زيارة الشريف علي بن الحسين:
أملاً بكسب الأطباء إلى جانبه في خضم النشاطات السياسية في العراق زار الشريف علي مستشفى الجراحات التخصصية في مدينة الطب مع بعض من مستشاريه والتقى باختصاصيين وأطباء مدينة الطب وعقد اجتماعاً في قاعة الاجتماعات في مستشفى الجراحات التخصصية.
طرح الشريف على الحضور ما يراه من استراتيجية لوزارة الصحة وخارجها. تحدث العديد من الحضور وتحدثت في النهاية بقولي: إن في هذه القاعة وخارجها العديد من الأطباء الذين لهم دراية كاملة بواقع ومشاكل الوزارة ولديهم بتراكم خبرتهم الحلول الناجعة لها، والذي نرجوه ان تلتقوا بهؤلاء والتنسيق معهم بما يحقق طموح الجميع.
زيارة وزارة الصحة:
زرت وزارة الصحة شعوراً بمسؤولية المساهمة بمسيرة وزارة الصحة في تلك الظروف الصعبة وغير الطبيعية حيث كانت قد شغلها الملاك الأمريكي من بعض منتسبي الوزارة السابقين والعراقيين الأمريكان والأمريكان أنفسهم.
من العراقيين الأمريكان كان الدكتور سعيد إسماعيل حقي يقوم بمقام وزير الصحة وهو اختصاصي الجراحة البولية والأستاذ الدكتور محمود ثامر اختصاصي الباطنية بمهمة مستشار وزارة الصحة والأستاذ الدكتور الصيدلي موفق التكريتي في مجال الأدوية وما يتعلق بها. أما الأمريكان فكان على رأسهم الدكتور جيم هيفمان (Jim Haveman) وهو إختصاصي الخدمات الإجتماعية في ولاية ميشيغان ومعه بعض الأطباء الأمريكان الاخرين.
نهب ممتلكات وزارة الصحة:
الكلّ يعلم ما حل بالعراق من نهب وسرقة وإتلاف لممتلكات الدولة ومنها وزارة الصحة. وفي الصور التالية نموذج لما حدث في غالبية مؤسسات وزارة الصحة في العراق.
يبدو أن مدينة الطب قد سلمت بكافة مرافقها من التخريب والنهب على الاقل ظاهريا.
لقد ذكرت فصل النشاط العلمي؛ مسيرتي في مجال السرطان أن سيارة الوزارة التي خصصت لي قبيل الإحتلال ومعها سائقها الخاص قد سلبت من السائق بعد الإحتلال حسبما ادعى السائق.
مع آية الله السيد حسين إسماعيل الصدر:
كنت أتردد بين الحين والآخر على مكتب سماحة آية الله السيد حسين الصدر في بيته وكانت لي صداقة حميمة مع شقيقه السيد حيدر. في إحدى الزيارات في تلك الايام العصيبة طلب مني ان أذهب إلى أحد البيوت في منطقة الكاظمية حيث يسكن سماحته للاطلاع على عُدد وادوات طبية تمكن أهل الخير من استعادتها من السراق الذين نهبوها من المؤسسات الصحية.
زرت البيت وكان واسع الحجم وقد امتلأ من أرضه إلى سقوفه بأنواع العدد والأدوات الطبّية. كانت تلك العدد تشمل الأثاث والأدوات الجراحية والمختبرية وغيرها. عدت إلى سماحة السيد واقترحت أن نطلب من وزارة الصحة أنْ تشكل لجنة لجرد تلكم المواد ونقلها إلى المستشفى التي أعمل بها وهي مستشفى الجراحات التخصصية التابعة إلى مدينة الطبّ حيث أتعاون مع الإدارة والوزارة بشأن طريقة التصرف بها. وكان قصدي أنْ تكون تحت إشراف مشترك بيني وبين مدير المستشفى. عندما شكلت اللجنة الوزارية التي ترأسها مسؤول كبير في الوزارة التقيت بهم عند وصولهم إلى البيت الذي فيه العدد وطلبت منهم أن تكون قوائم الجرد بنسختين تقدّم واحدة منها إلى مكتب سماحة السيد واتّفقنا كذلك على أن تخزن المواد جميعها في مخازن مستشفى الجراحات.
علمت بعدئذ إن المواد حملتها ثلاث شاحنات ونقلت إلى حيث لا أعلم وكذلك لم ترسل نسخة من قوائم الجرد لسماحة السيد. قيل انها نقلت إلى مخازن الوزارة والله العالم!
محأولة توفير الاوكسجين لمستشفيات مدينة الطب:
من أهم المشاكل التي كانت تجابه العمل الجراحي والعناية المركزة هو عدم توفر غاز الأوكسجين بما يفي الاحتياج ما سبب الكثير من العواقب السيئة على حياة المرضى.
جاء وفد قطري للمساعدة في تحسين الخدمات الصحية وأخذ مقرا في مستشفى الجراحات. كنا نتزاور ونناقش ما يمكن عمله.
في لقاء مع السيد عبد الله (أبو محمّد) رئيس الوفد لقطري في يوم التاسع والعشرين من حزيران 2003 تحادثنا بشأن إمكانية جلب معمل أو مولدة لغاز الأوكسجين لتجهيز مستشفيات مدينة الطب بالأوكسجين. علمت في حينه أن معمل المنصور الحكومي للأوكسجين في التاجي يمكن أن نحقق ما نرجوه. وكنت قد التقيت بمدير المعمل في عيادتي قبيل ذلك وللأسف لا أتذكر اسمه الكريم ولكن أعلم أنه ابن رئيس أركان الجيش العراقي الأسبق اللواء حمودي مهدي.
ذهبت مع رئيس الوفد القطري إلى التاجي وكانت سفرة متعبة لوعورة الطريق آنذاك وللخطورة الأمنية ولكن الهدف كان أسمى. التقينا هناك مع الأخ المدير والعديد من مهندسي المعمل أذكر منهم المهندسين، مازن ونزار وغيرهم. تبين وللأسف وما قاله الجميع بأن فكرة إنشاء معمل أوكسجين في المستشفى فكرة غير عملية لحجم ما يحتاجه المشروع من تقنيات وملاك.
اللقاء مع الدكتور سعيد إسماعيل حقي:
- بخصوص مجلس السرطان:
التقيت بالدكتور سعيد في مكتبه كقائم بأعمال وزير الصحة وتحدثنا بخصوص واقع الوزارة والخدمات فيها ومتطلبات الحاضر. قدمت له في جلسة لاحقة في السابع من تموز 2003 ملاحظات ومقترحات عديدة للنظر فيها في التخطيط لاستراتيجية الوزارة وكذلك بشأن مجلس السرطان الذي كنت نائب رئيسه.
- عرض “مهم” اقترحه علي
خلال لقاء مع الدكتور سعيد في مكتبه في مرة من المرات بادرني بالقول: “أريدك تكنس الوزارة كنس”. أجبته على الفور: “تقصد أن أكون وزيرا للصحة؟” أجاب بنعم. قلت له: “أنا لا أطمح ان أكون وزيراً مطلقاً ولكني مستعد لأي خدمة أو استشارة”. وكان سبب تحفظي على ذلك المنصب أو غيره هو عدم وضوح الرؤيا والاستقرار السياسي وكذلك برفضي الإنضواء تحت أي تجمع سياسي أو كتلوي.
يبدو أن مهمات الدكتور سعيد انتهت في الشهر الثامن عام 2003 حيث انتقل من وزارة الصحة إلى موقع مسؤولية أخرى واستلم المسؤولية الدكتور خضير عباس.
مع وزير الصحة الدكتور خضير فاضل عباس:
بدأ الدكتور خضير عمله كوزير للصحة في الحادي والثلاثين من آب عام 2003. لم يكن الدكتور خضير معروفاً في العراق. علمنا بأنه من حزب الدعوة وكان يعمل طبيب عائلة في بريطانيا بعد أن غادر العراق قبل سنين طويلة وليس له أي علم بهيكلية واستراتيجيات الوزارة.
شعرت بضرورة لقائه وتوضيح وجهة نظري بخصوص الأولويات في الوزارة. كان طموحي عاليا، أكثر من اللازم، في أن تسير وزارة الصحة في نهج جديد متطور بعد الركود الذي عانت منه من تأثير الحصار وقلة الموارد وعدم التواصل مع العالم الخارجي.
