مقدمة:
أنعم الله على العراق بكنوز عديدة فهناك الكنز التاريخي بما فيه من تاريخ يعود إلى آلاف السنين حيث بدأت الحضارة الإنسانية، فضلاً عن شواهد الحضارة الإسلامية في الكوفة وبغداد وغيرهما. وهناك الكنز الديني حيث في العراق التراث الديني من أيام النبي ابراهيم عليه السلام ولاحقا لأديان الإسلام والمسيحية واليهودية والصابئة والأزيدية وغيرها من كنوز. ويضاف إلى ذلك كنز الموارد الطبيعية من النفط والموارد الأخرى. والكنز الآخر هو كنز الطبيعة والسياحة في كردستان العراق وأهوار الجنوب وغيرهما. ويأتي الكنز الآخر وهو كنز الكفاءات العراقية ولنا في هذا الكنز الثمين معين لا ينضب من المغتربين والمقيمين من أبناء وطننا خارج العراق. ففيهم من الكفاءات ما يغنينا عن غيرهم ويحمل الكثير منهم من الوطنية ما يجعلنا نفخر بهم. وإذا احتضنتهم الدولة ودعمت جهودهم فسيكونون الجسر العلمي والحضاري الأمين والفاعل الوفي الذي يساهم في إيصال العراق إلى ضفة العلم والمعرفة في القرن الحادي والعشرين.
لإيماني منذ عقود بأهمية استثمار الكنز الإنساني كنز كفاءات الخارج لتطوير العلم والثقافة في العراق بدأت بفكرة التواصل مع المسؤولين المعنيين لا سيما الذين لي معهم علاقة رسمية أو مهنية أو شخصية لتشجيع البدء بمشروع استثمار تلك الطاقات. قدمت كتباً رسمية ومذكرات وتحدثت في مؤتمرات وندوات لتسويق تلك الفكرة على مدى الأعوام الماضيات كان أهمها:
أولاً: قدمت عام 1996 مشروعاً مختصراً إلى الصديق السفير صباح عمران مسؤول دائرة المغتربين في وزارة الخارجية بعد مشاركتي في مؤتمر المغتربين الذي عقد في بغداد في حينه والهدف من ذلك كان دعم المغتربين لمجتمع التعليم العالي والطبي في العراق.
ثانياً: قدمت في شهر نيسان/ أبريل عام 2002 المشروع في محاضرة ضمن منهاج مؤتمر العولمة الذي أقيم في بيت الحكمة ببغداد. المحاور الرئيسة للمشروع شملت تهيئة مجاميع من المتخصصين المتميزين من الكوادر العلمية الوطنية والاستعانة بالعلماء العراقيين المغتربين (عن طريق استحداث مؤسسة رسمية تعنى بشؤونهم) ووضع برنامج مدروس لرفع مستوى التعليم الأكاديمي والبحوث في العراق. أوضحت في المحاضرة تفاصيل آلية تطبيق المشروع ومصادر تمويله.
ثالثاً: قدمت بعد الاحتلال في شهر تشرين الثاني/ أكتوبر عام 2003 مشروعا إلى وزير الصحة الدكتور خضير عباس يهدف لتحقيق قفزة نوعية في المستوى العلمي والخدمي يتضمن استحداث تشكيل في وزارة الصحة واجبه تنظيم استثمار جهود المغتربين والمقيمين، وما يمكن أن يقدموه إلى الوطن.
رابعاً: قدمت في شباط / فبراير عام 2004 رسالة إلى مجلس الحكم بوساطة الدكتورة رجاء الخزاعي عضوة المجلس تتضمن مقترحات وخطة عمل لتأهيل وتطوير المجتمع العلمي والثقافي وتحقيق الرقي الحضاري، وأوضحت ضمن تفاصيل خطة العمل تلك ضرورة الاستعانة بالعلماء والمثقفين العراقيين المقيمين خارج العراق الذين يمتلكون الرغبة في مساعدتنا على النهوض. وجاء فيما قدمته للدكتورة رجاء ما يلي:
- إنشاء “مجلس” يكون مسؤولاً عن الاستثمار الأمثل لكفاءات العراقيين الذين يعيشون في الخارج وكذلك غير العراقيين من أشخاص ومنظمات ممن هم على استعداد للمساهمة.
