تمهيد:
بالرغم من أن ولائي في الملحقية الثقافية هو لكلّ آفاق المجالات التعليمية إلا أن هناك في النفس تعاطف مع مهنتي الطبّية فوضعت لها منزلة خاصة. ما ساعد في ذلك الدعم الخاص هو علاقتي الواسعة بالمجتمع الطبّي في الولايات المتحدة. ولأن الهدف الآني كان توثيق العلاقة مع أغلب آفاق المجتمع العلمي والمهني في الولايات المتحدة فكان المجال الطبّي يشكل بداية يسهل تحقيقها مقارنة بالمجالات الأخرى.
تحققت العديد من المشاريع الطبّية المتواضعة وبقيت بعضها مدونة على الورق أو مخزونة في الحاسبات. وما تحقيق ما تحقق منها إلا مدعاة للسعادة في نفسي حيث أرى أطباءنا الشباب يحصلون على خبرة من منبعها في الولايات المتحدة.
مشروع مؤسسة فورد الصحية:
قمت في الأشهر الأولى من عملي في الملحقية بالعديد من الاتصّالات التي تعرفت بوساطتها على عدد كبير من المؤسسات الطبّية والعلمية التي يمكن أن تساعد المجتمع العلمي العراقي. ومن تلك المؤسسات كانت مؤسسة فورد الصحية في ديترويت ولاية مشيغان.
مؤسسة فورد: أنشأ هنري فورد مؤسسته عام 1915 في مدينة ديترويت حيث موقع معامله في صناعة السيارات المعروفة باسمه “فورد”. والمؤسسة هي أهلية غير حكومية غير ربحية لخدمة سكان الولاية. وتشمل المؤسسة ستة مستشفيات، تسعة مراكز للطوارئ، إثنان وثلاثون مركزاً طبياً فضلا عن تسعة مراكز خدمية أخرى.
الاتصّال بالمؤسسة: أرسلت رسالة إلى المدير التنفيذي للمؤسسة الدكتور مارك كيللي (Mark Kelly). أطلب في رسالتي مقابلة أحد أفراد عائلة فورد للتباحث بشأن دعم العراق عن طريق استقدام أطباء من العراق يتدربون في مستشفيات مؤسسة فورد. كانت استجابة الدكتور مارك كيللي المسؤول عن الحقل الصحي في مؤسسة فورد مشجعة جداً ودعاني لزيارته في ديترويت ولاية مشيغان.
الوصول إلى ديترويت: سافرت إلى ديترويت في الثلاثين من شهر كانون الثاني 2008 بالرغم من تساقط الثلوج الكثيف والعاصفة الثلجية التي سببت توقف الدراسة في المدينة. كان في انتظاري الدكتور مارك كيللي في مكتبه.
عند اللقاء مع الدكتور مارك كيللي وشرح الهدف من الزيارة وإمكانية دعم المؤسسة للعراق طلبت منه تخصيص 100 زمالة تدريبية للأطباء العراقيين لمدة شهر يقضونها في مستشفيات المؤسسة.
اقتنع الدكتور كيللي ووعد بتخصيص ذلك العدد على أن يتم ذلك بمدى سنتين ولمدة شهر واحد لكل متدرب. اتفقنا أن تشمل الاختصاصات الطبّية عشرة اختصاصات: جراحية، باطنية، نسائية ونفسية.
كان هذا في حينه نصرا كبيرا تحقق لخدمة الطب العراقي الذي ابتعد عما وصل إليه العالم الطبي من التطور. في واقع الحال إن شهرا واحدا لا يكفي مطلقا للحصول على الخبرة اللازمة ولكني كنت أطمح أن يبدأ المشروع وتتوطد العلاقة ومن ثم يتطور إلى ما يؤمن تحقيق مكاسب أكبر.
تدريب أطباء الأسنان: في زيارتي إلى ولاية مشيغان طلبت مقابلة عميد كلية طب الأسنان بيتر بولفريني في جامعة مشيغان وبعد أن التقيت به أثمر النقاش المستفيض عن موافقة العميد على قبول أطباء الأسنان في خمسة اختصاصات من أصل ثمانية، وطلب أن نقدم له طلباً رسمياً لعرضه على مجلس الكلية للنظر فيه. ولكنه في نفس الوقت أكد أن القبول شبه مضمون. ومما تجدر الإشارة إليه أن القبول في هذه الكلية يؤهل طبيبنا (بعد إكمال ثلاث سنوات دراسة وتدريب) للتقدم لامتحان البورد الأمريكي في الإختصاص الذي تدرب فيه. وهذه قفزة مهمة في مجال طب الأسنان لوطننا العزيز، حيث يعود الخريج إلى الوطن حاملاً أعلى شهادة مهنية في اختصاصه.
فرص للأساتذة: وبعد ذلك تمت مقابلة السيد ريك بروسارد المسؤول عن العلاقات العامة في الجامعة وتم البحث معه بشأن العلاقات العلمية والتربوية بين الجامعة هذه وجامعاتنا في العراق. كان الطلب الذي قدمناه له هو بخصوص التفرغ العلمي لأساتذتنا والبحوث المشتركة وتوفير الفرص لطلبة الدراسات العليا وأن يقوموا بجزء من بحوثهم في الجامعة. رحب بالفكرة ووعد أن يناقش العرض مع مسؤولي الجامعة.
جامعة بافالو في ولاية نيويورك:
عند مغادرة ولاية ميشيغان قمت بزيارة إلى مدينة بافالو في ولاية نيويورك في الخامس من شباط 2008 حيث كنت على موعد لزيارة المؤسسة التي سترسل الكتب الطبّية إلى العراق، تفاصيل ذلك ضمن عنوان تبرعات. بطلب مني تمت زيارة كلية طبّ الأسنان في جامعة بافالو حيث تخرج منها العديد من زملائنا أطباء الأسنان العراقيين. عقدت لقاءً مع مسؤولي كلية طبّ الأسنان في الجامعة لدراسة إمكانية الحصول على قبول لطلبة البعثات من أطباء الأسنان كالذي تم مع جامعة ميشيغان الذين لم ت أية ؟ جامعة تسجيلهم لحد الآن.
وبعد أن عرضت حالة طب الأسنان في العراق والسمعة الجيدة للكلية العريقة والأمل في التطور كان الترحيب جيداً جداً من العميد الدكتور جودا فابيانو ومسؤول الدراسات العليا للطلبة الأجانب الدكتور عثمان شبلي وهو من أصل سوري.
كان العرض الذي قدمته لنا جامعة بافالو أفضل من عرض جامعة ميشيغان. حيث توفر لأطباء الأسنان في الكلية دراسة لمدة ثلاث سنوات يحصلون بعدها على شهادة الماجستير في الاختصاص وكذلك يكونون مؤهلين لأخذ امتحان البورد الامريكي في اختصاصهم. وهذه خطوة مهمة جدا تساهم في تطوير مستوى التعليم والخدمات في طب الأسنان.
