تمهيد:
إنَّ تأليف الكتب المنهجية أو المساعِدة في الاختصاصات العلمية يقل في الغالب عما يؤلّف أقرانهم في الاختصاصات الإنسانية. فالعديد من الكتب الإنسانية تنبع من أفكار مؤلّفيها أو تحتاج إلى مصادر تاريخية لا يصعب الحصول عليها. أما الكتب العلمية لاسيما الطبّية منها، فتحتاج إلى مصادر ومجلات علمية ويجب أن تستند إلى بحوث موثقة. يمكن للتدريسيين في العلوم الأساسية والتدريسيين المتفرغين للعمل الجامعي أن ينشروا بعض الكتب فحالهم أفضل من التدريسيين في المجال الطبّي السريري حيث يكونون منشغلين برعاية مرضاهم في المستشفى والعيادة الخاصة ما يصعب حصولهم على وقت يتفرغون فيه لتأليف الكتاب المنهجي أو المساعد.
وفي واقع الحال لا يمكن، إلا ما ندر، ظهور كتاب مؤلّف في مجتمعاتنا الطبّية يحظى بشهرة خارج العراق حيثُ إنَّ ما هو متوفر في الخارج يفوق كثيراً ما نحن عليه في أغلب المجالات ما يجعل الكتب المؤلّفة هناك هي مصدر العلم والخبرة في العالم. تتركز مساهماتنا في التأليف على ما يسهل استيعاب الطالب لما يقرأه في الكتب الأجنبية المقررة وكذلك ترجمة بعض الكتب المتميزة في الأدبيات الطبية لتسهيل استيعابها من الطلبة.
كانت مساهماتي متواضعة جداً وهي تدخل في نفس الباب من الترجمة وتأليف كتب يمكن ان تساعد الطالب في دراسته وليس فيها أي جديد سوى انّها كتبت بطريقة لتسهيل الاستيعاب.
الموجز المصور لفحص الجهاز العصبي
كنت قد أشرت الى جهدي في ترجمة هذا الكتاب في الجزء الأول. أوجز قولي هنا بإنّي في العام 1974 حينما عملت في الجراحة العصبية في مستشفيات ليدز في إنكلّترا كنت على تواصل مع مكتبتها والموظف المكتبي فيها. لفت انتباهي كتاب غير نمطي في تعليم طرق فحص الجهاز العصبي. ألف الكتاب الأستاذ موريس فان ألن رئيس قسم طبّ الأعصاب في جامعة آيوا الأمريكية. بالرغم من وفرة المصادر في هذا الميدان إلا إنني وجدت الموجز هذا متميزاً بينها فهو ليس بذلك الإيجاز الذي يقصر عن الإحاطة بالموضوع وليس مطنبا لحد التوسع غير المطلوب. تلمست فيه سلاسة ورقة في التعبير وكثرة استخدام الصور التي تدخل الفكر وتستقر في الذاكرة بسهولة بالغة ومنها صور تمثل حركات معينة تشعر وأنت تمعن فيها أنَّ الحركة تجري أمامك فعلاً. والكتاب موجه إلى طالب الطبّ والطبيب العمومي وإلى غير المتخصّص في علم الأعصاب، وحتّى اختصاصي الأعصاب يمكن أن يجد فيه ما يذكره باختبارات لم يستخدمها كثيراً. تمنيت من شدّة إعجابي بالكتاب أن أتمكّن من ترجمته إلى اللغة العربية في يوم ما.
عند عودتي إلى العراق عام 1976 جلبت معي نسخة من الطبعة الأولى من الكتاب كي أعمل على ترجمتها عند سنوح الفرصة. عند الايفادات الجراحية الدورية إلى مدينة العمارة أثناء الحرب العراقية الإيرانية بدأت بالترجمة حينما تكون الجبهة القتالية هادئة حيث يتوفر الوقت للقيام بذلك.
بعد إكمال الترجمة والتهيئة لإرسال المسودات إلى مطبعة الجامعة وضعت كلّ الأوراق والكتاب الأصلي في صندوق سيارتي في موقف سيارات الكلية. فوجئت في نهاية الدوام الرسمي بسرقة سيارتي من الموقف مع كلّ ما فيها من أوراق وكاميرتين وملحقاتهما وأشياء أخرى. وجدنا السيارة بعد يومين ولكنها كانت “مقفرة” تماماً!!.
