الكومبيوتر الأخضر 2008:
خلال وجودي في مكتبة الكونغرس الأمريكي عندما ألقيت محاضرة هناك تعرفت بشخص كان يعرض حاسبة من نوع جديد مخصّصة للأطفال. علمت بأن هناك مؤسسة أمريكية ترعى الأطفال في مختلف دول العالم وتقدم لهم الحاسبة بسعر رمزي. كانت هذه المؤسسة في مدينة بوسطن والمسؤول عنها الأستاذ الدكتور نيكولاس نيكروبونتي.
بعد اتصالات متعددة تمكنت من اللقاء به يوم الرابع عشر من نيسان 2008. كان اجتماعاً غير رسمي على مائدة الطعام وتبين أن نيكولاس هو أخو السياسي والسفير جون نيكروبونتي. تحدثنا عن الحاسبة الجديدة التي ابتكرها والتي لا تحتاج إلى مصدر كهرباء دائمي حيث يمكن تجديد شحنها كهربائيا والذي يديم عملها لعدة ساعات، ولا تعمل مكوناتها بالحركة الميكانيكية فكل أجزائها تعمل بالحث الكهربائي. سميت الحاسبة بالحاسبة الخضراء للونها الأخضر والأهم من ذلك إنها لا تلوث البيئة لعدم احتوائها على محركات في داخلها ولا تدفع هواء عادماً من داخلها عند عملها.
كان مشروع الحاسبة التطوعي الذي رعاه معهد ماساشوستس للتكنلوجيا (MIT) هدفه تحقيق إيصال حاسبة لكل طفل وكان شعار المشروع “حاسبة لكل طفل”. بالرغم من التكلفة العالية للإنتاج فإن كل حاسبة كانت تباع بسعر رمزي بمقدار مائة دولار فقط. وللحاسبة ميزة أن اتصالها عبر الإنترنت يكون عبر إيصال واحدة من الحاسبات وهذه تغذي كل الحاسبات المحيطة بها أي أن تلك الحاسبة تعمل كمحطة إرسال.
أقنعت الدكتور نيكولاس بأن يتبرع للعراق بمائة حاسبة ووعدته أنه لو نجحت التجربة يمكن للعراق أن يشتري عدة ملايين منها وقد وافق على اقتراحي. وطلبت منه أن تكون مفاتيح الحاسبة باللغة العربية وأن يتماشى التوصيل الكهربائي مع النظام الكهربائي العراقي.
تحدثت عندئذ مع نائب رئيس الجمهورية الدكتورعادل عبد المهدي بالموضوع. تقرر أن ترسل الحاسبات عند حصولنا عليها إلى محافظة ذي قار ومحافظة المثنى حيث يمكنه أن يوجه استخدامها شخصيا. كلّف الدكتور عادل عبد المهدي أحد منتسبي مكتبه ليأخذ المسؤولية على عاتقه.
المشكلة المالية التي واجهتنا هي تغطية تكاليف الشحن. وبحكم علاقتي مع منظمة ال أي آر دي غير الربحية تمكنا من تكليفهم بتغطية أجور الشحن كاملة وإيصالها إلى السماوة والناصرية.
طلبت من السيد مأمون (ممثل الشركة الناقلة في العراق) أن يتعهد بالاتصال بالسيدة آنا بروسي الإيطالية التي تعرفت عليها حينما حضرت اجتماع الكونغرس. والسيدة آنا تعمل كعضو في “فريق إعمار المحافظة” وطلبت منه أن يتصل بمن له خبرة بالحاسبات وتعليمها من الموفدين الغربيين كي يعلّموا طلبة المدرستين الابتدائيتين بطريقة سليمة.
وصلت الحاسبات إلى مقر الملحقية وتم شحنها إلى العراق بالبريد السريع حفظاً على سلامة وصولها وقد كلف الشحن مبالغ تحملتها المنظمة.
استلم السيد مأمون الشحنة كاملة وبدأ بالإجراءات المطلوبة واتصل بالسيدة آنا الإيطالية وتعين شخص خبير للمساعدة في تدريب المعلمين والإشراف على تعليم الطلبة.
وصول الحاسبات وتوزيعها واستخدامها من الطلبة
تحقق ولله الحمد مشروع الحاسبات الذي لم يكلف الدولة العراقية أي شيء مطلقا من تجهيز الحاسبات إلى شحنها إلى العراق وإيصالها إلى المدارس.
مفارقة غريبة:
أثار استغرابي ما نشر في موقع أخبار الناصرية من تفاصيل بشأن المشروع حيث أهمل دور الملحقية تماماً. وكأن الذي عمل على الحصول على الحاسبات وشحنها هم آخرون من الذين ادعوا بذلك.
المهم من المشروع في الواقع هو أطفالنا ورعايتهم وليس مهماً من الذي سعى في ذلك. لكن الحق يجب أن يقال. وقد أرسلت رسالة عتاب عنوانها “لا تبخسوا الناس أشياءهم”. وهنا لا ألقي أي لوم على أهلنا المشرفين على الموقع مطلقا.