تزاحمت الأفكار في ذهني وأنا أهيئ لمقابلته فعرضت عليه عند لقائه لأكثر من مرة أمور كان منها:
عاش الوزير بعيداً عن العراق لسنين طويلة لذا فان معرفته بالمجتمع الطبّي العراقي داخل وخارج الوزارة معدومة تقريباً. اقترحت عليه ان يستحدث لجنة استشارية تضم مجموعة من الأطباء المشهود لهم بالخبرة والحكمة. أيد الوزير تلك الفكرة وطلب مني أن أقدم له قائمة بأسماء الذين تتمثل فيهم الصفات المطلوبة.
قدمت له القائمة التي ضمت اثني عشر عضواً من خيرة الأطباء والأساتذة وقد راعيت التوازن في الاختيار لإرضاء المكونات العراقية.
شملت تلك القائمة الذوات المدرجة أسماؤهم أدناه:
- الأستاذ الدكتور فؤاد حسن غالي، أستاذ الأمراض النسائية، متقاعد
- الأستاذ الدكتور إحسان البحراني، أستاذ الباطنية، متقاعد
- الأستاذ الدكتور زهير البحراني، أستاذ الجراحة العامة، متقاعد
- الأستاذ الدكتور عبد الهادي الخليلي، أستاذ الجراحة العصبية، مدينة الطب
- الأستاذ الدكتور محمّد حسن الأشيقر، أستاذ الأشعة التشخيصية، جامعة النهرين
- الأستاذ المساعد الدكتور زكريا يحيى، أستاذ الجراحة التقويمية، مدينة الطب
- الأستاذ الدكتور الصيدلاني صباح ميخائيل، صيدلاني استشاري، متقاعد
- الأستاذ ة الدكتورة ندى العبادي، أستاذة الأمراض النسائية، مدينة الطب
- الدكتور أياد محمّد إسماعيل، استشاري جراحة الوجه والفكين، مدينة الطب
- الأستاذ ة الدكتورة آمال جبري، أستاذة طب الأطفال، مدينة الطب
- الأستاذ الدكتور نزار الطالباني، أستاذ وعميد كلية طب الأسنان
- الأستاذ الدكتور محمّد خليفة، أستاذ العلوم التمريضية، كلية التمريض
إقترحَ الوزير إضافة أسماء أطباء عادوا معه من خارج العراق. ولم يعقد أي اجتماع مع تلك اللجنة.
لاستحداث استراتيجية رصينة للوزارة مبنية على خبرة متراكمة من دول أخرى اقترحت أن يزور الوزير ومعه عدد من الملاكات الصحية الخبيرة، أو لجنة يكلفها بذلك، عدداً من الدول المشهود لها بحسن الأداء مثل الهند، جنوب أفريقيا، ماليزيا، السويد وكندا للاطلاع على النظم الصحية فيها. إخترت الهند لتعدد فصائل المجتمع وسعة الدولة وكفاءة الأداء، جنوب أفريقيا لصعوبات الماضي القريب من النظام العنصري والاضطهاد المتعدد الوجوه، ماليزيا لكونها الجسر الذي يربط بين الدول المتقدمة والدول النامية، السويد لكونها تعتمد نظامًا صحياً يضمن الخدمة للجميع، وكندا لكونها تجمع ما بين الضمان الصحي وبعض خدمات القطاع الخاص. وبعد ذلك يصار إلى دراسة معمقة لكل المعلومات والأفكار التي يتم الحصول عليها ومناقشتها واختيار الأسلوب الأمثل الذي ستعتمده الوزارة كفلسفة عمل جديدة قابلة للتطبيق في بلدنا.
اقترحت استثمار كفاءات المغتربين من الأطباء والأكاديميين العراقيين، وبحكم وجوده في بريطانيا لعقود فهو على اطلاع بتلك الطاقات المتميزة في الخارج. لذا قدمت له ورقة عمل لهذا المشروع جاء فيها:
“…لقد تعرقلت مسيرة التواصل العلمي والخدمي في مجال الطب طوال العقود الماضية ولتحقيق القفزة النوعية في المستوى العلمي والمهني لابد من مساهمة المغتربين والمقيمين من أبناء وطننا في الخارج ولنا في ذلك كنز ثمين ومعين لا ينضب ففيهم من الكفاءات وحب الوطن ما يعيننا في الكثير من المجالات.
فالمطلوب استحداث تشكيل في وزارة الصحة واجبه تنظيم استثمار جهود المغتربين والمقيمين، وما يمكن أن يقدمَوَه إلى الوطن. وقدمت نسخة من استمارة مفصلة أعددتها لبناء قاعدة معلومات تضم تلك الكفاءات.
قدمت ورقة عمل إلى الوزير الدكتور خضير في كانون الثاني 2004 متضمنةً عدة نقاط شرحت له مجمل تلك النقاط عند اللقاء به. كان من تلك النقاط:
الخطة المستقبلية:
- وضع صيغ إستراتيجية مبنية على حاجة البلد الآنية والمستقبلية بإعداد صيغ لقبول طلبة كليات الطب والدراسات العليا كعدد ثابت لكل وحدة سكانية للمرحلتين.
- دعم التخصص الطبي:
- الدورات التدريبية التخصصية للأطباء في المحافظات
- التخصصات الدقيقة وتشجيعها بمساعدة الهيئة العراقية للتخصصات الطبّية، أو وزارة الصحة مباشرة.
- دعم التمريض:
- إقامة حملة وطنية موسعة لتشجيع انخراط الشباب في سلك التمريض بالتعاون مع اتحاد نساء العراق واتحاد الشباب والمنظمات الشعبية والمحلية والإعلام والتربية والأوقاف والشؤون الدينية.
- العمل على إقامة دورات مكثفة سريعة للتمريض المتخصص في كل مؤسسة صحية متخصصة.
- خدمات الأشعة:
- إعادة عمل ملاك الأشعة خارج أوقات الدوام الرسمي ومنحهم حوافز تشجيعية
- هنالك 6 أجهزة Multislice spiral CT scan قد دفعت تكاليفها ولم تصل إلى الآن.
- تفعيل اللجان الاستشارية:
- المرضى الذين يعالجون خارج العراق.
- توزيع المواد والأجهزة في كل محافظة
- تسرب الكثير من تجهيزات الوزارة إلى السوق
مؤسسة أي بي تي (ABT) الأمريكية:
أخذت هذه المؤسسة الأمريكية التي تعنى بالخدمات الصحية والتعليم الصحي على عاتقها إقامة ورشات عمل في مبنى وزارة الصحة لعدة أسابيع يشارك فيها اختصاصيون من الوزارة وخارجها من المعنيين بالطب والتعليم الطبي. شاركت لمرتين مع عدد من الزملاء في تلك الورشات.
بعد أسابيع عديدة قدمت المؤسسة تقريرها للوزارة ولا نعلم مدى استثمار تلك الخلاصات والاقتراحات من الوزارة.
مشروع حيوي للنهوض بالمستوى العلمي لملاك وزارة الصحة:
أبلغني في أيلول 2003 الأستاذ محمود ثامر الذي عمل بصفة مستشار للقائم بأعمال وزير الصحة بأنه يعمل على مشروع مهم لتطوير المستوى الطبي وقد رصدت له المبالغ اللازمة التي كانت بحدود 17 مليون دولار لتحقيقه على مدى سنتين (2003-2004). طلب مني الأستاذ محمود أن أساعده في إدارة المشروع.
كان هدفنا أولاً تثبيت المحاور التي سيشملها المشروع وحساب التكاليف التقديرية لكل محور. قررنا أن تشمل المحاور ما يأتي:
- فرق برئاسة عضو هيئة تدريسية من الأساتذة: يتم ايفاد 60 فريقاً يتكون كل فريق من 4 أشخاص (طبيب اختصاصي، اختصاصي التخدير، ممرضة وفني) يكون تدريبهم لفترة شهر كامل.
تم احتساب تقديري لتكاليف ذلك بمبلغ 260,0001, دولار
- التعليم الطبي المستمر: ندعو أساتذة من الولايات المتحدة في أغلب الاختصاصات للقيام بمهمة التعليم المستمر للملاك الطبي العراقي. كان الاقتراح ان يشمل برنامج تدريب ومحاضرات مستمرة لثلاثة أيام تقام في 22 مركزا في المستشفيات الرئيسة في مختلف أغلب العراق. يشارك في كل مركز خمسون طبيبا.
تم احتساب تقديري لتكاليف ذلك بمبلغ 220,220 دولار
- الإنترنت والإنترانت (الشبكة الداخلية) والطب عن بعد لـ 22 مستشفى رئيسي.
تم احتساب تقديري لتكاليف ذلك بمبلغ 1,000,000 دولار
- دعوة أساتذة زائرين بمعدل 6 أساتذة لكل من المستشفيات الـ 22 للعمل لمدة شهر.