- يكون “المجلس” تحت رعاية أعلى سلطة في العراق.
- يضع المجلس خطة إستراتيجية لما يحتاجه العراق وتنظيم ذلك مع ما يعرضه المغتربون بينهم.
- يكون “المجلس” نقطة الاتصال لجميع المغتربين من أشخاص ومنظمات.
خامساً: أثناء لقائي بالسيد رئيس الوزراء حينما زار واشنطن عام 2006 قدمت له أفكار متعددة لتطوير الواقع العلمي والأكاديمي في العراق كان من بينها مشروع استثمار الكفاءات.
سادساً: عقدت الدائرة الثقافية في العام 2008 مؤتمر “سوية من أجل العراق” في مكتبة الكونغرس الأمريكي الذي ضم العديد من منظمات المجتمع المدني والمؤسسات التي عملت على مساعدة العراق.
سابعاً: كانت الانطلاقة من مؤتمر الأكاديميين العراقين الأمريكان الذي عقدته الملحقية الثقافية في واشنطن وحضره نحو الثلاثمائة أكاديمي.
بداية المشروع:
كما ذكرت سابقاً فقد اقترحت على المشاركين في مؤتمر الأكاديميين والمتخصّصين العراقيين الأمريكان الذي عقدناه في واشنطن العام 2009 استحداث مشروع “سوية من أجل العراق” وبوساطته تكوين لجان متخصصة في أغلب آفاق العلوم والمعرفة كي يكون العمل مبرمجاً وهادفاً. لقي الاقتراح القبول والتأييد من الحضور.
لماذا “سوية من أجل العراق” وليس “معاً من أجل العراق”:
من المعلوم أن الترجمة الأصح للكلمة الانكليزية (Together For Iraq) هي “معاً”ً، فكان المفروض أن نعطي ذلك الاسم للمشروع. لكن وبسبب استخدام ذلك الاسم لمنظمة مجتمع مدني أخرى في الولايات المتحدة أسسها عراقيون، كان علينا منعا للتداخل في الاسم والنشاطات أن نستخدم كلمة “سويّة”!
شعار المشروع:
تناقشت مع الصديق الفنان الخالد محمّد غني حكمت بشأن تكرمه بتصميم شعار للمشروع. أبدع الأستاذ محمّد غني بتصميمه الذي عبر فيه عن روحية المشروع وأهدافه. جاء تصميمه روعة في التعبير إذ إنه صوّر العراق بكفين يمثلان دجلة والفرات يحتضنان الختم الإسطواني السومري وكتاب مفتوح على صفحته اليمنى كتبت حروف عربية تمثل التراث العربي الاسلامي وعلى اليسار الحروف اللاتينية التي تمثل الحضارة المعاصرة.
أهداف المشروع:
للمشروع هدفان أساسيان وهما:
الأول: المساهمة في رفع شأن التعليم العالي في العراق عن طريق الأكاديميين والمتخصّصين العراقيين في الولايات المتحدة لما يتصفون به من قدرات علمية ومهنية هائلة والمقرونة بحب الوطن والرغبة الحقيقية لخدمته عن طريق قدراتهم الشخصية وعن طريق مؤسساتهم العلمية التي يعملون فيها والجمعيات والأكاديميات التي ينتمون اليها، وكذلك إعادتهم إلى الارتباط بالوطن بالوفاء للدين الدائم في أعناقهم له.
الثاني: خلق روح الثقة والأمل عند الأكاديميين والمتخصّصين داخل العراق بأن لهم أخوة وأخوات من زملائهم في الولايات المتحدة يهمهم أن يتواصلوا معهم ويدعموا جهودهم المضنية في تلك الظروف الصعبة للوصول للأهداف المنشودة من الجميع.
الخطوات:
1. استحداث لجنة تخصصية لكل فرع من فروع المعرفة التي ینھض بها الأكاديميون والمھنیون العراقيون الأمريكان.
2. استحداث لجان مماثلة في العراق عن طریق وزارة التعليم العالي.
3. تسمية منسق للجنة في الولایات المتحدة ومنسق للجنة في العراق من بين أعضائهما.
4. یتم التنسيق بين اللجنتين عن طریق ھذين المنسقين.
