“نفحة من القلب وإلى القلب

مقتطع من جريدة الزمان

أنقذوا العراق

نشرت في جريدة الزمان؛ السنة السابعة، العدد 1898، 26 آب 2004

لننس الماضي………….. الماضي البعيد

لننس الماضي………….. الماضي القريب

لننس الساعة…………… التي نحن فيها

ولنعمل لإنقاذ العراق…. أهل العراق…..مستقبل العراق…….

 شباب العراق…… أمل العراق

كفانا عذابا وتعذيبا…

كفانا إيذاءا لبعضنا البعض…

كفانا ابتعادا عن بعضنا البعض…

ولنعمل سوية من أجل العراق… نحن الذين عانينا من كل الويلات والمصائب…. وعلى مر العقود والقرون الماضيات… نحن الذين صمدنا في داخل العراق …… وأهلنا الذين شردوا من العراق

لقد عانينا  عربا وأكرادا وتركمانا وآشوريين وكل الأقليات…….. عانينا مسلمين ومسيحيين وصابئة ويزيديين وكل الطوائف الأخرى……… عانينا شيعة وسنة…… عانينا جميعا من كل أغلاط الآخرين وعنجهيتهم ومحبتهم لأنفسهم ونسيان عراقهم …

فلنتذكر العراق…. العراق الجريح الذي يئن من جراحه …… الجراح التي تلعق بها الضباع…. الضباع اللئيمة الخبيثة…. التي تتمنى المزيد من الجراح والدم العراقي المسفوح…. الضباع التي تعتاش على جراح العراق…. الضباع القريبة والبعيدة…. الضباع الصغيرة والكبيرة.

فليجمعنا حب العراق……. فليجمعنا أمل العراق…. فليجمعنا مستقبل العراق… ولنعمل سوية وتحت شعار:

 أنر ولو شمعة تتطور.. ولا تلعن الظلام فتتعثر.

كفانا تذكر الماضي ولعن بعضنا البعض… السيئ سيلعنه التاريخ ويرمي به في مزبلته… ويحاسبه القانون والخالق الكريم الذي لا تنام عينه عن الظالم.

فلننس ذلك الآن….. ولنشمر عن سواعدنا لبناء العراق….. ولنطلق لطاقاتنا العنان لنسرع في خدمة العراق … لأننا من العراق…. وفي العراق… وإلى العراق.

كفانا كلاماً……..كفانا ملاماً…….كفانا بهتاناً………كفانا نرجسيةً…….. كفانا ادعاءً ……كفانا نفاقاً…

ولنعمل … ونتكاتف…. ونمسح الدم عن جراح العراق…. ونضمدها….. حتى يتعافى … ويعود ذلك العراق المعطاء….. الذي يحنو على كل العراقيين…. ويحب كل العراقيين….. ويخدم كل العراقيين.

كفانا الماضي …. ولنبدأ بالمستقبل

يا عراق…. يا عراق…..يا عراق

يا موطني….يا موطني…..يا موطني

لك العلا…… لك السمو……لك التقدم……..لك الأمان…….لك المحبة…..لك نحن جميعا

باسم الأنبياء…… باسم الأئمة …..  باسم المصلحين …. باسم الخيرين…..

نناشدكم إلى ترك الضغائن…. إلى ترك الأحقاد..

نناشدكم إلى التكاتف…. والتوادد…… والعمل الجاد… كجسد واحد… وروح واحدة … في خدمة العراق…

” أنا أموت في سبيل وطني …. ولكني لا أسمح أن يموت وطني في سبيلي”

عبد الهادي الخليلي

رئيس جمعية إنقاذ وتطوير بيئة وحضارة العراق

* نشرت في جريدة الزمان؛ السنة السابعة، العدد 1898، 26 آب 2004

الشيء بالشيء يذكر:

علمت لاحقاً أن الدكتور صباح إيليا القس، أستاذ اللغة العربية، قد رد على تلك النفحة بالمقال الكريم الآتي:

جريدة الزمان / العدد 1920 / 20 ايلول 2004

إلى قلب عبد الهادي الخليلي

سلاماً لقلبك، فهذا مقال مكتوب من القلب فعلا ولا يكتب هذا الكلام إلا محب بل عاشق للعراق. تكتب هذا الموضوع وتترفع عن أن تكتب ألقابك العلمية لكي تبدو إنساناً اعتيادياً وتبتعد عن الأستاذ الدكتور الجراح ولكي تخاطب الناس بلغة الأخ الصديق لا تذكر كلمة الأكاديمي التي درج عليها آخرون حتى لا تبدو معلماً واعظاً بل الأسمى من كل هذا أن تتحدث بثقة المسامح وأنت الذي خرجت قبل مدة من أيدي الخاطفين المبتزين بل تذهب إلى الخارج لإحضار آخر مستجدات علوم وأدوية ومعدات أمراض السرطان (كما نشرت ذلك جريدة الزمان) لتعالج من هو مريض منهم.