تم احتساب تقديري لتكاليف ذلك بمبلغ 1, 056, 000 دولار
- اجهزة عرض فيديو متطورة مع ملحقاتها وكذلك شراء دروس تعليمية على الأقراص CD لـ 32 مستشفى.
تم احتساب تقديري لتكاليف ذلك بمبلغ 000 112دولار
- كتب ومراجع طبية لـ 32 مركزا بمعدل مئة كتاب لكل مركز
تم احتساب تقديري لتكاليف ذلك بمبلغ 320000 دولار
- المجلات الطبّية لكل المستشفيات التعليمية
تم احتساب تقديري لتكاليف ذلك بمبلغ 235000 دولار
- زمالات للمقيمين الأقدمين من طلبة البورد العراقي بمعدل خمس العدد الكلي البالغ 400 طبيباً في حينه (أي 90 طبيبا في كل وجبة) يتمتعون بزمالة لمدة ثلاثة أشهر في أفضل المستشفيات الأمريكية.
تم احتساب تقديري لتكاليف ذلك بمبلغ 000,952 دولار
المجموع الكلي التقديري = 5,155,880 دولار
بينما كان المرصود للمشروع 17 مليون دولار
رسالة الأستاذ الدكتور محمود ثامر:
“قبل بضعة سنيين، عدت الى العراق مسقط رأسي، والذي عملت فيه عدة سنين عضواً في الهيئة التدريسية في الكلية الطبية ببغداد، هذا وقد كانت سنين عودتي إلى العراق حافلة بالذكريات الرائعة ولعّل من أجملها العمل الدؤوب المثمر من بعض العراقيين الأفذاذ الذين نذروا أنفسهم لخدمة ذلك البلد، أمثال الدكتور عبد الهادي الخليلي وأقرانه الأجلاء ولذلك فقد قرأت بكل إمعان وشغف تقرير الأستاذ الخليلي وأراه تقريراً دقيقاً وأميناً لما حدث. هذا وإني أقدر كل التقدير الصعوبات الجمّة التي تلاقي كل من يغامر بإخراج هكذا مشروع الى حيّز الوجود، ولكني على يقين بأن الشباب العراقي المتطلّع الى مستقبل أفضل، سوف يستمر بالمثابرة في دعمه للمشروع، كما وإني على يقين بأن المستقبل في العراق، كما هو في كل زمان ومكان، سيكون رهن الجيل الجديد، والله لا يغّير حال قوم حتى يغّيروا ما بأنفسهم. والله ولي التوفيق. محمود ثامر May 6. 2019
اقترح الوزير تشكيل لجنة لتحقيق المشروع وكان أحد أعضاء الذين اقترحهم الوزير مقيماً خارج العراق وتأخر العمل شهرين لعدم وصوله. وبعد الإلحاح ولعدم وصول ذلك العضو قررت الوزارة تشكيل لجنة أخرى (كما في أدناه). استضفت اللجنة في مركز جراحة محجر العين في مستشفى الجراحات وقررت اللجنة أن المشروع جدير بالتنفيذ.
الاجتماع والتقرير:
عقد الاجتماع في السادس والعشرين من شباط 2004 في مركز جراحة محجر العين، الدور 14 مستشفى الجراحات التخصصية ورفع تقرير إلى الوزير بنتائج الاجتماع:
حضر الاجتماع:
- أ. د. عبد الهادي الخليلي، مستشفى الجراحات التخصصية
- أ. د. عادل عبد المحسن، مدير عام التفتيش في وزارة الصحة
- أ. د. عبد الأمير المختار، مدير عام مدينة الطب
- أ. د. صباح فخر الدين، مستشار الوزير
- أ. د. زكريا يحيى، مستشفى الجراحات التخصصية
افتتحت الاجتماع بتقديم موجز عمّا تمّ إنجازه من خطوات مذ بدأ الأستاذ الدكتور محمود ثامر فكرة مشروع التطوير المهني المستمر بمساعدتي منذ الشهر التاسع عام 2003. وفي الشهر العاشر أبلغ السيد هافمان كبير المسؤولين الأمريكان في الوزارة الأستاذ محمود بأن ميزانية المشروع هي ثمانية ونصف مليون دولار للعام 2003 وعشرة ملايين دولار للعام 2004. وقد أبلغنا الوزير في اجتماع سابق في شهر شباط 2004 بأن الميزانية التي تم الاتفاق عليها هي سبعة عشر مليون دولار لهذا العام (2004).
المؤمل أن المشروع سيحقق طفرة نوعية كبيرة بالمستوى العلمي للملاك العامل في وزارة الصحة لتقديم أفضل الخدمات التي تتماشى مع العصر ومتطلباته.
النتيجة!:
تدارس المجتمعون خطة العمل وكذلك أهمية استحداث مركز للدراسات في كلّ مستشفى يعنى بالتعليم المستمر، وآلية الاتصال مع المراكز الطبّية العالمية للاتفاق على إرسال الملاك للتدريب فيها حيث إن السيد الوزير وآخرين سوف يقومون بزيارة بعض المراكز العالمية قريبا.
قمت بدعوتهم لزيارة مختصرة للطابق الثاني في مستشفى الجراحات التخصصية حيث توجد المكتبة والإنترنت وقاعة محاضرات يمكن أن تكون مركزاً للدراسات العليا والتعليم المهني المستمر لمجمع مدينة الطب.
اتفق الجميع على إن محاور مشروع تطوير المستوى العلمي والميزانية المرصودة أعلاه هي مجرد خطة ابتدائية هدفها توضيح فكرة التنفيذ الأولية. وهذه بطبيعة الحال تخضع لتعديلات محتملة. وأن يقدم المشروع إلى أنظار الوزير لمناقشته والأمر بإصدار كتاب تكليف لأعضاء اللجنة وعندئذ المباشرة بالإعداد للتخطيط والتنفيذ.
النهاية: لم ير المشروع النور ولم أتابع ما حصل بعد ذلك وأين صرفت تلك المبالغ وكيف!! وبذا خسر العراق والصحة والطب في العراق فرصة ذهبية.
التبرع بعدد من كتبي إلى مكتبة مستشفى الجراحات التخصصية:
قبيل مغادرتي العراق في العام 2004 أهديت مجموعة كبيرة من كتبي الطبية إلى مكتبة الجراحات. بلغ عدد تلك الكتب ما يزيد على السبعمائة كتاب كانت غالبيتها في مجال علم الأعصاب وباقي الكتب في مجال الطب والجراحة في مختلف فروعها أخذت تلك المجموعة من الكتب جانب خزانات كاملة بكل برفوفها.
نصب الإنترنت في مستشفى الجراحات التخصصية:
لقد حُرم أطبّاؤنا الشباب والاختصاصيون طوال السنين السابقة من الاطلاع على التقدّم التقني الهائل في الحصول على المعلومة الحديثة بكامل الحرية ماعدا ما وفرته شخصياً للمكتبة من الأقراص المكتنزة التي حصلت عليها من منظمة الصحة العالمية في التسعينيات وبعض المصادر الأخرى التي حققها زملاء آخرون ومنظمات.
بالرغم من أن الإنترنت قد أدخل في العراق في السنتين الأخيرتين قبل الاحتلال ولكنه كان محدوداً جداً في تصفحه حيث حجبت العديد من مواقع التصفح الرئيسة وكذلك كان يقتصر على الدوائر الرسمية ومقاهي الإنترنت التي كانت قليلة العدد وتحت الرقابة الأمنية الشديدة. شعرت بعد الاحتلال بأن الوقت قد حان لنصب شبكة إنترنت في المستشفى. لم يكن لدينا أي مصدر لتمويل المشروع لتكلفته العالية.
مصدر التمويل: منذ نهاية التسعينيات كنت أزور سماحة آية الله العظمى السيد علي السيستاني في داره في النجف لرعاية صحته وكانت تلك الزيارات تحت أنظار مخابرات النظام الذين كان لهم مقر ثابت في مدخل دار سكنه. استمرت زياراتي بعد الاحتلال وفي إحدى الزيارات شرحت لسماحته الحاجة لبناء منظومة إنترنت في مستشفى الجراحات لمساعدة الأساتذة والأطباء والطلبة وملاك المستشفى في التواصل مع العالم والاطلاع على المستجدات العلمية. سألني عن المبلغ المطلوب فأجبت عشرة الاف دولار فإذا به يطلب من نجله سماحة السيد محمّد رضا أن يجلب المبلغ والذي سلّمه لي نقداً في الحال.