5. یبین منسق لجنة العراق الوضع الحالي للاختصاص بما فیه من صعوبات وثغرات، وما هو المطلوب من اللجنة في أمريكا لتقديمه لكي يتحقق المطلوب.
6. یعمل أفراد اللجنة في أمريكا على تحقيق ذلك عن طريق قدراتهم الشخصية وبوساطة المؤسسات التي يعملون فيها وبمساعدة كل المؤسسات الأمريكية ذات العلاقة بحسب إمكانيتهم.
7. یساھم أعضاء اللجنة في أمريكا في وضع الخطط والاستراتيجيات وفق الدراسات المقرة للنهوض بذات الاختصاص في العراق.
8. تعمل اللجنتان في أمريكا والعراق تحت مظلة الھیئة الاستشارية التابعة للدائرة الثقافية في واشنطن
9. التواصل مع وزارة التعليم العالي للاطلاع والتوجيه.
الأهداف:
كانت مفردات المكتسبات المؤملة عديدة لحاجة البلد إلى تطوير كبير بل إلى تغيير في العديد مما هو معمول به في المجالات الأكاديمية والبحثية وغيرهما. وإذا ما تحقق ولو جزء مما كنا نطمح إليه فهو مكسب كبير.
1. المناهج الدراسية:
- المساهمة في تحديث المناهج وطرق التدريس.
- المساعدة في الحصول على وسائل التعليم الحديثة.
- المساعدة في إرسال المحاضرات والكورسات المساعدة في الاختصاص.
- المساهمة في استحداث دراسات تتماشى مع التطور العالمي.
2. الكتب والمجلات العلمية:
- التبرع بالكتب.
- الاشتراك بالمجلات العلمية الورقية أو على الإنترنت في أمريكا باسم الأقسام العلمية في العراق.
- المساهمة في استحداث المكتبة الرقمية الإلكترونية في الكليات.
3. التدريب:
- المجموعة الطبية
- المجموعة الھندسیة
- العلوم الصرفة
- العلوم الإنسانية
- التقنیین وغیر ذلك
4. البحوث:
- المساھمة في وضع استراتيجيات البحوث.
- الإشراف المشترك على الدراسات العلیا.
- اقتراح مشاریع بحثیة تتفق مع التطورات العلمیة.
- العمل على المشاریع البحثیة المشتركة.
- توفیر فرص لطلبة الدراسات العلیا للقیام بجزء من بحوثهم في الولایات المتحدة.
- المساعدة في نشر بحوث التدریسي العراقي في المجلات المرموقة.
5. المختبرات:
- المساھمة في استحداث مختبرات جديدة متخصّصة.
- المساعدة في تحديث المختبرات القائمة.
6. المكاتب الاستشاریة:
التواصل مع المكاتب الاستشاریة في الجامعات ودعمهم بالمصادر وتوطيد العلاقات مع المكاتب المماثلة في الولایات المتحدة:
7. دعم التدریسیین العراقیین:
- توفیر فرص التفرغ العلمي للأساتذة العراقیین.
- توفیر فرص لحضور مؤتمرات تخصصیة في الولایات المتحدة للتدریسیین.
- توفیر فرص زيارات لمؤسسات علمیة في الولایات المتحدة للتعرف على التطورات في ذات الاختصاص.
- مساعدة التدریسیین العراقیین للدخول بوساطة الإنترنت أو الهاتف.
- غیر ذلك من برامج تفید التدریسي في العراق.
المؤمل من الوزارة والمجتمع الأكاديمي والعلمي العراقي:
- استثمار ھذا المشروع لدعم الاختصاص في العراق بكل أبعاده وتطوير القدرات الشخصية للمساهمين.
- عرض المناھج الدراسیة الحالیة لكل اختصاص مشمول في اللجان المشكلة.
- تثبيت احتياجات الاختصاص في العراق في كل المجالات المذكورة أعلاه وغیرھا بقائمة مبوبة ومقرونة بتسويغ لتلك الاحتياجات.
- توضيح إسلوب المساعدة المتوخاة من الزملاء في الولایات المتحدة بما یحقق المساھمة في التطویر حسب ما یراه التدریسي في العراق.