وكذلك تم الاتفاق على توفير فرص لتدريب واطلاع الأساتذة في كليات طب الأسنان في العراق بدورات منظمة لمدة شهر أو أكثر تقيمها جامعة بافالو.
كانت مكاسب تلك الزيارة:
- الحصول على فرص تدريب 100 طبيب اختصاصي
- الحصول على فرص التفرغ العلمي لكل الاختصاصات الجامعية العلمية والإنسانية
- الحصول على فرص دراسات عليا لأطباء الأسنان
- الحصول على فرص لتدريب أساتذة طبّ الأسنان
- الحصول على تبرع بالكتب الطبّية والمجلات الطبّية والعدد الجراحية ومواد مهمة اخرى
الاتصّال بالوزارتين: عند العودة إلى واشنطن فكرت أن تقسم تلك الزمالات ما بين وزارتي التعليم العالي والصحة كي لا يحرم أطباء الصحة من تلك الفرصة التدريبية. أرسلت للوزارتين تفاصيل المشروع بانتظار توجيه المعنيين في الوزارة.
استمر التواصل وتبلور المشروع ولو بجزء محدود منه عندما قام الدكتور صالح الحسناوي وزير الصحة بزيارة رسمية إلى الولايات المتحدة لحضور مؤتمر الصحة العراقي الأمريكي الذي نظمته الملحقية بالتعاون مع وزارة الصحة الأمريكية والذي عقد في 18الثامن عشر من مايس 2008.
مشروع تدريب أطباء وزارة الصحة:
بعد الجهود الكبيرة التي قمنا بها وتهيئة الأرضية لاستقبال مؤسسة فورد الصحية لمائة طبيب تحققت الموافقة على إرسال ثلاثين طبيباً وبالتنسيق مع وزارة الصحة الأمريكية. أما الخمسون إيفاداً حصة التعليم العالي فقد خصص لها المبلغ ويبدو أنَّ الوزارة قررت أن ترسل الأطباء إلى مستشفيات المملكة المتحدة.
كذلك قررت وزارة الصحة الأمريكية أن تشرك مؤسسات طبّية أخرى غير مؤسسة فورد في تدريب أطبائنا.
بدأت الاستعدادات واللقاءات بين الملحقية وممثل مكتب وزير الصحة الأمريكي الدكتور دان سييغل وتمت العشرات من الاتصّالات الإلكترونية والمباشرة. ساعد في ذلك الملحق الصحي الأمريكي في العراق الدكتور برونو هملر عبر التواصل عن بعد وخلال زيارته إلى واشنطن.
تمت الإجراءات الرسمية على مستوى وزارة الصحة وكان لدعم الدكتور صالح الحسناوي الأثر البالغ في تحقيق المشروع. قدم للقبول في الإيفاد أربعون طبيباً وتمت دراسة سيرهم العلمية لاختيار ثلاثين منهم.
بعد المداولة تم اختيار ثلاثين طبيبا ولكن للأسف تخلف ثلاثة ووصل إلى واشنطن سبعة وعشرين منهم.
المراكز الطبّية التي سيتدرب فيها الأطباء كما يلي:
شملت تلك المراكز: المركز الوطني لطب الأطفال في واشنطن، جامعة جونز هوبكنز، مؤسسة هنري فورد في ديترويت، مؤسسة هنري فورد في شمال كارولينا، مؤسسة هنري فورد في نيويورك والمركز الطبي الهندي في أريزونا.
بدأ التدريب الفعلي في الرابع والعشرين من تشرين الأول (أكتوبر) حتّى 22 تشرين الثاني (نوفمبر) 2008. بعد انتهاء التدريب حضر الجميع في احتفالية في واشنطن تحدث فيها الأطباء عن تجاربهم وما اطلعوا عليه من تطورات في مجالات اختصاصهم. ومنح كل منهم شهادة مشاركة في الدورة التدريبية وعادو بالسلامة إلى الوطن. كانت فرحة الجميع بهذه البداية التي كنا نأمل أن تتواصل وتزداد مستقبلاً .
في الاجتماع الموسع الذي عقد بعد انتهاء التدريب منح كل طبيب مشارك شهادة المشاركة بالتدريب.
معلومة اجتماعية مهمة!
قبيل التحاق الأطباء بأماكن تدريبهم أرسلت وزارة الصحة الأمريكية رسالة بأربع صفحات تشرح فيها تفاصيل كثيرة إلى مراكز التدريب تبين كيفية تعامل ملاكهم مع أطبائنا وهي في أكثرها تقترب من الواقع. وقد جاء فيها طريقة الترحيب والسلام للذكور والإناث عند اللقاء بهم، ومثلا عدم الاستغراب إذا تحدث بعضهم بالهاتف أثناء الاجتماع وكذلك احترام وقت الصلاة إذا طلب أحدهم ذلك وأن لا تطري على ما لديه من حاجيات حيث يمكن أن يعطيك تلك الحاجة وكذا عند الأكل والعديد مما نود ان نترك من عادات لا تتلاءم مع المجتمع الغربي لا سيما تلك التي تتعلق باحترام الوقت واحترام الرأي الآخر.
الشيء بالشيء يذكر:
اطلعت على كراس بأربع وأربعين صفحة وأريع عشرة صورة تخطيطية أرسلتها قيادة القوات الأمريكية للجنود الأمريكان في العراق في الحرب العالمية الثانية.
ومن تلك التوجيهات العديدة المذكورة في الكراس تظهر في الصفحة المصورة هنا:
- أنت ذاهب إلى العراق ليس لتغيير العراقيين ولكن بالعكس تماماً فأنت هناك لتتبع مبدأ أعيش وأدعُك تعيش.
- لا تبحلق على أي شخص أثناء أداءه الصلاة.
- الخبز عندهم مقدس، فلا ترمي أي قطعة أو فتات منه على الأرض.
- لا تأكل لحم الخنزير أمامهم.
- تكلم ببعض الكلمات العربية ولو بلهجة غير واضحة، فهم يستمتعوا بذلك.
- كن كريماً بسجائرك.
- إذا طرقت باب بيت قف بجانب الباب كي لا تواجه سيدة البيت عند فتحها الباب.
تدريب أطباء وزارة التعليم العالي والبحث العلمي:
كما ذكر سابقاً فإن حصة التعليم العالي من المئة فرصة تدريب في مؤسسة فورد كانت لخمسين طبيبا.