كنت قد هيأت مسبقاً الاتصالات الأولية مع مدير شركة وان (WAN) الأستاذ حسين يوسف الحدّاد الذي أبدى تعاونه التام لهذا المشروع الخيري لخدمة المجتمع الطبي. تعاقدت معه على نصب الشبكة التي غطت غالبية أقسام المستشفى بالرغم من الصعوبات التقنية التي كانت في ذلك الزمن. ثبت صحن الاستقبال الكبير على سطح المستشفى وبدأت خدمات الإنترنت في المستشفى حيث تمكن الجميع من الاستفادة منه. هنا أذكّر بأني قد جهزت لعدد من أقسام المستشفى 17 حاسبة حصلت عليها بسعر رمزي من وزارة التجارة قبيل الاحتلال.
لم يكلّف مشروع الإنترنت والشبكة مستشفى الجراحات أي مبلغ إطلاقاً حيث غطى المبلغ المتبرع به كل تكاليف المواد والخدمات والاشتراك للسنة الأولى.
كانت تلك الشبكة أول شبكة أنترنت في مؤسسات وزارة الصحة. وقد بدأ المئات من الأطباء باستخدام الإنترنت وبكلفة رمزية يرسل واردها إلى إدارة المستشفى.
مؤسسة وايرد الأمريكية:
حصلت مكتبة الجراحات عام 2003 على 10 حاسبات إضافية هدية من وزارة الخارجية الأميركية عبر مؤسسة وايرد. تم تنصيب شبكة داخلية فيما بينها واتصلت الشبكة بمنظومة الإنترنت المنصوبة.
دورات التدريب على الحاسبة: تم القيام بالعديد من الدورات التخصصية في برامج الحاسبة والإنترنت للأطبّاء والملاك التمريضي والإداري في المجمّع و “تخرج” العديد منهم وأصبحت لهم بعض الخبرة في تحسين كفاءتهم الاستيعابية في استخدام الحاسبات.
عملية الأستاذ الدكتور خالد ناجي (27/12/2003):
اتصلت بي في يوم الأحد الموافق الواحد والعشرين من كانون الأول عام 2003 عقيلة الأستاذ خالد ناجي لتبلغني بتدهور حالته الصحية. توجهت إلى داره الذي لا يبعد كثيراً عن عيادتي في منطقة العيواضية، وكانت تلك الدار مقر سكناه منذ عقود. يشبه تصميم بيته البيوت في تلك المنطقة ولكن المثير للدهشة هو الارتفاع غير الاعتيادي للسياج الخارجي للدار ويبدو أن هناك إضافة جديدة في أعلى الجدار. كان لذلك سبباً حيث تبين أن مجرمين قد تسلقوا الجدار قبل الزيادة في ارتفاعه ليدخلوا الدار ويعتدوا على أستاذنا عدة مرات. علمنا بعدئذ إن المعتدين المجرمين قاموا بعملهم الدنيء قبل الإحتلال الأمريكي وحتى بعده. سرقوا من داره مجموعة من المصوغات الذهبية، أموال من صندوق الأمان وتحف ثمينة فضلا عن الاعتداء الجسدي عليه.
حينما علمت بتلك الاعتداءات تضاءل أملي بمستقبل العراق حيث يُعتدى على ذلك السامق وليس هناك من يحميه ويهتم بسلامته.
دخلت عليه في الدار فوجدته متعباً جداً ومشوش الوعي قليلاً واشتكى لي من حالات اختلاج صرعية متكررة. علمت بأن أحد الزملاء من اختصاصيي طب الأعصاب قد زاره قبل مدة ووصف له علاجاً للصرع. ضاعفت مقدار جرعة العقار وطمأنته ولكني وضعت في ذهني خطة عاجلة لعلاجه.
زرته في اليوم التالي وكانت حالته تتفاقم حيث أصيب الجانب الأيمن من جسمه بالشلل الجزئي وصعوبة التكلم والتعبير بما يدعى “بالحبسة” الكلامية. أقنعته بالدخول إلى المستشفى ونقلته إلى مركز جراحة محجر العين في مستشفى الجراحات في الدور الرابع عشر. والمركز كان أفضل ما هو متوفر في المستشفى آنذاك وحتّى خارجها. دخل المستشفى وبعد استقرار حالته جزئيا تم إجراء فحص المفراس (CT Scan) فتبين وجود خثرة دم كبيرة تحت الأم القاسية (من السحايا الدماغية) في الجانب الأيسر من الدماغ. كانت الصور تبين بعد المناقشة مع اختصاصي الأشعة بأن النزف كان في وقتين متباينين نزف قديم لعدة أسابيع وآخر حديث ما يقرب الأسبوعين.
كانت هناك مشكلتين يجب استشارة الاختصاصيين بخصوصهما؛ أولاً عدم انتظام ضربات القلب والأخرى استمراره باستعمال العقار المخفف للدم مانع التخثر (وارفارين) والذي كان يستخدمه لسنين عديدة وهذا ما يسبب خطورة كبيرة ومضاعفات عند وبعد العملية بعدم تخثر الدم. والثانية العمر حيث دخل العام الثمانين من عمره فهو من مواليد عام 1923. بعد استشارة اختصاصيي القلب والباطنية واطمئنانهم على حالته مع إيقاف استعمال الوارفارين تقرر أن يكون يوم إجراء العملية هو السبت 27 /12/2003.
العملية الجراحية:
تمت الاستعدادات لإجراء العملية وأدخل صالة العمليات في شعبة الجراحة العصبية في الطابق الحادي عشر وكانت الرهبة ظاهرة على وجوه وقلوب الجميع وأنا بضمنهم بطبيعة الحال. كتب المضمد المسؤول عن العمليات اسم أستاذنا على السبورة داخل الصالة كما هو المعتاد.
تذكرت السبورة التي كانت خلف مكتبه في الردهة الثانية عشرة في المستشفى الجمهوري والتي كتب بخطه “لا تنس أن تسأل لماذا” (Don’t Forget to Ask Why). كان في حينها بكل حيويته ونشاطه وصوته الجهوري والآن هو مسجى على طاولة العمليات لا حول له ولا قوة وترك أمره للقدر.
بدأ التخدير يفعل فعلته وكان رئيس فريق التخدير الدكتور مازن شاكر خصباك وهو من أثق به ثقة مطلقة بقدرته في التخدير.
سرحت بي الأفكار وأنا أقف والمبضع بيدي هل هذا واقع أم خيال؟ تذكرت أول يوم دخلنا الردهة الثانية عشر ونحن طلاب في الصف الرابع ووقفنا بخصوصه بنصف دائرة وهو يعلمنا ويتفاعل معنا ويبعث الثقة فينا حيث كان يغلب علينا الخوف. ومرت في خيالي فترة التدريب أيام الإقامة في المستشفى الجمهوري وصولاته وجولاته في الندوات والمؤتمرات وإذا بي أمامه وهو مسجى. كنت أرى نفسي وأنا في ذلك الموقف قد تحملت مسؤولية كبرى ليس فقط أمام أستاذي ومعلمي وأستاذ ومعلم الأجيال بل أمام المجتمع الطبي العراقي كله.
وضعت التأشيرات على فروة الرأس بالقلم الخاص المعقم وكأنني سأقوم بعملية فتح الجمجمة وليس فغر(تثقيب) الجمجمة فقط. وهذا إجراء احتياطي نقوم به في كل حالات تفريغ خثرة تحت الأم القاسية حيث تكون هناك في بعض الحالات حاجة لفتح الجمجمة.
بعد أن أعطى المخدر إشارة البدء مسكت المبضع وقلت كعادتي دوما في بدء كل عملية جراحية: “بسم الله وبالله وعلى ملة رسول الله، بسم الله الرحمن الرحيم” وبدأت العملية. ومن المعروف إن تلك العملية ليست من العمليات المعقدة في اختصاصنا ولكنها في حالة أستاذنا تحتمل المخاطر حيث أنه معرض للعديد من الاختلاطات بسبب العمر وبقايا تأثير العقار مانع التخثر وغيرها. تمّ تفريغ كل الدم المتجمع داخل الجمجمة وتمت العملية بدون اختلاطات وكانت قد استغرقت بحدود الساعتين. استيقظ بعدها من التخدير بسهولة بالغة.
نقل الأستاذ بعد انتهاء العملية إلى العناية المركزة في الدور الحادي عشر ليمكث حتّى يسترد وعيه ونشاطه. وهناك في ردهة العناية تسابق الأطباء المقيمون ليحظوا بشرف رعايته ليلاً ونهاراً. تحسنت صحته ونقل إلى مركز جراحة محجر العين في الدور الرابع عشر للنقاهة.
وفرنا للأستاذ كل وسائل الراحة والعناية بما يليق به وكذلك الاهتمام بتوافد الزائرين من كل الفئات للتهنئة بسلامته. كان على رأس الزائرين الأستاذ زهير البحراني ووزير الصحة آنذاك الدكتور خضير عباس.