- طلب الدعم العلمي والمھني الشخصي الذي یصب في خدمة العملیة التعلیمیة في الاختصاص.
الجهود المبذولة:
بعد الموافقة على استحداث مشروع “سوية من أجل العراق” استمرت الاتصالات الشخصية التي قمت بها مع كل الأعضاء الذين رغبوا في المشاركة بالمشروع والتي استمرت لأسابيع عديدة بوساطة المئات من المكالمات الهاتفية والرسائل الإلكترونية. بُذلت محاولات جادة لاستحداث اللجان وموافقة أعضائها على تسمية المنسق لكل منها.
تم تشكيل المزيد من اللجان بمرور الأيام والأسابيع حتّى بلغت اثنين وأربعين لجنة شملت الاختصاصات المهمة في آفاق العلم والثقافة. فهناك ثمان عشرة لجنة في مجال الطب، ست لجان في الهندسة وهناك لجان في اللغة العربية واللغة الإنكليزية، العلوم التطبيقية، الاقتصاد، القانون، الفن وغيرها. ضمت كل لجنة عدداً من الأكاديميين والمتخصصين تراوحت بين واحد وأثنين إلى ثلاثة عشر عضوا.
من الجدير القول بأن من بين أعضاء اللجان من هو متميز ليس فقط على مستوى الولايات المتحدة بل على مستوى العالم. فهناك الأستاذ الدكتور صالح الوكيل في اختصاص الكيمياء الحياتية الذي رشح لنيل جائزة نوبل ثلاث مرات، الأستاذ الدكتور عبد المسيح إسكندريان في اختصاص أمراض القلب حيث يدرس كتابه في العالم، والأستاذ الدكتور قيس الأوقاتي في اختصاص فسلجة الكلية وهو الذي قال عنه الدكتور بيتر أكره الحائز على جائزة نوبل عام 2003 وعن الدكتور صالح الوكيل خلال حديثه في مؤتمر الأكاديميين بأنه حصل على تلك الجائزة بفضلهما.
الهيئة الاستشاریة:
تم اختيار لجنة استشارية من خيرة العلماء والأكاديميين العراقيين وهم:
- أ د هند رسام عمیدة كلیة میرسي للدراسات الاجتماعية والعلاقات، نیویورك.
- أ د حمید سعید رئیس معهد البحوث والتعلیم في كلیة طب جامعة كالیفورنیا.
- أ د قیس الأوقاتي أستاذ الطب الباطني، جامعة كولومبيا، نيويورك.
- أ د صالح الوكيل استاذ متميز في قسم الأحیاء الجزیئیة، جامعة هيوستن، تكساس.
- أ د حسین طعمة رئیس مركز التخطیط الاستراتيجي وأستاذ علم النفس السريري في جامعة ببيتسبرغ ورئیس باحثین، المعاهد الصحیة الوطنیة في میریلاند.
- أ د عادل شمو أستاذ الكیمیاء الحیاتیة والخلق العلمي البحثي ومحرر مجلة الأخلاق البحثیة الذائعة الصیت، میریلاند.
- أ د محمود ثامر أستاذ مشارك في الطب الباطني، جامعة جونز هوبكنز، میریلاند.
- أ د جلال الصالحي أستاذ الهندسة الكهربائية وعضو المعهد الهندسي للكهرباء والإلكترون .IEEE
أسماء منسقي اللجان وعائدتيهم الأكاديمية والمهنية:
تم تشكیل اللجان المدرجة أدناه وهي تضم العديد من القیادیین الأكادیمیین والمھنیین العراقیین الأمريكان والمقيمين في الولایات المتحدة. وفيما يلي أسماء المنسقين لكل لجنة:
اللجان المناظرة العراقية:
أنشئت لجان مناظرة وتحت نفس المسميات في العراق بدعم وإشراف مستشار وزارة التعليم العالي الأستاذ الدكتور صلاح النعيمي. أرسلت للزملاء الأكاديميين في العراق رسالة بشأن المشروع لتوضيح أهداف المشروع وتشجيعهم على التواصل من خلال إنشاء اللجان المتخصصة جاء فيها:
تم تسمية العشرات من الأكاديميين العراقيين الذين انخرطوا في اللجان ولكل لجنة ثبت اسم منسقها.