بعد ما أرسلت الكتاب الرسمي بتفاصيل المشروع إلى وزارة التعليم العالي بخصوص الخمسين فرصة تدريب في مؤسسة فورد وصلتني نسخة من الكتاب الموجّه من وكيل وزارة التعليم العالي يذكر فيه تفاصيل تنافس أطباء الوزارة على التدريب. تم ترشيح خمسين طبيباً وعلى الاحتياط أربعة وأربعون طبيبا.ً
ولكن وبعد انقضاء مدة طويلة لم يتم التواصل معنا لأسباب لا أعلم تفاصيلها.
مبادرة الحصول على أجهزة السونار:
عند إيفادي عام 2004 إلى الولايات المتحدة التقيت بمجموعة من أطباء السرطان العراقينالأمريكان . سعى هؤلاء للحصول على 100 جهاز سونار للعراق عام 2004 مجاناً ولكن لم تتحقق أية استجابة رسمية بالرغم من التأكيدات التي أرسلت في حينها.
عند بدء عملي في الملحقية طلبت اللقاء بالدكتور باري غولدبرغ مؤسس ومدير معهد جفرسون للفحص بالسونار في فيلادلفيا وهو من أرقى المعاهد التعليمية في الاختصاص في الولايات المتحدة حسب تقييم منظمة الصحة العالمية.
تم الاجتماع في الرابع عشر من نيسان 2006 وتحقق ما يأتي:
تعهد مدير المعهد بالحصول على أجهزة سونار ثلاثية الأبعاد (3D) مؤهلة من الشركة المنتجة (أكفا Agfa) بضمانتها وبسعر مخفض جداً يبلغ 5000 (خمسة آلاف) دولار للجهاز مقابل أربعين إلى خمسين ألف دولار للسعر الاعتيادي.
طلبت من المدير ووافق على:
- توفير فرص تدريب متخصصة لستة أطباء ولمدة ثلاثة أشهر في المعهد, على أن يكون الأطباء المشمولين من اختصاصيي الأشعة، وكذلك من اختصاصيي التوليد وأمراض القلب ممن لهم باع في فحص السونار.
- توفير فرص لستة مهندسين للتدريب على صيانة أجهزة السونار.
- إرسال مجموعة كبيرة من وسائل التعليم من أفلام وأقراص مكتنزة وغيرها في مجال اختصاص الأشعة مجاناً والتي تكلف 5000 دولار. وهذه يمكن أن تشمل كورساً على البعد لطلبتنا العراقيين في بورد الأشعة بإشراف المعهد ويمنح الناجح شهادة من المعهد.
وللأسف الشديد لم يتحقق ذلك مطلقاً وكأن العراق ليس بحاجة لتلك الأجهزة التي لم يوجد منها ولاجهاز واحد في ذلك الحين في العراق.
كلية أطباء الأشعة الأمريكية:
التعرف على رئيس كلية أطباء الأشعة الأمريكية: بمساعدةالدكتور كولدبرغ مدير معهد السونار في فيلادلفيا تعرفت بالأستاذ الدكتور هارفي نيمان رئيس كلية أطباء الأشعة الأمريكية التي مقرها في فرجينيا حيث أسكن.
دعاني الأستاذ نيمان إلى مكتبه، ونحن نتناول وجبة غداء سريعة تحدثنا عن إمكانية مساعدة كليته للأطباء العراقيين الشباب في اختصاص الأشعة.
تقرر أن يبحث الدكتور نيمان مع المعنيين في الكلية بشأن مشروع تدريب اختصاصيي الأشعة العراقيين من الشباب في أفضل مراكز الأشعة في الولايات المتحدة لمدة شهر وتحمل نفقات السفر. وحسب علمي إن تلك النفقات ستتحملها شركة أكفا(AGFA) المعنية بالتصوير الشعاعي والفوتوغرافي نظراً للعلاقة بين المؤسستين.
اتفقت مع الدكتور نيمان أن نبدأ برنامج تدريب أطباء الأشعة العراقيين الذي تكون مدة التدريب فيه 6 أسابيع تتم في مراكز متعددة في الولايات المتحدة تؤمنها الكلية نفسها، وتتحمل نفقات السفر والإقامة كلية أطباء الأشعة وشركة أكفا. اقترحت على الدكتور نيمان أن أجد سكناً لبعض الأطباء عند تدريبهم مع عوائل عراقية في المدينة التي يتدربون فيها.
تشجعت كلية أطباء الأشعة بما تكفلتُ به من محاولة تأمين سكن للطبيب الموفد مجاناً عند أحد أفراد الجالية العراقية.
بدأ الإعلان عن المشروع للأطباء العراقيين عن طريق وزارة التعليم العالي ووزارة الصحة في العراق وكذلك نقل الخبر لبعضهم مباشرة عبر أقرانهم. وكان الهدف أن يرشح عشرة أطباء ممن حصلوا على البورد العراقي في الأشعة التشخيصية ثم تقرر لجنة مشتركة اختيار خمسة منهم بناء على سيرتهم العلمية.
بداية البرنامج:
كانت الفرصة الأولى من نصيب الدكتورة سلاف جريو وكان تدريبها في مشيغان وقد وافقت على استضافتها السيدة الفاضلة سهام كبة في دارها بعدما شرحت لها تفاصيل مشروعنا. كانت فرصة رائعة للدكتورة سلاف للتدريب في مركز متميز وكذلك التمتع بضيافة السيدة سهام. وكانت فرصة ثمينة للسيدة سهام حيث تعرفت على شابة عراقية عن قرب والاستمتاع بذكريات الوطن. وبعد إكمال تدريب الدكتورة سلاف جاءت إلى فرجينيا مقر كلية أطباء الأشعة لحضور حفل أقيم بتلك المناسبة.
تطور البرنامج: استمر برنامج تدريب ACR وبعد السنة الأولى انضمت إليه لاحقا جمعية الأشعة لشمال أمريكا RSNA، و تم تطوير البرنامج ليتزامن مع المؤتمر السنوي للـ RSNA عام 2008 . ومما شجع أطباء الأشعة العراقيين بضمن البرنامج أن الجمعية وعدت بالمساعدة في اشتراكهم في المؤتمر السنوي العالمي للجمعية وكذلك وعدت الكلية بالمساعدة في تسجيلهم في إحدى الدورات التدريبة التي تجرى دورياً في مركز التدريب في ACR.
ساعد في ذلك الدكتور أحمد الشمسي وهو من الشباب الاختصاصيين في الأشعة ويعمل مع (RSNA).
استفاد من تلك المبادرة أربعة أطباء آخرون ممن استفادوا من العرضين والتدريب لمدة ستة أسابيع.