كان من أسعد الأوقات له ولي وللجميع مجيء ولده المحروس شعلان من الولايات المتحدة ليتمتع برؤياه والقيام بخدمته.
أقمنا له حفلاً متواضعاً بمناسبة شفائه حضره منتسبو شعبة الجراحة العصبية ومركز جراحة محجر العين وغيرهم.
بدأت الحركة في جانبه الأيمن بعد العملية بأيام وكذلك أصبح بإمكانه مسك القلم ليعبر عما في ذهنه ولكن ليس بكامل الوضوح. وقد تفضل بكتابة بعض الملاحظات بخط يده. أدناه إحدى تلك الملاحظات وتوضيحي لها بعد “التداول” معه بشأن ما كتب.
“عن طريق عبد الهادي الخليلي الله يحفظه ويديمه إلى إخواني الذين لا يزالون في ذاكرتهم أوصيكم جدياً برعاية أهلكم ومرضاكم أتمنى لكم الصحة والعافية. خالد ناجي ٥/ ١/ ٢٨ “
مغادرة المستشفى: ترك الأستاذ خالد المستشفى وقد تحسنت صحته العامة وصحة جهازه العصبي وتوجه إلى داره برعاية زوجته وولده شعلان. شعرت بالسعادة في حينه لأني عملت كل جهدي لأوفي جزء مما قدمه الأستاذ خلال عقود عديدة من تربية الأجيال.
موقف يذكر للدكتور أياد علاوي:
في نهاية العام 2004 عدت من كندا في زيارة إلى عمان (الأردن) لحضور اجتماع رسمي مع ممثلي ديوان وزارة التعليم العالي وعمداء بعض كليات الطب ورئيس الهيئة العراقية للاختصاصات الطبّية لمناقشة خطط تتعلق بالتعليم العالي في العراق. عند وجودي هناك علمت بأن الأستاذ خالد كان في عمان وهو يشكو من تضخم في البروستات. كان بصدد إجراء عملية استئصال البروستات له. تقصيت عن مكان إقامته فتوصلت إلى ذلك وكانت شقة صغيرة في وسط عمان. حال معرفتي بمكانه قمت بزيارته ومعي باقة ورد زاه حيث إنه مغرم بالورود مذ عرفناه. حدثني عن حاله وكان متألماً جداً من عدم عناية المجتمع الطبي هناك به بعكس ما كان يتأمله منهم حيث كان عدد من الجراحين الأردنيين من طلابه، هذا فضلا عن المبالغ الطائلة التي أرهقوه بها عندما دخل المستشفى.
لم أغادر الشقة التي كان ساكناً فيها إلاّ بعد أن اتصلت هاتفياً بصديقي الأستاذ الدكتور هلال البياتي في بغداد والذي كان يعمل مستشاراً للدكتور أياد علاوي رئيس الوزراء في ذلك الحين وطلبت منه أن يبلغ الدكتور أياد تحياتي واحتراماتي له ويعلمه بأن ليس من المقبول ولا الإنصاف أن يجري ما يجري على الأستاذ خالد وأن تكون الدولة العراقية بعيدة عن رعايته. اقترحت عليه أن يزوره سفيرنا في الأردن وأن تتكفل الدولة العراقية بمصاريف علاجه. وقد قام الدكتور هلال بذلك في الحال واستجاب الدكتور أياد للطلب وزار السفير الأستاذ خالد في شقته وأعتقد أن العلاج تكفلت به الدولة. وكنت قد اتصلت كذلك بالصديق الأستاذ الدكتور عباس الجادرجي الذي كان ضمن طاقم مكتب رئيس الوزراء وقد ساعد في تحقيق ذلك.
وهذه الاستجابة السريعة من الدكتور أياد علاوي تدل على وفائه لأستاذه بالرغم من ثقل كاهل العمل الذي كان يحيط به.
غادرت إلى كندا وبقيت على اتصال بولده شعلان الذي يسكن في فرجينيا، وأخيرا جاء الوعد الحق وغادر إلى جوار ربه في اليوم الثالث من شهر مايس عام 2008 وبقيت ذكرى الأستاذ خالد خالدة في تاريخ الطب العراقي.
وزير الصحة الدكتور علاء العلوان:
حينما تغّيرت الحكومة العراقية المؤقتة في الشهر السادس من عام 2004 جاء الدكتور علاء العلوان وزيرا للصحة منتقلا إليها من وزارة التربية.
بدأ الدكتور علاء العلوان مشاريعه في الوزارة المؤقتة بتهيئة دراسة أعدّت قاعدة المعلومات بأفضل ما يمكن بخصوص الصحة في العراق ووثقت في كراس بتسع وأربعين صفحة. ساهم في إنجاز تلك الدراسة عدد من ملاكات الوزارة ذوو الخبرة الطويلة. ويمكن عد تلك القاعدة أساسا للاستراتيجية التي تعتمدها الوزارة.
مجلس السرطان 2003-2004:
تمهيد: بعد احتلال العراق والإطاحة بالنظام وتدمير مؤسسات الدولة التي قام بها مخربون محليون وخارجيون لم يسلم مقر مجلس السرطان في الوزارة من ذلك حيث لم يبق فيه أي شيء!!
ولكوننا تحسبنا لما سيحدث قبيل حدوثه فقد تم استنساخ كافة المعلومات الموثقة في الحاسبات من بيانات تسجيل الأورام والمراسلات الإدارية والأوليات على الأقراص المدمجة (السي دي) وحفظت في دار أحد منتسبي المجلس. وكان هذا ما حفظ سجل مسيرة المجلس الماضية بكل آفاقها.
نقلت مقر المجلس مؤقتا إلى مكان لم تصل إليه يد التخريب وهو مستشفى الجراحات التخصصية في مدينة الطب وفي مركز جراحة محجر العين في الدور الرابع عشر. بدأ النشاط وإدخال ما استجد من معلومات ومرضى جدد وكان دوام المنتسبين مع منتسبي المركز بالرغم من أن دوام موظفي مقر الوزارة لم يبدأ بعد.
وبعد أن استتب الامر وبدأ “الدوام” النظامي في الوزارة عاد المجلس إلى المقر السابق في الدور الثاني في بناية الوزارة. لم يكن العمل منتظما في دوائر الدولة لأن البنى التحتية قد انهارت ولم يعين بعد أي من أصحاب القرار من مدراء عموميين وغيرهم.
الاجتماع الأول للمجلس:
عقد مجلس السرطان في العراق اجتماعاً استثنائياً بتاريخ 24/12/2003 بدعوة من نائب رئيس المجلس بحضور عدد من أعضاء المجلس وبعض الاختصاصيين في مجال السرطان: أ.د. عبد الهادي الخليلي / نائب رئيس مجلس السرطان في العراق، د. عبد علي مهدي / اختصاصي أورام / مدير م. الاشعاع والطب النووي، د. عبد المنعم أحمد / اختصاصي أورام / كلية النهرين الطبّية ، د. عصام الراوي / اختصاصي أورام / م. الاشعاع والطب النووي، د. خضير الرواق / اختصاصي أورام / م. الاشعاع والطب النووي، د. قحطان رضوان / اختصاصي أورام / م. حازم الحافظ / صحة نينوى، د. سمير رسول / اختصاصي الباطنية وأمراض الدم / م. بغداد التعليمي، د. تغريد الصفار / وزارة الصحة، د. احمد جاسم دلي / مجلس السرطان.
كان الهدف من الاجتماع دراسة الواقع الآني لمشكلة السرطان في العراق، ووضع الخطوط العريضة للنهوض بالبرنامج الوطني للسيطرة على السـرطان والعمل على الخروج بتوصيات للمرحلة الراهنة. تمت مناقشة مستفيضة وانتهى الاجتماع بتوصيات عديدة تتضمن: تطوير عمل التسجيل السرطاني، افتتاح مراكز السيطرة على السـرطان في بابل ونينوى والبصـرة، تدريب الملاكات الطبّية والتمريضية، مشـروع المعالجة الشعاعية والفيزياء الطبّية ، فعاليات الكشف المبكر عن السرطان، مكافحة التدخين، مجال الرعاية التلطيفية، موضوع بحوث السـرطان، توفير الأدوية السـرطانية، مجاميع الأورام السرطانية، توصيات مؤتمر السرطان الرابع عشر عام 2000، مناقشة مقترحات المغترب د. علاء العويناتي اختصاصي السـرطان التي تقدم بها إلى وزارة الصحة، الأجهزة والمعدات التي وردتها شركة سيمنز لمراكز علاج السرطان، مناقشة المقترح الذي تقدم به الدكتور قحطان رضوان بشأن اعادة العمل بمشروع تصنيع الأدوية السرطانية محلياً من قبل مؤسسات الوزارة وبالتعاون مع وزارة الصناعة وتأييد ما جاء في مذكرة د. عبد علي مهدي التي تقدم بها إلى السيد الوزير بشأن متطلبات تأهيل وتطوير مستشفى الاشعاع والطب النووي.
