جراحة محجر العين (الحِجاج)
ما هو المحجر:
محجر العين هو الحفرة العظمية التي تستقر في داخلها مقلة العين للحفاظ عليها من أي تأثيرات خارجية.
حاولت إدخال كلمة “الحجاج” للدلالة على محجر العين حيثُ إنَّ الحجاج أجمل توصيفاً وتعبيراً. وقد ورد في المعجم الطبي الموحّد الذي نشرته منظمة الصحة العالمية بأنَّ محجر العين يدعى بالحَجاج.
وللأسف لم يكن من السهل إقناع المجتمع العلمي بكلمة الحجاج حيث تؤَّول إلى ما يشابهها في الحروف مثل “الحجّاج” وهو الحجاج بن يوسف الثقفي، أو “الحُجاج” وهو جمع كلمة الحاج الذي حجّ بيت الله.
أمراض المحجر:
تتعدد أمراض محجر العين في طبيعتها فهناك الأمراض الالتهابية والخَلقية منذ الولادة والأورام. ويكثر في وطننا الجحوظ بالإصابة بمرض الأكياس المائية التي يسببها طفيلي يعيش في أمعاء الكلب ويلوث المزروعات التي يأكلها الإنسان. وتعالج هذه الأكياس والأورام كافة بالتداخل الجراحي.
تعتبر جراحة محْجِر العين من الجراحات التخصصية الدقيقة لازدحام المحجر بأعصاب وعضلات والعصب البصري واحتمال تضرر مقلة العين والإبصار بسبب المرض أو اختلاطات الجراحة. يشترك في العلاج الاختصاصات التي تحيط بمحجر العين كالجراحة العصبية وجراحة العين وجراحة الأذن والأنف والحنجرة وجراحة الوجه والفكين والجراحة التقويمية وغيرها. وتمتد الاختصاصات لتشمل طب الغدد الصمّاء (الغدة الدرقية) طب الأورام طب الجلد وغيرها. فهي بحقّ إحدى حقول التلاقي والتعشيق بين الاختصاصات الطبية لتحسين الأداء في المستوى الطبي وخدمة المرضى.
بدايات جراحة محجر العين في العراق:
بدأتْ خدمة مرضى محجر العين في العراق منذ الخمسينيّات وعلى يد الأستاذ الفاضل الدكتور حسين طالب الذي كان مثلاً أعلى في الجرأة الجراحية في حقول عديدة منها جراحة محجر العين. فقدم خدمة جليلة في هذا الحقل ونشر بحوثاً قيمة فيه.
أنشأ الدكتور قحطان الربيعي اختصاصي العيون عيادة لجراحة المحجر في مستشفى اليرموك في بغداد بمساعدة زملاء في اختصاص الأذن والأنف والحنجرة. لكن العيادة لم تدم حيث أغلقت عند تقاعده.
تولدت عندي رغبة جراحة المحجر بسبب خبرتي المتواضعة في طب وجراحة العيون التي امتدّت إلى سنتين ونصف مقسمة على مستشفى الرمد في بغداد والحلة في العراق ومانجستر ودندي في بريطانيا. ساعد في ذلك دعم زملائي السابقين في طب العيون.
بداية مسيرتي مع جراحة محجر العين
استمر شعوري بالتواصل مع اختصاص طب العيون فبدأت بعد عودتي إلى العراق في العام 1976 اختصاصياً في الجراحة العصبية. وجدت بأنَّ الطريقة الوحيدة للجمع ما بين الاختصاصين هو التعمق في أمراض محجر العين وعلاجها. اتّصلت بأطباء العيون وأذكر منهم الدكتور نجيب هنودي في مدينة الطب وفي مستشفى الرمد الدكتور عبد المحسن أبو تراب، غسان نوري فتاح، رضا العطار، خلدون درويش لطفي وآخرين. كان الأكثر قرباً لي ممن هو خارج الخدمة في الدولة اختصاصي العيون الدكتور قحطان الربيعي. وفي مجال الأشعة كان الدكتور حسام جودت سهر الوحيد من أطباء الأشعة في العراق الذي يمكنه أن يعطي الرأي الأفضل في ذلك الاختصاص. تم كذلك إعلام غالبية اختصاصيي العيون في بغداد وخارجها.
كان الدكتور حسام متحمساً جداً لتطوير خدمات الاختصاص الشعاعي فشجعته لتطوير كفاءته في تصوير الوريد الجبهوي لتشخيص حالات أورام المحجر حيث لم تتوفر أية طريقة أخرى للتشخيص في ذلك الوقت غير الأشعة البسيطة.
يظهر هذا الوريد بصورة واضحة عند بعض الأشخاص ولكنه يكون عند آخرين دقيقاً أو مختفياً حيث يصعب زرق المادة الملونة فلا يجرى الفحص. تحسن في عام 1978أسلوب تشخيص أمراض المحجر بدخول جهاز المفراس (CT Scan).
مستشفى ابن الهيثم:
افتتحت مستشفى ابن الهيثم للعيون في بغداد عام 1985 وكانت مثالاً للمستشفى الحديث التخصصي. بعد افتتاح مستشفى ابن الهيثم توفرت لي فرصة أكبر لممارسة الاختصاص في تلك المستشفى الذي توفرت فيها متطلبات الفحص العينية كاملة. تمّ الاتّفاق على افتتاح خدمات جراحة محجر العين ليوم واحد في الأسبوع. ساعد ذلك وجود ودعم صديقي وزميلي في الدراسة والإقامة في العيون الدكتور نايف الحسوني اختصاصي العيون الذي كان مديراً للمستشفى وكذلك الدكتور حسام جودت والزملاء الآخرين.
كانت العيادة الاسبوعية زاخرة بلقاء الأطباء الاختصاصيين من الاختصاصات المختلفة ومرة في كل شهر كانت تعقد ندوة علمية تعرض فيها الحالات النادرة والمعقدة. وقد توسع النشاط بدعم كبير من جمعية أطباء العيون العراقية.
كانت اللقاءات الشهرية تستقطب المعنيين بالمحجر من أطباء العيون وغيرهم لحضور الندوة الشهرية وكنت أدعو الزملاء الذين لهم علاقة مباشرة بالحالات التي تعرض في تلك الندوة. فمثلاً في عرض إحدى حالات التشوه الولادي في العين والمحجر دعوت الأستاذ الدكتور محمود حياوي والأستاذ الدكتور فاضل الخفاجي من قسم التشريح والدكتور محمود مرجع في مجال التشوهات الولادية.
حالة طبية نادرة؛ الرجل البطاطا!:
من الحالات النادرة جداً حالة مريض قروي راجعني في مستشفى ابن الهيثم في عيادة محجر العين
يدعى هذا المرض الخلقي المنشأ بمرض التليف العصبي. بدأ عند مريضنا منذ الولادة وتطور بمرور الزمن فظهر على هيئة كتل “لحمية” متدلية من الجلد شاملة الجسم كله من الرأس وحتى أصابع القدمين.
يتراوح حجم الكتل بين السنتيمتر الواحد والخمسة سنتيمترات أو تزيد. وصفتُ المريض بالرجل البطاطا لأن تلك الكتل المتدلية وكأنها ثوب تمت حياكته من البطاطا الطرية النيئة لبسه المريض فوق جلده.