استلمت رسالة معبرة من أطباء شباب في اختصاص الأشعة من أماكن متعددة من العراق فيما يأتي جزء منها:
كان بودي عمل المستحيل لتهيئة فرص التدريب لأكبر عدد ممكن من شبابنا لأنهم عماد الوطن ومستقبله ولكن اليد الواحدة لا تصفق وعلى أية حال ولله الحمد كان قد استفاد من المشروع ستة أطباء أشعة ثم توقفت كلية الأشعة الأمريكية عن المشروع عام 2011 وذلك لتحسن الأوضاع العامة في العراق حسب تقديرهم. ولكن البرنامج التدريبي استمر بنجاح تحت مظلة مشروع “سوية من أجل العراق” الذي أنشأته عن طريق الملحقية ومن بعد ذلك منظمة “توفيق” وكانت تغطية النفقات اللازمة من أجور السفر والإقامة يتحملها الطبيب الموفد وكان الجميع قادرون على ذلك.
تدريب أطباء في اختصاصات أخرى:
شملت برامجنا وأنشطتنا التدريبية ما يأتي:
- برنامج التدريب الطبّي في جامعة نيويورك، يشرف عليه الأستاذ الدكتور جعفر جواد جعفر (رئيس قسم جراحة الأعصاب)
- برنامج التدريب الطبّي في جامعة ألاباما، برمنغهام يشرف عليه الأستاذ الدكتور آمي (عبد المسيح) إسكندريان (طب القلب).
- برنامج تدريب جامعة جورج تاون:
- برنامج تدريب طبّي (بيطري) في جامعة ويسترن للعلوم الصحية، بومونا، كاليفورنيا بإشراف الأستاذ الدكتور وائل خماس.
- برنامج التدريب الطبّي الذي بدأ في مستشفى أوليان العام ولاية نيويورك بإشراف الأستاذ الدكتور عادل حمادي.
برنامج التدريب الطبي في جامعة نيويورك:
بمبادرة من الأستاذ الدكتور جعفر جواد جعفر رئيس قسم الجراحة العصبية في جامعة نيويورك اتفقت معه بأن يتبنى برنامج تدريبي لاختصاصيي الجراحة العصبية العراقيين.
كان ممن شملتهم فرصة التدريب ولمدة شهرين الدكتور محمود شكري والدكتور اريان علي وكان من كرم الدكتور جعفر أن تكفل بمصاريف سكنه وغير ذلك.
برنامج التدريب الطبي في جامعة ألاباما:
أشرف على البرنامج الأستاذ الدكتور عبد المسيح اسكندريان رئيس قسم الطب الباطني اختصاصي أمراض القلب. وهو معروف على مستوى العالم وكتابه في طب القلب النووي يدرس في أنحاء كثيرة من العالم.
تطوع الأستاذ عبد المسيح باستحداث جدول تدريبي خاص لأول طبيب اختصاص أمراض القلب جاء من العراق، وهو الدكتور حسين النفاخ. شمل التدريب 8 أسابيع في أغلب اختصاصات أمراض القلب.
في أدناه رسالة الشكر التي أرسلها الدكتور النفاخ الذي ظفر بالفرصة التدريبية برعاية الدكتور عبد المسيح ولي.
برنامج تدريب جامعة جورج تاون:
تعرفت بالأستاذ الدكتور ستيف إيفانس (Steve Evans) مسؤول التدريب الطبي في مؤسسة مد ستار (Medstar) التي تضم جامعة جورج تاون والمستشفيات التعليمية المتعددة تحت مظلتها.
التقيت به وطرحت عليه مشروع تدريب أطبائنا في مستشفيات المؤسسة. رحب الدكتور إيفانس بالفكرة وبدأنا في التحضير لخطوات التطبيق. وبعد اتصالات متعددة تم تأمين فرص تدريبية في الجراحة العصبية والجراحة العامة.
تدريب في الجراحة العصبية: حصل الدكتور حيدر عبد الله سباهي على فرصة التدريب مع اختصاصي الجراحة العصبية الشهير الدكتور كفن مكريل في مستشفى جامعة جورج تاون. بعد إنهاء تدريبه قدم تقريرا بشأن تدريبه وامتنانه فيما يأتي جزء من تلك الرسالة:
تدريب في الجراحة العامة:
تقرر أن يكون تدريب اثنين من خريجي الجراحة العامة وهما الدكتور ماجد حميد والدكتور عبد الرحمن محمود محمّد وكذلك الاختصاصي الدكتور طارق العبيدي مع الأستاذ الدكتور الفريد شاهين أستاذ الجراحة العامة في الجامعة.
بعد إكمالهم التدريب في جامعة جورج تاون تطوع الدكتور عادل حمادي الاختصاصي المعروف في جراحة القولون أن يدربهم شخصياً في مستشفى أوليان في ولاية نيويورك.
برنامج تدريب طبّي بيطري في جامعة ويسترن للعلوم الصحية في كاليفورنيا:
تحت إشراف الأستاذ الدكتور وائل خماس تدرب الطبيب البيطري الدكتور مهند عبد الستار لمدة شهر. استمر برنامج التدريب من خلال منظمة “توفيق” وستأتي التفاصيل في قسم التقاعد
مشروع بنك الدم (الأستاذ الدكتور علي الحسيني):
قدم الأستاذ الدكتور علي الحسيني وهو من الاختصاصيين المعروفين في مجال بنك الدم مشروعاً متكاملاً لإنشاء مركز بنك الدم في بغداد مرفقاً بخرائط كاملة لكل مرافق المركز. بطلب منه أرسلت الطلب إلى وزارة الصحة في العراق بعد أن استنسخنا كل الخرائط الكبيرة واحتفظنا في الملحقية بنسخة كاملة لاحتمال فقدانها!
لم تصل إجابة من الوزارة بالموافقة، لكن الدكتور علي الحسيني تمكن من لقاء وزير الصحة العراقي أثناء زيارته لواشنطن، وبناءً على اقتراح الوزير سافر الدكتور علي إلى العراق لمقابلة الوزير والمتخصصين وشرح تفاصيل مركز بنك الدم المزمع إنشاؤه. ولكنه بعد أسابيع من مراجعاته والاجتماعات في الوزارة في العراق لم يتمكن من تحقيق أي تقدم في قبول المشروع وعاد خائباً.
مع وزير مؤسسة المحاربين الأمريكية:
كانت هذه المبادرة استمراراً للجهود المكثفة في الحصول على فرص نستثمرها لتطوير الطب في العراق على مستويات عدة ومع المؤسسات الرسمية بشكل خاص.
زيارة وزير المحاربين: منتلك المؤسسات كانت وزارة المحاربين التي كان وزيرها الطبيب الدكتور جيمس بييك (James Peake) والذي تعرفت به عند انعقاد المشروع المشترك لوزارتي الصحة العراقية والأمريكية لرعاية الطب العقلي في العراق.