أدناه أسماء منسقي اللجان وجامعاتهم في العراق:
التواصل:
اجتمعت اللجان في الولايات المتحدة فيما بينها عبر وسائل الاتصال المتعددة وتوصلت إلى العديد من أوراق العمل والخطط لتطوير الاختصاصات في مجالات عديدة منها المناهج والبحوث وغيرها.
أخذ العديد من الزملاء هذا الواجب بجدية كبيرة حتّى أتذكر ان لجنة التقنيات الأحيائية بمنسقها الأستاذ الدكتور هاني حيدر قد سهر أعضاؤها وبطلب مني حتّى ساعة متأخرة من الليل ليكملوا مشروعهم ويقدموه إلى اللجنة المناظرة في العراق. وهكذا كان آخرون من الزملاء في اللجان الأخرى.
النهاية:
مع مزيد الأسف أصيب العديد من الزملاء بالإحباط لعدم استثمار جهودهم كما كان مؤملاُ. وأقولها ثانية وثالثة بأن اللوم لا يقع على مسؤول أو أشخاص معينين ولكن هو الوضع العام الذي لم يكن يسمح لأي جهد يعمل على تغيير الواقع الذي نحن فيه. أتذكر لقائي برئيس الوزراء أثناء وجوده في واشنطن عندما وجّه لي السؤال بشأن “مشروعي” ماذا حل به؟! واستدرك قائلا إن مشروعك يحتاج إلى مؤسسة. أجبته بالطبع يحتاج إلى مؤسسة ودعم متواصل من الدولة. انتهى الحديث إلى هنا!!
وكذلك في لقاء آخر مع أحد الوزراء في وزارة سيادية حين كان في واشنطن قلت له بأن الدولة خصصت مليارات إلى هيئة الاستثمار وأرجو أن تؤيدني بأن هذا المشروع في استثمار كفاءات الخارج يستحق مثل ذلك الاهتمام حيث يمكن لهؤلاء أن ينقلوا العراق إلى العصر الحاضر بما لديهم. وانتهى الحديث كسابقه!!
وللأسف وبمزيد من الحسرة لم يستمر المشروع وانتهى نهاية مؤلمة لنا جميعا.
محاولة النهوض من جديد:
بعد ذلك الاحباط اجتمعت بعدد من المتحمسين من الزملاء الأكاديميين والمتخصّصين وأنشأنا منظمة مدنية غير حكومية وغير ربحية لتقوم مقام المشروع الذي كان تحت رعاية الدولة. استوحيت اسمه من الاسم الإنكليزي للمشروع حيث أخذت الحروف الاولى منه فتكون اسم “توفيق”.
(TOFIQ : (Together For Iraq. تفاصيل منظمة توفيق وما قدمته في الجزء الرابع.
رسالتان تخصان المشروع:
رسالة الاستاذ م ق 2011
نص رسالة الأستاذ الدكتور م ق:
الأستاذ الفاضل الدكتور عبد الهادي الخليلي المحترم
المستشار الثقافي في السفارة العراقية – واشنطن
تقديري واحترامي وإعجابي
انتابني شعور بالفخر والأمل والبهجة وأنا أتمعن في هذا العرض المعلوماتي الغزير الذي كثف وفي صفحات قليلة، مشروعا مفصلا ومتكاملا للتطوير الاستراتيجي في حقلي العلوم والتكنولوجيا. وهو بلا شك سيقود الوطن نحو نهضة حضارية شاملة؛ لأنها ستنهض على أسس علمية ومنهجية راسخة لم نطلع على أمثالها منذ زمن بعيد.
مررت سريعا على الأفكار والطروحات التي تضمنها مشروعكم النهضوي الكبير فوجدتها في غاية الوضوح والتناسق والإحكام. والسبب هو توفر عاملين رئيسين لازمين لأي منطلق لأمثال هكذا مشروعات؛ ألأول هو إخلاص النية والصدق في العمل ووضوح الرؤية، والثاني اعتمادها على البيانات وألإحصاءات والأرقام، وهي اللغة المنطقية التي يفهمها أي مشروع استراتيجي ونهضوي كبير. وكلا العاملين متوفران بالتأكيد.