نشرت عنه بعض الصحف العراقية. ومما بهرني بهذا الرجل البسيط إنه ذو شخصية قوية واثقة بالنفس بالرغم من أن وجهه تغطيه الكتل ما يمكن أن يكون مرعبا حينما يراه الشخص لأول مرة.
ملاحظات جراحية شخصية:
تطورت خبرتي تدريجياً في مجال جراحة محجر العين وتولدت لدي أفكار في التشخيص والعلاج. ففي مجال التشخيص جابهت مشكلة في مايبينه جهاز المفراس من تفاصيل بخصوص الكيس وهي معلومات غير دقيقة حيث يشخص الكيس المائي وكأنه ورم صلب وليس كيسا مائيا. وفي مجال العلاج تولدت لدي طريقة لمعالجة واستئصال الكيس بطريقة سهلة وقليلة الخطورة وبوقت قصير.
بحث بخصوص تفسير ظاهرة التشخيص الخاطئ في فحص المفراس:
اكتشفت بأنَّ جهاز المفراس (CT Scan) يشخص الكيس المائي في محجر العين وكأنه ورم مكتنز وليس كيسا مملوءا بالسائل المائي. وبذا يختلف الكيس المائي في المحجر عن كلّ الأكياس المائية في أعضاء الجسم الأخرى بضمنها الدماغ حيث يشخصها الجهاز بما هو متوقع بأنها كيس يحوي سائلاً مائياً. وبسبب هذا التشخيص المربك للكيس في المحجر أجريت عدداً من عمليات استئصال أكياس مائية في المحجرعن طريق فتح الجمجمة لأن التشخيص بالمفراس كان ورماً! والمفاجأة تكون بأنَّ يكون “الورم” الذي شخصه الجهاز ما هو إلا كيساً مائياً وكان يمكن التعامل معه بدون فتح الجمجمة. ولله الحمد لم تحدث أية مضاعفات تذكر لهذه العمليات. حاولت بدون جدوى تفسير تلك الظاهرة. استعنت بزملائي من اختصاصيي الأشعة والفيزيائيين فلم نصل إلى نتيجة. وفي العام 1986 قررت أن أحاول إيجاد تفسير لتلك الظاهرة المهمة في التشخيص والعلاج. استخدمت جمجمة هيكل عظمي ووضعت في داخل تجويف المحجر وداخل الجمجمة كيسين مطاطيين مليئين بالماء. أجريت الفحص بالمفراس على الجمجمة مع الكيسين فظهر السبب ونشرت ذلك البحث في مجلة الأشعة الرقمية الامريكية وكذلك ذكرتها في محاضرة في مؤتمر جراحة محجر العين في أمريكا. تفاصيل كاملة لاحقاً في فصل مسيرتي مع البحث العلمي.
ابتكار عملية لاستئصال الأكياس المائية في المحجر:
تراكمت خبرتي بتواضع في جراحة المحجر والصعوبات التي واجهتها في طريقة علاج الأكياس المائية في المحجرحيث تبلورت لدي فكرة تحوير عملية استئصال الكيس كاملاً بوقت قصير وبأقل ما يمكن من الأذى لأنسجة المحجر الحساسة والحيوية جداً. وضعت تفاصيل خطوات العملية وطبقتها على عدد كبير من حالات الكيس المائي في المحجر. ألقيت محاضرة بشأن تفاصيل العملية ونتائجها في مؤتمر جراحة محجر العين في العام 2008 في مدينة أتلانتا الأمريكية. بعدها نشرت عنها بحثا مفصلاً في مجلة المجلس العراقي للاختصاصات الطبية في العام 2016. تفاصيل كاملة لاحقاً في فصل مسيرتي مع البحث العلمي.
تجربة مؤلمة:
افتتحت في بغداد في بداية الثمانينيّات من القرن الماضي مستشفى أهلي أجنبي تديره شركة بارك (PARK) الأيرلندية للفنادق سميت مستشفى ابن البيطار. كان موقعها في موقع مستشفى ابن البيطار لأمراض القلب الحالية. كان ملاكها الطبي والخدمي والإداري أجنبي بالإطلاق حيث جاء الاختصاصيون والمقيمون من كندا وأستراليا ومن مختلف الدول الأوربية وغيرها.
راجعتني مرة في عيادة محجر العين سيدة في مقتبل العمر وبعينين زرقاويين من مدينة الموصل تشكو من جحوظ إحدى عينيها. بعد إكمال الفحوصات تبين أن جحوظ عينها سببه كيس مائي في المحجر. ولوجود مستشفى أجنبي، ابن البيطار، فضلت أن تجري الجراحة هناك. راجعتني بعد أسابيع من إجرائها العملية على يد جراح إختصاصي عيون في تلك المستشفى وكانت مفاجئة مؤلمة جداً حيثُ إنَّ عينها المصابة بالجحوظ قد فقدت الرؤيا وتسمرت العين في مكانها لا تتحرك بأي اتّجاه بسبب تدمير عضلات العين وأعصابها. كانت تلك صدمة كبيرة لي وبطبيعة الحال للمريضة المسكينة وأهلها. كان سبب تلك المضاعفات هو تخبّط الجراح داخل المحجر لعدم درايته بكيفية التعامل مع الكيس لأنه لم يتعامل أو يعالج هكذا حالة في حياته في الغرب لعدم حدوث تلك الإصابات في بلده وكان الأجدر به عدم إجراء العملية. وللأسف ينظر مرضانا للطبيب الأجنبي بمنظار الإجلال والتقدير أكثر مما يقيمون طبيبهم ابن بلدهم.
التدريب على جراحة محجر العين
التدريب الأساسي:
بحكم تدريبي السابق في طب وجراحة العيون في العراق وبريطانيا كانت لدي الثقة بالقدرة على القيام بالعمليات حول مقلة العين والتعامل مع الأنسجة المحيطة بالمقلة وبعضلاتها الرقيقة.
ولأنني متخصص بالجراحة العصبية التي تشمل جراحة قاعدة الجمجمة التي من ضمنها منطقة محجر العين، لذا كنت مؤهلاً من الناحية الجراحية أن أتعامل مع أغلب آفات محجر العين حيث أتمكن من الدخول اليها من جميع الاتجاهات حسب ما تتطلبه العملية. أما إذا شملت تلك الآفات الجيوب الأنفية المحيطة بالمحجر أو امتدت الافة إلى أسفل لتشمل عظام الوجه فهنا يجب العمل كفريق مع التخصصين بهذين المجالين.
بالرغم من التمتع بتلك الخبرة المشتركة لم أجد نفسي مؤهلاً للدخول في مجال جراحة المحجر قبل التدريب الحقيقي وعلى أيدي متخصصين في مراكز عالمية. عملت على أن أجد مركزاً معروفاً لجراحة محجر العين للتدريب كي أبدأ بداية مبنية على أسس قويمة. وهكذا كان وعلى مرحلتين: ألمانيا في العام 1979 وبريطانيا في العام 1990.