كم هو قلبك كبير فأنت السنبلة المليئة التي تحني رأسها للريح وحاشاك أن تكون السنبلة الفارغة التي ترفع رأسها برغم فراغها. العراق قدر العراقيين وعلينا أن نتعايش ضمن هذه الرقعة الجغرافية من دون أن يباهي أو يبتز أحدنا الآخر باسم الدين أو القومية أو الطائفية أو الحزب وألا نحقق حلم الرجل الذي رحل يوم قال (إن العراقيين إذا لم يجدوا من يقاتلونه فسيقاتلون أنفسهم).

 إندس بيننا أصحاب النيات الخبيثة وأصبح العراق ميداناً لحرب العصابات والمخابرات الدولية هم يلعبون ويلهون ونحن ندفع الثمن هم يضحكون ويقهقهون ونحن نلطم ونبكي ونعزي بعضنا بعضاً وسيأتي دورنا جميعاً قتلاً وتفجيراً وسلباً ونهباً واختطافاً إذا لم نوقف هذا النزف.

سلبيات الماضي

الماضي ولّى بكل سلبياته والحاضر والمستقبل أمامنا والحضارة والمدنية والتقدم (الذي سبقتنا أقوام إليه بنصف قرن) تفتح ذراعيها إلينا فخيرات العراق كثيرة وقدرات العراقيين أكثر.

نعم أيها الخليلي لقد عانينا. من هرب منا للعيش في الخارج حيث يجتر أحلامه المستقبلية. أتقبلون أيها العراقيون الطيبون أن تهان كرامة العراقي على أبواب السفارات الأجنبية في دول الجوار؟

والأدهى أن تعلق بعض السفارات إعلاناً ترفض فيه قبول تأشيرة أي طلب عراقي في حين تقبل طلبات رعايا دول ليست موجودة على الخريطة.

قل لي يا سيدي أيها الخليلي ماذا تفعل برئاسة جمعية حماية البيئة؟ وماذا ينفعنا إذا عشنا في بيئة نظيفة وبشر موبوء.  أنا اقترح عليك بل أرشحك لرئاسة جمعية عشاق العراق وسأكون أول منتسب إليها.

لا يا أيها الخليلي لن أدعك تموت وحدك في سبيل الوطن بل اسمح لي أن أموت قبلك وإذا عز عليك ذلك فاشبك يدك بيدي ولنمت معاً في سبيلك يا عراق.

تعليق برسالة من الأستاذ السيد عبد الرزاق الحبوبي

بسم الله الرحمن الرحيم

المدينة المنورة

1 / شوال / 1425 هـ (14 /11/2004م)

اخي الاعز الاستاذ الدكتور ابا ياسر حفظه الله تعالى

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

يسرني غاية السرور ان اقدم لكم من الاعماق اطيب التهاني واسمى الاماني بمناسبة حلول العيد السعيد اعاده الله عليكم وعلى جميع متعلقيكم بوافر الصحة وبمزيد من التوفيق والاطمئنان وانتم سعداء مسرورون بما سينعم به عراقنا الحبيب من الاستقرار والهدوء والسيادة الكاملة , بما سينعم به العراق العظيم في وحدته الوطنية وقد يترك الجميع الهدم وسفك الدماء , فقد ترك الأنا والنظرة الضيقة في كل المفاهيم الحزبية والدينية والمذهبية والعنصرية، ترك الجميع الحقد والبغض والعداء، وتوكل على رب الارض والسماء، وراح مخلصاً للعمل والبناء وكم نحن بحاجة ملحة الى حكم لقمان الحكيم التي منها اثنين: اساءة الآخرين اليك واحسانك للاخرين. وما احوجنا اليوم الى فهم روح الإسلام في كيفية التعامل فيما بيننا وتطبيق الحديث النبوي الشريف ( لا يؤمن احدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ) فأين نحن من هذا الحديث الشريف؟ وهل نحن مؤمنون حقا ؟! وهل كل ما يجري في العراق اليوم من سفك للدماء وهتك لكل الحرمات،  وتجاوزات على كل المقدسات، واغتصاب للطاهرات، وتفجيرات وسيارات مفخخات، وسجون ومعتقلات، فهل كل هذا يتفق مع هذا الحديث الشريف ؟!!

