منتدى دار السلام في واشنطن:
بعد شهرين من استلامي الموقع الرسمي في الملحقية الثقافية في السادس عشر من حزيران 2006، تلقيت دعوة من الجالية العراقية لإلقاء محاضرة في منتدى دار السلام. و”دار السلام” هي منظمة غير حكومية أسسها عراقيون في منطقة واشنطن لجمع شمل الجالية من خلال الثقافة والخدمات الاجتماعية. هدف اللقاء هو توضيح رؤية وخطط الدائرة الثقافية في خدمة التعليم في العراق وإمكانية تضامن الجالية مع هذه الجهود لتوثيق علاقة أفراد الجالية العراقية بالوطن وتقديم ما يمكن أن يساعد في تحقيق تعليم أفضل وخدمات أفضل في مجالي التعليم العالي والصحة في العراق.
جاء في كلمتي: “… يشرفني ويسعدني أن أتحدث إليكم من خلال هذا المجلس المبجل الذي سجل مساهمات مشهودة في تاريخ العراق الجديد. العراق الجديد الذي نأمل أن يكون عراق الأمان والسلام والعزة والفخر لكل العراقيين الذي عانوا الكثير خلال القرون والعقود الماضيات والذين يعانون الآن وفي كل يوم من سفك الدماء وجريان الدموع.
عراقنا الحبيب الذي بقيت قلوبنا معه وعيوننا عليه، العراق الذي لم نتركه طوعا ونتطلع أن نرد جميله علينا جميعاً “
أرض آبائــنا علــيك الـسلام وسقـى الله أنفـس الآبــاء
ما هجرناك إذ هجرناك طوعاً لا تظنّي العقوق في الأبناء
ونحن مهما حصلنا على مكاسب ورفعة وسمعة هنا وهناك نبقى نردد من أعماق قلوبنا:
يـا دجـلة الخـير يا نبعا أفارقه على الكراهة بين الحين والحين
إنـي وردت عيون الماء صافيةً نبعــاً فنبـعاً فما كانت لترويني
وعلينا جميعاً في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ وطننا الجريح المتألم أن نتكاتف بكل أطيافنا ومعتقداتنا وانتماءاتنا لإنقاذ الوطن العزيز والعمل على تقدمه وتطوره.
كلنا إيمان بقدسية هذا التكاتف والتآزر مستلهمين الحديث النبوي الشريف: إن المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص يشدّ بعضه بعضاً وعندها شبك أصابعه الكريمة. وكذلك يجب أن نعمل على أن نتعاون في الأفكار والتخطيط والعمل المشترك لتحقيق ذلك.
فالرأي كالليل مسوّد جوانبه واللـيل لا ينـجلي إلا بإصبـاح
فأضمم مصابيح الرجال إلى مصباح رأيك تزدد ضوء مصباح
كلفتني وزارة التعليم العالي والبحث العلمي أن أقوم بمهام المستشار الثقافي في واشنطن وهذا شرف لي أعتز به لأني أعلم وضمن مجال عملي بأنني سأتعامل مع كنز العراق ومعينه الغني ألا وهو النخبة من العلماء والمتخصّصين والمثقفين الطيبين من أهلنا في الولايات المتحدة.
ولقد كان عطاؤكم قد امتد منذ الاحتلال مشهوداً والأمل أن نعمل جميعاً في تقديم المزيد من العطاء بما يمكننا في تحقيق غايتنا في خدمة العراق العظيم.
بخبرة تمتد لعدة عقود في مجال التعليم العالي والبحث العلمي والمساهمة في لجان وطنية وعربية متعددة في مجال العلم والتخصص والمجتمع تنامت عندي أفكار جمة في مناح متعددة لرفع شأن التعليم العالي والعلم في العراق أتشرف بان أشارككم بها باستماعكم لها ونقدها وتحسينها وإضافة ما ترونه أفضل .
وأؤكد هنا إن هذا الطموح لا يمكن تحقيقه إلا بتكاتف وتعاون كل العراقيين في الداخل والخارج في الفكر والتخطيط والتطبيق…”
وبعد تلك الكلمة قدمت عرضا شرحت فيه ما حققته في الماضي وما آمل أن أقوم به في الولقع الجديد.
كان من بين الحضور د. محمود ثامر، د. وديع حمندي، د. رضا العطار، د. سعد مهدي، د. مهدي الصندقجي، د. علي العطار، د. صاحب الهاشم، د. شوقي العطار، د. مهدي العبيدي، د. محمّد حسين الطريحي، السيد حامد الأعرجي، الشاعر حميد الخاقاني، الشاعر كاظم الوائلي، وولدي ياسر الخليلي وآخرين من وجوه الجالية الأكارم.