التدريب في ألمانيا:
كما ذكرت سابقاً فقد عملت في المستشفى الجامعي يوهان غوتنبرغ في مدينة ماينز الألمانية الغربية بزمالة من مؤسسة الداد. عملت بمعية الاستاذ رئيس القسم كورت شورمان (Kurt Schurmann).
فاتحت الاستاذ شورمان الذي رحب برغبتي في تطوير خبرتي في جراحة محجر العين فأوعز للمعنيين بتوفير ما أحتاجه لتجاربي تلك. حقق لي طلبي بأن أجري تجارب جراحية على جثث الموتى في المختبر التجريبي للجراحة العصبية في الجامعة.
المختبر الجراحي: يشغل المختبر الجراحي بناية ضخمة بعدة طبقات وفيها مختبرات لكل الاقسام الجراحية والطبية. كان لمختبر الجراحة العصبية جناح ضخم لم أتوقع أن أشاهد مثله ولم أشاهد مثله في بريطانيا في المستشفيات الجامعية التي عملت فيها. جهز المختبر بكل الوسائل اللازمة للبحوث في ذلك الوقت بضمنها جهاز الاشعة والتخدير العمومي للحيوانات الكبيرة والصغيرة.
جهزوا لي ما مطلوب من أدوات جراحية لازمة لفتح الجمجمة والمحجر. كنت أقضي يوما كاملا من كل أسبوع في المختبر الباثولوجي حيث توجد جثث الموتى الذين يجري تشريحهم من قبل المتخصصين والسماح لي بإجراء عملياتي بعد إكمال ما يجب على شرط ألاّ أغير من المعالم الخارجية للجثة، تمكنت من زيادة خبرتي في مجال فتح محجر العين عن طريق فتح الجمجمة.
كان المختبر برعاية شاب مصري تقني متخصص اسمه السيد خليفة كان لطيف المعشر يحب المساعدة ولاسيما عندما عرف باني من العراق حيث وفر لي كل المتطلبات.
التدريب في بريطانيا:
كنت تواقاً للاستزادة في الخبرة في جراحة المحجر. علمت بأن مستشفى مورفيلدز في لندن هي المستشفى الأفضل للعيون في بريطانيا بل في أوربا قاطبة. وهناك يرأس قسم جراحة محجر العين الأستاذ جون رايت (John Write) المعروف على مستوى عالمي. اتصلت به بالمراسلة في نهاية العام 1989وبينت رغبتي في الاطلاع والتدريب في قسم جراحة المحجر فأجاب بالموافقة. ثبت موعد الإيفاد إلى المستشفى ليكون في الشهر الثالث من عام 1990.
مفاجأة عند الدخول:
ذهبت إلى المستشفى وعند دخولي حدثت مفارقة غريبة لم أعهدها من قبل حينما كنت في بريطانيا في السبعينيات. فقد دخلت من الباب الرئيسي متوجهاً إلى الطبقة الثانية حيث مركز جراحة محجر العين. سمعت شخصاً ينادي علي وهو يجري باتّجاهي توقفت لأرى ما الأمر وإذا به من موظفي الاستعلامات وتحدث بلهجة صارمة قائلاً إلى من أنت وإلى أين أنت ذاهب؟ استغربت من أسلوبه وأجبته على تساؤله فاعتذر وغادر. وفي الوقت الذي كنت فيه كما قلت في السبعينيات لم يخطر على بال أحد أن يرى هذا التشدد ومراقبة الداخلين إلى مؤسسة طبية خدمية. وكنت قد دخلت إلى نفس المستشفى في العام 1971 في بداية وجودي في بريطانيا للقاء الدكتور محمود الهاشمي الذي كان يعمل في العيادة الخارجية في المستشفى وكان الدخول بكامل الحرية وبدون قيود واستفسارات.
الشيء المستغرب الآخر ولكنه المبهر هو النظام المتبع في المسشفى حيث كان لكلّ قسم من أقسام المستشفى لون خاص به. فترى الجدران والخطوط على أرض الممرات قد طليت بألوان الأقسام البني والوردي والأخضر وغيرها، وما على الزائر والمريض إلا تتبع اللون الخاص ليصل الى القسم المطلوب.
العمل في مستشفى مورفيلدز:
التقيت بالدكتور جون رايت في المستشفى وباشرت الحضور في العيادة الخارجية والعمليات الجراحية. كنت أدون كل الملّاحظات السريرية والجراحية بصورة مختصرة لأتوسع بها بعد الانتهاء من العمل اليومي. كان لولب العمل في القسم الدكتور جفري روز (Geoffrey Rose) وكان يشغل موقع رئيس الأطباء المقيمين في القسم وهو شاب ذكي جداً ذو كفاءة جراحية عالية وأخلاق راقية. وبالمناسبة تتبعت أخباره وإذا به رئيس القسم الان في نفس المستشفى وقد حصل على درجة الاستاذية.
عند عملي في القسم كنا نناقش الحالات بصورة عامة ولا سيما الحالات المعقّدة والغريبة ويتقرر من الدكتور رايت والدكتور روز الأسلوب الأمثل لإجراء العملية اللازمة لكلّ حالة. قدمت لهم في إحدى الجلسات نبذة بخصوص مرض الأكياس المائية في محجر العين والتي يعاني منه العديد من مرضانا في العراق. فتشوقوا لمعرفة المزيد وودوا الاطّلاع على طبيعة المرض وطريقة علاجه والتحوير الذي استخدمته. تقرر أن أقدم محاضرة بشأن المرض وإصابة محجر العين مع عرض فلم الفيديو. أدرجت تلك المحاضرة في جدول اللقاءات العلمية الدورية للقسم وأعطوني مدة أسبوع للاستعداد لتقديمها.
فلم العملية الجراحية للأكياس المائية:
تطورت وتكاملت لدي خطوات عملية استئصال الكيس المائي وعندها قررت أن أنتج فلم فيديو يبين تفاصيل خطوات إجراء عملية من تصميمي ليطبقها الجراحون المعنيون لاستئصال الكيس وعدم التسبب بأي تلف في وظيفة الإبصار. تمّ إنتاج فلم للعملية الجراحية في دار الإذاعة والتلفزيون ومن ثمّ في مديرية التلفزيون التربوي.
قدمت عرضا تجريبياً للفلم أمام بعض الأطباء المقيمين وكان خيبة أمل لي لضعف مستوى الإخراج الفني للفلم. كان ذلك بالرغم من الجهد الكبير الذي بذلته في العراق وبذله “المتخصصون” الفنيون في دار التلفزيون ومديرية التلفزيون التربوي في بغداد. حاولت مع قسم التصوير في المستشفى نفسها على أن يساعدوا بحل تقني ولكنهم اعتذروا لعدم وجود التقنية اللازمة لديهم. أصبت بصدمة فبعد الجهود المضنية في العراق لإنتاج فلم في أرقى مؤسسة وهي مؤسسة الاذاعة والتلفزيزن جاءت هذه المفاجأة باعتبار ان الفلم لايصلح للعرض في المحاضرة! بطريق الصدفة اتصل بي صديق طبيب جراح من اليمن الشقيق كان يعمل بمعيتي عند عملي كطبيب مقيم حينما كنت رئيس المقيمين في السبعينيات في مستشفى ليدز الجامعي في إنكلترا هو الدكتور عادل العولقي. وعندما بينت له الإحباط الذي كنت فيه أجاب بانه سيعمل على تذليل ذلك حيث كان في ذلك الوقت بمنصب المسؤول العلمي في أحد أقسام مؤسسة الـ: “اي بي ام IBM” العملاقة في مدينة هامل هامستد (Hamel Hampstead) شمال لندن. اتّصل بالمسؤولين الفنيين هناك وطلب مني أن أصحبه إلى الاستوديو في مختبراتهم في تلك المدينة. وهناك وبوجودي معهم أنجزوا ما لم أتوقع فقد أعادوا تسجيل الفلم بتقنياتهم العالية ورفعوا من مستوى الفلم في الصورة والصوت فكان ذلك إنقاذاً لم أتوقعه.
