب للتخلص من الحرارة المتزايدة والرطوبة المتراكمة. وفي هذا خطورة على كفاءة الأجهزة واحتمال توقفها. واستخدام مكيف الهواء هو الإسلوب الأمثل لتأمين ذلك.
  • برنامج العمل: من الضرر على الصحة العمل  بالحاسوب لمدة طويلة متواصلة، ويجب أن لا يتجاوز ذلك الساعة والنصف من العمل المتواصل.  يؤخذ بعدها استراحة قصيرة بالتمشي قليلا حتى يعاود العمل لساعة ونصف ثانية. أما إذا كان ذلك متعذرا بسبب طبيعة العمل فعندها يجب على مستخدم  الحاسوب أن يدير بصره بعيدا عن الشاشة ويركز على أشياء بعيدة عنه بمسافات متباينة لعدة دقائق ويجري فيها بعض الحركات للذراعين والظهر والساقين وهو بوضع الجلوس ثم يعود للعمل.
  • الجانب الكهربائي: إن الخطورة الكهربائية العامة باستخدام الحاسوب لا تختلف عن الأجهزة المشابهة. يجب ربط الحاسوب بأسلاك سليمة ومنافذ كهربائية نظامية. وبسبب تعدد الاتصالات الكهربائية لملحقات الحاسوب مثل الشاشة، الطابعة، جهاز الاستنساخ الرقمي (السكانر) وغيرها يجب عدم التزود بالقوة الكهربائية من منفذ واحد بربط كل الأسلاك به، لأن ذلك يمكن أن يعرض المستخدم للصدمة الكهربائية أو تلف الحاسوب أو أي من ملحقاته. ويجب أن لا تترك الأسلاك الموصلة في الأرض معرضة لتعثر أقدام السائرين بجنب الحاسوب، حيث يمكن أن يضر ذلك بالماشي أو يضر بالحاسوب أو ملحقاته.

آلام الذراع والظهر:

إن آلام الكتف والذراع وآلام الظهر لا تتسبب من استخدام الحاسوب لمدة طويلة ولكن بسبب الجلسة غير الصحية. يجب على الشخص الذي سيجلس لساعات طويلة أمام الحاسوب أن يتخذ وضعية جلوس صحية تجنب الترهل وثني الجسم في الجلسة. ويمكن تجنب ذلك بإسناد الظهر بالجلسة المنتصبة بتوفر كرسي له الصفات التي ذكرت آنفا.

مشاكل العين:

إن الشكوى من تعب العين شكوى شائعة بين مستخدمي الحاسوب، ويمكن أن يسبب الجهد على العين  صداعا. ويمكن تفادي هذه بالتحكم بالشاشة واتجاهها وبريقها وعدم وجود انعكاسات ضوئية أمام العين. وأن تكون المسافة بين المستخدم والشاشة بحدود 60 سم، وأن يكون مستوى عين المستخدم بمستوى أعلى الشاشة وعندها لا يخشى على العين من كثرة استخدام الحاسوب. ولكن في حالات  ترجرج الضوء في الشاشة يمكن أن يسبب ذلك الغثيان ويؤثر على المرضى المصابين بداء الصرع حيث يمكن أن يسبب نوبة.

العمل على الحاسوب كمهنة أو بصورة متواصلة:

إن العمل على الحاسوب يشبه أعمالا أخرى بكونها رتيبة ومتكررة. والعمل فيها يتحدد في تكرر أنواع معينة من الحركات في ساعات العمل كلها. ومن هذه ينتج ما يدعى بالإصابة المتعبة المتكررة. وتتحدد هذه بشكوى المشتغل  بالتنمل في الأصابع، تشنج العضلات، وألم في الرقبة، ألم مفصل الكتف، ألم الذراع، ألم الكف، وألم الأصابع. ويصعب على المصاب بهذه الحالة أن يرفع مثلا ما يسهل رفعه من الحاجات في الحالات الطبيعية.  ويمكن الوقاية من هذه الحالة بالتوقف المتكرر عن العمل على الحاسوب لمدة منتظمة كما ذكر أنفا.