نقلت الحدث شبكة تلفزيون الحرة. بعد العرض ناقش الحضور المستشارالثقافي (أنا) مناقشات مستفيضهً بشأن الأفكار المطروحة وكان التفاعل والحماس ما شجع الجميع للعمل سوية في تحقيق المؤمل لخدمة العراق العزيز.
منتدى الأستاذ الدكتور صاحب ذهب في ديترويت:
تلقيت دعوة من الأستاذ الدكتور صاحب ذهب الأديب والمحامي والإقتصادي والمؤرخ المعروف للتحدث في صالونه الأدبي والثقافي في مدينة ديترويت ولقاء المثقفين العراقيين والعرب.
نال الدكتور صاحب ذهب شهادة الدكتوراه من جامعة القاهرة بمرتبة الشرف الأولى عام 1969 وقبلها حصل على إجازة الحقوق من جامعة بغداد عام 1951 ونشرَ عدة مؤلفات في مجال الإقتصاد والأدب. وهو لولب الحركة الأدبية في المهجر في ميشيغان التي يعيش فيها حينئذ بعد انتقاله من كاليفورنيا. له صالون أدبي يمثل ملتقى لذوي العلم والأدب.
توجهت إلى هناك في اليوم السابع والعشرين من مايس 2011 للتحدث بشأن وجهة نظري التي تبنيتها لتطوير العلوم والتكنولوجيا في العراق أو غيره من الدول النامية. وقد تكرم بإقامة دعوة عشاء في داره العامرة حضرها مجموعة من الزملاء الأطباء ومجموعة من وجوه الجالية. كان من بينهم من حضر من ولايات بعيدة عن ولاية ميشيغان.
بعد ذلك توجهنا جميعاً إلى نادي الغولف في مدينة نورثهيلز القريبة حيث تعقد اجتماعات الصالون الثقافي للدكتور صاحب ذهب.
بدأت المحاضرة بتقديم من الدكتور صاحب ذهب لخص فيه سيرتي العلمية والثقافية وأشار إلى موضوع المحاضرة. لم يقتصر الحضور على أعضاء الجالية العراقية فقط بل شارك في الاجتماع إخوة وأخوات من الجالية العربية كذلك.
كان حديثي مقروناً بشرائح توضيحية على الشاشة وبعد ذلك بدأت التعليقات والأسئلة التي قدمها الحضور الأكارم.
علق السيد سعيد الوائلي على المحاضرة بقوله: ” لو طبقت مضامين الأمثلة والقرائن التي احتواها بحث البروفسور الخليلي، كانت لشكلت ثورة علمية لتنهض بالعراق خلال عقد من الزمن ولتكفل بعودته إلى سابق عهده بل لتتخطاه إلى مصاف الدول المتطورة. شكرا للبروفسور الخليلي لجهده الواضح في إعداد هذا البحث القيم كما نوجه الشكر إلى الدكتور صاحب ذهب وصالونه الثقافي والعلمي الذي أثار الحراك الثقافي والعلمي ولمّ شمل الكفاءات والمؤازرين والمثقفين “
في مكتبة الحكمة؛ كتاب الأستاذ الدكتور فرحان باقر:
دعاني الأستاذ ضياء السعداوي صاحب مكتبة الحكمة في منطقة واشنطن وبطلب من الأستاذ الدكتور فرحان باقر لأن أقدم عرضا لكتابه الموسوم: “لمحات من الطب المعاصر في العراق” في رحاب مكتبة الحكمة.
عقدت جلسة موسعة في المكتبة في يوم التاسع والعشرين من شهر تشرين الأول (أكتوبر) 2011 ، وقد امتلأت قاعة المكتبة بالحضور من أبناء الجالية العراقية والعربية وكان الحضور خليطاً من المجتمع الطبي وخارجه.
تفضل الأستاذ الدكتور لؤي بحري بتقديم للمناسبة والمحاضر.
ابتدأت حديثي بالشكر للأستاذ ضياء السعداوي صاحب مكتبة الحكمة المضيفة لهذا اللقاء الثقافي تحت عنوان “خير جليس في الزمان كتاب”. وبعد ذلك قدمت الشكر للأخ الأستاذ الدكتور لؤي بحري على تقديمه وبطبيعة الحال كان الشكر موصولا إلى الحضور الأكارم.