امحاضرة في مستشفى مورفيلدز:
عند ذلك أصبحت على استعداد لتقديم محاضرتي التي صاحبتها في تلك الجلسة محاضرة لأستاذة اختصاصية في الأذن والأنف والحنجرة من مستشفى جارنك كروص (Charing Cross Hospital) واسمها الأول الدكتورة فاليري والتي كان موضوع محاضرتها عن أمراض المحجر الناجمة عن أمراض الجيوب الأنفية. حضر في القاعة اختصاصيو المستشفى وأطباؤها المقيمون وكذلك العديد من اختصاصي الأذن والأنف والحنجرة. صادف ان الدكتور عبد المحسن أبو تراب كان حاضراً في القاعة الذي كان يتمتع بسنة تفرغ من قسم العيون الذي يعمل فيه في كندا وهو من أفضل أطباء العيون العراقيين الذي تدربت على يده في مستشفى الرمد في بغداد في نهاية الستينيات.
كانت محاضرة الدكتورة فاليري قبل محاضرتي وبطبيعة الحال لقيت محاضرتها الاستحسان ولكن ما ذكرَته الدكتورة يمكن أن يتوفر في الأدبيات واللقاءات لشيوع تلك الاختلاطات في كلّ مكان فلم يكن هناك جديد فيها حيث كانت تعليمية أكثر منها بحثية. ولكن الاهتمام الأكثر كان بمحاضرتي لكونها تدور حول مرض غريب عنهم يودون الاطلاع عليه. كان من اهتمامهم الشديد ان نصف الحضور غيّروا مكانهم في القاعة عندما حصل عطل فجائي في أحد جهازي العرض على جانبي مقدمة القاعة ليتجهوا إلى الجهاز الآخر الصالح العمل. استقبلت المحاضرة استقبالاً متميزاً من الجميع. بعد المحاضرة التقيت بالدكتور عبد المحسن فدعاني الى مسكنه في لندن حيث قدمت لنا زوجته الفاضلة أم سديم أكلة عراقية صميمة وهي مرق السبيناغ الذي أجادت طبخه بأفضل ما يمكن.
مفارقة:
من الطريف أن التكنولوجيا العالية في القاعة من حيث تقنية عرض السلايدات (الشرائح) والسيطرة على الصوت والتلفزيون والليزر التي يتحكم بها المحاضر قد عطلت عن العمل. كانت هناك عصا طويلة للتأشير من أيام زمان وقد أنقذت الموقف حيث استخدمتها للتأشير على تفاصيل الصور المعروضة على الشاشة. لم أترك تلك المفارقة فعلقت على تلك المفارقة قائلاً إننا في العراق نستعمل العصا منذ بداية محاضراتنا وسط ضحك الحضور.
محاضرة في مستشفى كلية طب همرسميث:
حضر المحاضرة جراح يعمل في مستشفى همرسميث (Hammersmith Hospital). بعد انتهائي من إلقائها طلب مني أن ألقيها في قسم الجراحة في المستشفى. وبكلّ سرور وافقت على ذلك. كان الحضور مقتصراً على قسم الجراحة وبعد المحاضرة تبادلنا الآراء حيث كان بعض الجراحين من الحضور قد خدموا سابقاً في بلدان تحدث فيها إصابات الأكياس المائية.
العودة بعد التدريب:
بعد عودتي إلى العراق أصبحت على دراية أفضل بما يجري في مجال جراحة المحجر في المراكز المتقدمة مثل الذي زرته في لندن. إن أهم فرق بيننا وبينهم أنّهم متفرغون لهذا الاختصاص الدقيق ولا يمكن أن نرقى إلى مستواهم إلا بالتفرغ الكامل. ويصعب تحقيق ذلك بسبب الالتزام الأهم وهو الجراحة العصبية ومسؤوليتها الضخمة نهاراً وليلاً وكذلك أداء الواجبات التدريسية في الكلية الطبية وتدريب الآطباء المقيمين وغيرها من المسؤوليات.
قفزة إلى العام 2008: ألقيت في المؤتمر العالمي لجراحة محجر العين الذي عقد في مدينة أتلانتا ولاية جورجيا الامريكية محاضرة حول عملية استئصال الكيس المائي من محجر العين. سأفصلها في الجزء الثالث في فصل مؤتمرات.
العملية المستحدثة للدخول إلى المحجر:
ولدّت الخبرة المتراكمة في جراحة المحجر أفكاراً جديدة في طريقة أخرى للدخول إلى المحجر. جاءت الفكرة بعد المناقشة مع الجراح الاسكتلندي في كلاسكو راب هايد (Rab Hide). الأسلوب الذي فكرت فيه يوجد مفصلاً في الأدبيات الجراحية ولكن الأساس هو أنه بعد فتح الجمجمة في المنطقة الجبهوية يرفع سقف المحجر مع حافة المحجر الأمامية كلها وعندئذ تكون محتويات المحجر بكل تفاصيلها أمام الجراح. تستخدم هذه العملية في حالات الأورام الكبيرة في المحجر وخصوصاً التي تقع في أعلى تجويف المحجر (التفاصيل في مسيرتي مع البحث العلمي).
مشاركات فعّالة في مؤتمرات العيون:
داخل العراق:
شاركت في المؤتمرات الوطنية للعيون والتي كانت تقام في كلّ سنة تقريباً.
المؤتمرات الدولية:
ساهمت مع العديد من الزملاء اختصاصي العيون في مؤتمرات دولية عقدت في القاهرة وبيروت ودمشق حيث قدمت ما لدي من خبرة متواضعة في جراحة المحجر وعرض الحالات التي تمّ علاجها والنتائج المتوخاة (التفاصيل في فصل النشاط العلمي، المؤتمرات).
التكريم: ولقد تفضلت جمعية أطباء العيون العراقية بتكريمي بدرع الجمعية في أحد مؤتمراتها لما قدمته من خدمات في اختصاص جراحة محجر العين.
عيادة جراحة المحجر في مستشفى الجراحات
بسبب تكاثر وتزاحم المسؤوليات الطبية وقلة الوقت لتحقيقها وبعد مسافة مستشفى ابن الهيثم عن مستشفى الجراحات التخصصية في مدينة الطب قررت نقل العيادة إلى مستشفى الجراحات عام 1994. بقي برنامج العيادة يوماً في الأسبوع وكان يشارك فيه العديد من الزملاء مثل الدكتور نبيل المختار ومازن العزاوي في اختصاص الأذن والأنف والحنجرة، الدكتور إياد محمّد إسماعيل اختصاصي جراحة الوجه والفكين والدكتور معيد الخشن اختصاصي العيون والدكتور زكريا يحيى في اختصاص الجراحة التقويمية وغيرهم من الزملاء. كانت العيادة في نفس الوقت بالإضافة للخدمات لمرضى محجر العين ندوة للشباب من الأطباء في أعلب الاختصاصات للإسهام والاستزادة من الخبرة والعلم.