اخي ابا الياسر اطلعت على نفثات قلبك النقي الطاهر، قلبك المفعم بالحب للعراق ولجميع اهل العراق، قلبك الكبير الذي وسع كل العراقيين وبجميع تقسيماتهم، قلبك الذي راح ينبض باقصى سرعته ليقدم دفقات عافية لكل الايتام والارامل والمفجوعين بالاعزاء، وكل المرضى – واغلب العراقيين اليوم مرضى – ولعل اختيارك الطبيب العربي الاول في المؤتمر الطبي العربي الذي انعقد في اليمن الشقيق قبل اكثر من عشر سنوات ليس لعملك المتميز فقط، بل لما تحمله من خلق سامٍ وحب للآخرين ورغبة صادقة لمساعدة اخواننا بني الانسان. وراحت اشعاعات من العلمية والاخلاقية والاجتماعية تلاحق الظلام في كل زمان ومكان واصبحت بحق أحد اولئك الذين وفقهم الله تعالى بهديه ونوره لتكون من الهداة الى الخير والخير للجميع.

اخي الاعز ابا الياسر، ابا الحكمة العجيبة التي تدفعها من ذلك الاب المتميز رحمه الله تعالى حينما دون تاريخ ولادتك المباركة في القرآن وهو يصفك بالحكمة وقد ولدت لقولك , ولعله رحمه الله من الاوائل الذين تعرفوا على علم الجينات فأدرك – وهو طبيب عصره – ان ولده الجديد سيكون له شأن في الحكمة، وقد سماك عبد الهادي ليشتق اسمك من الهداية وكناك “الموفق” ولقبك “أبو الخير” وقد كنت كما ارادك رحمه الله تعالى بل كما رأى جيناتك الطيبة الطاهرة النقية فرحم الله اباك. وارجو ان تعلم بأنني اقرأ له ولجميع متعلقيك الفاتحة عدة مرات في كل يوم، وحفظ الرحمن الرحيم هذا الغرس بأريجه الفواح ( الدكتور عبد الهادي الخليلي ) الذي اصبح أحد اعمدة العراق العظيم في جميع المجالات العلمية والأخلاقية والاجتماعية والسياسية.

دم موفقاً لاخيك،

عبد الرزاق ابراهيم الحبوبي

ألم وأمل

17 / 9 /2004

ويمتد النفق ويطول ولكن الضوء الساطع يبقى في نهايته مهما تناهى النفق في طوله. ويبقى الأمل، ولكن الألم يطغى ويكبر، ونرى الأيام تمضي سراعا تهرول وهي تتمزق وتحترق ، تهرول أمامنا ولكن إلى أين؟  إلى حيث تأمل أن تطفىء حريقها بالفرات المقدس ودجلة الخير ، ولكن تفاجأ بأن الشياطين قد سبقوها إلى الفرات ودجلة وحتى إلى الأهوار الفسيحة فأبدلوا  الماء بالبنزين وإذا بالأيام التي استنجدت بالماء الذي  صار بنزينا زاد حريقها فتمادى لهيبها. وإذا بالنور في نهاية النفق يتبين أنه ضوء قطار قادم ونحن في داخل النفق. لكن لماذا كل هذا، أين الماء الذي كنا نأمل أن يطفئ نار أيامنا، أين الضوء الساطع في نهاية النفق الذي كنا نراهن عليه أن ينير لنا الطريق في الحاضر والمستقبل؟ ومن هم الشياطين الذين أبدلوا الماء بالبنزين؟ ومن هم “المنقذون” الذي جعلوا من النفق القصير نفقا ممتدا على طول الألم، واستقلوا قطار الموت ليدمر من هو في داخل النفق؟ لماذا هذا كله ؟ ما السبب؟ ومن هو المسبب؟ ومن هو المستفيد؟  ألا يحق لهذا الشعب المحروم من العيش بأمان، أن يحصل على الاستقرار؟ ما الذي اقترفه هذا الشعب الخير من ذنب حتى يعاقب بهذا العقاب الرهيب؟ هل إن الشعوب الأخرى القريبة والبعيدة أكثر نبلا وشرفا وصدقا من شعب العراق؟

قلنا إنه النظام السابق، والآن ذهب النظام وولى، فلم لم يتحقق المنشود من الأمن والرخاء؟ قلنا جاءنا إخوتنا المعذبون والمتنورون والواعدون بتحقيق المنشود، فلم لم يتحقق!؟

 إن العراق العظيم الجريح السليب على مفترق طرق الآن. إنه يخضع لأخطر عملية جراحية في تاريخه، حيث المخاطر الجمة أمامه فالتخدير يمكن أن يقضي عليه، ونزف الدم الشديد يمكن أن ينهيه، وصعوبة العملية يمكن أن تودي به. والجرّاح المنهك لربما لا يتمكن من إجراء العملية بالكفاءة المرجوة. وإذا شاء الله سبحانه وتعالى أن يكلل العملية بالنجاح رغم كل هذه الصعوبات فإن هذه معجزة لا تعجِز الله سبحانه فهو القدير على كل شيء. إن القاصي والداني من العراقيين ومن يحب العراق من شعوب العالم الأخرى يبكي دما وتتقطع نياط قلبه على مايجري على أرض العراق؛ من شماله إلى جنوبه ومن غربه إلى شرقه وكل شبر منه. إلى من نلجأ؟ يقال: إلى الماء يسعى من يغص بلقمة، إلى أين يسعى من يغص بماء؟

وها نحن “نغص” بمن كنا نأمل أن ينقذونا.