وكما يعلم سيادتكم؛ وأنتم صاحب التجربة الغنية في مجالي التعليم والبحث العلمي، بأن أي مشروع علمي / تكنولوجي بهذه السعة والشمول ينبغي أن تتوفر له البيئة (الحياتية) المناسبة. ومن أبجديات التخطيط الاستراتيجي أن تخلق له الظروف المواتية للنمو والازدهار للأفكار الحرة وللسياسات العصرية ولنظم وأساليب الإدارة الحديثة، وبوجود تنظيمات وهياكل المجتمع المدني المواكب.
ومما يؤيد لنا صدق تلك الفرضية ما مرت به أقطار أوربية كانت غاية في التقدم العلمي والتقني وكانت تتمتع ببنية أساسية متقدمة، من تعثر مشروعاتها الاستراتيجية ومن ثم اندثار أنظمتها السياسية بسبب تلوث تلك البيئة وربما انعدامها.
مررت شخصيا بتجربة مريرة مماثلة؛ ومن موقعين إداريين حساسين؛ حين تقدمت بأفكار وخطط ومشروعات مفصلة على مستوى التنظير والعمل لتطوير التعليم والبحث العلمي بدءاً بالتعليم الأولي حيث تم استحداث ما أطلق عليه (المدرسة الإعدادية الموحدة)؛ وهي جامعة مصغرة متكاملة فيها كل تخصصات الجامعات وبجميع مرافقها الفنية والخدمية ومختبراتها وأقسامها العلمية. وقد تمت مناقشتها علنا من قبل أفضل العقول ومن ثم تم إقرارها من (رأس السلطة) يومذاك وذلك في الأعوام 1970 وحتى 1976. وقد حصلت مثل تلك (التظاهرة) أيضا في تطوير خطط ومناهج الكليات، بحيث تم اقتراح استحداث عدد من الجامعات والكليات والعشرات من الأقسام العلمية الجديدة؛ من علوم الحاسوب والفلك والفضاء والعلوم النووية …الخ. وقد اقر معظمها وطبق القليل منها؛ حتى أجهز عليها بعد مدة وجيزة.
ولم اكن لأجهل السبب وراء تلك الانتكاسات المتلاحقة، فقد بينتها علنا في حينه وفي استقالتي المسببة التي اطلع عليها الأصدقاء والزملاء الذين عاصروا نشاطي، او كنا فريقا متجانسا في العمل، وكثير منهم ما يزال حياً.
إن النظام السابق لم يكن ليكترث بالتقدم العلمي والتقني قط، بل جعل منه منّة تدير (البروباغندا) الحزبية والسياسية. حتى جاء الطوفان فكان ما كان.
ختاما، بودي أن أشد على يديكم بكل قوة لكوني أجد الجد والإخلاص في هذا المشروع الحضاري الرائد. وكم تمنيت لو أسعفني وضعي الصحي لأن أكون قريبا من وهجه ودفئه ونوره الذي سوف يشع في كل أرجاء العراق الحبيب من شماله وحتى جنوبه.
وفقكم الله وسدد خطاكم لما فيه الخير والفلاح.
المخلص
م ق
هاملتن – كندا في 9 حزيران، 2011
إجابتي على رسالة الدكتور م ق:
واشنطن في 11 حزيران 2011
أخي الفاضل الاستاذ الدكتور م ق المحترم
تحيةٌ طيبة
أتقدم بالشكر الجزيل لك على منحك الوقت الذي اطلعت فيه على ما عرضته وعلى تعليقك البناء المبني على الخبرة العميقة والتاريخ المشهود في هذا الخط والأمل الحقيقي في دفع عجلة العلوم والتكنولوجيا في وطننا الحبيب..
بالرغم من كل الصعوبات المنظورة وغير المنظورة فإن علينا واجب رفع أصواتنا لعل من في “اليمن أو اليمامة” من مسؤولينا من يأخذ مثل هذه المشاريع التي هي في عقول، وعلى أفواه، العديد من مفكرينا مهما كانت هوياتهم والذين يجمعهم حب هذه البلد الحبيب، والاستعداد للتضحية في سبيل أهله الأكارم، مأخذ الجد ومحاولة التطبيق..
بارك الله فيك وأنعم عليك بتمام ودوام الصحة والسعادة
ودم للمخلص عبد الهادي الخليلي