في الختام، للوقاية من مشاكل استخدام الحاسوب لمدة طويلة يجب الاهتمام بطريقة الجلوس واستناد الظهر ومصدر الإضاءة على الشاشة، وعدم الجلوس لفترات طويلة ووجوب إجراء التمارين الرياضية البسيطة عند الاستخدام الطويل. ولكن تبقى حقيقة العصر الحاضر بأن الحاسوب هو من الضروريات الأساسية التي لا يمكن الاستغناء عنها مطلقا ويجب رعاية صحة المستخدم بما ذكر من التحوطات البسيطة.

محاضرة ثقافية بخصوص السرطان 2002

ألقيت في ملتقى بيت القاموسي في بغداد

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

سأتحدث عن:
* نبذة عن الطب البابلي والعربي
* ما معنى كلمة السرطان
* كيف يتكون السرطان
* السرطان في العراق بعد العدوان
* كيف نتوقى من السرطان

عرف سكان وادي الرافدين مرض سرطان الجلد عند وصفهم لقرحة الجلد التي يتفاقم حجمها وقدروا إن نهاية المصاب الموت. أول من أطلق اسم “السرطان” على هذا المرض الوبيل هو أبقراط في القرن الرابع قبل الميلاد تشبيها بحيوان السرطان.

ما معنى كلمة سرطان؟ في المنجد: السرطان هو الشديد الجري فيقال فرس سرطان. سرطن واسترط الشيء: ابتلعه.

ما هو تعريف السرطان؟ ولماذا سمي بهذا الاسم؟

السرطان وباء لا يعترف بالتاريخ والجغرافيا والاقتصاد فهو يصيب كل الأعمار في كل الأزمان ويصيب الإنسان في كل دول العالم. وهو يصيب الغني والفقير والعالم والجاهل على السواء.

يتكون السرطان بعد تغيرات في طبيعة تكوين الخلية ووظيفتها. يبدأ السرطان بعد حدوث اختلال في كيمياء فيزياء الخلية أو لغة تخاطب الخلية مع أجزائها. يبدأ التغير في تكوين الحامض الأميني وهذا يحدث اضطرابا في وظيفة الكروموسومات والمورثات ويسبب تغيرات في الرسائل المشفرة التي تسيطر على  وظيفة الخلية ونموها، وأساس ما يحدث هو أن الخلية تكسب صفة الخلود وكذلك عودة الخلية إلى المراحل الجنينية. يمكن تشبيه حالة الخلية السرطانية بالخلية الواحدة المخصبة من اتحاد الحيمن والبويضة في رحم المرأة والتي بعد 270 يوما فقط تصل هذه الخلية الواحدة إلى ما يقارب وزن أربعة كيلو غرامات. 

لقد ازداد عدد المصابين بالسرطان بعد العدوان الثلاثيني. أهم المسببات اليورانيوم المنضب. وإن هذه الزيادة مرتبطة بالتعرض لليورانيوم حيث أن أكثر المناطق زيادة في السرطان هي المناطق التي كانت أكثر تعرضا

للتلوث باليورانيوم. وتأكد هذا الواقع بما حصل في كوسوفو حيث استخدم اليورانيوم كذلك.

يجب ألّا نخاف من السرطان لأننا جميعا وبكل ما لدينا من قوة أو ضعف أو جواهر أو ذهب أو كنا عمالا كادحين أو كنا كبارا أو صغارا يجب أن نؤمن وبصدق بأن المكتوب على “الجين Gene” لازم تشوفه العين. ولكن يجب أن نعلم  بأن هناك العديد من الآفاق التي يمكننا بعد الالتفات لها التوقي من السرطان لأنفسنا ولأبنائنا.

التدخين: التدخين مسؤول عن 85% من حالات سرطان الرئة عند الرجال و75% عند النساء. الذين يدخنون علبة أو علبتين في اليوم تزداد نسبة وفياتهم بمعدل 15-25 مرة أكثر من غير المدخنين. إن للتدخين علاقة مباشرة بما لا يقل عن ثلث الوفيات بسبب أغلب أنواع السرطان في الولايات المتحدة. هل هناك خطورة على غير المدخنين؟  نعم هنالك خطر كبير في زيادة معدل سرطان الرئة، أمراض القلب، وأمراض الجهاز التنفسي عند أطفال المدخنين. السبب هو تلوث هواء المكان بالدخان. 