قلت في كلمتي: ” حينما طلب مني أستاذي الدكتور فرحان كتابة تقديم لكتابه الأول “حكيم الحكام من قاسم إلى صدام” شعرت بالإحراج، لخوفي بأن لا أوفي حقه بما يجب فكتبت ثلاث صفحات فيها تاريخ وإنجازات الأستاذ فرحان. وها أنا اليوم أقدم لكم عرضاً لكتابه الجديد لمحات من الطب المعاصر في العراق وهذا شرف آخر أعتز به…”
تطرقت في حديثي إلى جانب من فلسفة الطب وتاريخه وما قدمه الأوائل في وضع اللبنات التي تراكمت عبر القرون ووصلت إلى عصرنا الحاضر وما ساهم به العلم الحديث من قفزات هائلة في تطوير الطب والخدمات الصحية.
واستعرت من كتاب تاريخ الطب (A History of Medicine) قول العالم الطبيب سيكرست :(Seigrist) “إن الشاعر والفيلسوف والمؤرخ أعضاء أساسيون في المجتمع. فالشاعر هو قلب وصوت المجتمع الذي يعبر عن مشاعره ويحرك ويسعد ويلهم ذلك المجتمع. والفيلسوف هو عقل وذكاء المجتمع يفكر بما يدور في أفكار الآخرين بسطحية مبهمة ويضعه في إطار منظم ومنطقي. وإن الفلاسفة هم أهم صناع التاريخ. فلو لم يكن هناك كارل ماركس لما كان هناك الإتحاد السوفيتي وبدون فلاسفة القرن الثامن عشر لم تكن هناك الحضارة الغربية.. أما المؤرخ فإنه ذاكرة المجتمع يتحسس بدقة ما يحسه المجتمع وتقوده العوامل المهمة الآنية إلى استذكار الماضي ليخلقه ثانية في كتاباته. إن تاريخ الطب ليس مقتصراً على التاريخ ككل، وليس هو محاولة لإكمال صورة تاريخ الحضارة لكنه في الأساس هو الطب بعينه، وطريقه للوصول إلى المعضلات في الطب. وإن مؤرخ الطب إنما يخدم الحقيقة كمؤرخ حيث يسعى إلى المساهمة في تقدم الطب.”
“والطب العراقي الحديث فخر للتاريخ العراقي المعاصر فهو الذي بلغ العلا في عقود عديدة، فقد نافست كلية طب بغداد منذ تأسيسها الكليات الطبية العريقة في الوطن العربي وأماكن عديدة خارجه.”
استعرضت الشهادات والخبرة والعلم الغزير الذي تمتع به الدكتور فرحان وما أنجزه عبر سني حياته من تطوير للطب العراقي وتربية أجيال من الأطباء من العراقيين وغيرهم.
أما عن الكتاب فقلت بأنه إضافة موسوعية للمكتبة الطبية العربية في التاريخ والسيرة وقد استعرض فيه المؤلف تاريخ الطب في وادي الرافدين منذ فجر التاريخ مرورا بالعصر الذهبي العربي الإسلامي والعهد العثماني وانتهاءً بالعهد الحاضر. كتب كتابه بخبرة من عاصر الأحداث ووثقها كشاهد عيان لتاريخ الطب العراقي المعاصر في تكوينه وتطوره. وقد شمل توثيقه أحداثا سياسية مرتبطة بالمسيرة الطبية منها حرب فلسطين ومأساة التسمم بالزئبق إلى ما سمي بمذبحة مدينة الطب وغيرها. وفي متن الكتاب نرى الجرأة في إظهار الممارسات الخاطئة التي سببت العثرات العديدة في مسيرة الطب كما في مجال اختيار المتقدمين للدخول إلى الكلية وإسلوب التعليم الطبي. وأخيرا أذكر عرضه لمشاريع مقترحة كان يمكن أن تستثمر لرأب الصدع والنهوض بالطب والخدمات الصحية.
إختتمت حديثي بما ختم به المؤلف مقدمة كتابه بقوله: نسأل الباري عز وجل أن يخرجنا من حلكة ليل قاس إلى الشروق والنور ثانية، بحنكة قيادة نظيفة ومخلصة وعادلة وأبناء الرافدين الغيارى، ليرجع للعراق شموخ ماضيه، وللمواطن العراقي عزته وكرامته. ولن تقوم للعراق قائمة بدون المواطنة الصالحة ونكران الذات والإعتماد على الكفاءات والقابلية بصرف النظر عن دين أو جنس أو طائفة، وهذه لبنات البناء والحياة”.