لحسن الحظ كانت لدي نسخ من المسودات الباقيات فعدت من جديد لإكمال الترجمة. عند إعادة الترجمة علمت بأنَّ الكتاب أصدر في أمريكا بطبعة جديدة فيها إضافات مهمة. طلبت تلك النسخة وبعد ان حصلت عليها أضفت ما زيد فيها إلى ترجمتي.
زرت عام 2011 جامعة آيوا وتوجهت إلى قسم طبّ الأعصاب والتقطت صورة مع الصورة المعلقة على الجدار للأستاذ موريس فان ألن مؤلف الكتاب وكان قد توفي في العام 1986.
بالمناسبة: التقيت بسيدة هي بنت الدكتور موريس فان ألن التي قالت لي بعد أن أهديتها نسخة من الموجز المصور إن الكتاب قد ترجم إلى العديد من اللغات.
سعدي السماوي: كذلك التقيت بشخصية عراقية رائعة هو الأستاذ الدكتور الأديب والناقد والمترجم الدكتور سعدي السماوي. كان سعدي مصاباً بمرض باركنسون الذي جعل حركته صعبة جداً وكذلك عدم تمكنّه من الكلام. قامت ابنة الأستاذ موريس برعايته وهو على الكرسي المتحرك في تنقله.
المعجم المتخصص في المصطلحات الطبّية العصبية
حينما ترجمت كتاب الموجز المصور إلى اللغة العربية تجمع لدي خزين واسع من المصطلحات التي تخص علم الأعصاب المترجمة من الانكلّيزية إلى العربية. قررت وبمساعدة ودعم زوجتي، أمينة مكتبة جامعية، حنان الخليلي أن أجمع تلك المصطلحات وأنقحها وأضيف اليها ما جمعته من مفردات أصدر في كتاب ستقل. تم ذلك وطبع على نفقة جامعة بغداد وكان باسم: “المعجم المتخصص في المصطلحات الطبّية العصبية”.
كان إهداء الكتاب إلى كلّية الطبّ وإلى اتحاد الاطبّاء العرب للعلوم العصبية الذي كان مقرّه في تونس.
الاهداء
قدم للكتاب الأستاذ العلامة الدكتور حسين علي محفوظ حيث أوجز فيه تاريخ الطبّ وأهمية تأليف القواميس.
عند إنجاز طبع الكتاب في مطابع وزارة التعليم العالي بإشراف مديرها الفذّ الأستاذ الدكتور جعفر الدجيلي أرسلت 250 نسخة عن طريق منظمة الصحة العالمية إلى الاتّحاد العربي للعلوم العصبية. كان هدفي تقديمها كهدية للاتحاد كما وعدت رئيسها الصديق الأستاذ الدكتور أشرف الكردي. تسلم الاتّحاد تلك الكتب ورد الدكتور أشرف أنَّ الاتّحاد قرر أنْ يدفع عن كلّ نسخة عشرة دولارات وكان المجموع 2500 دولار. طلبت من ممثل منظمة الصحة العالمية الدكتور الحبيب رجب أن يستلمها ويشتري بها حاسبتين مع الملحقات أهديتهما الى مكتبة مستشفى الجراحات التخصصية في مدينة الطب، حيث أعمل، وكانت نواة لتلك المكتبة التي أعدت افتتاحها عام 1997 بعد نهب محتوياتها في العام 1991.
التعامل مع جثث الموتى في حالة الكوارث
اتّصل بي الأخ الدكتور قاسم سارة من مكتب الترجمة في منظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط في القاهرة طالباً مني موافقتي على ترجمة كتاب مهم وهو التعامل مع جثث الموتى في حالة الكوارث.
كان لدي وقت فراغ حينما كنت في كندا لذا وافقت على ذلك. ترجمت الكتاب وأرسلته له ونشرته المنظمة. أدخل اسمي في مجموعة “أحسن” التي تضمّ العشرات من المترجمين المعتمدين من المنظمة.
كتاب إرشادي في التعامل مع الحالات الحادة لإصابات الرأس والعمود الفقري:
ألفت الكتاب باللغة الإنكليزية والذي يعد دليلاً للطبّيب المقيم في الاختصاص وأطبّاء قسم الطوارئ في المستشفيات بخصوص كيفية التعامل ومعالجة تلك الحالات بأفضل ما يمكن وللوقاية من مضاعفات ومنع حدوث اختلاطات بسبب عدم الاحاطة بالعلاج الأمثل.أهديته إلى الأستاذ الدكتور خالد ناجي حيث قلت إنه “أستاذ كبير ومصدر إلهام للجميع” (To A Great Teacher And Inspirer).