رأي:
كنت من الدعاة إلى التخصص الدقيق في الطب والجراحة وفي واقع الحال كنت أطمح أن يشمل ذلك المبدأ كل الاختصاصات العلمية والأدبية. في الواقع الذي كنا نعيشه في زمن الحصار الجائر وقطع الاتصال بالعالم الخارجي وشحة التجهيزات كان من الصعب جداً ترويج وقبول المشروع. ولكن بإيماني العميق بالمبدأ ورغبتي في تحقيقه وولعي بجراحة محجر العين عملت بكل ما أستطيع لكي أحقق ذلك وأن أثبت للجميع بأن الإرادة والمثابرة يمكن أن تحقق الهدف ولو بعد حين.
بدايات العمل على إنشاء مركز جراحة محجر العين:
بدأت بعد نقل عيادة محجر العين إلى مستشفى الجراحات في التفكير باستحداث مركز لجراحة محجر العين في المستشفى. كانت تربطني بالدكتور أوميد مدحت مبارك وزير الصحة علاقة صداقة قبل استيزاره بسنوات عديدة وهذا شجعني أن أبحث معه مشروع إنشاء مركز لجراحة محجر العين. ولكي أحصل على مكان مناسب للمركز لم أجد إلا الطبقة الرابعة عشرة في المستشفى الذي كان يشغله الأطباء المقيمون الدوريون (سنة أولى إقامة) لسكنهم. وفي تلك المدة تمّ نقل سكنهم إلى مكان آخر فبقيت الطبقة فارغة. ناقشت الموضوع مع مدير المستشفى الدكتور مثنى القصاب فأيّد المشروع.
تقديم الطلب إلى الوزير:
تحدثت مع الوزير بشأن المشروع وطلب مني أن أقدم له طلبا رسميا في تفاصيل المشروع. وكان ما قدمته ما يأتي:
“… تعد جراحة محجر العين من الجراحات التخصصية الدقيقة النادرة، حيث توجد هناك مراكز قليلة جداً في العالم تنفرد بالعناية بهذا الاختصاص. وهناك بطبيعة الحال من يقوم بهذا الاختصاص ضمن قسم العيون مثلاً أو غيره وليس في مركز متخصّص يقتصر على جراحة المحجر. أما في وطننا العربي فلا توجد مراكز متخصّصة لذلك. ولكن هناك بعض الاختصاصيين في قطرين عربيين أو ربما أكثر ممن لهم الخبرة في هذا الاختصاص يمارسونه على مستوى فردي وليس مركزيا. بدأت خدمات جراحة محجر العين منذ عام 1979 حينما قمت بتقديم الاستشارات للزملاء في اختصاص العيون واختصاص الأذن والأنف والحنجرة وغيرها. بعد افتتاح مستشفى ابن الهيثم للعيون بادرت بفتح عيادة محجر العين فيها. وبعد ذلك نقلت العيادة إلى مستشفى الشهيد عدنان خير الله عام 1994. ولقد أشاد بها كلّ من زار العيادة التخصصية هذه من الأخوة اختصاصيي العيون والجراحة العصبية الزائرين من الدول العربية وأولئك الذين عرفوا عنها عند اللقاءات العلمية والمؤتمرات خارج العراق.
ولتوفر الخبرات النادرة في جراحة محجر العين في وطننا العزيز في الوقت الحاضر يحتم علينا الواجب الخدمي الطبي والأكاديمي والوطني أنْ نواكب التطوّر المتسارع في الاختصاص لكي لا نتخلف عن الركب الحضاري العالمي في هذا المجال. وعليه نأمل تبّني كلّ ما هو مفيد لرفع كفاءة الأداء الطبي في القطر، بالحصول على موافقتكم على استحداث مركز لجراحة محجر العين.
الموافقة على إنشاء المركز:
بعد تقديم كلّ ما طلبته الجهات الرسمية تمت في 20/3/2001 موافقة الوزارة على استحداث مركز جراحة محجر العين في الطبقة الرابعة عشرة في مستشفى الشهيد عدنان خير الله. كان القرار أن يخصص نصف الطبقة الأيمن فقط ولكني تمكنت بمساعدة الدكتور خلدون البياتي مدير المستشفى أن تكون العيادة الخارجية للمركز في جزء من النصف الآخر الذي تفصل بينهما الساحة التي فيها المصاعد الثمانية للمستشفى.
بدأنا في عزّ الحصار وشحة الموارد والمواد والخدمات في تحقيق الحلم بإنشاء المركز وبما هو متوفر ودعم مدير المستشفى الدكتور خلدون البياتي الذي يترجم دعم وزير الصحة الدكتور أوميد مدحت مبارك.
الخطوات في إنشاءه:
الأهداف:
يقدم المركز الخدمات التخصصية في جراحة محجر العين لمرضانا مما يحقق علاجهم بأفضل ما يمكن ما يوفر الأموال والجهد بتحقيق عدم الضرورة لسفرهم إلى خارج الوطن للعلاج. ويعنى المركز بما استجد في العالم من التطورات الحديثة في التقانات المستخدمة في تشخيص وعلاج أمراض محجر العين،
نأمل أن يكون هذا المركز بؤرة استقطاب للمتخصصين وللمرضى في هذا المجال في الوطن العربي و الدول المجاورة. وكذلك ان يكون معهدا طبيا لتدريب وإعداد الملاكات المتخصصة في داخل وخارج العراق.
موقع المركز:
يكون موقع المركز في مستشفى الجراحات التخصصية الطبقة الرابعة عشرة (نصف طبقة) ومتداخلاً مع شعبة الجراحة العصبية في الطبقة الحادية عشرة في المستشفى.
الخطوات في تشييده:
اسم المركز:
كنت تواقاً أنْ يكون اسم المركز مقترناً باسم “الجاحظ” وهو من الأدباء العرب الذي اشتهروا في العصر العباسي. والجاحظ هو لقب أطلق على الأديب عمرو بن بحر بن محبوب الكناني بسبب جحوظ عينيه ووضوح بياضهما. ولد في البصرة سنة 159 هـ (بحدود 770م) وتوفي فيها عن عمر ستة وتسعين عاماً.
عند تقديم دراسة الاسم المقترح تقرر رسميا تسمية المركز باسم الرئيس صدام كإنجاز علمي في زمن الحصار. وهكذا أصبح اسم المركز “مركز صدام لجراحة محجر العين”.