بالأمس اختطفني مجرمون وكذا اختطفوا العديد من إخواني وأقراني وأحبتي. وببالغ الأسى والألم فقد قتل العديد منهم على أيدي العصابات المجرمة. من المستفيد من هذا ولمصلحة من إخلاء العراق ممن يساهمون في بنائه؟

 هناك موقع على الإنترنت متخصص بمتابعة خسائر أرواح العراقيين المسجلة عند وكالات الأنباء وإذا بها تزيد على الأربعة عشر ألفا. وبالتأكيد لايقل عدد غير المسجلين عن هذا الرقم. فلمصلحة من خسرنا أهلنا، نساءنا، أمهاتنا، أطفالنا، أحبتنا، من كنا نأمل أن يساهموا في بناء الوطن. ما الذي كسب الشياطين من هذه الدماء المسفوحة؟  هل هذا هو هدفهم؟ الذين جاؤا من خارج الوطن وبعض من هم في داخل الوطن  وزعموا أنهم المنقذون بماذا يمكنهم أن يقنعوا أرواح هؤلاء الأبرياء وأهلهم بأن هذه الأرواح الطاهرة التي أزهقت كان يجب أن تزهق؟ ولمصلحة من تزهق؟   ولا يخفى  على المتتبعين وجود عناصر مخلصة في نيتها خدمة العراق ولكنهم اختاروا طريق الدم. لهؤلاء نقول ألم يحن الوقت لمراجعة النفس وإعادة النظر بهذه المسيرة الدموية؟ أبهذا الأسلوب نخدم وطننا؟ أبسفك دماء أهلنا نبني وطننا؟ وإلى متى نتوقف؟ أهناك نهاية للطريق الذي تسلكونه؟ ألا يوجد إسلوب غير سفك دماء أهلنا وأحبتنا لخدمة الوطن؟ هل هناك رقم محدد يجب أن نصل إليه من الأرواح التي تزهق كي ننتهي عنده. أما آن للقائمة المؤلمة الكئيبة المبكية المتزايدة من أعداد الضحايا أن تنتهي ونضع خطا أفقيا ينهيها ويوقفها عند حدها. والله لم أنم ليلتي حينما اطلعت على هذا الموقع في الإنترنت. لا أعلم من صاحب هذا الموقع؟ هل هو متألم أم مستفيد؟ هل هو يتفاخر بتزايد العدد أم يحزن عليه؟ ولكنه يبدو أنه يعطي أرقاما دقيقة مدعومة بمصادر مسؤولة.

ندعو الله في هذا الشهر الفضيل أن يكشف الغمة عن هذه الأمة، وأن نصل في النفق إلى نهايته وأن نتمتع بالنور الساطع عنده، ويعيش العراق بسلام وأمان ورخاء وتقدم.

والسلام عليكم و رحمة الله و بركاته

عبد الهادي الخليلي

بغداد

صرخة من القلب

رُحماك… رُحماك

عبد الهادي الخليلي / واشنطن 2014

رحماك… رحماك ياوطني الجريح

رحماك ياعز الشعوبْ، ومرشدها الفصيح

رحماك ياشعباً تعذّب من عقود

رحماك ندعو الله أن تبقى عراقاً دائماً مثل الوجود

رحماك يا وطناً خلقَ السعادة للجميع وعاش في أقسى الظروف

رحماك ياوطناً تفتح بابه دوماً لأنواع الضيوف

تبقى تظلل جمعنا من كل شمسٍ محرِقةْ

تبقى تحقق للجميع أخوَّةً وسعادةً أبديةً متألقةْ

ندعو الإله بعزتـهْ يحميك من عادي الزمان

يرعى أهالينا من الشمال إلى الجنوب وفي كلِّ المكان

ندعوه أن يجعلْ غمامة صيفنا هذي  تمرُّ وتنتهي

وتعود ياوطني معافىً سالماً ترعى ويرعاك الجميع وتعتلي

هذه مشاعر نابعة من عميق النفس الحزينة والروح المفجوعة بما يحدث في عراقنا هذه الأيام. ففي العين دمعة وفي القلب لوعة مما نحن فيه وهي صورة لما يشعر به أهلنا الطيبون العاشقون لهذا الوطن الحبيب والمخلصون له.

حفظ الله عراقنا وشعبنا من كل الشرور والأشرار.