يشتمل الكتاب على جداول وخطوات عملية ودليلاً للتفريق بين حالات تبدو متماثلة.
تكفلت مشكورة منظمة الصحة العالمية بطباعة الكتاب على نفقتها. وقد وزّع مجانا على الاطبّاء وتم خزن أعداد كبيرة منه في مخازن كتب التعليم المجاني في الكلّية لتوزيعها على الطلبة.
- دليل كتابة الاطروحة:
إن كتابة الأُطروحة مهمة بالغة الأهمية. ويجب أن تتّبع أسلوباً مقبولاً ليس فقط على الصعيد الوطني ولكن أيضاً على المستوى الدولي.
مرت على مسيرة التعليم العالي ظروف صعبة أثناء الحرب العراقية الايرانية وما بعدها من الحصار الجائر الذي خيم على العراق كجزء من المآسي التي عانى منها المجتمع العراقي. أهمها شمل ذلك مستوى أداء طلبة الدراسات العليا ومستوى كتابة الرسائل والأطاريح. لم يكن هناك أي تواصل مع العالم الخارجي عبر الانترنت الذي لم يدخل العراق إلا في بداية الألفينيات وكان تحت رقابة الدولة الشديدة.
أثناء تلك الفترات الصعبة حُرم الطلبة من دليل يعتمدوه لكتابة رسائلهم وأطاريحهم. شعرت بتلك الحاجة فقررت كتابة دليل مبسط باللغة الانكليزية يساعدهم في تخطي تلك الصعوبة.
قررت كتابة دليل مستنداً في ذلك على تجربتي الشخصية وتجارب العديد من المؤلّفين. وضعت الدليل بطريقة عملية وخطوات يسهل استيعابها وتطبيقها بتسلسل المواضيع والعناوين. أضفت لمادة الدليل لمسات فلسفية وتربوية مختصرة لشد القارئ لمادة الدليل.
أهديت هذا الجهد لجميع طلبتنا في الدراسات العليا، وقلت في الإهداء إنه تثميناً لجهدهم المضني وكفاحهم ولمساعدتهم في كتابة أطاريحهم وبحوثهم بأفضل صورة علمية رصينة في هذه الظروف الصعبة والمستحيلة تقريباً وأن تقلل المبادئ التوجيهية المتواضعة التي يتضمنها من معاناتهم.
في بداية الدليل وضعت مقولة مؤطرة موجهة لطالب الدراسات العليا ذكرت فيها:
“تذكّر بأن الحقيقة لا تظهر إلا عند تحليك بالقيم النبيلة والشفافية والولاء. إن الهدف الأساس للبحث والأطروحة هو توخي الحقيقة”.
طبع الدليل على نفقة الهيئة العراقية للاختصاصات الطبية ووزّع على طلبة الدراسات العليا في الكلّية والهيئة. صاحب توزيع الكتيب محاضرات عديدة ألقيتها على مجاميع الطلبة صاحبها نقاش ومداولة لتسهيل استيعاب الطلبة الأعزاء لما يهدف اليه الدليل.
ترجمت الدليل في عام 2013 تدريسيتان كريمتان من خارج المحيط الطبّي في جامعة الكوفة إلى اللغة العربية لتوسيع مدى الاستفادة منه.
كتاب كيف ينظرون إلى الولايات المتحدة
اتّصل بي في العام 2006 الأستاذ الدكتور ديفيد فاربر (David Farber) رئيس قسم التاريخ في جامعة تمبل (Temple) في فيلادلفيا وكان مهتماً بحادث اختطافي الذي أخبره عنه الباحث الدكتور إبراهيم المرعشي. كان الأستاذ فاربر بصدد تأليف كتاب يكتبه مساهمون من دول متعددة بشأن نظرة العالم للولايات المتحدة.
اتّفقت مع الدكتور إبراهيم المرعشي أستاذ التاريخ في جامعة اسطنبول في تركيا أنْ نساهم بذلك المشروع خصوصاً إنّه قد كتَبَ ونشرَ الكثير عن العراق وله إلمام بالتاريخ الحديث. كان دوري يتلخص بوصف ما عانيت منه من اختطاف وما مرت عليّ وعلى أقراني والمجتمع العراقي ككل لفترة ما بعد الاحتلال. أما البحث والتحليلات المتخصّصة فكانت ما سطره الدكتور إبراهيم.