في ذلك الوضع الراهن ولأسباب عديدة أصبحت تشكيلة أعضاء المجلس الجديد في وزارة الدكتور علاء العلوان في الشهر السادس عام 2004 كما يأتي:
- أ.د. علاء الدين عبد الصاحب العلوان / وزير الصحة / رئيس المجلس
- أ د عبد الهادي الخليلي / اختصاص جراحة عصبية / نائب رئيس المجلس
- أ.د. زهير البحراني / اختصاص جراحة عامة (مستشار المجلس)
- د. عبد الودود محمود الطالبي / مدير عام دائرة الخزن والتوزيع
- د. عبد علي مهدي / اختصاص علاج أورام
- أ. د. نزار الطالباني / اختصاص أمراض الأسنان
- د. قحطان رضوان / اختصاص علاج أورام (موصل)
- د. عبد المنعم أحمد / اختصاص علاج أورام
- د. نبيل المختار / اختصاص جراحة أذن وأنف وحنجرة
- د. جواد العلي اختصاص باطنية وعلاج أورام (بصرة)
- أ.د. محمّد علي العيد / اختصاص طب نووي
- أ. م. د سلمى الحداد / اختصاص أطفال (أورام الدم)
- أ. د. ثامر حمدان / اختصاص جراحة عظام (بصرة)
- أ. د. راجي الحديثي / اختصاص باثولوجي
- د. فيصل البياتي / اختصاص جراحة عامة
- . د. ندى العلوان / اختصاص باثولوجي
- د. أياد الرمضاني / اختصاص جراحة عامة (موصل)
- د. علي مسلم العامري / اختصاص أمراض الدم
- د. زكريا يحيى / اختصاص جراحة تقويمية
- د. خضير الرواق / اختصاص علاج أورام
- أ. د. نجم الدين روزنامجي / اختصاص طب الأطفال
- أ. د. دشتي دزه ئي/ اختصاص الامراض الباطنية (أربيل)
- د. آري سامي/ اختصاص جراحة الجملة العصبية (سليمانية)
عقد المجلس اجتماعه برئاسة الوزير وعرضت المسيرة السابقة والتأكيد على احتياجات الحاضر والمستقبل وما تضمن الاجتماع الذي سبق وكان الوزير متعاونا جدا. تم تشكيل اللجان المتعددة وتسمية أعضائها للإشراف على عمل الشعب العلمية في المجلس التي ضمت القائمة بعض الاختصاصيين من خارج المجلس وكما يأتي:
- لجنة الوقاية من السرطان:
- أ.د. دشتي دزه ئي/ اختصاص الأمراض الباطنية
- أ. د. فيصل البياتي / اختصاص جراحة عامة
- أ. د. جواد العلي اختصاص باطنية وعلاج أورام
- أ. د. نعمة سعيد/طبيب اختصاص/مدير عام دائرة الوقاية الصحية
- لجنة الكشف المبكر عن السرطان:
- أ.د. نزار الطالباني / اختصاص أمراض الفم
- أ.د. ندى العلوان / اختصاص باثولوجي
- د. علي مسلم العامري / اختصاص أمراض الدم
- لجنة التسجيل السرطاني:
- أ.د. نجم الدين روزنامجي / اختصاص طب الأطفال
- د. نبيل المختار / اختصاص جراحة أنف وحنجرة
- د. قحطان رضوان / اختصاص علاج أورام
- لجنة التشخيص والعلاج:
- د. عبد الودود محمود الطالبي / مدير عام دائرة الخزن والتوزيع
- د. عبد علي مهدي / اختصاص علاج أورام
- · أ د. راجي الحديثي / اختصاص باثولوجي
- د. شاكر العينجي/ طبيب اختصاص/ مدير عام دائرة العمليات الطبّية التخصصية
- لجنة المراكز العلاجية:
- د. عبد المنعم أحمد / اختصاص علاج أورام
- د. أياد الرمضاني / اختصاص جراحة عامة
- أ.م.د. سلمى الحداد / اختصاص أطفال
- الست فريال عبد الجليل زيارة / مدير قسم التمريض
- لجنة البحوث:
- أ.د. ثامر حمدان / اختصاص جراحة عظام
- أ.د. محمّد علي العيد / اختصاص طب نووي
- أ. م. .د. آري سامي/ اختصاص جراحة الجملة العصبية
- لجنة مجاميع الأورام:
- أ.م.د. زكريا يحيى / اختصاص جراحة تقويمية
- د. خضير الرواق / اختصاص علاج أورام
موظفو المجلس:
بلغ عدد موظفي المجلس خمسة عشر موظفاً.
- د عباس الرياحي
- د أحمد دلي
- د خلود جهاد عبد الغفور
- د هيام مزاحم فاضل
- سهير جلال مصطفى
- جولان صالح مهدي
- مها غانم علي
- تريفا مراد خداداد
- لمياء مطلك ناصر
- بشار حميد كريم
- شاكر حمود
- هشام ربيع عبد الهادي
- عروبة أحمد حسون
- رنا شعبان شعيب
- عيدان صالح موسى
- علي باوي
الإيفاد إلى الولايات المتحدة لزيارة استطلاعية لمراكز السرطان:
استجابة لدعوة من مجموعة من اختصاصيي السرطان العراقيين الأمريكان تشكل وفد مجلس السرطان لزيارة الولايات المتحدة وكان المنسق الدكتور ريتشارد يعقوب اختصاصي الفيزياء الطبّية المعروف والساكن في كاليفورنيا. كانت المدة المقررة للزيارة ما بين 12 – 24 أيلول 2004.
ضم الوفد د. عبد الهادي الخليلي، نائب رئيس مجلس السرطان وعضوي المجلس الدكتور عبد علي مهدي والدكتور خضير الرواق.
كانت المحطة الأولى عند الوصول إلى أميركا مدينة لوس أنجلس مباشرة حيث يستقر أغلب الأطباء العراقيين الأمريكان المعروفين على المستوى الوطني الأمريكي وخارجه وهم الذين وجهوا لنا الدعوة وهم:
- د. ريتشارد يعقوب: اختصاصي فيزياء وعلاج إشعاعي
- د. سمر العزاوي: اختصاصية علاج إشعاعي
- د. منذر القيسي: اختصاصي علاج إشعاعي
- د. فواز الكيلاني: علاج السرطان بالعقاقير
- د. صادق المندلاوي: اختصاصي علاج السرطان بالعقاقير
- د. لبيب الهاشمي: اختصاصي علاج السرطان بالعقاقير
- د. عامر عبد الجليل: اختصاصي فيزياء الرنين المغناطيسي
- د. بيتر حسو: اختصاصي أشعة تشخيصية
- د. فرحان باقر: اختصاصي الطب الباطني
- د. سلام جعفر: اختصاصي علاج إشعاعي
- د. عبد الكريم الشيخلي: اختصاصي جراحة العظام
- د. مها حسين: اختصاصي علاج السرطان بالعقاقير
بدأ برنامج الزيارة للمراكز التخصصية في علاج السرطان حسب جدول مكثف معد من الزملاء أصحاب الدعوة. كانت المراكز موزعة في ولايات متعددة وهي:
- د. ريتشارد يعقوب: اختصاصي فيزياء وعلاج إشعاعي
- د. سمر العزاوي: اختصاصية علاج إشعاعي
- د. منذر القيسي: اختصاصي علاج إشعاعي
- د. فواز الكيلاني: علاج السرطان بالعقاقير
- د. صادق المندلاوي: اختصاصي علاج السرطان بالعقاقير
- د. لبيب الهاشمي: اختصاصي علاج السرطان بالعقاقير
- د. عامر عبد الجليل: اختصاصي فيزياء الرنين المغناطيسي
- د. بيتر حسو: اختصاصي أشعة تشخيصية
- د. فرحان باقر: اختصاصي الطب الباطني
- د. سلام جعفر: اختصاصي علاج إشعاعي
- د. عبد الكريم الشيخلي: اختصاصي جراحة العظام
- د. مها حسين: اختصاصي علاج السرطان بالعقاقير
بدأ برنامج الزيارة للمراكز التخصصية في علاج السرطان حسب جدول مكثف معد من الزملاء أصحاب الدعوة. كانت المراكز موزعة في ولايات متعددة وهي:
- مركز كلنديل لعلاج السرطان Glendale Cancer Center في مدينة كلنديل في كاليفورنيا
- مركز لونك بيج Long Beach Cancer Center في مدينة لونك بيج في كاليفورنيا
- مركز كإيزار Kaiser Permanente في مدينة ريفر سايد في كاليفورنيا
- مركز كإيزار Kaiser Permanente في مدينة لوس أنجلس في كاليفورنيا
- مستشفى مايو كلينك Mayo Clinic Hospital في مدينة فينكس في أريزونا
- مركز مايو كلينك Mayo Clinic Center Scott Dale في مدينة سكوت ديل في أريزونا مركز أم دي أندرسون M D Anderson Center في مدينة هيوستن في تكساس
- مركز فاريان Varian للتدريب المهني والعلمي في مدينة فيكاس في ولاية نيفادا
- مختبرات أجهزة تشخيص وعلاج السرطان في مدينة بالو ألتو Palo Alto في كالفورنيا
- معهد التدريب المتطور المركزي في مدينة مالبيتس في كاليفورنيا
- مركز بحوث وعلاج السرطان العائد لجامعة ستانفورد في كاليفورنيا
- مركز مموريال سلون كاترنك Memorial Slone Kettering في نيويورك
- مركز مستشفى جامعة سان فرنسيسكو لعلاج أورام محجر العين.