قررت زيارة الوزير مباشرة في مكتبه، وعند الموعد المحدد كنت في غرفة الإنتظار، قدم لي بنفسه ليحييني وصاحبني إلى مكتبه وقال لي بالحرف الواحد:
“أنا أفتخر بأنك تمثل العراق في بلدنا I am proud you represent Iraq in our country “
تحدثت مع الوزير بشأن إمكانية دعم برامج تطوير الطب في العراق عن طريق تدريب الملاكات الطبّية العراقية في المراكز الطبّية للمحاربين القدماء التي تضم العشرات من المستشفيات. قدمت له مذكرة مفصلة بشأن استقبال خمسين طبيباً من خريجي البورد العراقي في مختلف الاختصاصات للتدريب في تلك المستشفيات.
زيارة المستشفى الرئيس في واشنطن: بعد زيارتي للوزير طلب من مدير مستشفى المحاربين في واشنطن أن ينظم لي زيارة إلى المستشفى وتمت الزيارة في اليوم الثالث من شهر تشرين الأول 2008 وفيها تعرفت بالمستوى الراقي لأغلب أقسام ومرافق المستشفى وهي تمثل المستوى العام للمستشفيات في الولايات الأخرى.
أعلمتُ وزارة التعليم العالي بما حققته في ذلك اللقاء وطلبت ترشيح أطباء كي نعمل جدولاً دورياً لزياراتهم إلى مستشفيات المحاربين. بدأ ترشيح خمسين طبيباً في أغلب الاختصاصات. أرسلت لنا الأسماء التي ذكرت أعلاه تحت عنوان التدريب في مؤسسة فورد.
حال دون تحقيق هذه الفرص وغيرها صعوبات متعددة الآفاق منها التخصيصات المالية التي كانت زهيدة جداً مقابل المكاسب المتوخاة ولكن يجب الإيمان بأن:
على المرء أن يسعى بمقدار جهده وليس عليه أن يكون موفقا
مشروع الطب عن بعد Telemedicine:
في القرن الحادي والعشرين دخل الطبّ عن بعد مجالات عديدة وبدأ ينافس تعليم الطب التقليدي في مجال التعليم والتطبيق. ومن المؤسسات العاملة في هذا مؤسسة وايرد (WIRED) الأمريكية.
اتصلت بالسيد كاري سلنو (Gary Selnow) رئيس المؤسسة الذي تعرفت به في بغداد عام 2003 حينما تبرع بعشر حاسبات لمكتبة الجراحات في مدينة الطب التي كنت مسؤولاً عنها.
تبلور المشروع وتقرر أن نتحدث مع المؤتمرين في قاعة مدينة الطب في بغداد عبر الإنترنت. ولكون الوقت الذي يتواجد فيه الأطباء العراقيون في المؤسسات الصحية لا يتعدى الثانية بعد الظهر فقد وجب أن يكون اتصالنا مبكراً جداً بالنسبة لتوقيت واشنطن. تعين يوم الاتصّال في الثالث والعشرين من شهر تشرين الثاني 2008. كان مركز الاتصّال في غرفة خاصة بالمركز الطبي الوطني للأطفال في واشنطن (Children’s National Medical Center).
كان علينا أن نبدأ الاتصّال في الساعة الخامسة صباحا كي يوافق ذلك الساعة الواحدة بعد الظهر في بغداد. ولما كان مكان سكني بعيداً عن المستشفى كان يجب عليّ مغادرة بيتي في الساعة الرابعة صباحا كي أضمن الوصول في الموعد. عند الوصول كان جميع أفراد الفريق مستعدين لبدء الاتصّال.
بدأ الاتصّال بمشاهدة الزملاء في قاعة المؤتمرات في مدينة الطبّ في بغداد حيث جالت كاميرة الفيديو بين الحضور في القاعة.
بدأ الاتصّال بمقدمة ألقاها السيد مارك فريمان(Mark Freeman)، المدير السابق لشركات الرعاية الصحية في شمال العراق شرح فيها المشروع وأبعاده.
حديثي: ومن ثم جاء دوري وقدمت كلمتي التي بدأتها بتحية خالصة للزملاء الأحبة ثم تحدثت عن الذي يقرب القلوب وهو العراق العزيز ورددت أبياتا من شعر الجواهري الخالد:
سـلام عـلى هضــبات الــعراق وشطيه والجـرف والمنحنى
على النخل ذي السعفات الطوال عـلى سـيد الشـجر المقتنى
عــلى الـرطـب الغـض إذ يجتلى كوشي العروس وإذ يجتنى
في البداية أتقدم بالشكر والامتنان إلى وزير الصحة وإلى الإخوة منظمي هذه الندوة وإلى مؤسسة وايرد ومستشفى واشنطن للأطفال.
إنه من دواعي السرور والاعتزاز أن أتحدث اليكم هذا اليوم وأحييكم من واشنطن وأنتم في بغداد الحبيبة تحتفلون بتجمعكم الخير هذا الذي أرجو الله أن يكون تجمع محبة وتلاحم وعطاء لكل الأهل الطيبين.
إن العصر الحديث، عصر التحدي، وعصر الكفاح العلمي الذي لا يرحم، لا يرحم حتّى الذين ساهموا في صنعه إذا لم يديموا الزخم والعمل الدؤوب. فكيف بنا وقد انقطعت بنا سبل التواصل مع العالم المتقدم لعقود خلت. وقد كنا في المقدمة منذ عصور سومر وأكد والحضارة العربية والإسلامية وفي العراق الحديث. نأمل أن نسرع الخطى للوصول إلى ما كنا عليه وأن نتمكن من أن نماثل ونساير التطور بفضل إصرار الشباب وكياسة وتوجيه الرواد ودعم المسؤولين.
نشاهد من حولنا في كل يوم تطوراً جديداً في آفاق العلم والمعرفة وثورة في أسلوب إيصالها إلى متلقيها. ومن ذلك ما نحن فيه الآن نتواصل معكم وأنتم في قاعتكم هناك ونحن في قاعتنا هنا.
أطلعتهم على بعض الإنجازات التي ساهمنا بها في واشنطن مثل المكتبة الافتراضية العلمية العراقية، مشروع تدريب الأطباء العراقيين في أمريكا، وغيرها من المشاريع التي تصب في خدمة الطب والصحة في العراق.
وتمنيت أن تكون هذه الفرصة بداية لتواصل علمي مستمر يسمع فيه الجانب الأمريكي إنجازات المجتمع الطبي العراقي ويستمع الأطباء العراقيون لما استجد في الاختصاصات المتعددة في الطب والجراحة.