أصدر الكتاب عام 2007 وكان من المساهمين فيه فضلا عن العراق كتاب من اندونيسيا، تركيا، الصين، روسيا، المكسيك وايطاليا.
كتاب “مكافحة السرطان في العراق؛ توثيق لجهود متواصلة”
الكتاب تحت الطبع فيه توثيق جهود المعنيين بالسرطان عبر عقود.
كتاب “رحلتي في الطب والحياة”:
وثقت فيه مذكراتي بأربعة أجزاء يتضمن مراحل حياتي منذ البداية الى رحلة الطب ومن ثم التخصص وبعده ما قدمته في الملحقية الثقافية وما قمت به بعد التقاعد.
كتب قرب الانجاز:
- الحياة الاجتماعية في الخمسينيات في مدينة الكوفة
- وجهة نظر في مقتل الملك غازي
كتب لم تنجز بعد:
- الموجز في الجراحة العصبية (Short Practice of Neurosurgery)
بدأت بالتحضير لتأليف كتاب باللغة الانكليزية لطلبة الكلية الطبية والاطباء المقيمين في الجراحة العصبية. اخترت للكتاب اسم “الموجز في الجراحة العصبية”. أوحى لي بهذا الاسم كتاب “الموجز في الجراحة العامة” (Short Practice of Surgery) لمؤلفَيه هاملتون بيلي وماكنيل لوف في الجراحة والكتاب مختصر في الاختصاص موجهاً للطلبة والمقيمين. في الجراحة العصبية هناك العشرات من الكتب المرجعية المفصلة ولكن عدد الكتب المختصرة قليل.
أكملت تحضير المادة المطلوبة للكتاب بحيث يجمع المعلومات الأساسية في التشخيص والعلاج بطريقة سهلة الاستيعاب وهي طريقة الـ catechism أي بطريقة السؤال والجواب. لا زالت كل المسودات معي ولكنه لم ينقح تنقيحاً نهائياً ولم يرسل إلى المطبعة للصعوبات العديدة في مرحلة الحصار.
لا أعتقد ان هناك مكسبا من الاستمرار بالمشروع لتطوّر التقنيات الحديثة ولبعدي عن ممارسة الاختصاص. لعل أحد الاختصاصيين من شبابنا الطيبين يرغب في كتابة هكذا كتاب ليؤدي الغرض المتوخى من ذلك. فيما يلي بعضمن محتويات الكتاب باللغة الانكليزية:
- كتاب التمريض العصبي
تطّور الاهتمام بالتمريض العصبي من المسؤولين في وزارة الصحة وكلّية التمريض لتعدد مراكز الجراحة العصبية وتزايدها في المستقبل. طلب مني مدير عام دائرة التخطيط والتعليم الصحي الدكتور نزار الشابندر أن أقوم بتأليف كتاب في ذلك المجال.
استجبت لذلك التكلّيف وبدأت العمل بتهيئة المصادر من مكتبات كلّية الطبّ والتمريض وطلبت بعض الكتب المرجعيّة من الخارج. وضعت تفاصيل فصول الكتاب ومادته لعل هناك من شبابنا المتطلعين من يسعى لإكمال ذلك المشروع.
- كتاب طب الكوارث:
هناك مسودة كتاب حول طب الكوارث فيها 100 صفحة تشمل تفاصيل حول التعامل مع الحوادث الكارثية في منطقة الكارثة وفي المركز الصحي حيث يفد اليه مصابون أكثر من قدرة استيعاب المركز في وقت قصير.
النشرات:
نشرة مستشفى الجراحات
بعد الاتّصال بمدير مستشفى الجراحات التخصصية الدكتور مثنى القصاب وطرح فكرة استحداث نشرة علمية سهلة ممتعة تصدر عن المستشفى ويساهم فيها اختصاصيون من داخل وخارج المستشفى قررنا البدء بذلك المشروع. (ذكرت تفاصيل ذلك سابقاً).
نشرة مجلس السرطان:
حينما كنت نائباً لرئيس مجلس السرطان في العراق عملت على استقدام طبيب الأسنان والأديب الشاعر الدكتور عباس الرياحي. كان الدكتور عباس ثروة رائعة تضاف إلى المجلس.
عملنا وبإشرافه على إصدار نشرة عن المجلس فيها كلّمات علمية وملاحظات وإرشادات عامة. تزامن إصدارها مع مؤتمر السرطان الرابع عشر في العام 2000.