- تم لقاء ممثلي شركة سيمنز Siemens بخصوص أجهزة التشخيص الشعاعي
لقاء مهم في كاليفورنيا مع “حسو إخوان”!
على ضوء زيارتي إلى كاليفورنيا عام 2004 التي نظمها الدكتور ريتشارد يعقوب علمت أن هناك مشروع تبرع للعراق كان رائده الأستاذ الدكتور بيتر حسو وهو من الاختصاصيين المعروفين في مجال طبّ أشعة الجهاز العصبي. شاركه في المشروع زملاء عراقيون آخرون. والدكتور بيتر هذا من بقايا عائلة حسو إخوان الشهيرة في العراق التي وضعت بصماتها في العراق وكانت معلماً من معالم العراق الحديث. كان حريصاً جداً على أن يقدم خدمة لوطنه الأم.
تمكن هؤلاء الأطباء من الحصول على 100 جهاز سونار ثلاثي الأبعاد (3D) بدون أي تبعات مادية على العراق. عند لقائي مع بيتر شكى لي بعدم الاستجابة من العراق. اتصلت بالمسؤولين في وزارة الصحة وأبلغتهم بذلك ولكن وحسب ما علمت لم تتخذ أية خطوة من العراق لتحقيق المشروع.
طرفة قديمة ” إن وأخواتها”:
من المعلوم أن هناك في اللغة العربية أخوات لـ “إنّ” مثل أنّ، كأنَّ، لكنَّ، لعلَّ، ليتَ. ومن البديهي أن ليس لهن أخ!! ولكنا كنّا نتندر بينا ونتساءل: هل هناك أخ لأخوات إنّ؟ وعندما يعجز الاخرون عن الإجابة نقول: أنه “حسو” حيث كما جاء في: “حسو أخو إن” وهي قراءة طريفة للاسم الحقيقي “حسو خوان”.
الخلاصة:
تبين مما شاهدناه في هذه المراكز المتطورة والرائدة في العالم في مجال تشخيص وعلاج السرطان بأن هناك تطور كبير في رعاية المرضى المصابين بالسرطان ما يحقق حياة أطول وأفضل للكثير من المرضى المصابين بأنواع متعددة من السرطان. ففي مجال التشخيص الكيميائي حققت الأنواع الجديدة من مؤشرات الأورام tumor markers وكذلك أجهزة الأشعة التشخيصية المتطورة التي تزاوج فيها التشخيص الشعاعي بالتشخيص النووي مثل بوزترون تومو PET قفزة مهمة في التشخيص المبكر والدقيق للسرطان.
وفي مجال العلاج الإشعاعي فإن التطور هائل جدا. فالأورام الكبيرة والصغيرة، العميقة والسطحية وكذلك المستديرة والمتعرجة السطح تعالج كلها بكفاءة عالية وبأقل أذى للأنسجة السليمة المحيطة بمنطقة الورم. في حين كانت تلك الأنسجة السليمة تصاب بالتلف باستخدام الأجهزة القديمة ما يسبب عقابيل (اختلاطات ما بعد المرض) وتغيرات وظيفية لا علاقة لها بالورم.
المقترحات:
بعد انتهاء الزيارة والعودة إلى الوطن تقدم الوفد بالمقترحات التالية إلى وزير الصحة:
أن خدمات السرطان في بلدنا متواضعة جدا وتحتاج إلى وضع استراتيجيات وخطط فعالة للنهوض بأساليب السيطرة على السرطان وبأسرع وقت ممكن وكما يأتي:
- توزيع مراكز علاج السرطان في العراق لتكون خمسة مراكز في العراق: مركز مستشفى الإشعاع والطب النووي في بغداد، مدينة الطب في بغداد، الموصل، البصرة وفي كردستان.
- الأمل في الحصول على الأجهزة العلاجية المتطورة في المراكز السرطانية.
- التعجيل في إنشاء المراكز العلاجية المنوه عنها آنفا. بموجب ما شاهدناه في مركز مايو كلنك يمكن إنشاء مركز متكامل وبحماية إشعاعية تامة وحسب المواصفات العالمية خلال أسابيع قليلة ما يؤمن سرعة وكفاءة الأداء.
- في مجال رفع كفاءة أداء العاملين في مجال السرطان تم الاطلاع على تفاصيل مركز تدريبي أمريكي متكامل ينشأ في الصين. في هذا المركز يتم إعداد الملاكات الطبّية المتخصصة في العلاج الإشعاعي، المعالجين الإشعاعيين، تقنيي الجرع الإشعاعية، الفيزيائيين الإشعاعيين، وكذلك مهندسي الصيانة. ويمكن أن يلحق بهذا المركز تدريب الملاكات في التشخيص الشعاعي كذلك. وإذا تحقق انشاء مثل هذا المركز في العراق وعلى تلك الأسس القويمة يمكن أن يكون مركزا ليس للعراق فقط ولكن لكل المنطقة.
- تعهد كل الاختصاصيين الذين تم اللقاء بهم من إخوة عراقيين وكذلك من متخصصين أميركان بتوفير فرص تدريب لأطبائنا ، المعالجين الإشعاعيين، المسؤولين عن تخطيط الجرع الإشعاعية، مهندسي الصيانة وكذلك الممرضات وعلى مراحل حسب برنامج يوضع بالاشتراك مع المجلس.
- يجب التفكير باستحداث وحدة متطورة للعلاج الإشعاعي التداخلي Brachy Therapy. وقد تعهد الأخوة الاختصاصيون العراقيون في أميركا بالمساعدة في تحقيق ذلك بتوفير فرص التدريب والمشورة.
اجتماع المجلس:
في اجتماع للمجلس لمناقشة المقترحات التي قدمها الموفدون وما قدمه الأعضاء رفعت المقترحات الآتية لرئيس المجلس:
- بناء مركز علاج وبحوث السرطان في بغداد (التابع لمستشفى الإشعاع والطب النووي).
- مشروع تأهيل مستشفى الإشعاع والطب النووي / المرحلة (2).
- مشروع بناء مركز متخصص لعلاج وتشخيص الأورام في محافظة البصرة.
- مشروع بناء مركز متخصص لعلاج وتشخيص الأورام في محافظة بابل.
- مشروع تأهيل وتطوير م. الإشعاع والطب النووي في الموصل.
- افتتاح مراكز السيطرة على السرطان الأربعة (في بغداد، البصرة، بابل، نينوى).
- تدريب الملاكات الطبّية والصحية والإدارية (من مجلس السرطان ومستشفيات ومراكز علاج وتشخيص الأمراض السرطاني.
- مشروع انشاء مختبر نموذجي متخصص بتحاليل الأورام (Tumor Markers )
- مشروع انشاء مركز معلومات ومكتبة السرطان.
- مشاريع التثقيف الصحي (ضمن برامج الوقاية من السرطان).
- برامج الكشف المبكر عن السرطان، وتشمل:
a) دعم برنامج الكشف المبكر عن سرطان الثدي.
b) إعداد برنامج متكامل للكشف عن سرطان القولون.
c) إعداد برنامج متكامل للكشف المبكر عن سرطان عنق الرحم. - إنشاء مراكز لعلاج السرطان في بقية المحافظات وعلى مراحل تشمل مستلزمات العلاج الدوائي.