وبعد ذلك تحدث الدكتور كريغ سابل (Craig Sable) مدير قسم الطب عن بعد في المركز الطبّي الوطني للأطفال وأستاذ مشارك في طب الأطفال في جامعة جورج تاون كلية الطب، وعرض استعداد مستشفى واشنطن الوطني للأطفال للتعاون وتقديم كل المساعدات الممكنة لتطوير المشروع وللتواصل مع الأطباء العراقيين من المتخصّصين بطب الأطفال. تحدثت بعده الدكتورة مريم عثمان، وهي عراقية الأصل، وكانت قد حصلت على الجائزة العامة للمنظمة الدولية للهجرة عام 2004 لتقديم الخدمات الطبّية في العراق في ظلّ الظروف الصعبة، فحيت المؤتمرين ورحبت بهم.
واختتم اللقاء الدكتور سيلنو (Gary Selnow) حيث قال “لا يمكن لأي نظام رعاية صحية ناجح أن يعمل بمعزل عن الآخر، وفي هذا القرن الحادي والعشرين، يمكن لتقنيات المعلومات أن تربط أي مسافة للانضمام إلى اختصاصيي الطب والممارسين الطبيين في مجتمع طبي عالمي”.
تجربة أولى ناجحة: كانت تلك تجربة رائدة وناجحة وكنا نأمل أن تستدام وكنت قد اتصلت رسمياً بالمسؤولين في وزارتي الصحة والتعليم العالي لإدامة المشروع واستثماره ولكن لم يتحقق ذلك لأسباب عديدة حالها حال مشاريع أخرى قدمها العديد من المتخصصين الآخرين.
زيارة إلى الأردن:
العراقيون المتطوعون:
خلال إجازتي السنوية في شهر كانون الثاني من عام 2008 التي قضيتها في الأردن اتصلت بالدكتور صباح جدوع الذي يرعى العوائل العراقية النازحة إلى الأردن بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني في أمريكا وغيرها، وقد بلغني مقدار الجهد الذي يُبذل لخدمة تلك العوائل. وددت أن أبين له مقدار الاعتزاز بما يقوم به مع مجموعة من النساء العراقيات المتطوعات.
كان مقر عملهم في معهد العناية بصحة الأسرة التابع لمؤسسة نور الحسين في مدينة عمان، وقد قمت بزيارة للمركز واجتمعت بالدكتور صباح ولفيف من المتطوعات العراقيات الكريمات.
كانت المتطوعات يقدمّن خدمة مستمرة لسبعة آلآف وخمسمائة عائلة عراقية نازحة إلى الأردن حيث يقدمن لهم الإرشادات والنصائح الصحية والخدمات الصحية الأساسية من خلال مركز الملكة نور للرعاية الصحية . وقد تحدثت مع مسؤولي المركز وبحضور سيدات يمثلن هذه المجموعه الخيرة من المتطوعات ومسؤولي المركز والأطباء العراقيين المتطوعين لخدمة الجالية.
ومن ثم حضر الدكتور القدير خلدون الجنابي الذي كان متطوعاً لتقديم خدماته الطبّية واستشاراته للعوائل ولكل من يراجعه في المركز. عند اللقاء بالدكتور خلدون بين لي ما يدور بخلده من أفكار لتطوير الخدمات للعوائل النازحة. وللتاريخ أنقل هنا ما قدمه لي الدكتور خلدون من أفكار بناءة أملاً أن أسعى لدى المسؤولين العراقيين للمساعدة في تحقيقها.
عند عودتي إلى أمريكا اتصلت بالمسؤولين العراقيين وأرفقت ما قدمه الدكتور خلدون ولا أعلم ما تم بعد ذلك.
وهنا يجب أن أسجل اعتزازي وتقديري بالإخوة الأكارم الدكتور صباح جدوع والدكتور خلدون الجنابي لما قدموا ويقدمونه من خدمة ورعاية للنازحين من أهلنا الطيبين المنكوبين وكذلك الشكر الخالص للمتطوعات الطيبات اللواتي جئن من أغلب مدن العراق ويمثلن المذاهب والأعراق ويعملن بدون كلل أو تعب. فبارك الله بالجميع وبكل من يعمل مثقال ذرة من خير في سبيل العراق والإنسانية.
وعند عودتي إلى الولايات المتحدة سجلت ملاحظاتي واقتراحات الدكتور خلدون إلى المنظمة المدنية الأمريكية التي كانت راعية لذلك المشروع الانساني وهي منظمة الآي آر دي (IRD) ووعدت بالنظر في تحقيق تلك المطالب.
تدريب أطباء الأمراض الانتقالية؛ فرصة لم تستثمر!!
استلمت رسالة من الدكتور عطا مخلف تركي مدير شعبة التهاب الكبد الفيروسي في مركز الأمراض الانتقالية في وزارة الصحة العراقية بخصوص إيفاد عدد من الأطباء المعنيين للتدريب في مركز السيطرة والوقاية من الأمراض CDC. يضم هذا المركز في واقعه ما يزيد على العشرة مراكز ومؤسسات بحثية وخدمية أخرى. يقع المركز في مدينة أتلانتا ولاية جورجيا وله فروع في ولايات أمريكية أخرى. إن مبادرة الأطباء العراقيين الشباب المتخصصين بهذا الحقل من الطب تحسب لهم حيث أن العراق كان بعيداً عن هكذا فرص للتواصل مع التطورات في هذا الاختصاص وغيره.
طلب مني الدكتور عطا الله برسالة إلكترونية في الخامس من كانون الثاني عام 2012 ا تقديم المساعدة بما يخص موافقات الإيفاد من الجانب الأمريكي.
عند استلامي رسالة الدكتور عطا أجبته بعد نصف ساعة فقط، وتبين أنه كان قد أرسل طلباً عن طريق وزارتي الصحة والخارجية وكان الطلب موجها إلى سفارة العراق في واشنطن في الثاني من حزيران 2011، وللأسف لم يكن لي علم بذلك. أجبت الدكتور عطا محملا إياه بعض اللوم لعدم الاتصّال بي مباشرة:
بدأت بالاتصّال بمسؤولة المركز في اتلانتا السيدة جنسا غيوغوري (Genessa Giorgi) المديرة والمستشارة للصحة العامة للشرق الأوسط وشمال أفريقيا. بعد مراسلات واتصالات هاتفية معها تم الاتفاق على إرسال كتب دعوة رسمية شخصية لكل من أعضاء الوفد الذين ذكرهم الدكتور عطا في الكتاب الآتي:
بعد ذلك وحتّى الشهر العاشر من عام 2012 لم أسمع من الوزارة شيئا بخصوص المشروع ولم أحصل على إجابة. لذا اتصلت بالسيدة جنيسا للإستفسار عما استجد بشأنه أجابت بعدم معرفتها بما يحصل.
كانت المفاجأة بعد ذلك حينما استلمت رسالة من الدكتور عطا الله يذكر فيها أن المدير العام الذي التحق حديثاً أبلغه بأن يحاول إعادة المشروع والحصول على موعد جديد. كان جوابي له بأن أحصل على كتاب رسمي من الوزارة لإعادة الاتصّال بالمركز والسيدة جنيسا.