الشعار:
يتكون الشعار الذي صممته من قرص أسود يمثل بؤبؤ العين تحيط به دوائر متعاقبة تمثل القزحية ثمّ القرنية ثمّ أنسجة المحجر على شكل دوائر متعاقبة. ويرمز للمحجر المثلث الجانبي الذي في نهايته منظر جانبي للعين يتكرر واحد باللون الأزرق الهادئ وهو ملتصق بالجدار حيث يمثل العين في حالتها لطبيعية والأخر باللون الأحمر (رمزاً للخطر) وفيه يرمز للعين البارزة وهي لا تتصل بجدار المحجر للدلالة على احتمال استمرار الجحوظ. أنجز الشعار ورسمه على بلاطات من السيراميك فنان في مدينة الكاظمية وقد ثبت في مدخل المركز.
استخدم هذا الشعار في كلّ الاستمارات الرسمية للمركز وعلى الشراشف المصنوعة في معمل الخياطة وعلى مرآة كبيرة حفر عليها الفنان الشاب ليث الخليلي وأهداها للمركز.
مدخل المركز:
وددت أن لا يكون مدخل المركز نمطياً وأن يضفى عليه مسحة من الفنّ تطيب نفس المريض وتقلل من خوفه من دخول ردهات المركز. أملي كان في وضع لوحة فنية معبرة عن جمال بغداد وسحرها في مدخل المركز. وأن تكون اللوحة من السيراميك الذي لا تذوي ألوانه بمرور الزمن. وبناءً على معرفة أستاذي ومعلمي الأستاذ الدكتور حسين علي محفوظ (العلامة المؤرخ) الساكن في الكاظمية بالفنانين التراثيين وأصحاب أفران السيراميك تعرفت على أحدهم في مدينة الكاظمية. وبعد مناقشة الأفكار اتفقنا على لوحة تمثل بغداد القديمة بقبابها ودجلتها وزوارقها وسمائها الصافية وأن يكون اللون الأزرق هو الطاغي على الألوان لما له من تأثير على هدوء النفس. وهكذا كان وأنتج الفنان اللوحة التي كانت بقياس المتر في ثلاثة أرباعه تقريباً. وثبتت على يسار المدخل حيث كان قد ثبت شعار المركز من السيراميك الجميل على يسار المدخل.
التأثيث:
تبرع بكامل تأثيث المركز الدكتور الصناعي فالح الجدة الذي يملك معملاً كبيراً لصناعة الجديد من الأثاث وغيره. ومصنعه الكبير في ساحة السباع في بغداد ورثه عن عائلته وحافظ على تراث العائلة الصناعي.
تمّ تصميم الأثاث على أفضل طراز فني وبكفاءة عالية وحسب متطلبات كل غرفة ومكتب. فضلا على الجدران المفتوحة والمطعمة بالورود الحديدية الجميلة.
فكان منها المناضد البديعة والكراسي والمصاطب والمناضد خاصة للحاسبات وقد ساعدت في تصميمها. وكان ما قدمه الدكتور فالح من أثاث والذي يقدر بمئات الآلاف من الدنانير مجاناً تقديراً لما سيخدم به المركز المرضى العراقيين وكذلك إكراماً لصداقتنا وعملنا المشترك في جمعية إنقاذ وتطوير بيئة وحضارة العراق التي أسسناها مع جمع من العراقيين الأُصلاء.
أما الست بلقيس الأعظمي المتخصّصة بالديكور الداخلي فقد عملت بكلّ إخلاص وتفان وكانت تذهب إلى السوق بنفسها لتختار الستائر الراقية والنباتات وغيرها. ولم تكلف المركز بأي مبلغ.
فالشكر كلّ الشكر للدكتور فالح وملاكه في المعمل وكذلك للست بلقيس بما قدمته من خبرة فنية وجهد مضني.
كان ما صرفناه في شراء التجهيزات الأخرى للمركز من كيسي الخاص مما يردني من إجراء العمليات الجراحية في الجناح الخاص في شعبة الجراحة العصبية لذا لم نطلب أي مبلغ من الدولة.
معمل الخياطة في النجف:
كانت لي علاقة جيدة مع مدير معمل الخياطة في النجف. ذهبت إلى المعمل في النجف بموعد مسبق وطلبت منه أن يتفضل علينا بتجهيز شراشف مطبوع عليها شعار المركز وكذلك بدلات عمليات للملاك الطبي والتمريضي. وبالفعل تمّ التجهيز كاملاً وبدون أية أجور وقد قدمت له الشكر والامتنان.
الحاسبات ووزير التجارة:
استوردت وزارة التجارة العراقية في العام 2000 وما بعده أجهزة حاسبات متطورة مع جهاز طابعة وشاحنة كهربائية في حال انقطاع التيار الكهربائي. يبلغ سعر المنظومة ما يزيد على الألف دولار في السوق المحلية ولكن الوزارة تبيعها لدوائر الدولة بسعر مائتين وخمسين دولاراً فقط. وبسبب ولعي بالحاسبات ودخولي هذا المحيط منذ بداية الثمانينيات (تفاصيل ذلك في فصل مسيرتي مع الحاسبات) قررت أن تدخل الحاسبات في عمل المركز منذ البداية.
تحدثت مع الدكتور خلدون البياتي مدير المستشفى بشأن رغبتي فأجاب أن مدير عام مدينة الطب قدم طلباً إلى وزارة التجارة عن طريق وزارة الصحة لتجهيز المدينة بثلاث حاسبات. طلبت من الدكتور خلدون أن يصدر كتاباً موجهاً إلى وزارة التجارة مباشرة يطلب فيها تزويد المستشفى بعدد من الحاسبات. عارض الطلب حيث إنّه مخالف للقوانين المرعية لتسلسل المراجع التي توجب إرسال كتاب إلى مدير عام المدينة ثمّ وزارة الصحة ومنها إلى وزارة التجارة. أقنعته بأنَّ ذلك سيكون على مسؤوليتي الشخصية.
أصدر الكتاب بعد بينت له علاقتي بوزير التجارة الدكتور محمّد مهدي صالح. كنت حينئذ الطبيب المعالج لوالد زوجته السيد ماهر التكريتي وهو معلم متقاعد عصامي بعيد جداً عن بريق المحسوبيات. توجهت إلى وزارة التجارة وذهبت إلى مكتب الوزير وعند إبلاغه بوجودي في مكتبه دعاني للدخول وبعد المجاملات ذكرت له حاجة المركز إلى حاسبات فوافق في الحال على سبع حاسبات وهنا فاجأته بقولي تبدو عليك علامات الارتياح، فقال ماذا تقصد؟ قلت أودّ الحصول على عشر حاسبات إلى مستشفى الجراحات ففاجأني هو بالموافقة. شكرته كثيراً على لطفه وعدت الى المستشفى فتوجهت الى الدكتور خلدون وبشرته بما حصلت عليه وسط استغرابه وفرحته.
.
- التوثيق باسنخدام الحاسبة:
ساعد المركز القومي للحاسبات في العراق بناء برنامج إدخال في الحاسبة لكل المعلومات التي أعطيتها لهم مبوبة والتي تخص جدول معلومات المريض وتطور حالته وكذلك تفاصيل خطوات العملية الجراحية.