خطة طوارئ لتأهيل المعالجة الشعاعية للأورام 2004:
قدم اختصاصيو علاج الأمراض السرطانية الدكتور عبد علي مهدي، الدكتور عبد المنعم مهدي، الدكتور خضير الرواق والدكتور مهدي السراج ورقة عمل تفاصيلها في الجزء الاول من كتاب “مكافحة السرطان في العراق” وملخصها فيما يلي:
يقدم مجلس السرطان الشكر والتقدير للسيد وزير الصحة رئيس مجلس السرطان لإتاحته الفرصة لنا لإعادة النظر في حقائق معالجة الأورام بالإشعاع في العراق ومحاولة وضع حلول جذرية غير اعتيادية لها، تأخذ بنظر الاعتبار واقع حال المعالجة الشعاعية حالياً وظروف الوطن في الوقت الحاضر.
تم التطرق الى المشاكل الرئيسة للمعالجة الشعاعية وهي:
- وجود اجهزة معالجة قليلة العدد، وقديمة، من نوع كوبلت 60، لم تعد دول كثيرة تستعملها.
- عدم وجود معجلات خطية عاملة الآن علما بأنه قد تم استيراد أربعة معجلات خطية، لا يمكن نصبها إلا بإكمال الأجهزة الساندة وهي أجهزة المطابقة وشبكة التخطيط System Planning. اثنان من المعجلات مع عدد رقائق M.L. = 58 واثنان حتى بدون M.L
- مدة انتظار العلاج الشعاعي طويلة جداً (بحدود ١٣ إسبوع).
- تقنية العلاج بالأجهزة الموجودة حاليا تقنية قديمة Two dimensional, وقد تطور العلاج الشعاعي في الدول المتقدمة الى conformal RT treatment: Three dimensional
مشروع أنشاء مركز السرطان:
كان المقرر أن حصة وزارة الصحة من المبالغ المخصصة من الدول المانحة لإعادة إعمار العراق حصة غنية. بلغ عدد المشاريع التي قدمتها الوزارة لهذه المبادرة اثني عشر مشروعاً. كان منها بناء مركز علاج السرطان والذي كان سيمول من الحكومة اليابانية إلى مشاريع مشابهة في المحافظات.
أخذ مشروع إنشاء مركز السرطان مرحلة تطبيقية فأصدر الوزير أمرا بتشكيل لجنة للتهيئة والشروع بمتابعة وتنفيذ مفردات المشروع وذلك اعتمادا على توفير الميزانية من الدول المانحة.
اقتراح ترشيح الأطباء والعاملين في مجال السرطان:
تم ترشيح الذوات التالية أسماؤهم للتدريب في مختلف مجالات العلاج السرطاني:
دورة التدريب السريرية (4 -6 أسابيع) في مركز متطور لعلاج السرطان:
الدكتورة مروج عبد الله العاني
الدكتور جعفر محمّد الغبان
الزمالة الدراسية (سنتان) بعد شهادة البورد:
الدكتور حيدر علي عبد الحسين: مستشفى حماية الأطفال (مستشفى المنصور التعليمي للأطفال)
الدكتور أسامة احمد هادي: مستشفى الطفل المركزي في الإسكان
الدكتور اسعد عيسى عاشور: مستشفى الاطفال والنسائية في البصرة
الدورة التدريبية للسيطرة على التلوث:
الدكتورة أفراح عبد المهدي: مستشفى حماية الأطفال (مستشفى المنصور التعليمي للأطفال)
الدكتور حيدر عبد الهادي حسين: مستشفى الطفل المركزي في الإسكان
الدكتورة نغم غانم رحماني: مستشفى السلام في الموصل
الدكتورة أنسام محمود صالح العمر: مستشفى الأطفال والنسائية في البصرة
الصيادلة:
مستشفى حماية الأطفال (مستشفى المنصور التعليمي للأطفال):
شذى عبد الجبار موسى(صيدلانية)
صلاح محمّد منصور (مساعد صيدلي)
مستشفى الطفل المركزي في الإسكان:
انس حسن محمّد
بسام عبد الرسول حسن
مستشفى الأطفال والنسائية في البصرة:
سميرة عطية الراشد
ناصر محسن أحمد
مستشفى السلام في الموصل:
طالب أنور قنبر
زيد باسل محمّد شيت
الملاك التمريضي:
مستشفى حماية الأطفال (مستشفى المنصور التعليمي للأطفال:
مشتاق نجم الدين علي
صفاء هاشم عبد الكريم
مستشفى الطفل المركزي في الإسكان:
حمودي نعيم جلاب/ممرض
فرحان زاير حسن/ممرض
مستشفى الأطفال والنسائية في البصرة:
عبد الرزاق محمود احمد العمر
رافد عبد النبي فليح العمر
مستشفى السلام في الموصل:
سلمى بطرس كوركيس
كليزار محمّد احمد افدال
رعاية شباب لزمالة دراسات عليا في السرطان والنصيحة!:
كنت في سفرة إلى الأردن وعلمت بتأخير معاملة سفر الأطباء اختصاصيي الأطفال الذين حصلوا على تدريب لمدة سنتين في مراكز سرطان متقدمة في العالم. اتصلت هاتفياً من عمان بالدكتور العلوان وزير الصحة لأخبره بتأخير الإجراءات لأشهر. وعد الوزير بدراسة الموضوع، وخلال إسبوع واحد وصلوا إلى عمان وشكر الجميع جهود السيد الوزير بالموافقة السريعة ووصولهم إلى عمان. اجتمعت بالأطباء الثلاثة: الدكتور حيدر علي عبد الحسين، الدكتور أسامة احمد هادي والدكتور أسعد عيسى عاشور.
بعد التهنئة على ما حصلوا عليه، قلت لهم: إنكم حصلتم على فرصة تطوركم الطبي التي يحلم بها كل زملائكم. وبعد انتهاء سنتين من التدريب هناك احتمال أن يقرر أحدكم أو جميعكم عدم العودة إلى العراق، وحينها يجب أن لا تشعروا بالذنب لأنكم ستعالجون إنساناً مريضاً في أي مكان في العالم “من أحيا نفساً فكأنما أحيا الناس جميعاً”. ولكن يجب أن تعلموا بأنكم فيما لو قمتم بذلك فسيحرم أهلكم ومرضاكم من خبرة تغير مجرى حياة المرضى العراقيين المحرومين من الرعاية التخصصية وهذا يعد عقوقاً بحق الأهل والوطن والذي لا أرضاه لكم.
ختام عملي في المجلس ومغادرتي الوطن عام 2004:
بعد مغادرتي العراق وتسلم الآخرين مسؤولية المجلس لم أتابع ما تحقق وما لم يتحقق حيث إن الوضع الأمني بدأ بالتدهور ما أثّر على سير الحياة في البلد ككل.
جاءت مشاعر الشاعر الدكتور عباس الرياحي معبرة عن وضع المجلس بعد مغادرتي العراق سطّرها في القصيدة الاتية:
صــرحٌ بنــاهُ الأولــون وأقسمـوا أن يبـق كـالشمـس المضـيئة فرقدُ
وإذا بــه أمــسـى ظلامــاً دامِســاً والجـهلُ صـار بـه المقـام الأوحدُ
أيـن (المـوفقُ) والـدروس ومحـجر للعين شـُيد قـبل مـا قـد شيـدوا
ولمجلـس السرطـان أركـان هـوت عذرا (أبا الخير) المـعاهد توصـدُ
أيــن العــمالقـة الـذيـن عـرفتهم تركـوا الـبلاد وأي شـيء يخلدُ
ألا منــار العـــلم يبـقى خـالـداً وأسـاسـه رغم الحوادث يصمدُ
ولقد مررت على الرجال فأعرضوا والكـلُّ فـي قـعر المـصيبة يرقدُ
لا تنــس أهلــك فــي العـــراق قـد أمــروك وأنــت فيهم سيدُ
ياسـاســة الـوطن الكـرام تنبـهوا فصروحكم لذوي الجهالة تسندُ
وتربـع الاوبـاش فـوق عــروشها فـهوت وصـار نتاجها لا يحمدُ
هـل ان ميــراث العـراق فـريسـة بيـد الـرعـاع يفـوز فـيه المفسدُ
أم إن أبنــاء العــراق تنــصلوا عـن درء مـفسدة تغـور وتـزبدُ
لابــد ان يبنــي العــراق ثقـاته إنـي عـلى صـدق النبوءة شاهدُ
لقّبَ والد الدكتور الخليلي ولده عبد الهادي بـ: “أبي الخير” وكّناه بــ: ” الموفق”.