مع مزيد الأسف أن الجهود التي بذلها الدكتور عطا والملحقية والمركز قد ذهبت أدراج الرياح. وكانت هذه صدمة كبيرة حيث حرم العراق من فرصة كانت على وشك التحقيق وضاعت جهود كما ضاعت غيرها.
مشروع تطوير كفاءة الجراحين العراقيين داخل العراق:
عند وجود القوات الأمريكية في العراق كان مستشفى ابن سينا في كرادة مريم مخصّصاً لرعايتهم الصحية. ذهبت مرتين هناك عام 2004 لزيارة مرضى عراقيين كان أحدهم طفلاً رضيعاً احتاج إلى تداخل جراحي في عموده الفقري وكان هناك جراح دماغ أمريكي تباحثت معه بشأن علاج الطفل.
شاهدت هناك المستوى الراقي للخدمات الصحية التي بطبيعة الحال تماثل المستشفيات الأمريكية في الولايات المتحدة. ضم المستشفى كل الاختصاصات الطبّية والجراحية.
من ذلك المنطلق بادر إلى ذهني استثمار تلك الطاقات الطبّية الأمريكية لتطوير خبرات الأطباء العراقيين.
بناءً على تلك الفكرة قدمت وأنا في واشنطن لسفيرنا الأستاذ سمير الصميدعي مشروعاً يحقق ذلك الطموح كي يقدمه إلى الجنرال بتريوس قائد القوات الأمريكية في العراق الذي كان في زيارة إلى واشنطن.
جاء في المشروع المقترح أن يسمح مستشفى ابن سينا وربما مستشفيات ميدان أخرى للجراحين العراقيين بزيارة تلك المؤسسات والعمل مع الفرق الجراحية الأمريكية لتطوير كفاءتهم الجراحية.
أخبرني السفير بأن الجنرال بتريوس أجاب بأن هناك صعوبات إدارية لا تسمح بتطبيق ذلك.
منظمة مشروع الأمل (Project Hope):
التقيت في بغداد عام 2004 بوفد من الأطباء الأمريكان كان من بينهم الدكتور مايك برينان اختصاصي العيون الشهير والأستاذ الدكتور جون هاو اختصاصي أمراض القلب وهو رئيس منظمة مشروع الأمل.
عند التحاقي في واشنطن اجتمعت به لعدة مرات في مكتبي في الملحقية وفي مكتبه في المؤسسة. كانت التحضيرات في ذلك الوقت جارية للبدء بمشروع مستشفى البصرة للأطفال الذي ترعاه السيدة الأولى لورا بوش. بعد عدة مداولات اقترحت عليه والهيئة الإدارية أن يكون المستشفى خاص لرعاية الأطفال المصابين بمرض السرطان كي يكون مركزا يستقطب المرضى الأطفال من كل انحاء العراق وحتّى من خارجه.
عند زيارة وزير الصحة الدكتور صالح الحسناوي إلى واشنطن عام 2008 عقد اجتماع حضرته والوزير مع الدكتور جون هاو وفريقه. تمت مناقشة احتياجات المستشفى من الأجهزة والعدد التشخيصية والعلاجية حيث عرضت العديد من الشركات المعنية التبرع لدعم مشروع المستشفى.
يبدو إن المستشفى قد أصبح مستشفى أطفال عام وفيه قسم واسع لعلاج السرطان. عند المباشرة بإنشاء المستشفى حدثت صعوبات متنوعة عرقلت سير المشروع كان من أهمها انعدام الأمن في تلك الحقبة من الزمن.
وأخيراً تم الإنشاء والتجهيز والافتتاح وبات إضافة كبيرة لخدمة أطفال البصرة رعاهم الله.
مبادرات لها علاقة مباشرة بالتعليم الطبي:
كما ذكرت في فصل “ما بعد الاحتلال” كنت قد بادرت عام 2004 مع الأستاذ محمود ثامر والدكتور مايكل برينان حيث كنا في عمّان واقترحنا مشاريع متعددة:
- تحديث المناهج الطبّية
- الامتحان الوطني الطبي الموحد
- الامتحان الدوري للاختصاصيين
- التعليم الطبي المستمر
- إعادة مركز امتحان الممارسة الأمريكية في بغداد.
اتصلت مرة أخرى عام 2008 بالأستاذ الدكتور نزار الحسني وعلى ضوء اتصالي أرسل كتاباً رسمياً إلى وزير الصحة بخصوص اتصالي ثانية بشأن المشاريع التي قدمتها عام 2004. أرفق الأستاذ نزار الكتاب بوجهة نظره والمجلس العراقي للاختصاصات الطبّية بالمشاريع التي قدمتها حينئذٍ.
ومن ثم أرسل لي الاستاذ الدكتور نزار الحسني كتابا باللغة الإنكليزية يبين ما حصل برغم ما بذله من جهود في ذلك المجال.
الامتحان الوطني لخريجي كليات الطب:
طرحت في الاجتماع المشار إليه عام 2004 فكرة استحداث امتحان وطني لخريجي كليات الطب في العراق بمساعدة مؤسسة امتحانات الممارسة الطبية الأمريكية.
أعدت تلك المحاولة عام 2012 وبدأت الاتصّال بنقيب الأطباء في العراق الأستاذ الدكتور ناظم عبد الحميد. اتصلت به هاتفيا وشرحت له الفكرة وأرسلت له رسالة إلكترونية بهذا الخصوص.
الامتحان الدوري للاختصاصيين
يجب على كل الاختصاصيين في الولايات المتحدة الذين حصلوا على البورد الأمريكي ان يدخلوا امتحانا دوريا بعد تخرجهم يختلف موعده باختلاف الاختصاص حيث يكون موعده بعد التخرج بعدة سنوات أو أكثر. تقدمت باقتراح لتبني هذا الإسلوب في العراق للمحافظة على المستوى العلمي والمهني للاختصاصيين.
امتحان الممارسة الطبّية الأمريكي:
كان في بغداد خلال ستينيات القرن الماضي مركزا لامتحان الممارسة الطبّية الأمريكي. كنت وعدد من زملائي ممن دخلوا الامتحان واجتازوه كما ذكرت في فصل رحلة الطب؛ طالب في كلية الطب.
قدمت باسم منظمة “توفيق” مذكرة لوزير التعليم العالي عام 2014 لاستحداث مركز امتحاني في بغداد.
تطوير المناهج التدريسية لكليات طب الأسنان:
في مؤتمر رؤساء الجامعات العراقية والأمريكية الذي عقد في واشنطن في شباط 2012 التقى رئيس جامعة كربلاء مع الدكتور أميد إسماعيل عميد كلية طب الأسنان في جامعة تمبل لتطوير المناهج في كلية طب الأسنان، ولم تبلغ دائرتنا بما آل اليه الاتفاق. عند الاتصّال بالدكتور أميد تبين أنه لم يتقدم المشروع لعدم إدامة الاتصّال.