طباعة الاستمارات الخاصة بالمركز:
تعاون معي مدير مطبعة وزارة الصحة إلى درجة كبيرة (للأسف لا أتذكر اسمه الكريم) فكانت كلّ الاستمارات التي صممتها وطلبت أن يطبعها طبعت بأحسن صورة وبدون مقابل. وكنت قد كلّفته سابقاً بطباعة الاستمارات والملفات لشعبة الجراحة العصبية سابقاً. وكان توفير تلك الاستمارات وبالصقة في التصميم والطباعة في زمن الحصار شيء غريب حيث كان الجميع يستخدموا قصاصات من الورق تعويضاً عن الاستمارات لعدم توفر الاستمارات في وزارة الصحة وخارجها.
الأدوات الجراحية:
لعدم توفر العدد الجراحية لهذا الاختصاص ولصعوبة طلب استيرادها في ذلك الزمن الصعب أي زمن الحصار فقد توجهت إلى مخازن وزارة الصحة للأدوات الجراحية والتشخيصية للعيون والأذن والأنف والحنجرة والتجميل وغيرها أبحث عما يصلح من العدد للاستخدام في العمليات الجراحية للمحجر. سهل لي الدخول الى المخازن أحد الموظفين المسؤولين هناك وهو أنسان رائع سبق وأن أجريت عمليات الدماغ لولديه بالتعاقب في حالة “وراثية!” نادرة حيث أصيبا بورم في المخيخ. كان ذلك الرجل الصامد ممتناً لما قدمته فعندها فتحت لي الأبواب بعد موافقة المدير العام الذي تفضل بتقديم كلّ المساعدة.
افتتاح المركز:
بعد إكمال كافة متطلبات الافتتاح تمت دعوة وزير الصحة لافتتاح المركز رسمياً في التاسع من الشهر الخامس عام 2002. عقد الحفل في قاعة المحاضرات في الطابق الثاني لمستشفى الجراحات التخصصية.
حضر حفل الإفتتاح وزير الصحة الدكتور أوميد مدحت مبارك ورئيس الدائرة العلمية في ديوان الرئاسة الدكتور فيصل التميمي والأستاذ الدكتور عبد اللطيف البدري ووكلاء وزارة الصحة ومديرعام مدينة الطب ومدير المستشفى الدكتور خلدون البياتي ومساعده الدكتور أسعد سلمان مع عديد من الزملاء الأطباء وجمع من منتسبي وزارة الصحة.
المتحدثون:
كان عريف الحفل السيد عبد الحقً مسؤول شعبة التوثيق التصويري في المستشفى. تحدث أولاً مدير المستشفى الدكتور خلدون البياتي ومن ثم جاءت كلمتي وبعدها كلمة الدكتور أياد محمد اسماعيل إختصاصي جراحة الوجه والفكين في المستشفى.
شكرت في كلمتي كلّ من ساهم في تحقيق هذا الحلم ابتداءاً من الوزير إلى منتسبي وزارة الصحة وإدارة المستشفى والزملاء الإختصاصيين والدكتور فالح الجدة لتبرعه بالأثاث الحديدي بالكامل والست بلقيس الأعظمي ومكتب المسبار للحاسبات وشركة الرافدين لنصب شبكة الحاسبات وغيرهم.
أكدّت على أن هدف المركز هو جمع الخبرات المتميزة في كلّ الاختصاصات المعنية في المؤسسات الصحية والمتقاعدين في سبيل تقديم أفضل عطاء علمي وخدمي، ليكون مركز استقطاب للمصابين بآفات المحجر في العراق وخارجه لعلاجهم المبكر والأفضل، وأن يقوم بالبحوث التخصصية في هذا المجال، وكذلك سيستخدم المركز الحاسوب كأساس في توثيق حالات المرضى بكل مراحلها منذ دخول المريض إلى رعايته اليومية إلى تفاصيل عمليته الجراحية وخروجه. حيث استحدثت وحدة طموحة للمعلومات والتوثيق.
علّق الوزير الدكتور أوميد عند الافتتاح موجهاً كلامه لي قائلاً: بأنك لم تراجعني قط لطلب أي دعم مادي وأسست هكذا مركز، وهناك في اختصاصات أخرى من خصصت له الدولة الأموال والدعم ولكن لم يتمكن من أن يؤسس مركزاً بمستوى ما أسست. وللتاريخ أقول بأن الدولة لم تصرف أي مبلغ من المال لاستحداث المركز سوى بعض التجهيزات التي كانت في مخازن الوزارة والمستشفى.
التجول في أقسام المركز: بعد ذلك تجول الحضور في مختلف وحدات المركز وزاروا بعض المرضى الراقدين.
الجراحون الاختصاصيون المشاركون في المركز:
- الأستاذ الدكتور عبد الهادي الخليلي، اختصاصي الجراحة العصبية ومتمرس في جراحة محجر العين، مستشفى الشهيد عدنان خير الله
- الدكتور مزهر الدوري، اختصاصي في جراحة الأذن والأنف والحنجرة، متقاعد
- الدكتور أياد محمد اسماعيل، اختصاصي في جراحة الوجه والفكين، مستشفى الشهيد عدنان خير الله
- الدكتور معيد الخشن، اختصاصي طب وجراحة العيون، مستشفى الشهيد عدنان خير الله
- الدكتور صباح العقيلي، اختصاصي الأذن والأنف والحنجرة، مستشفى الشهيد عدنان خير الله
- اللواء الطبيب نبيل المختار، اختصاصي الأذن والأنف والحنجرة، مستشفى الرشيد العسكري
- الدكتور مازن العزاوي، اختصاصي الأذن والأنف والحنجرة، مستشفى اليرموك
- الدكتور عدي عبد المنعم، اختصاصي طب وجراحة العيون، مستشفى ابن الهيثم
- الدكتور علاء زوين، اختصاصي طب وجراحة العيون، مستشفى ابن الهيثم
وحدات المركز:
وحدة الحاسبة: وفيها مهندسان في الحاسبة تمّ اختيارهما من مجموعة من المتقدمين. يشمل عملهما إدخال كافة معلومات حالة المريض عند الدخول وفحوصاته وتفاصيل العلاج والعملية وكذلك أخذ صور فوتوغرافية له قبل وبعد العلاج.
وحدة العيادة الخارجية: يستقبل المركز المرضى في العيادة مرة في الأسبوع وتقع في الجانب الآخر من الطبقة الرابعة عشرة. ويصاحب الفحص أخذ صورة لكلّ مريض جديد للتوثيق وللمريض القديم للمقارنة بما كان سابقاً.
وحدة الإحصاء: توثق كل المعلومات الإحصائية للمركز وقد استخدمت الرموز الإحصائية المعتمدة من منظمة الصحة العالمية مع تحوير محلي.
وحدة التمريض: تشرف عليها الممرضة الجامعية الست هدى ومعها أربع ممرضات.
وحدة النماذج التعويضية: وهذه وحدة متواضعة استلمها شاب متطلع خريج الكلية التقنية لعمل نماذج لتعويض فقدان العين أو ما حول المحجر. كانت المحاولات متواضعة ولكن إبداع السيد أنس كان لافتا للنظر.
وحدة المتحف: كانت بداية متواضعة بدأت بجمع الأورام التي استؤصلت من المرضى الذين دخلوا المركز وكانت نماذج تدريسية حية للأطباء والطلبة.
الصحافة المحلية:
اهتمت الصحافة المحلية ونشرت العديد من المقالات والتحقيقات عن المركز وأهميته.