هنالك العديد من المواد الكيميائية المضرة في التبغ بضمنها 60 مادة ثبتت علاقتها بالسرطان. عند التدخين يسري النيكوتين في الدم إلى الدماغ ويسبب الإدمان. أما عن النيكوتين عديم الدخان فإنه التبغ الذي يعلك أو يستنشق وثبت أنه يزيد من معدل الإصابة بسرطان الفم، الحنجرة، والبلعوم.

الكحول:  يزداد معدل الإصابة بسرطان الفم، الحنجرة، المريء والكبد عند المكثرين من تناول الكحول.

تلوث الجو والبيئة: ازدادت في زمن الحصار ملوثات البيئة في الطعام والشراب والهواء.

أشعة الشمس: تزيد من الإصابة بسرطان الجلد وخصوصا البلدان القريبة من خط الاستواء. (أهلنا لبسوا العمائم والعقال والكشيدة وغيرها).

الإشعاع: يزيد التعرض للإشعاع من معدل الأصابة بالسرطان. التعرض للإشعاعات في المنزل من بعض الأجهزة الكهربائية الإلكترونية يزيد من معدلات الأصابة.

المخاطر المهنية: مثل التعرض للأسبست والكروم والنيكل وأنواع من المواد الكيمياوية الأخرى.

القهوة عديمة الكافائين: هناك خطورة سرطان الكبد من الإكثار من استعمال القهوة عديمة الكافائين بسبب مادة الترايكلورو أثيلين.

التغذية: السمنة تزيد معدل الإصابة بسرطان القولون، الثدي والرحم. الأكل الدسم جدا يزيد من معدل الإصابة بسرطان الثدي، القولون، والبروستات. بينما يقلل الأكل الغني بالألياف من الإصابة بسرطان القولون. وكذلك الأكل الغني بالخضروات والفواكه يقلل من الإصابة بسرطان الحنجرة، البلعوم، المعدة، والرئة. كما إن أكل المعلبات والمأكولات المعاملة بالنترات وغيرها تعرض للإصابة بسرطان البلعوم.

المواد المضافة للأطعمة:

إن المواد التي تضاف بقصد حفظ الطعام، إضافة طعم جديد له، أو صبغ الطعام هذه كلها يمكن أن تسبب السرطان. هنالك ما يزيد على 15000 مادة تستعمل لهذه الأغراض الثلاث.

الكشف المبكر: لذلك أهميةفي التقليل من صعوبة العلاج وتحسين فرص الشفاء مثل سرطان الثدي وسرطان عنق الرحم والفم والجلد وغيرها.

وقانا الله جميعا من شر المسرطنات والسرطان.

اسمحوا لي فأنا لم أكمل حديثي عن السرطان بعد فهناك سرطانات أخرى ليست مخيفة كهذا المرض، منها برج السرطان وحيوان السرطان.

برج السرطان (حزيران 22-تموز22):  يتصف مواليد هذا البرج بتعلقهم الشديد وحماية من يحبون ولهم قابلية هائلة على الخيال والتصور، والالتزام، والفطنة ولكنهم متقلبو العاطفة وحالهم مرتبط بحال القمر في تقلب هيئته في أيام الشهر. 

حيوان السرطان:

السرطان حيوان قشري بعشرة أذرع يعيش في المياه العذبة. هناك أنواع منه تبلغ المئات فنرى السرطان الصغير الحجم ومنه السرطان الياباني العملاق.

ومن صفات حيوان السرطان مشيته الخرقاء التي انتبه لها الشاعر اللبيب واستثمرها حيث قال:

مشى السرطان يومـا باعوجاجٍ               فقـلّد شـكل مِشـيــته بنـوهُ
 فقال عـلام تنحرفون؟ قـالـوا                  بـدأت به فنـحن مـقلـِّـدوهُ
فخالف سيرك المعوج واعـدل               فإنا إن عـدلـت معـدلـــوهُ
امـا تـدري أبـانا كــــلُّ فـرعٍ               يجـاري بالخــطا مـن أدَّبـوهُ
وينشــأ ناشــئُ الفـتيـانِ منــا                  ـلى مـا كـان عــوده أبـوهُ

اللهم أوجدنا حلاوة العافية وأذقنا برد السلامة وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

هناك المزيد