كنا مستعدين لتقديم كل ما يمكن لدعم هذا المشروع الحيوي الذي كنا ندعو إليه في مجالات عدة منها تطوير مناهج الرياضيات وتشكلت اللجان في الوزارة بناءً على اقتراحنا ولكن لم تتخذ أية خطوة.
مشروع تدريب اختصاصيي الإحصاء:
حاولت البدء بمشروع تطوير خبرة العاملين في مجال الإحصاء في وزارة الصحة.
تم الاتصّال بوزارة الصحة حيث اقترحت إرسال عدد من الأطباء الذين يعملون في أقسام الإحصاء في الوزارة وكذلك إشراك الملاك الاحصائي من غير الأطباء في هذه المبادرة.
أرسلت الوزارة اسماء عشرة أطباء إحصائيين وعشرة من أقسام الإحصاء.
بدأت التنسيق مع المؤسسات الأمريكية المعنية وبعض الجامعات لتحقيق ذلك وحصلنا على فرص تدريب في الإحصاء، وبعد مدة انقطع الاتصّال من الوزارة ولم يستمر بالمشروع.
اسماء المرشحين للبرنامج التدريبي للاحصاء
الاطباء:
- د. رحيم مذكور ساجت
- د. فخري حميد
- د. حيدر جاسم حمود
- د. عبد الرزاق حسن
- د. محمد علي عباس
- د. رضا صيهود دخيل
- د. خضير عزيز
- د. أحمد ذياب عبد الله
- د. حيدر حسن حمود
- د. ماجد ياس
مدراء الاحصاء:
- علي فارس جبر
- عزام محمد أحمد
- نعمان مهدي ذرب
- كريم فرحان طميس
- شبر صاحب جواد
- عصام فواز خيري
- أحمد عاجل مجلي
- علي حسن ابراهيم
- كريمة عبد الحسين
- جعفر جابر رزوقي
مشروع الصحة النفسية (سامساSAMHSA ):
بدأت وزارة الصحة الأمريكية ممثلة بمؤسسة إدارة خدمات الصحة النفسية والإدمان (سامسا SAMHSA) المسؤولة في الولايات المتحدة عن الصحة النفسية والإدمان على المخدرات وبالتعاون مع وزارة الصحة العراقية باستحداث برنامج مشترك عام 2005 لدعم الصحة النفسية في العراق.
أرسلت كتاباً رسمياً إلى وزارة التعليم العالي في الثاني عشر من ايلول عام 2007 ذكرت فيه أن وزارة الصحة الأمريكية (إدارة خدمات الصحة النفسية والإدمان سامسا) اتصلت بدائرتنا الثقافية بخصوص مشروع استقدام سبع فرق في الصحة النفسية من العراق للتدريب لمدة خمسة أسابيع في مؤسسات الصحة النفسية في الولايات المتحدة. وبعد عودتهم إلى العراق يكلفون بالقيام ببحوث مبرمجة وبسقف زمني محدد. تتكفل وزارة الصحة الأمريكية بمصاريف سفرهم ومعيشتهم في الولايات المتحدة وكذلك تغطية مصاريف البحث في العراق بعد عودتهم.
إن هذا المشروع هو حصيلة جهود مكثفة شاركنا فيها على مدى سنة تقريباً عن طريق اجتماعات متعددة وندوات على الهواء عبر الهاتف مع الاختصاصيين والمسؤولين في الولايات المتحدة وبريطانيا والعراق.
كانت هناك مشكلة أساسية في تحقيقه وهي عملية منح الفيزا، وقد وعدتنا الملحقية الصحية في سفارة الولايات المتحدة في بغداد بالمساعدة بمنحها.
البدء بالمشروع:
تم تشكيل لجنة موسعة من اختصاصيين في الصحة النفسية من العراقيين الأمريكان ومن الأمريكان والبريطانيين ومسؤولين في وزارة الصحة الأمريكية وكنت من ضمنهم. سميت تلك المجموعة بـ “فريق التخطيط Planning Group”.
شملت الأهداف الأساسية إقامة دورات تدريبية في خدمات الصحة السلوكية المجتمعية، رعاية الأطفال والمراهقين ومشكلة الإدمان على المخدرات وغيرها.
تقدم 29 فريقاً من العراق في مجال الصحة النفسية. وحسب التعليمات المعلنة كان كل فريق يضم اختصاصيا واحدا أو أكثر في الأمراض النفسية ومعه ثلاثة أو أربعة من العاملين في ذلك المجال. وكان المطلوب إنتقاء سبعة فرق فقط. ساهمنا بصورة فعالة في لجنة الاختيار في لقاء استمر لمدة يومين متتاليين لاختيار الفرق السبعة وكان الاختيار مبنيا على أسس قويمة وبتحكيم عالي المستوى وبدون معرفة أسماء المرشحين. فكان اختياراً مبنياً بصورة مطلقة على الأفضلية العلمية.
وصلت الفرق السبعة في الشهر التاسع عام 2008 وتوزعوا على العديد من المراكز المتخصصة واستمر تدريبهم بحدود الثلاثة أشهر. عقد بعد انتهاء التدريب لقاء موسع بين المتدربين وفريق التخطيط لمناقشة مدى الاستفادة من التدريب والتخطيط للقيام ببحوث عند العودة إلى العراق إتماماً لما تدربوا عليه.
تكرر ذلك النشاط عام 2010 وبنفس الأسلوب من التقديم والتمحيص والاختيار وانتهى بحدود الثلاثة أشهر تقريبا بلقاء موسع.
كانت لقاءات فريق التخطيط متواصلة كل شهرين تقريباً إما عن طريق الهاتف حيث تهيئ المؤسسة شبكة الاتصّال الهاتفي لنحو أربعين عضواً في مختلف البلدان أو لقاء مباشر ليوم أو بعضه في مقر المؤسسة.
وفي لقاء لتذكر الأيام الماضية دعت مؤسسة سامسا الفريق المتواجد في منطقة واشنطن إلى لقاء ودي ضم الأستاذة أنيتا إيفيريت (التي أصبحت رئيسة المؤسسة لاحقا)، والسيدة ويني ميتشل المسؤولة الإدارية والأستاذ الدكتور حسين طعمة مستشار وزارة الصحة الأمريكية، الدكتور حسام العذاري اختصاصي الإدمان في مستشفيات فيرجينيا، الدكتور شاكر جواد الطبيب في وزارة الدفاع الأمريكية والدكتور جون هيفمان مسؤول الخدمات الصحية في ولاية ميشيغان.