تقيّيم المركز من قبل منظمة الصحة العالمية (WHO):
قام في نهاية كانون الأول عام 2002 وفد من منظمة الصحة العالمية (منطقة شرق المتوسط EMRO) بزيارة العراق لتقييم بعض المؤسسات وكان من ضمنها المركز. بعد تفقدهم المركز وتفاصيل العمل قرر الوفد اعتبار المركز مركزاً من المراكز الطبية المتميزة في المنطقة.
نماذج من مئات الحلات التي عولجت في المركز:
الزيارات:
توثيق شعري!:
هذه بعض الأبيات من قصيدة كتبها الشاعر الدكتور محمد جواد الحلي اختصاصي العيون بحقّ الدكتور حسام جودت سهر عند تقاعده مشيراً الى دعمه للمركز.
أصدقوني قول حق يا كـرام هل وجدتم فطحلا مثل حسام
فــهو بالمحجر فذ لامــــع يجعل التصــوير يحكي بكـــلام
للخليلي سيبقى ساعدا لإســناد كـلّ شهر كـل عـــام
عملي مقسم بين الدماغ والمحجر: استمر العمل في المركز وكنت أقسم وقتي بين رعاية المركز ورعاية قسم الجراحة العصبية ومهام أخرى خارج المستشفى والكلية حيث كنت نائب رئيس مجلس السرطان في العراق وعضو هيئة البحث العلمي في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وغيرها.
بعد الاحتلال عام 2003:
لم يتغير الاندفاع لدى العاملين في المركز وحافظ المركز على مستواه التنظيمي والإداري وكان قبلة المستشفى حسب تقييم العديد من الزملاء والإداريين. بطبيعة الحال رفع اسم صدام من عنوان المركز وشمل ذلك لوحة مدخل المركز.
زيارة مسؤولي وزارة الصحة من الأمريكان:
زار المركز في اليوم الحادي والعشرين من تموز 2003 القائم بأعمال وزير الصحة الدكتور جيمس هافمان (James Haveman) بصحبة أحد الأطباء العسكريين الأمريكان والأستاذ محمود ثامر المستشار لوزارة الصحة.
كان انطباع الوفد إيجابياً جداً وسجلوا في سجل الزيارات عبارات تنم عن الانبهار والتقدير.
تقييم كلية أطباء العيون الامريكية:
نشر في مجلة العيون الامريكية تقييما لعملي وللمركز. ذكر في المقال أن الدكتور الخليلي واحد من أبرز جراحي محجر العين في الشرق الاوسط.
زيارة وفد تلفزيوني أمريكي:
زار المركز مراسلي قناة سي بي أس (CBS) الأمريكية برنامج 60 دقيقة (60 minutes) في الشهر الخامس من العام 2004 لإجراء مقابلة معي ولم أعلم في حينها سبب مجيئهم. علمت بأن هدفهم هو توثيق عملية الاختطاف التي تعرضت له في الثامن والعشرين من شهر نيسان 2004. أجريت المقابلة وتحدثت معهم في المركز أبدوا إعجابهم بالمركز.
الأستاذ الدكتور خالد ناجي والنقاهة في المركز:
أصيب أستاذنا المبجل الدكتور خالد ناجي بنزف داخل الجمجمة بعد أن تعرض لشدة على الرأس. كان النزف تحت الأم القاسية من سحايا الدماغ مما سبب له شللاً نصفياً في جسمه. بعد أن أجريت له العملية في السابع والعشرين من كانون الأول 2003 في الطابق الحادي عشر من مستشفى الجراحات وهو موقع شعبة الجراحة العصبية نقلناه إلى مركز جراحة المحجر للنقاهة حيث تتوفر وسائل الراحة على أفضل ما يمكن.
والنقاهة
تدريب الاختصاصيين الشباب:
عمل معي عدد من الشباب من أطباء العيون وكذلك من شعبة الجراحة العصبية. للأسف لم يكن الاختصاص يغري الشباب للتخصص فيه لما يحتاجه من تدريب في اختصاصي العيون والجراحة العصبية. فطبيب العيون يخشى من الجراحة العصبية وجراح الدماغ ليست له الخبرة في جراحة العين. بالرغم من ذلك فقد استلم المسؤولية الدكتور حيدر عبد الأمير الذي هو اختصاصي في الجراحة العصبية وعمل معي في جراحة المحجر. تسلم الدكتور حيدر رعاية المركز وحمل عبء المسؤولية الجراحية والإدارية.
كان من أهدافي استحداث دراسة عليا (بورد) في اختصاص جراحة محجر العين في المجلس العراقي للاختصاصات الطبية ولكن ما حصل من احتلال واختطافي ومغادرتي الوطن لم يتحقق ذلك وكلّي أمل أن يتحقق ذلك في المستقبل.
ملاحظة مهمة:
كنت من الدعاة إلى التخصص الدقيق في الكب والجراحة وفي واقع الحال كنت أطمح أن يشمل ذلك المبدأ كافة الاختصاصات العلمية والأدبية. في الواقع الذي كنا نعيشه في زمن الحصار الجائر وقطع الإتصال بالعلم الخارجي وشحة التجهيزات كان من الصعب جداً ترويج وقبول المشروع. ولكن بإيماني العميق بالمبدأ ورغبتي في تحقيقه وولعي بجراحة محجر العين عملن بكل ما أستطيع في أن أحقق ذلك وأن أثبت للجميع بأن الإرادة والمثابرة يمكن أن تحقق الهدف ولو بعد حين. وللتاريخ أقول بأن الدولة لم تصرف أي مبلغ من المال لاستحداث المركز سوى بعض التجهيزا ت التي كانت في مخازن المستشفى. وقد علّق الوزير الدكتور أوميد قائلاً عند الافتتاح: بأنك “لم تراجعني قط لطلب أي دعم مادي وأسست هكذا مركز وهناك في اختصاصات أخرى من خصصت له الدولة الأموال والدعم ولكن لم يتمكن من أن يؤسس مركزاً بمستوى ماأسست”.
النهاية:
بعد الظروف الحرجة التي مرت عليّ بعد اختطافي وتهديدي من المختطفين كان من الضروري ترك العراق والابتعاد عن الذي تمّ بناؤه من شعبة الجراحة العصبية ومركز جراحة محجر العين والعين تدمع والقلب يتلوع ولكن هذا ليس مُستغرباً في أوطاننا التي يطمع فيها العديد من القوى.تسلم مسؤولية المركز أحد شبابنا الاختصاصيين وهو الدكتور حيدر عبد الأمير الحميري واستمرّ بكل جهده في تقديم الخدمات العلاجية والجراحية الممكنة بالرغم من الصعوبات الكثيرة من حوله.
أسم المركز الجديد:
تكرمت إدارة مستشفى الجراحات ومدينة الطب وبموافقة الوزارة قررت تسمية المركز بإسمي وهذا شرف كبير لي شخصياً ولكل العاملين معي في المركز الذين ساهموا في بنائه منذ البداية. المهم أن يبقى المركز بفضل الشباب من الجراحين يعملوا بهمة وتواصل لتقديم الأفضل خدمياً وعلمياً. أدعو الله أن يبارك فيهم ويرعاهم.